كتب : وسيم أحمد | الثلاثاء، 25 أغسطس 2015 - 21:16

احتراف أم انحراف؟

حين يعود إلى مصر أكثر من 11 محترفاً مصرياً في موسم واحد فقط، فيما يخرج اثنين فقط في المقابل، فنحن بالفعل أمام ظاهرة انحراف وليس احتراف.

فمع انطلاقة الدوريات الأوروبية كان ينبغي علينا أن نقف وقفة مع النفس، لنقيم التجربة، هل بالفعل لدينا احتراف حقيقي ؟ هل يستطيع المنتج المصري أن ينافس في الأسواق الأوروبية ؟ أم أنه منتج مغشوش ؟ وإذا كان مغشوش، فما هي أسباب ذلك ؟ وكيف ندعم منتجنا المصري في الملاعب الأوروبية ؟ دعونا أولاً نرى الموقف بشكل أكثر تفصيلاً.

انطلق موسم 2014/2015 أوروبياً، وفي جعبته حوالي 22 لاعباً مصرياً محترفاً في مختلف الدوريات، ( وهنا فأنا أتحدث عن المحترفين الذين خرجوا من الدوري المصري فقط ) وليس مزدوجي الجنسية، حيث أن هؤلاء عددهم كبير ويحتاجون حلقات أو مقالات أخرى.

إلا أنه من بين الـ 22 لاعباً عاد 11 بخفى حنين وهم : " الشقيقين عبد الله وصالح جمعة، شيكابالا، محمد إبراهيم، كهربا، حمودي، حسام حسن، مروان محسن، محمود عزت، علي فتحي، محمد هلال ".

بالإضافة إلى اللاعب رقم 12 والذي بات قريباً من العودة وهو رامي ربيعة، وذلك في مقابل خروج لاعبين فقط هما تريزيجيه " اندرلخت " بعد مفاوضات عصيبة دامت لشهور و عمرو طارق " ريال بيتيس ".

فيما استمر 10 لاعبين في الخارج معظمهم لم يكن له بصمة وهو يتواجد لمجرد التواجد وهم " صلاح، والنني، وغزال، وكوكا، والمحمدي، وحجازي، وعمر الحسيني، بالإضافة لثلاثي ليرس زيزو وأحمد حسن وكريم حافظ.

إذا بحسبة بسيطة سنكتشف أننا أمام مشكلة كبيرة جداً حيث أن أكثر من نصف اللاعبين عاد من الخارج في موسم واحد فقط.

إذاً فهو انحراف بالفعل وليس احتراف، حيث فشل المنتج المصري في غزو السوق الأوروبي بكل جدارة واستحقاق، ولكن ما هي الأسباب وكيف نعالج تلك الكارثة، ذلك هو ما نحاول الإجابة عليه من خلال النقاط التالية :

أولا: الانضباط والالتزام

اللاعب المصري يواجه صعوبات كبيرة فيما يتعلق بالالتزام، فهو لا يحب النوم بميعاد أو الأكل بحساب، كما أنه يعاني من يعاني حين يتعلق الأمر بالانضباط، فحين يذهب لمعسكر منتخب بلده، لا يعود في الموعد المحدد، فلا مانع من قضاء يوم أو يومين إضافيين مع الأهل والأصدقاء.

وليس أدل على ذلك من مقولة ستيف بروس عن عمرو زكي " هداف الدوري الإنجليزي الممتاز " : " إنه أسوأ لاعب محترف تعاملت معه في حياتي ".

ثانياً: الثقة الزائدة بالنفس

اللاعب المصري دائماً ما يرى نفسه أفضل من الموجودين داخل الملعب، بل يصل في تفكيره لما هو أبعد من ذلك، فيرى أنه أفضل فِهماً من المدرب أو أنه مُضطهد منه.

فبمجرد أن يجلس على دكة البدلاء، يبدأ المحترف المصري في التمرد والاعتراض وإثارة المشاكل، كيف يجلس على الدكة وهو نجم الفريق وأفضل لاعب بين أقرانه " من وجهة نظره " ؟

هذا الأمر حدث مع أكثر من محترف مصري مثل عبد الستار صبري في بنفيكا وكهربا في جراسهوبرز وغيرهم.

ثالثا: العقلية

لماذا لم يصل ميدو لما وصل إليه إبراهيموفيتش ؟ أو دروجبا ؟ أو حتى بيرباتوف ؟

للإجابة على هذا السؤال عليك أن تعرف أولاً، كيف يفكر المصري في مستقبله.

فاللاعب المصري " سقف طموحه محدود " فهو ينحصر في الشهرة والمال والزواج، هذا هو أقصى طموحه، ما أبعد من ذلك يحتاج لمجهودات مضاعفة، لا يقدر عليها خاصةً حين يكتفي بما حققه.

لذا، فالفارق بين عقلية اللاعب المصري وبين عقلية كريستيانو رونالدو، هي أن الأول تقع طموحاته داخل مرحلة " احتياجات الأمان " وفقاً لهرم ماسلو للاحتياجات، أما الثاني فتقع طموحاته في قمة الهرم وهو ما يعرف بـ " الحاجة لتحقيق الذات ".

رابعا: الإعلام

الإعلام عليه دور كبير جداً في التأثير على أفكار اللاعبين وبصفة خاصة النشأ الصغير، فإذا كان الإعلام على قدر المسؤولية ولديه القدرة على التوعية، سينجح لاعبونا في الاحتراف، ولكن العكس هو الصحيح في مصر.

مثال بسيط : حينما يشبه الإعلامي خالد الغندور شيكابالا بـ "أفيونة" الجماهير ويطالب رئيس نادي الزمالك بضرورة عودته، فحن هنا أمام كارثة، ليس بسبب عودته، وإنما بسبب المبالغة في تدليل اللاعب.

فشيكابالا هو مثال للمحترف غير الملتزم، وما أقدم عليه مع سبورتنج لشبونة من اختفاء وعدم احترام لتعاقده كلاعب " محترف "هو أمر أضر بسمعة اللاعب المصري في الخارج، وأضر بشيكابالا نفسه.

لذا، فإن تدليل لاعب مهما كان اسمه أو درجة نجوميته، بهذا الشكل، سيؤثر سلباً على أفكار النشأ الصغير، الذي يرغب في الاحتراف، لماذا يلتزم إذاً أو ينضبط، إذا كان يرى أنه من السهل جداً أن يخطىء ثم يُدلل بعد ذلك؟

عفواً، الإعلام عليه أن يهاجم النماذج السلبية، ويضرب المثل بالمحترفين الملتزمين مثل محمد صلاح، أو أحمد حسن، وإلا سنجد أنفسنا أمام 20 شيكابالا.

خامساً: الأندية

تستطيع الأندية أن تساهم بشكل كبير في إنجاح تجربة الاحتراف الخارجي أو العكس وذلك في جانبين :

الجانب الأول : إعطاء الفرصة للاعبيها لخوض تجربة الاحتراف، حيث أنه يتحتم عليها تسهيل الأمور دون التفريط في حقوقها، وأن تتسم بالذكاء والقدرة على التسويق بشكل جيد، دون تعقيد، وأفضل مثال على ذلك نادي المقاولون العرب، الذي ترك أهم نجمين لديه، فاستفادا واستفاد النادي أيضاً.

فيما يظل النادي الأهلي على النقيض من أكثر الأندية تمسكاً بلاعبيها، وأكثرها تعقيداً للإجراءات، ولعل أبرز مثال على ذلك عرض روما " المبدئي " لضم رمضان صبحي والذي بلغت قيمته 3 مليون يورو بالإضافة لـ 25 % من نسبة إعادة البيع.

فحين يصل لنادي مصري عرضاً كهذا للاعب يبلغ من العمر 18 عاماً فقط ومن نادي بحجم روما، ثم تماطل أو ترفض، فتلك كارثة كبرى، وبكل تأكيد لا بد أن تكون النتيجة فشل الصفقة وبقاء رمضان في الدوري المحلي.

الجانب الثاني : تنمية القدرات اللغوية لدى اللاعبين الشباب بالنادي من خلال توفير كورسات تدريبية خاصة لهم، حيث يعاني الكثير من اللاعبين المصريين من العزلة وعدم التأقلم في تجربة الاحتراف بسبب ضعف اللغة.

أخيراً، دولاً مثل الجزائر أو المغرب لم تخترع الذرة ليكون لديها هذا الكم الهائل من المحترفين، الموضوع أبسط من ذلك بكثير، فقط يحتاج لدراسة ووضع الأسس الصحيحة واتباعها، فهل ذلك صعب التطبيق ؟!

للتواصل مع الكاتب عبر فيسبوك اضغط هنا

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات