كتب : عادل كُريّم | الإثنين، 07 سبتمبر 2015 - 13:31

كيد المنتخب

"عدالة السماء نزلت على ستاد باليرمو.. الأعلام المصرية ترفرف والأعلام الهولندية تُغمد".. حتى وهو يطلق عبارته الأشهر في تاريخه التعليقي (إلى جانب حكاية كوبري سيدي جابر بالطبع)، لم ينس كابتن محمود بكر موروثاً مصرياً أصيلاً في عالم كرة القدم وغيرها.. الكيد..

مصر حصلت على ركلة جزاء لتتعادل مع بطل أوروبا.. لكن في عز هذه الفرحة لم ينس معلق المباراة أن يكيد الهولنديين ويعتبر أن أعلامهم تُغمد فقط لأن مجدي عبد الغني سيسجل في مرماهم..

ولو أننا لو كنا نعرف ما سيفعله بنا صاحب الهدف فيما بعد لكان هذا سبباً لكيدنا نحن وليس الهولنديين..

نظرية الكيد لم تختف مع مر السنوات، بل ووصلت لأقصى درجاتها في أيامنا هذه..

بالأمس مثلاً نسي قطاع كبير من المصريين أن منتخبهم يحقق أكبر فوز خارج أرضه في تاريخه ليبدأ بعضهم في التفاخر بفوز "منتخب الزمالك"، ويبدأ البعض الآخر في السخرية من مستوى "مركز شباب تشاد" حتى لا يمنحوا البعض الأول فرصة لممارسة هواية الكيد الأزلية..

يحدث هذا خارج الملعب، ويساعد على انتشاره وسائل "التواصل" الاجتماعي (هذا هو المسمى المفترض لها، والذي لا علاقة له بما يحدث فيها) في وقت يستمتع فيه اللاعبون بعلاقات رائعة فيما بينهم، ظهرت في أكثر من موقف..

فعلى سبيل المثال لا الحصر صورة محمد صلاح ورفاقه حسين السيد وعمر جابر وعمرو جمال وأحمد الشناوي وهم يرتدون قمصان روما التي أحضرها لهم زميلهم.. ومنها ما حدث بين نجمي قصة "الوقوف على الكرة" رمضان صبحي وحازم إمام في زفاف الأخير.. وغيرها..

وفي وقت كان على الإعلام الرياضي فيه التركيز على الصورة الإيجابية ونبذ السلبية منها، تفرغ هذا الإعلام (وبصفة خاصة المرئي منه) لمناقشة قضايا كروية أكثر أهمية بكثير، مثل الدور الرائع الذي لعبه كابتن حسن فريد في انتصار المنتخب، أو قصة شعر باسم مرسي الجديدة احتفالاً بالهاتريك، أو السخرية من جمهور تشاد .. هذا الأخير الذي رحب بالمنتخب بصورة رائعة، والذي رفض صلاح الاحتفال بهدفه احتراماً لترحابهم الكبير به.. لكن هذا لا يهم أحداً طبعاً..

منتخب مصر هو ليس منتخب "كوبر" أو "شحاتة" أو "غريب".. ليس منتخب الأهلي ولا الزمالك.. ليس منتخب أبو تريكة ولا صلاح ولا حازم إمام..

فعندما تأهلت مصر لمونديال 1990 لم يهتم أحد أن 12 من قائمة المنتخب كانوا من لاعبي الأهلي أو أن الجهاز الفني بالكامل كان من أبناء النادي الأحمر.. المهم أن مصر وصلت إلى كأس العالم..

وحينما فازت مصر على تشاد بالأمس سيكتب هذا الفوز تاريخياً لمنتخب مصر، وليس لأن خمسة من لاعبي الزمالك بدأوا المباراة، ولا لأن مركز شباب تشاد كان هو المنافس..

مصر لم تصل لنهائيات كأس الأمم الإفريقية منذ 2010.. لم تصل لنهائيات كأس العالم منذ 1990.. الآن هي تملك جيل قادر على تحقيق ذلك.. لا يهم ان كان قوامه من لاعبي الزمالك أو الأهلي أو حتى مركز شباب الحطابة..

انسوا "الكيد" قليلاً.. استقيموا يرحمكم الله ..

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات