كتب : شريف حسن | السبت، 27 يونيو 2009 - 20:10

عفوا .. اللياقة لم تخذل المعلم

قدم المنتخب المصري مستوى مبهر وعروض مميزة في كأس القارات واستحق احترام العالم، إلا أنه كرر أخطاءه المعتادة أمام الفرق التي نظن أنها "الأضعف".

انتظرت لما بعد انتهاء البطولة الهوجة الإعلامية المحيطة بالبطولة التي سيطرت على الرأي العام المصري من أجل تحليل أداء المنتخب ووضع التقييم السليم لتطوير الفريق استعدادا لمواجهة رواندا "المصيرية" في تصفيات المونديال.

فرغم الأداء الرائع للفراعنة في كأس القارات إلا أن الفريق تمسك بأبرز سلبياته وهي معاملة المنافس بحسب اسمه، دون مراعاة للالتزام الخططي أو الفني أمام الجميع.

فالمنتخب الذي ظهر بطلا لا يشق له الغبار أمام عمالقة العالم كالبرازيل وإيطاليا سقط بشدة أمام منتخب أمريكا تمما كما فشل في التغلب على زامبيا والجزائر بعدما سحق أباطرة أفريقيا الكاميرون وكوت ديفوار.

ويجب أن نعترف جميعا أن الجهاز الفني للمنتخب بقيادة المعلم حسن شحاته – الأفضل في تاريخ الكرة المصرية – يتميز بشدة في شحن اللاعبين معنويا قبل اللقاءات الهامة، ولكنه يفتقد لوضع التصور التكتيكي المناسب لمواجهة فرق أقل مستوى كزامبيا وأمريكا.

ورغم أن الكرة المصرية تعاني من تلك المشكلة منذ قديم الأزل ولنا في ذكريات ليبيريا ونامبيا وبنين خير مثال، إلا أنني أرى أن الجيل الحالي يتفوق فنيا على كافة المنتخبات المصرية السابقة من حيث اكتمال القائمة وتجانس اللاعبين.

وبعد متابعتي لتحليلات الخبراء الفضائية للخروج المصري من كأس القارات أمام أمريكا وجدت أن الجميع يضع الشحن المعنوي في المقام الأول ويرجعون الخسارة إلى استهتار المصريين أو عدم احترام منافس مثل أمريكا وهو الأمر الخاطئ تماما.

قبل أن ينفي حسن شحاته تلك التهمة عن لاعبيه في حواره مع راديو وتليفزيون العرب مرجعا الخسارة إلى ضعف اللياقة البدنية للاعبين وعدم تحملهم خوض ثلاث لقاءات قوية خلال أسبوع واحد، وهو أمر غير صحيح أيضا.

فبعد الاطلاع على إحصائيات مباراة مصر أمام أمريكا التي تقدمها مؤسسة "كاسترول" أكبر مراكز الإحصائيات في العالم وجدت أن اللاعبين المصريين ركضوا خلال لقاء أمريكا أكثر من لقاء البرازيل، والغريب أن لاعبا مثل محمد شوقي ركض ما يقرب من 12 كيلومتر في المباراة رغم كونه الحلقة الأضعف في وسط مصر.

بل والأدهى أن أسرع اللاعبين في المباراة كانا أحمد سمير فرج وأحمد المحمدي رغم الاختراقات العديدة للفريق الأمريكي من خلفهما، وهو الأمر الذي يؤكد عدم خسارة مصر بسبب إنخفاض اللياقة البدنية للاعبين.

فالشارع الكروي المصري رغم وعيه الكبير إلا أنه يتأثر دائما بعاطفته سواء في الفوز أو الهزيمة، ولولا الهالة الإعلامية التي صاحبت شائعة "فتيات الليل" عقب الهزيمة وتحول الجميع لمدافعين عن المنتخب، لكانت المشانق علقت للاعبين والجهاز الفني.

إلا أن الدفاع عن منتخبنا من تهمة تمس الشرف لا يعني بالضرورة إغفال الأخطاء التي وقع فيها الفريق ليس من أجل "التقطيع" ولكن من أجل تحسين أداءه وتطويره لكي يتحقق حلم التأهل للمونديال والارتقاء بمستوى الكرة المصرية بوجه عام.

فخطأ المعلم في خطة مباراة أمريكا واللعب بـ4-4-2 وعدم تقدير اختراقات المنتخب الأمريكي التي جاء 44% منها من العمق كلف المنتخب الخسارة وتوديع البطولة، إلا أن المستوى الذي قدمه الفريق أمام الكبار خاصة بعد خسارة الجزائر يجعلنا نغض البصر عن أبرز سلبياتنا.

فمباراة أمريكا جاءت صدمة للجماهير المصرية كما حدث أمام زامبيا في افتتاح مشوار التصفيات والتي اعتمد فيها المعلم على نفس الطابع الهجومي دون تأمين مع خطأ الاعتماد على بركات في الجانب الأيسر منذ البداية.

وبما أننا أصبحنا نمتلك منتخبا يسحق كبار أفريقيا ويصمد ويتغلب على أبطال العالم، فيجب ألا نسمح بتلك الأخطاء الفنية التي تكلفنا الخسارة في كل مباراة نحسب أنفسنا فيها "الأفضل".

فكرة القدم لا تعتمد فقط على شحن اللاعبين معنويا لخوض لقاءات صعبة واستثارة روحهم المعنوية المرتفعة من أجل استمرار الانتصارات لتحقيق الانجازات، بينما تتطلب دراسة الفرق المنافسة جيدا ووضع التصور المناسب لمواجهة فرق أقل في التصنيف.

واقتبس هنا مقولة صديقي وزميلي أحمد عز الدين في مقاله قبل مواجهة البرازيل "ليس مهما اسم الفريق أو قوته، فطالما يلعب كرة القدم فلديه نقاط ضعف، ومن يستغل نقاط ضعف خصمه يفوز دون حسابات أخرى".

فيجب أن نهتم كثيرا بمواجهة رواندا المقبلة، وأن ندرس الفريق جيدا خاصة أنه تغلب على المغرب في المرحلة الأولى من التصفيات وتعادل مع الجزائر وخسر بصعوبة أمام زامبيا، أي أنه ليس صيدا سهلا كما يتصور البعض.

ملحوظة أخيرة: الحضري تألق في كأس القارات ورفعناه إلى السماء، ولكنه يخضع لعقوبة الإيقاف لأربعة أشهر بدءا من أغسطس ولن يكمل التصفيات، ولذلك يجب أن يأخذ عبد الواحد السيد فرصته أمام رواندا للدخول في أجواء المباريات الدولية.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات