كيف صنعت أندية مصر شعبيتها (1) غزل المحلة.. نادي طبقة البروليتاريا

الأحد، 13 ديسمبر 2015 - 21:15

كتب : أحمد العريان

كرة القدم تلعب داخل الميادين لكن آثارها تمتد إلى كل مجالات الحياة. أندية مصر التاريخية كحال جميع الأندية الكبيرة حول العالم، لم يكن دورهم مقتصر على أرض الملعب فحسب ولم يصنعوا جماهيريتهم فوق عشبه الأخضر فقط، وإنما ساهمت أسباب أخرى كذلك في صناعة شعبيتها.

المصري كان هو النادي الذي يحمل اسم الوطن في مواجهة الأجانب، والاتحاد السكندري كان نتاجاً لدمج عدد من الأندية بالإسكندرية، أما غزل المحلة، فهو نادي طبقة البروليتاريا.

في هذه السلسلة، يستعرض FilGoal.com العوامل التي كانت سببا في صناعة شعبية الأندية الجماهيرية في مصر.

---

"هي الطبقة العمالية التي لا تملك أي وسائل إنتاج وتعيش من بيع مجهودها العضلي أو الفكري" هكذا وصف كارل ماركس طبقة البروليتاريا في كتابه "بيان الحزب الشيوعي" وهو الوصف الذي ينطبق تماما على سكان المحلة وتحديداً على الشركة التي تحمل إسم المدينة وتشكل محور حياة أهلها.

تأسست شركة غزل المحلة في عام 1936 ورغم أن الدوري المصري بدأ في عام 1948 أي بعد 12 عاما من تأسيس الشركة، إلا أن فريق الكرة تخلف عن المشاركة في البطولة بالمواسم السبعة الأوائل، ليبدأ ظهوره للنور في موسم 1956/1957.

حين بدأ غزل المحلة المشاركة في بطولة الدوري، كانت أندية بحجم الأهلي، الزمالك، المصري، الإسماعيلي والاتحاد السكندري صنعوا شعبية كبيرة لهم وأصبح منافستهم أمرا صعبا.

في الخمسينيات من القرن الماضي كان اهتمام الدولة موجه نحو طبقة الفلاحين والعمال في مصر، القانون بعد ثورة 23 يوليو منحهم نسبة 50% من مقاعد البرلمان لضمان تمثيل مصالحهم في الحياة السياسية.

دعم الدولة شجع شركة غزل المحلة على إشراك فريقها في الدوري الممتاز، وقد كان. الفريق السماوي زاحم الكبار، بل وفاز باللقب عام 1973 كأول بطل للمسابقة بعد حرب أكتوبر، قبل أن يكون وصيف قارة إفريقيا بالموسم التالي أمام فريق كارا برازافيل الكونغولي.

تواجد الغزل في مدينة المحلة التي لا تملك ناديا قويا يمثل المحافظة، جعل من الفريق مادة للفخر لأبناء المدينة بين باقي المدن، ورغم أن المواسم الأولى لغزل المحلة بالدوري لم تكن في غاية القوة، إلا أن طبيعة سكان المحلة من العمال الذين يميلون لكل ما هو "صناعة محلية"، جعل من تشجيع الفريق اختياراً طبيعياً لهم، وهو ما جعل الفريق رغم كونه لا يعدو أن يكون نادي شركة، الاستثناء الوحيد في تاريخ الكرة المصرية بين أندية الشركات التي تعجز عن صنع قاعدة جماهيرية مهما حققت من إنجازات.

الجيل الأول من لاعبي غزل المحلة كان من عمال الشركة وأبناءهم، وهذا ما جعل أقاربهم يشجعونهم من المدرجات وكان مقدمة لبناء قاعدة جماهيرية للنادي في المدينة، كما أن الزي الأزرق الذي يرتديه الفريق ليس من فراغ، ولكنه إشارة للون الأزرق الذي يرتديه العمال في المصانع "العفريتة".

جمهور غزل المحلة رفقة فريقه ونجومه أمثال عماشة، محمد السياجي وعبد الرحيم خليل أجبر الجميع على احترامهم، لكن القدر ومن بعده الناقد الرياضي الأشهر في تاريخ الكرة المصرية نجيب المستكاوي، كانا سببا لأن يصبح لقبهم التاريخي هو "زعيم الفلاحين".. رغم أنهم الفريق الممثل لأكبر مدينة صناعية في مصر ومن ثم أكبر تجمع عمالي بالبلاد!

التعليقات