كتب : محمد سيف | الأربعاء، 12 أكتوبر 2005 - 16:49

.. والقطنة مبتكدبش!

لا أدري سر الهجوم الشديد الذي تشنه الصحف ووسائل الإعلام المصرية على أحمد حسام "ميدو" مهاجم توتنهام واللاعب المصري الوحيد الذي يمثلنا في الدوري الانجليزي.. فهل هو هارب من أداء الواجب الوطني؟ أم خائن؟ أم عميل لصالح جهاز المخابرات الكاميروني؟ هذا ما ستعرفه في هذا المقال!!

واعترف أن هذا الهجوم الشرس على ميدو دحض نظرية عندي كنت مقتنعا بها ، وهي أن الإعلام لا يجرؤ على مهاجمة اللاعب المحترف إذا كان متخرجا من مدرسة الأهلي أو الزمالك قبل احترافه ، لكن بعد هذه الاتهامات القاسية لميدو ومن قبله لأحمد حسن وعبد الظاهر السقا وحسام غالي - كل لأسباب مختلفة - تأكد من أن النظرية الصحيحة هي أن الإعلام يهاجم جميع المحترفين الذي يذيع صيتهم في أوروبا!

ولست أكتب هذا المقال للدفاع عن ميدو أو غيره من اللاعبين ، وإنما أكتبه من باب الأمانة الصحفية التي تقتضي توضيح بعض النقاط الخاطئة التي اعتمد عليها الكثيرون في هجومهم على المهاجم المصري ، وهي أخطاء قد تكون سقطت سهوا عن أذهانهم أو عن عمد ، خاصة أنني لم أجد واحدا من هؤلاء أجرى اتصالا هاتفيا باللاعب لمعرفة إذا كان أصيب بالفعل ، أو آخر استفهم من الدكتور أحمد ماجد أو الكابتن حسن شحاتة عن التقارير الطبية الخاصة بالإصابة.

فمن غير المعقول أن يخرج علينا أحد الصحفيين الكبار يوم الجمعة في برنامج رياضي شهير يشاهده الملايين ويزعم أن مارتن يول يعد ميدو للمشاركة في مباراة توتنهام بالدوري الانجليزي في نفس يوم مباراة الكاميرون ومصر ، بل ووصل به الأمر أن طالب الاتحاد المصري لكرة القدم بشطب اللاعب من سجلاته إذا شارك في تلك المباراة ، رغم أن العالم كله يعلم أن جميع البطولات المحلية بسبب مباريات تصفيات كأس العالم ، ومنها بالطبع الدوري الانجليزي!!

ويا ليت أحدا خرج ليصحح المعلومة التي تشعل نار الغضب بين أوساط الجماهير المصرية على اللاعب ، بل توالت الصحف الكبرى مثل الأهرام لتعيد نشر المعلومة ذاتها وكأنها تؤكدها ، ثم مقال في أخبار اليوم بعنوان "مهزلة ميدو" لا يستند على أي معلومات خبرية أو حتى معلومات ذات مصدر غير موثوق منه ، بل يحكي قصة جلوسه على المقهى مع صديق ودخوله في رهان - الرهان حرام - مع أحد أصدقائه على أن ميدو سوف يدعي الإصابة حتى لا يشارك في مباراة الكاميرون..

ولم يكتف المقال الذي يندرج تحت بند "السب والقذف" باتهاماته الواضحة للاعب بالهروب ، بل أدرج معه صورة لميدو وهو يداري وجهه بقميص توتنهام وتحتها تعليق يقول "ميدو مكسوف من الجماهير المصرية" .. يا سلام!! أولم يكن من الأولى أن يهرب من المشاركة في مباراة كوت ديفوار التي كانت مصيرية بحق لفرصتنا في التأهل؟!

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة ، لماذا لما يقم أي من السادة الموجهين اتهاماتهم لميدو بالخيانة وعدم الوطنية بمحاولة بسيطة لمعرفة الحقيقة أو حتى رؤية التقارير الطبية ، على الأقل كان سيمكنهم توجيه اتهاماتهم براحة ضمير إذا كان ميدو بالفعل متهربا ، أو يبعدون عن أنفسهم الحرج إذا كانت الإصابة حقيقية .. وعلى رأي أبلة نظيفة "القطنة مبتكدبش"!

والموضوع مثلما قلت لا يتعلق بميدو وحده ، بل هي أصبحت عادة الآن في المصريين عامة ، فما لا نراه أصبح سيئا للغاية وما لا نعرفه يجب مهاجمته ، فأنا لا أتابع ميدو والسقا وحسن وغالي في أوروبا يبقى مستواهم ضعيف ، هذا الفيلم لم أشاهده إذن هو فيلم "بيقولوا مش حلو" ، ونفسي أعرف من هم الذين "يقولوا" كل شيء لا نراه ولا نتابعه فيشوهون صورته عن جهل وعدم معرفة بالحقيقة.

ولعلي أتذكر عندما كنت أبحث مع أحد الزملاء عن صحة المعلومة التي تحدد للاعب الدولي سبع مباريات فقط تكون مدرجة في أجندة الاتحاد الدولي مع منتخب بلاده - وهي المعلومة التي يحفظها جميع الصحفيين عن ظهر قلب - فإذ نكتشف أن لا صحة لهذه المعلومة من الأساس ، وأن الفيفا حدد خمس مباريات يكون للاعب حق خوضها من منتخب بلاده سواء رسمية أو ودية ، بعد ذلك يكون من حق الاتحاد الأهلي استدعاء لاعبيه الدوليين من أجل المباريات الرسمية التي تتبع أجندة الفيفا فقط ، وأن من حق أي ناد يتبع الاتحاد المحلي أو من خارجه أن يرفض انضمام لاعبه الدولي إلى أي مباراة دولية بعد انتهاء المباريات الخمس دون التعرض لأي عقوبة.

هذه القضية باتت تشكل معضلة أخلاقية على المستوى الإعلامي وهو عين وأذن الرأي العام ، الذي كثيرا ما تجده مشتتا بفضل المعلومات الكثيرة المتناقضة الذي تتناقلها وسائل الإعلام في عرضه لأي قضية ، دون أن يفكر أي من هؤلاء الإعلاميين في التأكد من صحة المعلومة التي ينقلها وسؤال "القطنة" .. باعتبارها "مبتكدبش"!

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات