كتب : محمد البنا | الإثنين، 09 فبراير 2015 - 00:48

"جمهور الكورة مات"

صورة من مجموعة أولتراس وايت نايتس.. عن "ممر الموت"

"إحنا طبعا أريح لينا إقامة مباريات الدوري بدون جمهور، ولكننا جاهزون لتأمين المباريات" كان هذا حديث أحد رُتب الداخلية عن نبأ عودة الأصوات للمدرجات .. جدع يا باشا عرفت تأمن.

في الطريق إلى استاد الدفاع الجوي، الساعة تقترب من السادسة ليوم الثامن من فبراير 2015 والظلام دامس، ويبدو أنه سيستمر دامسا .. فالنهار لا يعرف طريقا لكرة القدم في مصر.

هذا بسبب وفاة 22 مشجعا زمالكاويا.. بعد ثلاث سنوات من وفاة 72 أهلاويا.

رائحة الغاز تنتشر في الهواء كلما اقتربنا من استاد 30 يونيو، زحام شديد من السيارات من جميع الاتجاهات، الكل يحاول الفرار.

هرَج ومَرَج في الشوارع المؤدية للملعب، شباب يركض عكس الاتجاه، وجنود أمن مركزي تمنع صعود أي سيارة على الكوبري .. الارتباك يملأ الأجواء، هل نواصل .. أم نتراجع؟

بدأت الأعين تمتلأ بالدموع بسبب الغاز، الشماريخ تشتعل وشباب يائس لم ينجح في مساندة فريقه يعود، "ها يا رجالة، إيه الأخبار" .. فكانت الإجابة "مفيش أمل .. ناس بتموت".

قد تكون جملة عابرة، ولم نتخيل قط أن الأمر سيصل إلى حدث حقيقي.

فجأة .. ما هذا؟؟ أوتوبيس الزمالك! الساعة الآن السابعة، المباراة بعد نصف ساعة فقط، وبدأنا نستوعب صعوبة الأحداث.

10974649_10153039092171271_7334698628807084774_o

أبواب الحافلة مفتوحة واللاعبون يريدون استنشاق هواء نقيا بعد تسرب رائحة الغاز للداخل، البعض يجلس على السلالم.

1505079_10153039091981271_1681978111318912060_n

حافلة الزمالك تقطع الطريق العكسي لتعبر إلى الاستاد .. سيارة شرطة محروقة .. أسلاك شائكة .. أسلحة أراها لأول مرة في أيدي رجال الشرطة .. ما هذه الأجواء؟ هل هي مباراة كرة قدم؟

يبدو أننا وصلنا متأخرين بعض الشيء، بدأنا نستفسر عن أماكن الدخول، ونجحت في الوصول إلى البوابة بعد فترة من المعاناة .. كل هذا لم تكن هناك أنباء عن حالات وفاة بشكل مؤكد.

الجمهور خلف المرمى أعطى ظهره للمباراة، لا يملك سوى الهتافات ضد من قتل أصدقائهم -من وجهة نظرهم، بينما المدرجات الأخرى لا تعلم بأمر الأحداث خارج الملعب، والهتاف "الدوري يا زمالك".

شبكة الهاتف ضعيفة للغاية، لا يوجد نبأ مؤكد عن حالات وفاة، إلا بين شوطي المباراة .. وقتها لم يكن هناك خيارا سوى الرحيل.

غادرنا، والصوت يهز المدرجات "جمهور الزمالك مات، الدوري للـ..."

معرفش

سألت نفسي عدة أسئلة لم أجد إجابة عليها، هل لو منح مرتضى منصور رئيس الزمالك الدعاوي المجانية لجمهور فريقه الحقيقي كان سيموت 20 أسرة؟

هل لو سمح الأمن للذين يريدون الدخول لاستاد الدفاع الجوي بدون اشتباكات مثلما كان يحدث قديما، البعض يدخل بالتذاكر وشوية بيدخلوا في الزحمة .. كان حد مات؟

هل لو كان الأمن قد ألغى المباراة فور وصول "عدد كبير يرغب في الدخول بدون تذاكر بحسب روايته"، كان سيحدث ما حدث؟

معترض؟ السؤال الأهم هو .. هل عقاب المشجع الذي لم يحصل على تذكرة هو الموت؟

عموما، نلقي نظرة على كيفية دخول الجماهير إلى استاد الدفاع الجوي ..

B9WpjenIMAAboxH

هؤلاء جميعهم معهم تذاكر، فلماذا تعاملهم هكذا؟؟ صاحب هذه الفكرة.. قاتل.

الشهر هو فبراير، قتلى في استاد بورسعيد بسبب التزاحم .. ضحايا في استاد الدفاع الجوي بسبب التدافع، هل ما زلت تسأل عن القاتل؟

انظر للعامل المشترك.

الكرة لم تعد للجماهير، فجمهورها قد مات ..

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات
/articles/225546/جمهور-الكورة-مات