كتب : هاني عسل | الأربعاء، 23 مارس 2005 - 19:05

هاجم .. تكسب!

"هولندا واقعة كدة ، وأنا ألعب دفاع؟ إزاي؟ كان مفروض أهاجم بعد نص ساعة أغلبهم تلاتة أو أربعة .. كان لازم أقطعهم" .. عبارة شهيرة قالها الراحل العظيم صالح سليم عام 1990 بعد تعادل مصر وهولندا 1-1 في كأس العالم بإيطاليا ، ولكنها لم تعجب وقتها المدافعين عن الجوهري!

بعضهم قال : "أصل صالح سليم بيتكلم وهوة مرتاح ، وإللي إيده في المية مش زي إللي إيده في النار" ، والبعض الآخر قال "ما إحنا لو كنا هاجمنا هولندا كان دفاعنا ها ينفتح وكنا ها نشيل تلاتة أربعة" ، والبعض الآخر قال : "صالح أصله مش طايق الجوهري ولازم يطلعه غلط"!

ومن يوميها ، وإحنا سلو بلدنا كدة ، ندافع ثم ندافع ثم ندافع ، نلعب بواحد ليبرو وقدامه تلاتة أو أربعة "ستوبرز"! وظهيري جنب لا يهاجمان ، وعندك اتنين لاعبين خط وسط مدافع ، وتيجي تدور على مهاجمين ما تلاقيش فيه لعيبة خلاص ، حتى على أرضنا ، اتغلبنا من "طوب الأرض".

الدفاع هو البطولة ، وإضاعة الفرص أصبحت في حد ذاتها بطولة ، حتى في الفترات التي جاء فيها مدربون أجانب وحاولوا اللعب بدون ليبرو ، وبطريقة 4-4-2 أو بفكر هجومي ، تجد أنه مع أول هزيمة تثور ثورة الثائرين ، ويطالبون بالعودة إلى الليبرو ، وبالعودة إلى تأمين الدفاع ، علما بأن أي فريق يدافع لابد أن تكون لديه قدرة على القيام بهجمات مرتدة سريعة ، ولكننا كنا ندافع وبس!

وفي مباراة مثل مباراة مصر والكاميرون في كأس الأمم الأفريقية الماضية بتونس ، دخلنا المباراة ونحن ندافع ، ولم نفعل شيئا إلا الدفاع ، رغم أنه لم يكن أمامنا إلا الفوز ، وأن الكاميرون كانت "واقعة" باعتراف مدربهم ، ولهذا خرجنا متعادلين بدون أهداف!

وكانت نتيجة هذا الفكر أننا خسرنا بطولات ومباريات ، وتراجعت كرة البلد كلها على مستوى الأندية والمنتخبات ، رغم حدوث بعض الاستثناءات ، وهذا من فضل الله وحده!

وهذه الأيام ، أظنكم تتفقون معي في أن الكرة المصرية لم تشهد في أي فترة من فتراتها هذا الكم الهائل من المهاجمين والهدافين القادرين على قيادة خط هجوم "محترم" لمنتخب مصر ، بعد أن عشنا سنوات طويلة من القحط لم يكن فيها سوى حسام حسن ، الذي كنا نضطر - إن غاب - إلى أحد خيارين : إما إشراكه مصابا ، أو الإضطرار إلى الدفع به وهو في حالة فنية يرثى لها ، أو اللعب بدون مهاجمين أصلا بحجة الاعتماد على "القادمين من الخلف" ، وهو ما جعلنا نخسر "الجلد والسقط"!

وبعيدا عن حسام حسن الذي لم يعد في المنتخب ، لدينا الآن - والكلام عن رأس الحربة الصريح وليس عن لاعب الوسط المهاجم - كل من ميدو وعماد متعب وعمرو زكي وأسامة حسني وعبد الحليم علي ومحمد محسن أبو جريشة ومجدي عبد العاطي ومحمد اليماني ، هؤلاء يكفون ، فأي اثنين منهم يقدران على قيادة خط هجوم المنتخب ، وبعضهم موجود بالفعل في معسكر الإعداد لمباراة ليبيا ، وبعضهم لن يشارك إما للإصابة أم للاستبعاد.

وما أقوله ليس باختراع ، وليس شيئا خفيا لا يعرفه أحد ، فنتيجته المنطقية والطبيعية ظهرت من خلال الفاعلية الهجومية التي بدا عليها منتخبنا في مبارياته الودية الأخيرة أمام كل من السعودية وبلجيكا وكوريا الجنوبية ، ساعد على ذلك أن جميع لاعبي الخطوط الخلفية بلا استثناء هم من اللاعبين شديدي الإيجابية على المرمى ، فجميعهم هدافون ، بداية من وائل جمعة وعبد الظاهر السقا ومرورا بطارق السيد وإسلام الشاطر ، ونهاية بأبو تريكة وبركات وطارق السعيد وسمير صبري وحسن مصطفى.

ومما يعزز هذه "الإيجابية" الهجومية ، هو أن فكر حسن شحاتة نفسه ، ومن قبله تارديللي والحق يقال ، كان فكرا هجوميا صريحا ، حتى إننا بدأنا نشعر بأن الفريق المصري أصبح - وللمرة الأولى منذ فترة طويلة - يلعب كرة جميلة تستحق التصفيق والتشجيع والإعجاب من قبل الجماهير المنافسة ذاتها!

إذن ما الذي يمنعنا من أن نهاجم؟ هل سنهاجم فقط في مباريات ليبيا وبنين والسودان في القاهرة ، ثم نتوجه إلى كوت ديفوار والكاميرون للدفاع من جديد؟! هل سننافس على كأس الأمم الأفريقية القادمة على أرضنا ونحن ندافع؟

وليس مطلوبا منا أن نهاجم فحسب ، ولكن الأهم من ذلك هو أن نحرص على شيئين : الأول هو الإقلال من الأخطاء الدفاعية الساذجة التي كلفتنا خمسة أهداف في مباراة فرنسا الودية وهدفين في مباراة الكاميرون ، وثلاثة أمام بنين ، واثنين أمام ليبيا ، أما ثانيا فهو ضرورة الإقلال من إهدار الفرص السهلة أمام المرمى ، لأنني بصراحة بدأت أتشاءم من أي مباراة لأي فريق مصري يبدؤها بإضاعة أكثر من فرصة سهلة ، لأنني أستشعر وقتها سريعا أن المباراة "هاتضيع من إيدينا" بسبب هذه الفرص!

وبعض لاعبينا لديه مرض إسمه "هوس الفرص الضائعة" ، وأعتقد أن هناك لاعبين يستمتعون بإضاعة الفرصة أكثر من استمتاعهم بالهدف نفسه ، يمكن لأنه "كدة

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات