كتب : أحمد سعيد | الإثنين، 15 سبتمبر 2008 - 05:42

شيكابالا وتريكة في انتظار ضحايا آخرين

كان التشجيع فيما مضى تقليديا إلى حد بعيد. حشود تشجع هذا النادي أو ذاك، يتصدرهم أناس يطلق عليهم كبار المشجعين، ويقودون الهتافات في المدرجات سواء كانت إيجابية في صالح الفريق أو عدائية ضد المنافس.

الهتافات الإيجابية تعد على الأصابع ومحفوظة للجميع ويتم تبادلها حسب الموقف، والرسائل العدائية التي تصل إلى حد السباب أحيانا يجب أن يكون لها سبب، سواء لإساءة وجهها لاعب إلى الفريق المنافس، أو عنف مبالغ فيه أو سلوك مستفز.

الآن تطور التشجيع، والسباب أيضا.

والوجه المشرق في الأمر يتمثل في شباب يسهرون ليال لإعداد دخلات تحمل ألوان فريقهم وكلمات تأييد مبتكرة في كل مباراة، يرتدون قمصانا واحدة، ويهتفون وحدة واحدة، والأهم أنهم لا يتقاضون أموالا من اللاعبين أو الأجهزة الفنية لتأييدهم أو تقليب الجماهير على منافسيهم.

ولكن السباب أيضا ازداد قبحا، فهو لم يعد نابعا من موقف أو بسبب حدث مستفز، وإنما أصبح منظما ومصمما تجاه لاعب معين يرى فيه الجمهور خطرا على فريقه، ويحاول إخراجه من جو المباراة بإثارة أعصابه.

بالأمس كان شيكابالا الضحية. لم يأت صانع ألعاب الزمالك الموهوب بأي فعل يثير جماهير الأهلي ضده، ولكن آلاف منهم وجهوا إليه أفظع السباب بلا انقطاع، ما أدى به إلى رفع الحذاء في وجوههم في صورة مؤسفة.

اليوم أبو تريكة هو الضحية. هتفت جماهير الأهلي ضد جمال حمزة فاستدارت جماهير الزمالك تجاه أبو تريكة باعتباره الرقم الموازي في الفريق الأحمر، وسمع صانع الألعاب الدولي بأذنه سبابا قبيحا طوال المباراة الأخيرة، على الرغم من أنه – مثل شيكابالا – لم يتعرض للجماهير البيضاء.

وأدى الأمر إلى إشارات من أبو تريكة موجهة إلى مدرجات الزمالك تعني "اصمتوا" وهو تصرف أقل حدة مما أتى به شيكابالا، ولكنه أيضا لا يعكس ردود الأفعال المعتادة من اللاعب الكبير.

من الضحية التالية يا ترى؟ أخبركم أنا.

الضحية التالية هو أي صاحب موهبة تظهر عليه قدرات تهدد الفريق المنافس. فالتفوق أصبح جريمة على كل من يرتكبها أن يتحمل عواقبها من الجماهير المصرية، التي تنسى التسامح والتصالح والوطنية في أول مباراة للأهلي أمام الزمالك.

وإذا مضى بنا الأمر في هذا الطريق، انتظروا سبابا أكثر منهجية وإبداعا أكثر في القبح، يبدأ بالاعتداءات اللفظية ولا ينتهي عند الصور والرسوم القبيحة والمؤذية للاعب وأسرته وأصدقائه بل وبلده إذا كان أجنبيا، وهي أمور يعرفها تفاصيلها جيدا كل المطلعين على الوجه المتطرف في التشجيع الأوروبي تحديدا.

وبالمناسبة، فإن كلمة "ألتراس" التي تتباهى بعض روابط مشجعي الأهلي والزمالك في استخدامها تعد في أوروبا تهمة تنفيها الجماهير عن نفسها وليست مدعاة للفخر.

فكلمة "ألتراس" تشبه لدينا كلمات مثل "فاشي" أو "نازي" أو حتى "إرهابي" وهي صفات أشك أن أي شخص أو مجموعة تود إطلاقها على نفسها بل والتفاخر بها أيضا! ولكن في ذلك حديث آخر.

الطفرة التي شهدتها المدرجات المصرية بدءا من كأس الأمم الإفريقية 2006 والتي أدت إلى ظهور روابط جديدة للمشجعين، وحركة أكثر بهجة وإثارة في المدرجات، وعودة الأسر والفتيات إلى الملاعب، تحمل معها الآن فيروسا قاتلا.

وإذا استشرى ذلك الفيروس، سيصبح التعصب اللفظي عنفا، ويتحول العنف إلى جريمة تكتسب صفة التنظيم مع الوقت وتصبح مواجهتها أمرا غاية في الصعوبة.

لا تستهينوا بهذا الأمر، فما يحدث بين المشجعين من فرق متنافسة في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وبعض مناطق أخرى من العالم، بدأ أيضا من مجرد سباب بلا سبب.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات