كتب : أحمد سعيد | الخميس، 30 ديسمبر 2010 - 22:40

الطريقة الزمالكوية .. و"خلطة مش منطقية"

لعب الزمالك مباراة القمة على غرار حملة دولسيكا الأفضل في عام 2010 "خلطة مش منطقية" والتي حاول فيها حسام حسن أن يخلط مكونات مختلفة ليصنع شكلا جديدا لفريقه أمام الأهلي، فكانت النتيجة أن الفريق لم يفاجئ منافسه أو يستطيع العودة إلى شكله المعتاد.

"العميد" دائما يلعب بإحدى طريقتين .. إما 4-2-3-1 بالاعتماد على ارتكازين وجناحين ومهاجم متأخر ورأس حربة وهو الأسلوب الذي يلعب به أمام الفرق الأضعف أو تطويرها إلى طريقة 4-3-2-1 بإضافة ارتكاز أخر على حساب أحد ثلاثي الدعم الهجومي لمزيد من التأمين في وسط الملعب أو لتحرير الجناحين من أداء الأدوار الدفاعية.

ولكن مدرب الزمالك قرر اللجوء إلى طريقة مختلفة تماما في القمة، وهي طريقة جرب اللعب بها في أجزاء من مباراة الفريق أمام الشرطة ونجحت في إرباك الدفاعات المحكمة لطلعت يوسف.

لعب الزمالك بدون رأس حربة صريح، بطريقة يمكن وصفها رقميا بأنها 4-3-3 ولكن بتواجد ثلاثي ارتكاز وثلاثي مساندة هجومية أيضا من الوسط هما جناحين شيكابالا وحازم إمام ثم مهاجم متأخر يأتي من قلب الملعب هو محمد إبراهيم.

الفكرة ذكية بلا شك، ويطبقها فريق برشلونة بنجاح أبهر أوروبا والعالم كله، إذ يلعب ميسي في المنتصف كمهاجم متأخر يأتي من وسط الملعب، ويستطيع تبادل المراكز بحرية وسلاسة مع ديفيد بيا وبيدرو اللذين يلعبان كجناحين، فلا يدري دفاع الفريق المنافس من أي موقع سيخترق الساحر الأرجنتيني أو سيضرب الهداف الإسباني.

وتبدو هذه الطريقة - ولو نظريا - مغرية جدا للتطبيق أمام الأهلي بعدما قرر زيزو عودة الليبرو، لأن نجاح لاعبي الزمالك في تنفيذ الأسلوب الكتالوني يعني ارتباكا تاما لثلاثي دفاع الأهلي: فقلبا الدفاع لن يجدا من يراقباه لعدم وجود رأس حربة متمركز في المنطقة أو على حدودها، كما أن تواجد الليبرو بما يوفره من عمق يحمي الأجنحة المنطلقة يمينا ويسارا من الوقوع في مصيدة التسلل.

وقبل الخوض في التحليل، تجدر الإشارة إلى اتفاقي مع زميلي أحمد عز الدين على أن يراقب القمة من جانب الأهلي، فيما أتكفل أنا بقراءة تحركات الزمالك في أرض الملعب.

ما الذي عطل الزمالك؟

إلى هنا والأمور تصب في نجاح رؤية حسام حسن في الملعب، ولكن ما جعلها "خلطة مش منطقية" هي الكرات الطولية التي اعتمد عليها لاعبو الزمالك للوصول إلى مرمى الأهلي في ظل هذه الطريقة.

وبرشلونة يعطي الجميع درسا أسبوعيا في كيفية تفعيل طريقة اللعب هذه، نقلات سريعة وقصيرة على الأرض مع تبادل سريع ومستمر للمراكز بين ثلاثي الارتكاز وثلاثي الهجوم المتأخر بهدف الاستحواذ أولا ثم استغلال ثغرة في دفاع المنافس جراء هذه التبديلات السريعة في المواقع لإرسال كرات بينية لأحد المنطلقين سواء من القلب أو من الجناحين.

الاستحواذ والتمريرات القصيرة وتبادل المراكز كانت وسائل أرسنال في 2006 الذي بلغ فيه نهائي دوري أبطال أوروبا وكان يلعب بما يطلق عليه بالإنجليزية Men Behind the Ball أي أن جميع لاعبي يتحركون ويتمركزون خلف الكرة وليس أمامها حتى لحظة الانطلاق لاستلامها خلف مدافعي المنافس واستطاع من خلاله تخطي ريال مدريد ويوفنتوس بأداء رائع.

أما الكرات الطويلة من الخلف للأمام، فهي تحتاج مهاجما قوي طويل القامة، يستطيع حجز المدافع خلفه والارتقاء عاليا لاستقبال التمريرات الهوائية والسيطرة عليها قبل توزيع اللعب على الجانبين أو الاتجاه مباشرة إلى المرمى بالمراوغة أو التسديد.

وبدون هذا اللاعب الذي يسمونه أيضا في التحليلات التكتيكية Target Man فإن الكرات الهوائية من نصف ملعبك إلى نصف الملعب المنافس ليس لها قيمة أو خطورة، ولا تحقق المراد من اللعب بثلاثي هجوم متأخر.

وظهر هذا الأمر واضحا في كل الالتحامات الهوائية أو حتى الأرضية بين محمد إبراهيم ووائل جمعة، فاللاعب الصاعد لم يستطع أبدا الفوز في المواجهات مع المدافع المخضرم، كونه يفتقر إلى المقومات البدنية لهذه الصراعات الفردية.

لماذا لعب "العميد" على الكرات الطولية؟

حاول حسام حسن تطبيق هذه الخلطة لأنه لا يمتلك لاعبا يقوم بدور شابي هرنانديز في منتصف الملعب، وهو الدور الذي يعتمد على نسبة تمرير سليم تتجاوز الـ90% في كل مباراة، وعدم فقدان الكرة، وإرسال تمريرات بينية دقيقة تضرب دفاعات المنافسين.

فمع تفرغ عمر جابر وإبراهيم صلاح للتغطية الدفاعية على ظهيري الجنب وتشكيل خط دفاع أول قبل وصول الكرات إلى محمود فتح الله وعمرو الصفتي، فإن حسن مصطفى كان يتعين عليه القيام بعملية الربط هذه بين خطوط الملعب، وهو ما لم ينجح فيه اللاعب المخضرم.

وضع حسام حسن أيضا جناحين عكسيين (لاعب أعسر على الجانب الأيمن ولاعب أيمن على الجانب الأيسر) كي يكون متاحا أمامهما أكثر من حل عند استلام الكرات الطولية. فحازم إمام على الجانب الأيسر يستيطع "الكسر" إلى داخل الملعب والتسديد أو إرسال بينيات للمنطلقين من قلب الملعب أو لمحمد عبد الشافي الذي يقوم بعملية Overlap من خلفه، وهو ما ينطبق أيضا على شيكابالا في الناحية الأخرى.

ولكن مع التركيز الشديد على شيكابالا من قبل شريف عبد الفضيل وأقرب اللاعبين إليه، ومع ميل حازم إمام الطبيعي إلى اللعب على الخط بدلا من الكسر إلى الداخل ما جعله غير مستريح في اللعب على الجانب الأيسر، فقد الزمالك أنيابه الهجومية تماما.

وحتى بعد نزول أحمد جعفر ليلعب دور رأس الحربة وتحول محمد إبراهيم إلى دور الجناح، فشل الأول في التفوق على جمعة ولم يقدم الثاني ما يجعله بديلا مثمرا لحسين ياسر، الذي افتقر الزمالك إلى خبرته في هذه المباراة.

إيجابيات الزمالك

كل ما سبق لا يعني أن الزمالك لم يتمتع بإيجابيات خططية في المباراة، لأن دفاعه ظهر صلبا للغاية، وخاصة في الجانب الأيمن وبوجود أحمد غانم سلطان الذي قابل كثير من جمهور الزمالك وجوده في التشكيل الأساسي بقدر كبير من الإحباط.

فلم يتمكن محمد بركات وسيد معوض اللذان ركزا كثيرا من وقتهما ومجهودهما على الهجوم من جبهة غانم أي تهاون منه أو من عمر جابر المكلف بتدعيمه دفاعيا، بل وفي بعض الأحيان من محمود فتح الله أو الصفتي، وفقا لمن يتولى منهما مواجهة محمد طلعت بحسب ظروف اللقاء.

عمق دفاع الزمالك الذي كان يسبب صداعا كبيرا إما بسبب البطئ النسبي الذي يتسم به أو للأخطاء الفردية المتكررة من أفراده، ظهر في أفضل حالاته منذ فترة طويلة، حتى إن طلعت بمجهوده الوفير لم تتح له سوى فرصة واحدة كما لم يحظ محمد أبو تريكة بمساحات أو فرص حقيقية من عمق الملعب.

وتتجلى الصلابة الدفاعية للزمالك في هذا اللقاء في أن الأهلي لم تتح له أي فرصة تقريبا طوال الشوط الثاني رغم سيطرته على الاستحواذ، وهو ما وضح أنه استحواذ غير مجد لأنه لم يؤد إلى خطورة.

الخلاصة أن هجوم الزمالك الناري صاحب الأهداف الـ28 فقد فعاليته بسبب الخلطة غير المتجانسة التي سبق الإشارة إليها، ولكن دفاعه الهش الذي تلقى 17 هدفا صمد بشباك نظيفة، ما يبقي الوضع على ما هو عليه لأبناء حسام حسن.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات