كاكا.. معجزة 2000

الأحد، 17 ديسمبر 2017 - 21:50

كتب : هشام إسماعيل

كاكا

9 سنوات مضت على أخر مرة رأينا فيها بشريا يهزم كريستيانو رونالدو وميسي معا في الوصول للكرة الذهبية أو جائزة أفضل لاعب في العالم.

هذا الرجل كان البرازيلي ريكاردو كاكا والذي قرر اليوم تعليق حذائه للأبد معلنا اعتزاله كرة القدم بعد مسيرة رائعة.

..

هل تؤمن بحدوث بالمعجزات في عصرنا هذا؟ كاكا يعتبر واحد من هذه القصص التي تحققت بفضل معجزة قديمة لولاها لما رأينا سحره في الملاعب لأكثر من 17 سنة.

هو ليس اللاعب البرازيلي النمطي الذي نعرفه جميعا، لا يشبههم في الظروف لكنه بالطبع يشبههم في المهارات.

ريكاردو إزيكسون دوس سانتوس، أو كما يعرف بـ "كاكا" وأغلبنا يعرف أن التسمية جاءت بسبب عدم قدرة شقيقه الأصغر على نطق اسمه الأول فكان يقول له "كاكا" بدلا من ريكاردو.

كاكا ولد في ظروف ليست كالغالبية العظمى من لاعبي الكرة في البرازيل، هو من أسرة ثرية فلم تكن كرة القدم مهربه الوحيد من الفقر أو من أن ينتهي به الحال في إحدى عصابات ساو باولو.

بوسكو إيزيسكون والده يعمل كمهندس مدني وهو ما أتاح لكاكا وشقيقه الأصغر ديجاو أن يلعبا كرة القدم والذهاب للمدرسة في الوقت ذاته.

كاكا انتقل للعب في ساو باولو في سن الحادية عشر ولم يحتج لأكثر من ست سنوات في الأكاديمية ليجذب أنظار الجميع حتى أن بعض الأندية الأوروبية أرادت ضمه لكن مغالاة ناديه جعلته يبقى.

لكن رحلته في الأكاديمية لم تكن بذات السهولة التي وجد عليها الحياة بعكس رفاقه إذ عانى كاكا بسبب جسمه الهزيل، فتم وضعه تحت برنامج غذائي قاس في سن الخامسة عشر بعد أن وقع عقده الاول من أجل زيادة وزنه بعشر كيلوات وهو ما نجح في إنجازه.

..

الألفية الثالثة أتت، المنتخب البرازيلي يمر بواحدة من أسوأ حالاته والسامبا مهددون بالغياب عن كأس العالم لأول مرة في التاريخ، ليس هناك من شارك في جميع بطولات كأس العالم سواه.

المدربون لا يمكثون في مناصبهم كثيرا، من فشل إلى فشل وإقالة تلو الأخرى، حتى أن دموع روماريو التي ذرفت بعد استبعاد زاجالو له في كأس العالم 1998 جفت وعاد للمشاركة الدولية ولكن الجميع لا يستبشر الخير.

لكن كما كان العام 2000 سيئا على المنتخب البرازيلي فهو كان أسوأ بكثير على كاكا والكرة البرازيلية، الطفل الثري كاد أن يفقد مسيرته الكروية بل كاد أيضا أن يفقد قدرته على المشي بعد أن تعرض لحادث في حمام السباحة.

كاكا إصابته كانت في الظهر ومسيرته الكروية كانت على المحك والأطباء توقعوا بأنه لن يسير بشكل طبيعي مجددا، لكن المعجزة حدثت وعاد بعد عام واحد فقط ليشارك مع الفريق الأول لساو باولو، ومنذ ذلك الوقت وهو يمنح تبرعات للكنيسة بشكل سنوي.

وقال كاكا عن تلك الواقعة "الأطباء كانوا يتحدثون عن الحظ بينما عائلتي كانت تتحدث عن الله، نحن كنا نعرف أن يد الرب هي من أنقذتني".

2001 شهد مجيء سكولاري الذي قاد البرازيل للتأهل إلى كأس العالم 2002، كما شهدت بزوغ النجم الشاب ريكاردو كاكا الذي لفت أنظار الجميع وأولهم المدير الفني لمنتخب السامبا وضمه لخوض ودية في يناير من عام 2002.

كاكا تمسك بهذه الفرصة وأصر سكولاري عليه وضمه لقائمة البرازيل في كأس العالم وشارك في الدور الأول أمام كوستاريكا ليضع اسمه بين قائمة اللاعبين المتوجين بالمونديال.

..

كان من الصعب بل من المستحيل على ساو باولو أن يقف ضد التيار الذي فتح أبواب أوروبا أمام كاكا، سعيد الحظ سيكون فريقا واحدا فقط وهو ميلان الإيطالي الذي ضمه بـ8.5 مليون يورو وهو المبلغ الذي انتقد الكثيرون إدارة الروسونيري بسببه.

الفريق ترك للتو لاعبا مثل ريفالدو الذي لم ينجح مع ميلان، وهناك روي كوستا وأندريا بيرلو يقومان بأدوار هجومية رائعة مع أنشيلوتي، فماذا قد يفعل ميلان بهذا الشاب لكن بيرلسكوني تحدى الجميع وقال أن المبلغ الذي دفعه لضم كاكا هو مبلغ قليل على موهبته وسترون ذلك.

أشهر قليلة ونجح كاكا في أن يصبح لاعبا أساسيا بميلان، روي كوستا ذهب لمقاعد البدلاء بينما أجبر أنشيلوتي على إيجاد مكانا له في وسط الملعب أمام جاتوزو وبجانب بيرلو.

ونجح في الفوز بالسيريا أ مع ميلان ووصل به إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في موسمه الثاني قبل الخسارة الغريبة أمام ليفربول في اسطنبول.

..

صاعقة هبطت على إيطاليا في 2006 وهي فضيحة الكالتشيوبولي كادت أن تكلف ميلان خسارة نجومه وأبرزهم كاكا، لكنه على الرغم من ذلك بقي في صفوف الفريق، لكن رفيقه في خط الهجوم شيفتشينكو رحل إلى إنجلترا للانضمام إلى تشيلسي ذلك المشروع الجديد القادم بقوة في أوروبا.

لكن رحيل شيفتشينكو لم يمنح كاكا سوى أفضل مواسمه على الإطلاق، أنشيلوتي جعل للبرازيلي أدوار هجومية أكبر وهو ما أتى ثماره بالفوز بدوري أبطال أوروبا عام 2007 في بطولة كان هدافها البرازيلي نفسه بسبعة أهداف.

الأداء الخيالي الذي قدمه كاكا جعله يتوج في نهاية العام بجائزة أفضل لاعب في العالم من الفيفا وكذلك الكرة الذهبية، متفوقا على الشابين كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي واللذان اقتسما الجوائز في السنوات العشر التالية.

ربما مسيرة كاكا بعد هذا العام لم تذهب للأمام وعلى الرغم من أنه أصبح أغلى لاعب في العالم لأيام بعد انتقاله لريال مدريد في 2009 مقابل 67 مليون يورو لكن الرقم تحطم في صفقة انتقال لرونالدو إلى الملكي أيضا من مانشستر يونايتد.

وبسبب الإصابات مسيرة كاكا ذهبت للمنحنى الأسفل لكنه على الرغم من ذلك كتب اسمه في تاريخ ريال مدريد بعد أن توج معه بلقب الدوري والكأس قبل أن يعود لبيته القديم ميلان والذي كان يدخل في فصول من المعاناة ما زالت مستمرة حتى كتابة هذه السطور.

التعليقات