فورزا كالشيو (23) - دربي ديلا مادونينا

الجمعة، 02 مارس 2018 - 18:47

كتب : عمر ناصف

إنتر - ميلان

اجتمع صانع الأحذية الإنجليزي هيربيرت كيلبن مع مواطنه ألفريد إدواردز رجل الأعمال القادم من نوتنجام الإنجليزية واتفقا على إقامة نادي لكرة القدم والكريكيت في مدينة ميلانو التي يقطنوا فيها من أجل إدارة أعمالهم ليصبح ميلان أحد الأندية الرائدة في إيطاليا بعد تورينو وجنوى.

كان ذلك في عام 1898 وتولى كيلبن مسئولية تكوين وقيادة فريق كرة القدم حتى اعتزاله في 1906 لعب خلالها 17 مباراة رسمية في الدوري وقادهم للحصول على ثلاثة ألقاب للدوري، باعتزاله بدأت الخلافات تضرب جدران الفريق الذي أسسه وذلك بسبب اللاعبين الأجانب.

انقسم لاعبو ميلان إلى فريقين الأول يرى ضرورة الاعتماد على اللاعبين المحليين كقوام رئيسي للنادي الذي وصل عدد اللاعبين السويسريين فيه حين ذاك إلى ثمانية بينما الفريق الأخر لا يجد أي حرج في ذلك.

ظلت الأمور مشتعلة حتى العام 1908 عندما اجتمع 42 مشجا ولاعبا بقيادة الفنان الإيطالي جورجيو موجيانو في مطعم "الساعة" بقلب المدينة ميلانو وقرروا "سيكون للأجانب مكان بيننا" وتمت ولادة نادي "إنترناسيونال" أو بالعربي "النادي الدولي" بعد ذاك الاجتماع دامجا بين أبناء البلاد واللاعبين الأجانب.

ميلان الذي أسسه كيلبن أصبح فريقان الآن ولكن قلبه ظل معلقا بالتأكيد بأصحاب القمصان الحمراء المخططة بالأسود، الدربي الأول انتهى بفوز ميلان على الابن العاق بهدفين لهدف ولكن العام التالي شهد نجاحا فوريا لإنتر الذي حصد لقب الدوري في 1910 واكتسح "أولاد العم" مرتين بخماسية خلال ذاك الموسم الثاني لهم تاريخيا.

الانقسام طال الجماهير أيضا فأبناء الطبقة الراقية الملقبين بـ"البرجوازيين" قرروا دعم إنتر الوليد بينما طبقة العاملين المتعصبة لكل ما هو وطني فقد وقفت بجانب ميلان وقضيته الرافضة لسيطرة الأجانب على كرة القدم في إيطاليا لذلك كانت جماهير إنتر دائما لديها رفاهية الذهاب للمباريات على درجاتهم الهوائية الخاصة بينما جماهير ميلان كانت تستخدم وسائل النقل العامة.

تغيرت الأمور الاقتصادية تلك بالتأكيد الآن ودابت الفوارق الإجتماعية بينهم كما تقبل ميلان وجماهيره تواجد الأجانب وسطهم فظل الفريق بعيدا عن البطولات والإنجازات منذ الإنقسام وحتى الخمسينيات عندما قاد الثلاثي السويدي بقيادة الهداف جونر نوردل وجونار جرين ونيلز ليدهولم الفريق إلى أربع بطولات للدوري في الفترة من 1950 إلى 1960.

ولكن ذلك لم يغير ولادة دربي جديد في الكرة الإيطالية هو "دربي ديلا مادونينا"، مادونينا هي السيدة العذراء وذاك هو اسم تمثالها الذي يتوسط الميدان في وسط مدينة ميلانو ومنه تم اقتباس لقب دربي الغضب.

لم تنس المنافسة الدائمة وتبادل السيطرة بينهما سواء في الهيمنة على الكرة الإيطالية في بعض الأحيان حينما يغيب يوفنتوس أو في الهيمنة على الدربيات أن الفريقان مازلا "أولاد عم" ويكفي أنهما منذ 1947 وهما يلعبان في نفس الملعب "سان سيرو" أو "جوسيبي مياتزا".

مياتزا هو أحد أساطير إنتر ميلان في ثلاثينيات القرن الماضي والذي تركهم بعد ذلك وانضم إلى الجار ميلان لمدة موسمين ثم رحلة في يوفنتوس وفاريسي وأتلانتا قبل العودة إلى إنتر ميلان في نهاية مسيرته الكروية كلاعب ومدرب أنقذهم من الهبوط للدرجة الثانية واعتزل بعدها.

تكريما لاسمه كواحد من أعظم اللاعبين ليس فقط في تاريخ إنتر ميلان وإنما كرة القدم الإيطالية تم إطلاق أسمه على ملعب سان سيرو ليتحول إلى ملعب جوسيبي مياتزا رسميا، جماهير إنتر تتعامل معه بهذا الأسم والبعض من جماهير ميلان يرفض ذلك مستمرا في لستخدام اسم "سان سيرو".

هناك يوجد متحف مشترك لكل بطولاتهما وبزيارته يمكنك رؤية 36 بطولة دوري إيطالي و12 بطولة لكوبا إيطاليا وخمس بطولات للسوبر المحلية بجانب 10 كؤوس لدوري أبطال أوروبا و5 بطولات لكأس الانتركونتيننتال وبطولتي كأس العالم للأندية مجتمعة تحت سقف واحد.

يسير الفريقان في ظل بعضهما البعض ليس فقط بتبادل السيطرة على نتائج المباريات بينهما البعض ولكن أيضا على المستوى الإداري فبنهاية القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة كان التنافس الإداري بين رجلي أعمال إيطاليين هما سيلفيو بيرلسكوني في ميلان وماسيمو موراتي في إنتر.

حتى نتائجهما تاريخيا مقاربة لبعضهما البعض ففي 218 مواجهة سابقة فاز إنتر في 77 لقاء مقابل 75 لميلان والتعادل كان سيد النتيجة في 66 مواجهة، أهداف إنتر التي سجلها وصلت إلى 296 هدف بينما ميلان نجح في هز شباك الجار في 294 مناسبة.

الأزمات المالية ضربت الطرفين سويا والتراجع على مستوى النتائج والبطولات أيضا فتحول الصراع الإداري من إيطالي إلى آسيوي ببيع إنتر إلى إيريك ثوهير ثم إنتقال ملكية الفريق إلى مجموعة صنينج الصينية ومعها تخلي بيرلسكوني عن ميلان لمصلحة أحد الشركات الصينية أيضا.

دربي الأحد سيكون الثالث بين الطرفين بإلإدارة الصينية في محاولة لإثبات من الأنجح والأفضل والإثارة تعود مرة أخرى إلى دربي ديلا مادونينا والأنظار كلها ستتجه إلى ملعب جوسيبي مياتزا لمعرفة من الأقدر على إثبات كفائته، المواجهتين السابقتين واحدة انتهت بفوز الأفاعي بثلاثة أهداف لهدفين والأخرى أطاح فيها ميلان جاتوزو رجال المدرب سباليتي من الكأس.

أصبحت إدارة ميلان الذي رفض يوما ما أن يضم بين صفوفه لاعبين غير إيطاليين في يد مستثمرين صينيين ودربي الغضب سيعود أقوى في مواجهة إيطالية بصبغة صينية لمعرفة من التنين الذي سيغضب أكثر ليحرق منافسه على أرضية الملعب.

لمشاهدة باقي حلقا فورزا كالشيو اضغط هنــــــــــا.

التعليقات