كتب : أحمد سعيد | الخميس، 07 يونيو 2012 - 16:19

تابع اليورو .. ولا تؤنب نفسك

هل ستتابع اليورو باهتمام؟ سؤال كانت إجابتك عليه سهلة قبل أربعة أعوام، ولكن في 2012 أكاد أشعر في ملامحك وصوتك أنك تريد المشاهدة والمتابعة ولكنك "مكسوف" إما من صوت داخلي في رأسك أو أصوات خارجية من حولك.

نعم المجاهرة بمتابعة الكرة لم تعد أمرا يسيرا، لأنه قد يستتبعه اتهامات إما بالغيبوبة عما يحدث في الشارع، أو الاستسلام لمخدرات النظام الذي يريد إلهاء الناس عن حقوقها، أو حتى أن يصل الأمر في بعض اللحظات الساخنة إلى اتهامات بخيانة الشباب الذين يرابضون لاستعادة الثورة من براثن خاطفيها من أجل شئ تافه.

ولكنني أنصحك أن تتابع اليورو بلا تأنيب ضمير، لأن كل الاتهامات السابقة غالبا ما تصدر عن أناس يعتبرون الثورة سباق 100 متر فيما يعتبرها أخرون – وربما تكون أنت منهم من دون أن تدري – سباق ماراثون.

الفارق بين الاثنين أو الأول لا يحتاج نفسا قصيرا بقدر ما يحتاج إلى سرعة وقوة دفع شديدين تصل بك إلى خط النهاية في ثوان، أما الثاني فيحتاج قدرة كبيرة على التحمل ومعرفة المحطات والمنعطفات التي ينبغي أن تزيد فيها السرعة أو تحافظ على إيقاعك كي تستطيع الوصول إلى الهدف النهائي.

وتثبت الأيام يوما بعد يوم أن من يعتبرون الثورة سباقا قصيرا هم أول ضحايا الإحباط واليأس وأفكار هزيمة الثورة. أما من يؤمنون بأن بلدا بحجم مصر، تشابكت وتعقدت فيها العلاقات والمصالح بهذا القدر، وتوغل فيها نظام كهذا لعشرات الأعوام، لن يفلح معها سوى إصلاح ماراثوني هم من لايزال لديهم قدرة على المقاومة إلى الآن.

ولعبة الماراثون هذه تحتاج منك أن تعيش حياتك بصورة طبيعية إلى حد كبير: اهتم بعملك، امض وقت مع أسرتك وأصدقائك، مارس هواياتك أيا كانت، وشاهد كرة القدم إذا كنت تستمتع بذلك، لأن حرق نفسك في مناقشات لا تتوقف في السياسة وعن الثورة ومعارضيها وانتخاباتها، لن يؤدي إلا إلى نتيجة واحدة نشاهدها يوميا حولنا وتتلخص في سؤال "مش هنخلص بأه؟"

تابع اليورو باهتمام، ولكن بلا تطرف. لا تكسر التليفزيون إذا خسرت ألمانيا، أو تتشاجر مع صديقك مشجع برشلونة الذي فرح في طرد كريستيانو رونالدو! فهذا التطرف هو ما يدفع بعضهم في الأساس إلى وصف محبي الكرة بالتفاهة، وهي أبعد ما تكون عنهم.

للتواصل عبر تويتر: asaied@

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات