كتب : أحمد سعيد | الخميس، 13 مايو 2010 - 19:08

جناحان للعميد .. وليس ظلالا له

يستحق حسام حسن التقدير بعد قيادة طائرة الزمالك من حافة الهبوط إلى محطة الوصول وصيفا للدوري وبالتالي التأهل إلى دوري أبطال إفريقيا في موسم عاصف، ولكن ألا يجب أيضا الإشادة بجناحي العميد اللذين يعتبرهما البعض - جهلا أو سهوا - مجرد ظلالا له؟

وحسام حسن يتبع مبدأ يتبناه كثيرون من كبار المدربين الأوروبيين، وهو العمل بجهازه المساعد كاملا، لتحقيق أقصى فائدة ممكنة للفريق، فكل فرد يعرف دوره جيدا، ولا يوجد منهم من ينظر إلى عمل زميله، أو يخبئ طمعا في قطعة أكبر من الكعكة الفنية.

اتبع حسام حسن هذا الأسلوب ولكنه لم يطلب جهازا كاملا، ولكن جناحين فقط، أكد أن وجودهما ضروريا، وشدد على أن الطيران من دونهما مستحيل، وحارب من أجل ضمهما إلى جسد طائرة بيضاء معطلة، وهما في المقابل ردا له ثقته، أو كما يقول أولاد البلد "طولوا رقبته".

الجناح الأول: إبراهيم حسن

يعاني إبراهيم حسن تحديدا طوال مشواره مع الكرة لاعبا ثم إداريا من نظرية "الظل" هذه.

فحينما كان لاعبا كان يشار إليه باعتباره شقيق هداف مصر، وحينما انتقل للزمالك قالوا إن الفريق الأبيض ضمه "فوق البيعة" من أجل استرضاء حسام، وهو الأمر نفسه الذي تكرر مع النادي المصري. وحتى عند عملهما معا في النادي البورسعيدي زعم آخرون إن حسام أجبر الإدارة على التعاقد مع إبراهيم كمدير للكرة ليظل بجواره.

أما على مستوى الكرة، كثير من الجيل الجديد من المشجعين لا يعرفون عنه شيئا سوى أنه نصف التوأم الذهبي، وحينما يكتبون "إبراهيم حسن" على موقع YouTube لا يجدون سوى نتائج تحت عناوين "مشاجرة" .. أو "خناقة" .. أو "مشادة"!

ولكن إبراهيم حسن ليس ذلك فقط. إبراهيم حسن بالنسبة للأغلبية العظمى ممن قضوا فترة مراهقتهم الكروية في التسعينات، هو أفضل ظهير أيمن أنجبته الملاعب المصرية، مع الاحترام لمن سبقوه أو أتوا بعده. فهو يدافع ويهاجم، يغطي ويرسل عرضيات، يتمتع بلياقة بدنية مترفعة وسرعات عالية، وهي صفات يراها ويقر بها الأهلاوية والزمالكوية على السواء.

هذا هو إبراهيم اللاعب، فماذا عن إبراهيم مدير الكرة؟ بعضهم لن يتذكر من الموسم كله سوى واقعة مباراة اتحاد الشرطة، وهي واقعة بلا شك مشينة وغير مبررة، ولكنها دليلا آخر على بروز سيئات الرجل على حساب حسناته، وهي كثيرة.

إبراهيم حسن هو أول مدير كرة منذ سنوات يسيطر تماما على طوفان التصريحات الصحفية والإعلامية الصادر عن الزمالك. فهو الناطق باسم الفريق، ومتاح دائما للرد على جميع وسائل الإعلام، وكل تصريحاته منذ أن أطلق أولها حتى هذه اللحظة صادقة وجريئة بنسبة 100%.

متى قرأت آخر تصريح لعضو مجلس إدارة عن الفريق، أو سمعت صوتا لفرد في الجهاز الفني يتحدث عن أمر خارج اختصاصه، أو لاعب يتناول ابتعاده عن التشكيل أو مشاكله في النادي بطريقة غير لائقة؟

هل تعلم أن مشكلة في غرف تغيير الملابس كانت سببا في تبديل شيكابالا أمام الجونة في لقاء سوهاج؟ هل تعرف كافة أبعاد أزمات حازم إمام "الصغير" المتتالية مع النادي؟ هل قرأت عناوينا ساخنة عن رغبة عبد المنصف في الرحيل، وهو القرار الذي اتخذه مع بداية الدور الثاني من المسابقة؟ الإجابة هي "لا" عن كل ما سبق بفضل إبراهيم حسن.

ملف التعاقدات أيضا تولاه إبراهيم بنجاح ملفت بالتعاون مع حازم إمام في كثير من الأحيان: جولات مع أحمد غانم وما صاحبها من ضم محمد عبد الله، إنهاء صفقة حسين ياسر في يناير، عقود جدو التي ستصبح حديث الصيف المقبل، إضافة إلى محادثات جادة ورسمية مع لاعبين يحتاجهم الفريق في أكثر من مركز.

إبراهيم حسن يستحق التحية والتقدير أيضا، لأنه كان الجناح الإداري للعميد، ما جعله يتفرغ للاعبيه، والمستطيل الأخضر، بدلا من الانشغال بعقوبات، وتعاقدات، وتأخير عن المران، ودلع النجوم وخلافه.

الجناح الثاني: طارق سليمان

الجناح الفني لحسام حسن هو رجل بدين نسبيا، هادئ الملامح والصوت، لا تسمع صوته تقريبا منذ تعيينه مدربا عاما بعد اعتراض أصوات زمالكوية لأنه "ليس من أبناء النادي"، ولكن طارق سليمان أثبت أنه أفضل منهم جميعا، وصحح صورة منصب كان سئ السمعة في النادي الأبيض.

فالمدرب العام سابقا كان إما جاسوسا لمجلس الإدارة ينقل أخبار وأفكار المدير الفني الأجنبي، ومحطة انتقالية عند الرغبة في التخلص من الأخير، أو كبش فداء للنتائج السيئة عند الرغبة في الاحتفاظ بالخواجة.

طارق سليمان حضر وهو مدرب عام في منظومة حسام حسن، وهو بالتالي غير طامع في منصب االمدير الفني، ولا يتآمر عليه في الخفاء، ولا يخرج في العلن للحديث عن خلافاته الفنية مع الرجل الأول حتى يثبت أنه صاحب شخصية مستقلة أو للتبرأ من الهزائم قبل وقوعها.

لا يبحث ابن بورسعيد الجدع أيضا عن دور إعلامي، غير مهتم بتلميع نفسه، لم يغضب أو يحبط من الإشادات المستمرة بعبقرية حسام حسن ومعجزته في إعادة الزمالك من بعيد بدون ذكر اسمه ولو على سبيل المجاملة، وإنما ظل متفانيا في عمله ومخلصا له.

ولكن ما هو عمله في الأساس؟ طارق سليمان هو النسخة المصرية من رجل أيرلندي اسمه بات رايس، ربما لا يعرفه أحد في مصر، وقد يتعرف عليه أحد مشجعي أرسنال الهائمين حبا في المدفعجية، لأنه تقريبا لا يظهر إعلاميا على الإطلاق.

رايس هو المساعد الأول لأرسين فينجر، هو من يخرط تروسا دقيقة وفعالة يستطيع المدرب الفرنسي توظيفها في ماكينة أرسنال، التي يتباهي دائما مشجعوه بأن فريقهم يلعب بنفس السهولة والمتعة والتفاهم مهما كانت أسماء اللاعبين الـ11 الموجودين في الملعب.

طارق سليمان هو من ساعد حسين ياسر على اكتساب لياقة المباريات في وقت قياسي بعد قضاء سنة ونصف بين البدلاء أو ما صاغه اللاعب نفسه حينما قال "وقفني تاني على رجلي في الملعب". المدرب العام هو من ظل يحارب مع حازم إمام الصغير حتى استعاد مستواه قبل واقعة الطرد والإيقاف وهو أيضا من جهز ميدو مع الفريق الأبيض حتى انتقل إلى وست هام حيث هبط مستواه من جديد.

يساعد طارق سليمان اللاعبين الصاعدين الذين رأى فيهم حسام حسن خامة طيبة للفريق الأول في الانصهار مع باقي أعضاء الفريق. فعل ذلك مع حسام عرفات، وعمر جابر، ومحمد إبراهيم، ولايزال يفعله مع عدد من اللاعبين الذين يستعد المدير الفني للاعتماد عليهم مستقبلا في حال عدم القدرة على إبرام تعاقدات من الوزن الثقيل.

الآن، مع زفرة الارتياح التي يطلقها أعضاء مجلس إدارة الزمالك، واستعداد جماهيره للظهور في المعترك الإفريقي الموسم المقبل، عليهم أن يشكرا مجهودات الجناحين الفني والإداري .. فلولاهما لم يكن القائد حسام حسن يستطيع التحليق بفريقه حتى المركز الثاني.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات