كتب : أحمد نجيب | الأحد، 15 نوفمبر 2015 - 15:53

دراما منتخب مصر التي نصنعها جميعاً

اختلافي الفني مع هيكتور كوبر لا يقف عند حدود اختياره لطريقة لعب 4-2-2-2 أو عن جدوى استخدامها في ظل وجود خطط لعب أخري أفضل منها أم لا.. المشكلة الحقيقية تتضح في كيفية تطبيق الفريق لطريقة اللعب نفسها أياً كان مسماها أو رسمها التكتيكي داخل أرض الملعب.

فطالما الظهير الأيمن ولا الأيسر لا يشتركان في الهجوم ويرسلان عرضيات سليمة، فلا جدوى من استخدام طريقة اللعب سالفة الذكر..

وطالما ثنائي الارتكاز الدفاعي يكتفي بتمرير الكرة فيما بينه ولا يمتلك أحدهما علي الأقل المهارة اللازمة للاشتراك في بناء الهجمات واستغلال المساحة فيما بين خطي وسط ودفاع المنافس فلا جدوى من استخدام طريقة اللعب سالفة الذكر..

طالما المهاجمون من النوعية نفسها ولا يمتلكان التنوع اللازم في القدرات الفنية لخلق حالة من التوازن في ذلك الخط ومفاجأة المنافس بالتحركات العكسية والربط مع لاعبي الوسط فلا جدوى من استخدام طريقة اللعب سالفة الذكر..

منتخب مصر كان مففكاً وخطوطه متباعدة.. 4 لاعبين في خط الدفاع ومن أمامهم ثنائي الارتكاز الدفاعي في مساحة تقل عن 40 متراً بينما يكتفون بمشاهدة رباعي الهجوم في مواجهة ما يزيد عن 8 لاعبين من المنافس علي الناحية الأخري من الملعب..

تفوق تشاد علي مصر حدث لسببيين: الأول هو إدراك حقيقة الأمر. تشاد أدركوا أنهم فريق متواضع وبناء عليه اعتمدوا علي تحويل المباراة لحالة من الاندفاع البدني يتم تدعيمها بقدر من الاجتهاد والثبات الدفاعي.

أما السبب الثاني فهو يخص منتخب مصر نفسه الذي لم يضغط علي تشاد بأي طريقة كانت طوال أحداث المباراة.. وإن كان قد حاول ذلك فغالبًا كنا سنفشل لتباعد خطوط الفريق وبالتالي سهولة التخلص من الضغط الدفاعي الذي سنُشكله بتحرك لاعبي المنافس فيما بين خطوط المصريين المتباعدة..

لا جدال حول تاريخ الأرجنتيني المخضرم الذي أثبت مراراً وتكراراً أنه يتمتع بالشخصية القوية داخل الملعب وخارجه.. ولكن تلوح في الأُفق عدة تساؤلات صنعها مستوي الفريق ومدي استعداد العناصر المختارة للتحديات المقبلة..

• هل كان كوبر يوماً ما بتلك الحالة من الاستسلام في تعامله مع الجهة المسؤولة عن الفريق الذي يقوده؟!

• متي كان الرجل يتصف بتلك الحالة من اللامبالاة والفقر الخططي في إدارته للمباريات؟!

• لماذا لم يضم كوبر لاعب إنبي محمد ناصف الظهير الأيسر الأفضل رقمياً في الدوري المصري طالما كان محمد عبد الشافي غائباً؟!

• لماذا تم استبعاد مروان محسن المهاجم الأفضل في الدوري حالياً وضم دكة البدلاء في الزمالك والأهلي بأكملها؟!

العقلية_vs_الكاريزما..

غاب محمد صلاح صاحب العقلية الأنضج في منتخب مصر وإن كان مفتقداً للكاريزما بحسب تصريحات "العالمي" فظهر أغلب لاعبي المنتخب المصري وكأنهم يسيرون علي درب العالمي نفسه بافتقاد العقلية اللازمة لإثبات أنهم نجوم الكرة المصرية وليسوا مجرد هالة صنعها الإعلام الرياضي..

لا خلاف علي كاريزما نجوم المنتخب.. صور مهاجم مصر الأول عند مصفف الشعر الخاص به علي انستجرام تجمع إعجاب الآلاف.. كذلك لاعب الوسط الملقب بالعشوائي يصاحبه اهتمام الملايين علي مواقع التواصل الاجتماعي وتقليد لحركته الشهيرة أينما جاء..

والتوصيف السابق لكاريزما اللاعبين واهتمام المعجبين لا يعيب أشخاصهم في شيء ولا يمثل أي تقليل من احترافيتهم إن وُجدت العقلية الملائمة للفصل بين هذا وذاك.. كاتب هذه السطور تحدث قبل ذلك أن الوقوف علي الكرة ليس خطأ في حد ذاته ولكن عقلية المشجع التي تحلي بها رمضان صبحي وهو يقف علي الكرة كانت هي أساس المشكلة..

لكن الأهم من اهتمام الناس بكاريزمة اللاعب، أن يجد من الناس حوله من يعير انتباهه إلى أن ذلك التدخل علي حارس مرمي المنافس الذي يكرره في كل مباراة لا يعني إلا خطأ مباشر علي مرتكبه..

كذلك التدخل علي المنافس واتخاذ قرارك في الوضع الدفاعي يجب أن يحكمه العديد من المعايير ليس من بينها بكل تأكيد العشوائية..

البعض الآخر من لاعبي مصر لا يدرك حقيقة الأمر بأن كرة القدم لعبة جماعية.. لا يلجأ لتمرير الكرة لزملائه إلا عند انتهاء أمله في تحقيق مجد شخصي بمراوغة سحرية تنتهي بهدف من مجهود فردي علي طريقة الكابتن ماجد..

الغريب في الأمر أن اللاعب ذاته أصبح محل شكوى من زملائه في النادي لأنانيته المفرطة وذهب البعض لتحميله مسؤولية انخفاض مستوى خط هجوم فريقه.. ورغم ذلك ضمه الجهاز الفني للمنتخب وأعطى له المجال لاستمرار نفس أسلوب اللعب دون أي محاولات لاحتواء موهبته وتطويعها لمصلحة الفريق والجماعية في الأداء..

إذن العقلية صفر.. أغلب لاعبي مصر في احتياج شديد لتنمية المهارات الفكرية والذهنية قبل الحركية.. كرة القدم في الأساس هي قرار يتم اتخاذه في أجزاء من الثانية قبل أن يتم إصدار أمر التنفيذ للجسم.. بعد ذلك يأتي الاحتياج للمهارات والقدرات الفنية والبدنية لمساعدة الجسم في إتمام عملية تنفيذ القرار..

منتخب كل المصريين لم يعد كذلك..

جلس أحدهم في ذاك المقهي الهاديء بعد مرور 15 دقيقة من مباراة تشاد ومصر يتناول هيكتور كوبر بأقذع الألفاظ مطالباً إياه بإشراك السافل (علي حد تعبيره) مصطفي فتحي بدلاً من مؤمن زكريا الذي لا يستحق مكانه في المنتخب..

في الجانب الآخر من المقهي نفسه جلس بعض الرواد كل بحسب الانتماء يتبادلون الإهانات واللعنات فيما بينهم ويوجهونها للاعبين ومدربهم الأرچنتيني كذلك مروراً بباقي أعضاء الجهاز الفني واتحاد الكرة والتي زادت حدتها فيما بعد مع مرور أحداث المباراة تباعاً..

الهزيمة في مباراة أو الفشل في عبور تصفيات والخروج من بطولة كان التأهل إليها وشيكاً ليس بالأمر الجديد علينا..

ولكن جاء الحدث هذه المرة مصحوباً ببعض المتغيرات ربما أبرزها أن التعصب الكروي للأهلي وللزمالك أوصلنا إلى أن ذلك المنتخب أصبح يُفرِّق المصريين بدلاً من أن يجمعهم كما هو معتاد..

ولكن من يتحمل مسؤولية تفرقة المصريين بدلاً من توحدهم خلف المنتخب الوطني؟!

بطبيعة الحال يمتليء الوسط الرياضي المصري بعدة مشاهد كل منها كفيل بأن يخلق سبباً كافياً لانفضاض المصريين من حول منتخبهم.. الفريق الذي كان يوماً تفوقه علي كل منافسيه ضامناً للقيادة السياسية التي تدعمه بكل ما أوتيت من قوة أن الشعب المصري سيبات ليلته سعيداً لا يفكر في أي منغصات..

كل طرف أصبح يري منتخب مصر ومبارياته من زاوية خاصة لا تضع في حساباتها المصلحة العامة لمنتخب كل المصريين مثلما كان.. لا فارق في ذلك بين مسؤول، شخصية عامة، أو حتي مشجع عادي..

زاوية يتحكم فيها انتماؤه الشخصي وربما رغبته في استكمال مستقبله المهني في ناديه الأصلي أو زيادة نسب المشاهدة للقناة التليفزيونية التي يعمل بها..

الرجل الثاني في منتخب مصر أصبحت وظيفته الأساسية هي تبرير اختيارات الجهاز الفني للاعبين في قائمة المنتخب حتي لو كان اللاعب لم يشترك في مباراة رسمية لمدة تزيد عن 60 يوماً أو تسبب في مشكلة أخلاقية بلا داعٍ..

كذلك الدفاع عن المردود الفني للفريق وتشكيله الأساسي وكأننا لم نشاهد المباراة أو أنها لم تكن مذاعة في الأساس..

هناك كذلك أحد أهم المحللين الكرويين في الفترة الأخيرة في تحليله الحصري للمباراة تليفزيونياً تطرق للاستنتاج بأن اشتراك سعد سمير في المباراة لا يري له سبباً منطقياً إلا إحراج الجهاز الفني للنادي الأهلي..

فشل جديد في الأُفق..

لحظة الحقيقة تبدو قريبة.. المشهد الجديد من فيلم "سنوات الكور الضائعة" ربما يجري الانتهاء من وضع رتوشه النهائية الآن.. ذلك العمل الوثائقي الذي يؤرخ كل لحظات الفشل في تاريخ الكرة المصرية علي مدار رحلة تصفيات كأس العالم منذ عام 1990 سيضاف إليه فصلاً جديداً عما قريب..

ربما سيتأخر الأمر قليلاً.. قد نفوز علي العملاق التشادي ونتأهل للمرحلة الحاسمة من التصفيات مع فريقين آخرين من العيار الثقيل ثم نخرج في النهاية بأي سيناريو معتاد لن يختلف كثيراً عما سبقه ليصبح الحدث أقل مرارة ولكن أكثر دراما.. لا تتسرع في نعتي بالمتشائم ولكن المقدمات ستقود حتماً للنهايات..

Follow: @ahmednaguibgad

التعليقات