أمم إفريقيا - كوت ديفوار.. العربية طارت بسبب طاهر

الخميس، 04 يناير 2024 - 18:00

كتب : حلمي حلمي

كوت ديفوار - تم صنع الصورة بالذكاء الاصطناعي

في ثمانينيات القرن الماضي حين كانت السيارات الفرنسية حلم أي لاعب إفريقي، في زمن لم تكن فيه سطوة المال قد فرضت نفسها على عالم كرة القدم، كان الفوز على مصر يساوي سيارة فرنسية لكل لاعب إيفواري.

حدث ذلك في نهائيات أمم إفريقيا 1984 التي استضافتها كوت ديفوار، وقتها وعد فيلكس أوفوي بوانيي رئيس البلاد كل لاعب بصفوف الأفيال بسيارة فرنسية موديل 1984 في حالة الفوز على مصر، لكن كان هناك نجم مصري له رأي آخر.

مع اقتراب بطولة أمم إفريقيا 2023 في كوت ديفوار من الانطلاق، يستعرض معكم FilGoal.com أحد أبرز قصص النسخة الوحيدة التي استضافتها كوت ديفوار من قبل.

لنعود بالقصة أيام قليلة، فقد بدأت البطولة الأولى التي تستضيفها كوت ديفوار بمشاركة 8 منتخبات قُسمت على مجموعتين، ضمت الأولى البلد المضيف ومنتخب الكاميرون التي تألق في كأس العالم 1982، ومنتخب مصر الذي غاب عن النسخة السابقة لأسباب سياسية ويسعى لتحقيق أول لقب بعيدا عن شمال القارة، ومنتخب توجو المتواضع.

في المباراة الافتتاحية دهس الأفيال منتخب توجو بثلاثية نظيفة مما جعل الجميع يتوقع منافسة إيفوارية على اللقب.

المباراة التالية كانت بين مصر والكاميرون، وفي الوقت الذي توقع فيه البعض تألق الأسود غير المروضة أمام الفراعنة خاصة وأن منتخب الكاميرون يضم بين صفوفه العديد من المحترفين في أوروبا، لكن المنتخب المصري نجح في الفوز بهدف طاهر أبو زيد من تسديدة صاروخية.

بعد 3 أيام انطلقت مباريات الجولة الثانية بلقاء الكاميرون وتوجو، التهمت الأسود الجريحة المنتخب التوجولي بنتيجة 4-1 قبل لقاء مصر وكوت ديفوار المنتظر.

قبل هذا اللقاء التقى المنتخبان 3 مرات في نهائيات أمم إفريقيا، نسخ 1970 و1974 و1980، والنتيجة كانت واحدة فقط، وهي فوز الفراعنة.

دخل لاعبو كوت ديفوار مواجهة مصر وهم يحلمون بالسيارة الفرنسية طراز 1984 التي وعد بها الرئيس، فضلا عن الكثير من الهدايا التي وعد بها الرعاة، مع ضمان التأهل لنصف النهائي.

رغم حماس الجماهير الغفيرة التي حضرت اللقاء غير أن الشوط الأول انتهى بنتيجة التعادل السلبي.

بعدما مرت 8 دقائق من الشوط الثاني وجد بسكال ميزا لاعب وسط كوت ديفوار نفسه أمام مرمى مصر بعد ارتباك بين المدافعين فسدد كرة قوية سكنت شباك ثابت البطل.

وفي الوقت الذي توقع الجميع أن تدهس الأفيال الفراعنة، صمد المنتخب المصري وأمسك بزمام المباراة.

وما هي إلا دقائق حتى سجل طاهر أبو زيد هدف التعادل بتسديدة رائعة على الطائر من داخل منطقة الجزاء.

بعد دقائق قليلة اخترق أبو زيد المساحات خلف دفاع كوت ديفوار ليقابل كرة طولية بتسديدة صاروخية على الطائر من زاوية مستحيلة ليسجل الهدف الثاني.

وباءت كل محاولات كوت ديفوار في إدارك التعادل بالفشل خلال الوقت المتبقي من اللقاء ليتبخر حلم الحصول على سيارة فرنسية "موديل السنة".

ضمن الفراعنة التأهل لنصف النهائي بالفوز على أقوي منتخبين في المجموعة، وأصبحت بطاقة التأهل الثانية حائرة بين كوت ديفوار والكاميرون.

في الجولة الأخيرة تعادل منتخب مصر مع نظيره التوجولي بلا أهداف وتأهل لنصف النهائي كمتصدر، بينما خسر المنتخب الإيفواري من الكاميرون بثنائية نظيفة ليودع منتخب البلد المضيف البطولة من مرحلة المجموعات.

Tiada huraian foto disediakan.

لاحقا سقط الفراعنة في نصف النهائي أمام نيجيريا رغم التقدم 2-0، لكن النسور تعادلت، ثم فازت بركلات الترجيح.

وواصل منتخب مصر السقوط، حين خسر مباراة تحديد المركز الثالث على يد الجزائر بنتيجة 1-3.

ذكريات المواجهة المصرية الإيفوارية في أبيدجان خلال منافسات أمم إفريقيا قد تعود إلى الأذهان لو التقى المنتخبان في نسخة 2023.

الطريق إلى كوت ديفوار

شارك منتخب كوت ديفوار في تصفيات كأس الأمم الإفريقية 2023 رغم ضمان مكانه في النهائيات.

لكن الأفيال لعبوا التصفيات بجدية من أجل الإعداد لخوض البطولة.

لعبت كوت ديفوار في مجموعة تضم زامبيا ليسوتو وجزر القمر، وحققت 4 انتصارات وخسرت مرة وتعادلت مرة.

وأنهت التصفيات في الوصافة بفارق الأهداف عن زامبيا المتصدرة.

كوت ديفوار وأمم إفريقيا

73 هو عدد ركلات الترجيح التي سددها لاعبو كوت ديفوار طوال تاريخ مشاركاتهم في منافسات كأس الأمم الإفريقية.

رقم مرعب ولكنه منطقي للمنتخب الذي تميّزت مبارياته بماراثون مُرهق ومحُطم للأعصاب من ركلات الحظ في أكثر من مناسبة.

في المجمل، سجّلت كوت ديفوار 24 ظهورا سابقا في نهائيات أمم إفريقيا، وهي الثانية على هذا الصعيد خلف مصر صاحبة كل الأرقام القياسية.

كوت ديفوار تحل ثانية بعد مصر في رقم آخر مميز، وهو عدد الأهداف المسجلة، إذ هز أفراد كوت ديفوار شباك خصومهم في 143 مرة تاريخيا، بينما اهتزت شباكهم في 101 مناسبة.

كوت ديفوار خاضت 99 مباراة في كأس الأمم الإفريقية، فازت في 44، تعادلت في 30، وخسرت 25 مرة.

الإيفواريون حققوا الأهم وظفروا باللقب في مناسبتين، الأولى عام 1992، والثانية عام 2015.

بينما اكتفت كوت ديفوار بالوصافة في نسختي 2006 و2012. فيما حققت المركز الثالث مرتين، والمركز الرابع في مثلهما.

ويمكن ربط تاريخ كوت ديفوار في كأس الأمم الإفريقية بـ غانا التي كانت ندا شرسا في العديد من المرات، وكانت عقدة حقيقية للأفيال، قبل أن تصبح منبعا للذكريات السعيدة.

وإن خصصنا الحديث عن تاريخ كوت ديفوار في أمم إفريقيا، فيمكن تلخيصه في 3 أسماء باعتبارها محاور رئيسة: لوران بوكو، عبد الله تراوري، ديدييه دروجبا.

أما بوكو، فهو أحد أعظم لاعبي البطولة على الإطلاق، بتتويجه هدافا في 1968 و1970، بعد أن سجل 14 هدفا في النسختين مجتمعتين، وجعل نفسه هدافا تاريخيًا للمسابقة طوال 38 عاما حتى تمكّن الكاميروني صامويل إيتو من تحطيم رقمه عام 2008.

لوران بوكو

ولكي نوضح كيف تأصلت الندية بين كوت ديفوار وغانا، فيكفي القول إن كوت ديفوار وصلت لنصف النهائي بأول 3 مشاركات لها: 1965، 1968، 1970.. والنتيجة واحدة: الهزيمة أمام غانا!

منافس واحد تكفل بالإطاحة بأحلام كوت ديفوار 3 مرات في ظرف 5 أعوام، والمرتين الأخيرتين بأهداف قاتلة في الوقت الإضافي، على مرأى ومسمع من بوكو الخارق الذي لم يحظ بفرصة معانقة الكأس.

بعد هذه الانطلاقة الإيفوارية القوية، حلت سنوات من المشاركات المتوسطة والضعيفة، بل مُنعت كوت ديفوار من الظهور في نسخة 1978 رغم تأهلها بالفعل، بعد إشراكها لاعب غير مؤهل في آخر مباريات التصفيات، مما دفع الاتحاد الإفريقي إلى استبعادها.

في الثمانينات ظهر المحور الثاني للكرة الإيفوارية: عبد الله تراوري والذي كان واجهة بارزة في مشاركات كوت ديفوار بتلك الحقبة.

قاد بلاده للمركز الثالث في 1986 على أرض مصر، وفشلت أهدافه في سحب كوت ديفوار لأبعد من الدور الأول في 1988 و1990، لكن مهلا.. لن يواجه مصير بوكو.

في 1992 حقق تراوري التاريخ أخيرا وساهم في فوز كوت ديفوار بأول ألقابها على حساب.. غانا!

فكما كانت غانا مصدرا لآلام الإيفواريين قبل أكثر من عقدين، باتت بوابة المجد في مباراة نهائية لم تشهد أهدافا، واحتاجت إلى 12 دورة من ركلات الترجيح حتى يحسمها الإيفواريون 11-10.

في تلك البطولة سجّلت كوت ديفوار هدفا واحدا بالوقت الأصلي طوال 5 مباريات، وابتسمت لها ركلات الترجيح بالدورين نصف النهائي والنهائي.

ركلات الترجيح نفسها كانت سببا في خروجهم من نصف نهائي 1994 أمام نيجيريا، ومن ربع نهائي 1998 أمام مصر.

مع بداية الألفية، ودعت كوت ديفوار المنافسة مرتين من الدور الأول، قبل أن تفشل في التأهل لنسخة 2004 من الأساس.. كان هذا الهدوء الذي يسبق العاصفة.. عاصفة دروجبا وبقية الجيل الذهبي.

بمنتخب خارق قد لا يتكرر، وصلت كوت ديفوار لنهائي 2006 أمام المضيفة مصر، وكالعادة، فوجود الأفيال بالمباراة النهائية يُلزِم الاحتكام لركلات الحظ.. ومصر من توجت يومها بالطبع.

في تلك النسخة خاضت كوت ديفوار واحدة من أسوأ المباريات في التاريخ القاري أمام الكاميرون، المنتخبان قدّما درسًا في الملل على ملعب الكلية الحربية بالدور ربع النهائي، مللٌ امتد إلى 12 دورة من ركلات الترجيح، حسمه إيتو بأن سدد في سماء حي مصر الجديدة، وسمح لغريمه دروجبا بخطف بطاقة العبور إلى المربع الذهبي.

2008 و2010 كان عنوانهما: شجاعة مصرية وجزائرية تقف أمام جيل كوت ديفوار الخارق، ليتأجل حلم دروجبا بالتتويج إلى 2012، حيث واجهت كوت ديفوار نظيرتها زامبيا في ظهورها الثالث بالمباراة النهائية في تاريخها، ولا داعٍ لإعادة سرد السيناريو، المباراة ستنتهي 0-0، وستنتقل لركلات الترجيح.

ماراثون آخر من 9 ركلات أعلن عن بطل جديد بتتويج زامبيا تحت قيادة هيرفي رينار، الذي لن يكتفي بقهر كوت ديفوار، بل سيتكفّل شخصيًا بقيادتها نحو اللقب الغائب بعد 3 أعوام.

ولسوء الحظ، لم يكن دروجبا حاضرا في نسخة 2015 ليتوج تاريخه الأسطوري مع كوت ديفوار، لكن زملاءه تكفلوا بالمهمة، وقادوا المباراة النهائية إلى تعادل صفري جديد وركلات ترجيحية طويلة أخرى.

كوت ديفوار تحافظ على تقاليدها في المباريات النهائية، تنهيها جميعها 0-0، وتدفعها نحو ركلات الترجيح، وحتى تفوز باللقب، فالمنافس يجب أن يكون غانا.

فبعد 23 عاما من التتويج بركلات الترجيح على حساب غانا، عاد الإيفواريون ليكرروا السيناريو في 2015 بماراثون من 11 دورة، لتحصد كوت ديفوار لقبها الثاني من براثن نفس المنتخب الذي أوجعهم للغاية في حقبة الستينيات.

لعنة حامل اللقب طالت منتخب كوت ديفوار ليخرج من الدور الأول في النسخة التالية، 2017.

وفي 2019 خرج الأفيال على يد الجزائر في ربع النهائي بركلات الترجيح.

وظلت ركلات الترجيح تقف في وجه كوت ديفوار وهذه المرة أمام مصر، في النسخة الأخيرة.

سر اللقب.. الأفيال

ببساطة، كوت ديفوار هي ساحل العاج (في أبريل 1986 قررت حكومة الدولة اعتماد إسم "كوت ديفوار" كمسمى لها بكل اللغات بدلاً من ترجمة مصطلح "ساحل العاج" لبقية اللغات كما كان يحدث سابقاً).

والعاج الذي استمدت البلاد منه اسمها يأتي من الأفيال التي تمثل رمز الدولة.. وانتقل هذا الرمز ليصبح مسمى Les Éléphants "الأفيال" هو اسم شهرة المنتخب الإيفواري.

حيرة لذيذة

سيواجه الفرنسي جيان لوي جاسكيه مدرب كوت ديفوار حيرة كبيرة حين يختار الثلاثي أو الرباعي الأمامي بين 10 لاعبين، معظمهم يتألق مع فريقه في أوروبا.

سيباستيان هالر (بروسيا دورتموند الألماني)، وكريم كوناتيه (سالزبورج النمساوي)، سيمون أدنجرا (برايتون الإنجليزي)، جوناثان وبامبا (سلتا فيجو الإسباني)، وعمر دياكيتيه (رينس الفرنسي)، ونيكولا بيبي (طرابزون سبور التركي)، وجيريمي بوجا (نيس الفرنسي)، وكريستيان كواميه (فيورنتينا الإيطالي)، وجان-فيليب كراسو (رد ستار الصربي)، وماكس آلان جراديل (غازي عنتاب التركي).

هؤلاء هم أفراد الكتيبة الهجومية التي تتسلح بها كوت ديفوار في مهمة التتويج باللقب بين جماهيرهم.

وتواجد الثنائي سيباستيان هالر وسيمون أدنجرا رغم الإصابات، حيث أوضح المدير الفني أنه يعلم بالمخاطرة في ضم الثنائي.

وشهدت القائمة 3 مفاجآت وهي عودة نيكولاس بيبي وإسماعيلي ديالو ولازاري أماني لارتداء قميص الأفيال.

قوائم أمم إفريقيا - عودة بيبي وتواجد هالر وأدنجرا رغم الإصابة في كوت ديفوار.. وغياب زاها

مجموعة قد لا تخلو من المفاجآت

في المجموعة الأولى بكأس الأمم الأفريقية بجانب منتخبات نيجيريا وغينيا بيساو وغينيا الاستوائية.

يبدأ منتخب الأفيال مشواره في البطولة بلقاء الافتتاح ضد غينيا بيساو يوم 13 يناير.

وذلك قبل المواجهة النارية ضد نيجيريا يوم 18 يناير، وهي مباراة قد تحسم هوية المتأهل لدور الـ16 مبكرا، وقد تعقد مصير أحدهما أو كلاهما.

وينهي المنتخب الإيفواري مشواره في مرحلة المجموعات بمواجهة غينيا الاستوائية يوم 22 يناير.

فهل يكرر أحد لاعبي نيجيريا أو غينيا بيساو أو غينيا الاستوائية مع فعله طاهر أبو زيد ويبخر أحلام الإيفواريين مبكرا، أم تدهس الأفيال الجميع؟

التعليقات