كتب : أبانوب صفوت | الأربعاء، 04 أبريل 2018 - 17:41

مقال رأي - المُنتهي رونالدو.. وكيف تعتزل النقد؟

رونالدو

سيظل من الغريب جدا في هذه اللعبة أن يكون أكثر اللاعبين تعرضا للانتقادات غير المُستحقة في التاريخ حتى من جماهير ناديه! هو الأكثر فوزا بالكرة الذهبية مناصفة مع البرغوث الأرجنتيني ليونيل ميسي بواقع خمس مرات ، إلا وهو بالطبع كريستيانو رونالدو.

شئ لا يُعقل ولكنه في المقابل سيمنحه ما يستحقه وأكثر ربما التقليل أكثر من اللازم لابد وأن يعقبه انبهار غير طبيعي بما لم يكن متوقعا.

هو ليس تضخيما لقدرات رونالدو لأنه دون شك أو جدال واحد من أفضل اللاعبين في تاريخ كرة القدم ولكن المؤسف أن تلك اللقطات قد تشجع البعض الآخر على وصف رونالدو بأنه لاعب بعض اللقطات أو الفترات متناسيين تقدمه في العمر والذي كان له بعض التأثير على تقديم مواسم كاملة بنفس المستوى>

ولكنه في المجمل واحد من الأكثر ثباتا في مسيرته بأكملها وأرقامه خير دليل على ذلك، من يرى غير ذلك قد يظن على الأغلب أنها أرقام الطوارئ لمهاتفة المطافئ.

مُخرج النهايات الجميلة

الموت هو النهاية الأخيرة لكل شئ ولكن كل مرحلة في حياتنا تموت بطريقة أو بآخرى ، على سبيل المثال تنتهي مرحلة الدراسة بالبحث عن العمل قبل أن يُختتم العمل نفسه بالحصول على المَعَاشُ تماما مثلما تنتهي مسيرة أي لاعب لكرة القدم بالاعتزال.

ولكن من قبله يجب أن يكون اللاعب قد تخطى الثلاثين من عمره ليبدأ المُنحنى في الهبوط تدريجيا والسبب الأبرز في ذلك يعود إلى ضعف اللياقة البدنية وعدم القدرة على مجاراة أعلى المستويات في أبرز الدوريات والبطولات القارية.

لذا غالبا ما ينتهي بهم المطاف إلى البحث عن بعض المسابقات التكريمية والتغني بشعبيتهم في قارة جديدة مع الإحساس مجددا بالقدرة على مجاراة من يصغروهم عمرا ولكن بسبب فارق الخبرة والفنيات في المقام الأول قبل أي شئ آخر.

ولكن في الوقت الذي يرحل فيه بعض اللاعبين الذين لم يصلوا إلى قمة مستواهم بعد إلى الصين أو قطر أو ما شابه والذي اختار فيه البعض الآخر التواجد على دكة البدلاء مع أنديتهم الكبيرة في أوروبا أمثال آريين روبن وفرانك ريبيري أو التواجد في صورة المنافسة دائما مثل جيانلويجي بوفون مع يوفنتوس.

لازال البعض أو واحد فقط بمعنى أدق من تلك الفئة العمرية يصنع المجد لفريقه وهو البرتغالي كريستيانو رونالدو والذي كسر المزيد من الأرقام القياسية الخاصة به في دوري أبطال أوروبا والتي سنتحدث عنها لاحقا بالتفصيل.

والأهم هو النجاح في التحدي الأكبر لأي لاعب في العالم وهو ليس منافسة ميسي فحسب ولكن التساوي معه في عدد الكرات الذهبية كذلك.

الجدير بالذكر أن فوز رونالدو بلقبي " بالون دور" – في مقابل عدم تتويج ميسي باللقب منذ ذلك الحين - وتحطيم كل إحصائيات دوري الأبطال جاء بعد عامين فقط من ذلك العنوان الشهير لصحيفة سبورت عقب مباراة مالاجا وريال مدريد وتحديدا في فبراير من عام 2016 إبان فترة رفائيل بينتيز.

واختارت فيه صورة لكريستيانو رونالدو جاثيا على ركبتيه في قلة حيلة بسبب نتائج الفريق السيئة مع عراب ليفربول سابقا وكتبت بالبُنط العريض باللون الأبيض " النهاية " مُعلقة على نتيجة المباراة بأن ريال مدريد أضاع لقب الدوري بسبب ركلة جزاء فشل رونالدو في تسجيلها ليتم وصف رونالدو بالُمنتهي منذ ذلك الحين.

والحقيقة أن بعدها قدم رونالدو أفضل أداء ممكن للاعب ما تخطي الثلاثين من عمره، لدرجة تجعلك تتسائل ما الذي يحدث حقا قبل النهاية؟ هل يجب يكون أي شخص ضعيفا جدا أم أنه قد يكون بتلك القوة؟.

النهايات لا يختارجها المخرجون فحسب ولكن الممثلين قد يلهموا الجميع أيضا وإذا كنت من عُشاق السينما والمتيمين بالنهايات غير الاعتيادية، يٌنصح بمشاهدة كريستيانو رونالدو.

مع ذلك لم يتعظ منتقدي رونالدو من ما حدث وشجعهم على ذلك بدايته السيئة لهذا الموسم بعد أن سجل هدفين فقط في أول 13 مباراة في الدوري الإسباني والذي كان قد تم إيقافه فيه في أربع منه بسبب طرده في كلاسيكو السوبر الإسباني.

لتنهال مواقع التواصل الإجتماعي بالسخرية منه بسبب توقع جماهير ريال مدريد لمساهمته في تحسن نتائج الفريق الذي تعثر في ثلاث مباريات من أول خمس جولات بالتعادل مع فالنسيا وليفانتي والخسارة أمام ريال بيتيس لأن رونالدو احتاج لثلاث مباريات آخرى ليسجل أول أهدافه في الدوري في مرمى خيتافي.

وينتظر أربع لقاءات أخرى من أجل تسجيل هدفه الثاني في مرمى ملقا في 25 نوفمبر الماضي وبرغم أن ميسي كان قد أحرز آنذاك 18 هدفا ولكن رونالدو وعد زملائه بأنه سينافس على لقب هداف الليجا وسيفوز بالجائزة بنهاية الموسم.

وبالرغم من أن الوعد لازال قيد التنفيذ لأنه لم يتصدر قائمة هدافي الدوري ولأن الموسم نفسه لم ينتهِ بعد ولكن رونالدو استطاع بالفعل العودة للمنافسة على هذا اللقب الشخصي ونجح في تقليص الفارق بينه وبين ميسي إلى أربعة أهداف مع عدم نسيان أن رونالدو لعب 23 مباراة فقط في الدوري حتى الآن مقابل 29 مباراة لميسي.

وفي المجمل سجل رونالدو أهدافا أكثر في كل البطولات حتى الآن بواقع 39 هدفا مقابل 36 هدف لميسي مع إضافة كل البطولات الممكنة منذ بداية الموسم مثل كأس الملك والذي شارك فيه ميسي ولم يشارك فيه رونالدو وكذلك كأس العالم للأندية والذي لعب فيه رونالدو فقط.

حتى الآن لم يفز بتلك الجائزة ولكنه فاز حقا بالرهان ، رهان الإيمان به بعد السخرية منه.

متى نسمع نشيد رونالدو؟

وبعيدا عن الأرقام المحلية والعودة المرعبة لرونالدو ومنافسته على لقب هداف الدوري، لازال رونالدو في المقابل وفي البطولة الكبرى الآخرى "دوري أبطال أوروبا" يثير العجب.

نجح في مواجهة يوفنتوس في الوصول إلى هدفه الرابع عشر في تسع مباريات فقط، وبطريقة مميزة للغاية ليضع قدما لفريقه في نصف النهائي بعد أن قاد ريال مدريد للفوز في الذهاب في إيطاليا بنتيجة عريضة بثلاثية نظيفة كانت رصيدا إضافيا لإحصائيته المخيفة في المباريات الإقصائية.

"تلك المباريات المهمة التي يواجه فيها منافسين أقوياء" بما أنه اُنتقد ظُلما أنه يختفي في مثل هذه المواجهات، وذلك بواقع :-

  • عشرون هدفا في دور الستة عشر
  • أثنان وعشرون هدفا في دور الثمانية
  • ثلاثة عشر هدفا في نصف النهائي
  • وأربعة أهداف في النهائيات

لست بصدد الدخول في مناقشة طويلة غير مجدية ولكن هل رونالدو أفضل ميسي في أي شئ ؟ مثل الموهبة أو غيرها ؟ نعم رونالدو أفضل من الجميع دون استثناء في دوري أبطال أوروبا وهذه بعض أرقامه :-

  • أول من يسجل مائة هدف في دوري أبطال أوروبا
  • أول من يسجل مائة هدف لنادي واحد في دوري أبطال أوروبا !
  • أول من يسجل في ثلاث نهائيات مختلفة للبطولة
  • أول من يسجل في كل مباريات دور المجموعات
  • أول من يسجل في عشر مباريات متتالية من البطولة

محاولة إلصاق ذلك النجاح إلى كونه لاعبا للفريق الأعرق في تاريخ المسابقة ريال مدريد هو أمر في قمة البؤس، لأن رونالدو بهذه الأرقام أصبح هو أكبر جزء مساهم في تاريخ ريال مدريد أوروبيا بعد التتويج معه بثلاث بطولات متتالية والمنافسة معهم على الرابعة حتى الآن.

التقليل منه دائما لابد وأن يكون ختامه لقطة جميلة مثل لقطة جماهير يوفنتوس وهي تصفق له بعد المقصية الرائعة والتي أجبرت رونالدو على عدم الإفراط في احتفاله ورد التحية لهم، لماذا؟ لأنهم في الأغلب اعتادوا فقط على انتقاده، لذا فهو يكن الكثير من الاحترام لمن يٌقدره.

تماما مثلما زار آنفيلد منذ سنوات قليلة وسجل هدفا رائعا أجبر خصومه السابقين من جمهور ليفربول على التصفيق له ورد لهم التحية بالمثل، دوري أبطال أوروبا له نشيد ولكن رونالدو يجب أن يكون له نشيد خاص به أيضا سواء لتحطيم أرقام هذه البطولة أو تقديرا له في المجمل.

ومع ذلك لن يتوقف البعض ليصف رونالدو بأنه غير مهم أو غير مؤثر وأن جدودهم بإمكانهم أن يفعلوا ما يفعله ذلك البرتغالي المُتصنع حتى يُجبروا على التصفيق له وهكذا يستمر رونالدو ولا ينتهي سوى كل نقاده.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات