بمجرد ذكر اسم منتخب فرنسا أمامك يقفز في ذهنك الجيل الذهبي للديوك الذي حقق الكثير من الإنجازات وسيطر على كرة القدم في العالم عدة سنوات بقيادة الأسطورة زين الدين زيدان.

جيل ذهبي لمنتخب فرنسا بدأ فرض سيطرته عندما فاز بكأس العالم 1998، عقبها بالفوز بكأس الأمم الأوروبية يورو 2000.

ورغم ظهوره المتواضع في كأس العالم 2002 ثم يورو 2004، إلا أن هذا الجيل عاد من بعيد واستطاع التأهل لنهائي كأس العالم 2006 قبل أن يخسر اللقب أمام إيطاليا في مباراة نطحة زيدان الشهيرة لـ ماركو ماتيرازي.

وبعد سنوات من التخبط والإخفاقات والأزمات بدأ منتخب فرنسا يظهر بشكل جيد وتكون الجيل الجديد للديوك.

ديديه ديشامب المُعلم رشدان

كما يعرف الجميع قصة سلاحف النينجا المشهورة، وهي عندما وجد المُعلم رشدان 4 من السلاحف الصغيرة ليقرر تربيتهم وتدريبهم ليصبحوا 4 من أشهر السلاحف في محاربة الشر بفضل مُعلمهم رشدان.

وهي القصة المشابهة كثيرا لما حدث مع الجيل الحالي لمنتخب فرنسا والذي بدأ تكوينه مع ديديه ديشامب المدرب الحالي.

تولى ديشامب تدريب منتخب فرنسا عقب إخفاق الديوك في يورو 2012 تحت قيادة زميله في الجيل الذهبي لوران بلان.

وبدأ ديشامب الفائز كلاعب مع فرنسا بكأس العالم وأمم أوروبا في تكوين الجيل الجديد للديوك.

البداية كانت في كأس العالم 2014 وقتها ودع منتخب فرنسا المونديال من ربع النهائي أمام ألمانيا بطل البطولة.

ووضع ديشامب أساس الجيل الحالي في عام 2014 وظهر معه الكثير من اللاعبين بمستوى مميز وعلى رأسهم بول بوجبا وجريزمان وأوليفيه جيرو.

استمر ديشامب في تكوين جيل فرنسا الحالي في يورو 2016 وقاد الديوك للتأهل إلى نهائي البطولة على ملعبه ووسط جمهوره قبل الخسارة من البرتغال في النهائي.

وأدخل ديشامب على منتخب فرنسا في 2016 مجموعة جديدة من اللاعبين المميزين على رأسهم نجولو كانتي ومعه كينجيسلي كومان.

ووصل ديشامب مع جيل فرنسا الحالي إلى قمة إنجازاته عندما فاز الديوك بكأس العالم 2018 في روسيا.

ولا شك أن نجم فرنسا وقتها كان كيليان مبابي الذي توج بالمونديال وعمره 19 عاما فقط وسجل في النهائي.

وبخلاف دخول مبابي على منتخب فرنسا ظهر لاعبين آخرين مثل عثمان ديمبيلي ولوكاس هيرنانديز وبنجامين بافار.

الجميع توقع أن منتخب فرنسا حامل لقب كأس العالم هو المرشح الأول للفوز بيورو 2020 لكن المفاجأة كانت عندما ودع الديوك البطولة من دور الـ16 بركلات الترجيح أمام سويسرا.

ليعود من جديد الجيل الذهبي الحالي وبقيادة نجمه الأول كيليان مبابي للتألق والوصول لنهائي كأس العالم 2022 في قطر، قبل الخسارة من الأرجنتين بركلات الترجيح.

من لاعبين صغار إلى نجوم كبار

طوال تواجد ديشامب مع منتخب فرنسا وفي كل بطولة كبيرة يظهر معه لاعبين صغار ومن ثم يصبحوا هم نجوم الديوك.

فمثلا يستمر جريزمان مع ديشامب في منتخب فرنسا منذ كأس العالم 2014 وعمره وقتها كان 23 سنة، والآن يستعد للمشاركة في يورو 2024 وعمره 33 عاما.

جيرو أيضا كان في كأس العالم 2014 وعمره 27 سنة، والآن يتواجد في قائمة فرنسا ليورو 2024 وعمره 37 عاما.

استمر ديشامب في ضم اللاعبين الشباب وتدريبهم على طريقة المُعلم رشدان في سلاحف النينجا، وضم كانتي في يورو 2016 وعمره 25 سنة، والآن سيشارك في يورو وعمره 33 سنة.

كومان أيضا عمره في يورو 2016 كان 19 عاما، والآن من أهم لاعبي فرنسا وعمره قبل يورو 2024 أصبح 28 عاما.

اللاعب الأهم الذي شارك مع ديشامب في منتخب فرنسا هو مبابي الذي بدأ مسيرته في مونديال 2018 وعمره 19 عاما فقط، والآن أصبح قائد الديوك وعمره 25 عاما.

مبابي دوناتيلو

وبالحديث عن المُعلم رشدان وسلاحف النينجا فمن الصدفة أيضا أن كيليان مبابي نجم فرنسا والمنتقل مؤخرا إلى ريال مدريد في ابرز صفقة حدثت في كرة القدم منذ سنوات عديدة، أنه يُطلق عليه دوناتيلو أحد أفراد سلاحف النينجا.

العديد من لاعبي الجيل الحالي ظهروا مع فرنسا في 2018 لأول مرة مثل بافارد وكيمبيمبي وعثمان ديمبيلي وجميعهم سيشاركون مع الديوك في يورو 2024.

في يورو 2020 أدخل ديشامب على منتخب فرنسا كل من أدريان رابيو وعمره 26 سنة، وجول كوندي مدافع برشلونة الحالي وعمره 22 سنة وماركوس تورام بعمر 23 سنة.

والثلاثي متواجد في قائمة فرنسا ليورو 2024.

وأخيرا في كأس العالم 2022 واصل ديشامب الاعتماد على الشباب بقائمة بها مجموعة كبيرة من اللاعبين الصغار بسبب إصابات النجوم الكبار وقتها مثل بوجبا وكانتي.

وشهد مونديال قطر ظهور كل من راندال كولو مواني وإدواردو كامافينجا وتشواميني وويليام ساليبا وغيرهم من اللاعبين مع منتخب فرنسا.

ليصل الديوك إلى يورو 2024 بقائمة مكتملة تقريبا من اللاعبين المميزين الذي استغرق ديشامب الكثير من السنوات لتدريبهم وإثقال مواهبهم والاعتماد عليهم مع منتخب فرنسا من أجل صناعة جيل ذهبي جديد يحاول تكرار ما حققه الجيل الذهبي السابق بقيادة زيدان وتييري هنري وديفيد تريزيجيه وباتريك فييرا وغيرهم من النجوم.

وفي قائمة فرنسا الحالية قبل يورو 2024 واصل ديشامب ضم النجوم الصغار المتوقع تألقهم في السنوات المقبلة وعلى رأسهم وارين زائير إيمري لاعب باريس سان جيرمان والبالغ من العمر 18 عاما فقط. وزميله في الفريق برادلي باركولا وعمره 21 سنة.

جيل ذهبي جديد

التتويج بكأس العالم مرة والوصل لنهائي المونديال واليورو في سنوات متقاربة يدل بالتأكيد إلى أن هذا الجيل قدم الكثير لمنتخب فرنسا ويعتبر جيلا تاريخيا للديوك.

لكن ينقصه الفوز ببطولة أخرى حتى يطلق عليه "الجيل الذهبي لمنتخب فرنسا" ووقتها سيتم مقارنته بالجيل الذهبي السابق.

وبالتأكيد هذا ما يسعى له ديشامب الذي أصبح أطول مدرب في تاريخ منتخب فرنسا والذي يستمر معه لأكثر من 12 سنة.

فهل ينجح ديشامب في الفوز ببطولة اليورو بالجيل الحالي الذي سيصبح في هذه الحالة الجيل الذهبي لمنتخب فرنسا والذي استنسخه ديشامب على طريقة سلاحف النينجا.