كتب : أحمد وليد | الخميس، 22 ديسمبر 2022 - 21:21

ليونيل ميسي: ماذا لو؟

ليونيل ميسي ولقب كأس العالم في أرض الأرجنتين

أصبحنا نرى حاليًا كلمة "ماذا لو" بكثرة بعد تحقيق ليونيل ميسي كأس العالم 2022. يعتقد كثير من الأشخاص أنه لو كان قد حقق ميسي كأس العالم 2014 في الماراكانا لأصبح بطل العالم مرتين: 14 و22.

بكل تأكيد أي جملة تأتي بعد كلمة "لو كان وماذا لو" لا تعني أي شيء بتاتًا وجميعها مجرد افتراضات وتكهنات فقط لا غير. ولكن ماذا لو كان ميسي قد حقق مونديال 2014 بالفعل، هل كان سيفوز بمونديال قطر من الأساس؟ عِدة عوامل ستُجيب على هذا السؤال.

أولآ، بالتأكيد اللاعب أو الجيل من المنتخب غير مطالبين بتحقيق كأس العالم أكثر من مرة لصعوبة تحقيقها مرتين في فترة زمنية قصيرة، أي من الصعب أن تفوز ببطولتي كأس عالم في آخر نسختين أو ثلاثة لعبتهم مثلًا.

فرضنا أن ميسي قد حقق مونديال 2014، بالتأكيد لما كان أصبح عليه نفس الضغوط الكبيرة التي كانت على عاتقيه في 18 و22 وأنه أصبح غير مطالب بتحقيق البطولة في أي منهما لأنه غير مطالب بتحقيقها مرتين لأنه ببساطة حققها بالفعل.

بالتالي لن يكون لدى ميسي نفس الحافز القوي الذي كان لديه لتحقيق مونديال قطر، لا هو ولا فريقه ولا حتى الجماهير الأرجنتينية التي كانت السبب الأول في تتويج الأرجنتين بالبطولة في المقام الأول.

ولنكن صريحين فإن فريق الأرجنتين على الرغم من تحقيقهم للبطولة الأعظم إلا أنه لا يزال هناك عِدة منتخبات أقوى من المنتخب الأرجنتيني من حيث الجودة والعناصر. نقاط القوة لمنظومة منتخب الأرجنتين الحالية والسبب في تحقيقهم للمونديال هي الروح القتالية والدافع والحافز لتحقيق كل شيء وتماسك المجموعة كالعائلة.

السبب الأهم الذي أعطى لاعبي منتخب الأرجنتين الحماس والدافع ليحققوا البطولة والقتال عليها إلى آخر ثانية في المقام الأول هو ليو ميسي لموته شوقًا لتحقيقها بأي طريقة، وأيضًا قتالية الجماهير التي طفح كيلها من الصبر والانتظار لمدة 36 عامًا لترى منتخبها الوطني يحقق البطولة الأغلى في التاريخ.

رأينا تصريحات رجال المنتخب الأرجنتيني قبل المونديال وحتى قبل كوبا أمريكا 2021 توحي لك بأنهم يريدون تحقيق الألقاب لأجل ميسي وبلادهم وليس لأجل أنفسهم، لذلك رأيناهم يقاتلون لحظة بلحظة وثانية بثانية لتحقيق رغبة ميسي والمشجعين، لأن رغبة ميسي والجماهير هي رغبة رجال المنتخب.

من العوامل الأخرى بجانب الحافز لدى ميسي، هي حِدته واستمراره مع المنتخب الأرجنتيني، جميعنا لاحظنا تراجع أداء ميسي بين موسمي 2013 و2014، تراجع مستواه بشكل كبير وزاد وزنه وأصبح يُصاب كثيرًا. وكان يمر بفترة سيئة بسبب سوء تغذيته وضعف كتلته الجسدية، وكأنه تشبع من لعب كرة القدم ولم يعد لديه الشغف القوي للعب والاستمرار بنفس الحماس.

حتى أتت صاعقة ملعب ماركانا من ماريو جوتزه مع ألمانيا في مونديال 2014، رُب ضارة نافعة وكانت ضربة الماركانا والخروج بموسم صفري مع برشلونة هي ما أفاقت ميسي وأعادته إلى الواجهة من جديد. فبعد نهاية كأس العالم 2014، بدأ ليونيل خطة جديدة لإنقاذ مسيرته وتعاقد مع أخصائي تغذية مدرب لياقة خاص واتبع نظام غذائي جديد ليخسر حوالي 10 كيلوغرام من وزنه.

انطلق ميسي من جديد في عام 2015 بنظام جديد لحياته وحقق موسم تاريخي في هذا الموسم وحقق الخماسية مع برشلونة وحصد البالون دور في نهاية الموسم. وعِندها رأينا ميسي جديد ببِنية جديدة وجسم مختلف ورغبة في الاستمرار لتحقيق الأمجاد من جديد. تطور ميسي من عِدة نواحي منها الحالة البدنية وأيضًا الفنية، فقد أصبحنا نراه يأخذ دور صانع الألعاب أكثر فأكثر بجانب تسجيله للأهداف حتى أصبح لاعبا شاملا كليًا يفيدك في كل شيء وتراه في كل مكان، إذا لم يسجل فستراه يصنع ويبدأ الهجمات من البداية وينهيها هو بنفسه. وأيضًا تطوره المرعب والرهيب في الركلات الحرة، أصبح ميسي من لاعب نادرًا ما يُسجل ضربات حرة إلى أفضل مسدد للركلات الحرة في العالم ومن الأفضل في التاريخ، كل هذا بعد 2014.

أيضًا تطور ميسي من ناحية عقليته وشخصيته وأصبح أكثر تنافسية وأصبح يظهر بدور القائد مع الوقت حتى لو حدث ذلك متأخرًا. على الرغم من خسارته لأربع نهائيات مع المنتخب الأرجنتيني، واعتزاله دوليًا مُعلنًا استسلامه بعد كوبا أمريكا 2016، إلا أنه تم دعمه من جميع لاعبي المنتخب والجماهير مما جعله يعيد التفكير في الأمر. وأصبحنا نرى فيه شخصية قيادية أكثر من الشخصية الخجولة المعتادة التي كنا نراها في السابق. وأصبح أكثر عدوانية لأجل منتخب بلاده وزملائه وشعب الأرجنتين.

ربما جميع تلك التطورات والتغيرات التي حّلت على ميسي ما كنا لنراها لو كان قد حقق مونديال البرازيل، ربما لو حققها كنا سنرى لاعبا متشبعا ليس لديه الحافز القوي للمواصلة لأنه حقق كل شيء يمكن تحقيقه في مسيرته في وقت مُبكر جدًا، وربما قد تأجل هذا الانتصار العظيم لثمانية أعوام لكي نشهد قِصة كفاح وتحدي وريمونتادا عظيمة لمسيرة لاعب مع منتخبه نتغنى بها ونحكيها لسنوات وسنوات في المستقبل.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات