الرحيل المفاجئ.. "هروب أم حق مشروع"؟

الإثنين، 15 مارس 2021 - 21:04

كتب : زكي السعيد

باتريس كارتيرون - حسام البدري - إيهاب جلال - حمادة صدقي

"حمادة صدقي يشرب المقلب ويعود أدراجه للقاهرة"

عنوان جريدة فجر سبورت السودانية كان قاسيا، ربما حتى غير مهني في اختياره لألفاظه، لكنه كان دون شك صوتًا لجماهير نادي الهلال.

حمادة صدقي، وبعد سفره إلى السودان لتولي تدريب الهلال في ولاية ثانية، عاد سريعًا إلى القاهرة دون أن يكتمل التعاقد بعد تراجع الإدارة نزولا عند رغبة الجماهير الغاضبة.

ترجع أصول الأزمة إلى يناير من العام الماضي، عندما رحل المدرب المصري عن الهلال بشكل مفاجئ لتولي تدريب سموحة.

وقتها وصف أشرف الكاردينال رئيس نادي الهلال هذا القرار بـ "الهروب"، ودخل في حرب كلامية عنيفة مع صدقي.

رجل الأعمال السوداني الذي رحل بعدها بأشهر عن الهلال على خلفية العقوبات التي وقّعتها عليه الولايات المتحدة الأمريكية لتورطه بأعمال فساد، اختار بدوره كلمات عنيفة للغاية في توصيف صدقي أثناء مداخلة هاتفية شهيرة مع مدحت شلبي.

وصدقي الذي اشتهر دوما بطبيعته الهادئة كلاعب ومدرب وبنبرة صوته المتزنة، ارتفع صوته وانفعل وطالب باعتذار من الكاردينال.

ومع ارتباط اسم صدقي بتدريب الهلال مجددا الشهر الماضي، بل وسفره حتى إلى السودان، كان النبأ مفاجئا بسبب الطريقة التي انتهت عليها العلاقة في العام الماضي.

بالطبع غضب جماهير الهلال حال دون إتمام الصفقة ودفع إدارة الهلال إلى الاعتذار لـ صدقي.

لكن.. واقعة أخرى تكاد تكون شبيهة تماما حدثت هذا الأسبوع، بعودة باتريس كارتيرون إلى الزمالك.

المدرب الفرنسي أنهى تعاقده مع الزمالك بشكل مفاجئ مباشرة قبل مرحلة نصف النهائي لدوري أبطال إفريقيا، وعاد بشكلٍ مفاجئ أيضا خلفا لـ جايمي باتشيكو الذي تولى نفسه في فترة عصيبة من الموسم الماضي.

وهنا وجدنا أنفسنا أمام تساؤل لا مفر منه، في أي خانة يجب تصنيف المدرب الذي يرحل عن فريقه فجأة أثناء الموسم لتدريب فريق آخر؟

"هارب" كما قالها الكاردينال ومرتضى منصور صريحةً، أم مُنفذ لحق مشروع يكفله له تعاقده؟

....

في موسم 2017\2018، أقال بايرن ميونيخ مدربه كارلو أنشيلوتي بشهر سبتمبر، أي بعد انطلاق الموسم بالفعل بعدة أسابيع.

واختيار كارل هاينتس رومينيجيه وأولي هونيس وبقية القيادة البافارية، وقع على نيكو كوفاتش المدير الفني لـ أينتراخت فرانكفورت وقتها.

وصحيح أن بايرن ميونيخ هو النادي الأعظم في ألمانيا، وأحد أعظم أندية أوروبا والعالم، وهو النادي الذي لعب له كوفاتش وشقيقه لسنوات، لكن كل تلك العوامل لم تكن كافية لفسخ تعاقد كوفاتش فجأة لتدريبه.

وبالتالي اضطر بايرن إلى إعادة العجوز يوب هاينكس من الاعتزال لإدارة الفريق حتى نهاية الموسم، وانتظار الصيف التالي حتى ينتقل كوفاتش من فرانكفورت إلى بايرن.

وفرانكفورت –مع كامل الاحترام- هو نادٍ لا يُقارَن بـ بايرن، فريق منتصف جدول لا يمتلك إنجازات حقيقية منذ 50 عامًا على الأقل، ومجرد تواجده في الدوري الممتاز هو إنجاز في كثير من الأحيان.

تلك المقارنة التي يميل فيها المؤشر بشكل عنيف صوب بايرن، لم تعطه أي أسبقية أو حق في انتشال مدرب من فريقه بمنتصف الموسم.

الغرابة لم تتوقف عند ذلك الحد، بل قاد كوفاتش نفسه فريق فرانكفورت للفوز على بايرن ميونيخ في نهاية الموسم بكأس ألمانيا، ليحصد الفريق لقبه الأول منذ 30 عامًا في المباراة الأخيرة لـ كوفاتش قبل تدريب بايرن.

وفي الموسم الحالي، تكرر الأمر في ألمانيا أيضا عندما أقال بوروسيا دورتموند مدربه لوسيان فافر، ووقع الاختيار على ماركو روزه مدرب بوروسيا مونشنجلادباخ كخليفة للسويسري.

ودورتموند الذي يخوض ما تبقى من الموسم دون مدرب تقريبا، إذ يقوده الشاب المغمور إدين تيرزيتش –الذي أشك أن أغلبكم استطاع حفظ اسمه-، لم يكن خيارا بالنسبة له أن يستقدم روزه مباشرةً.

بل ما حدث أن مونشنجلادباخ أعلن في بيان رسمي أن روزه سيرحل عن الفريق بنهاية الموسم لتولي تدريب دورتموند، وحتى ذلك لم يكن مُرضيا لكثير من جماهير مونشنجلادباخ التي عبرت عن غضبها من الخطوة التي تم حسمها تفاوضيًا وتعاقديًا أثناء الموسم، وليس حتى إتمامها فعليًا.

عودة إلى المحلية

بالعودة إلى الكرة المصرية، لن يكون سرا أن النقيض هو الوضع القائم، فالمدربون يأتون ويرحلون كيفما ووقتما شاءوا، ثم يرحلون ويعودون أينما وكلما أرادوا.

طارق العشري المدير الفني التاريخي لـ حرس الحدود وصانع أمجاده، رحل بشكل مفاجئ عن الفريق في الموسم الماضي لخلافة إيهاب جلال في تدريب المصري.

ولا تحتاج إلى أن تكون خبيرا حتى تعرف أن هذا الرحيل المفاجئ كان سببا رئيسا في هبوط حرس الحدود لاحقا بالرغم من كل العوامل الأخرى وعلى رأسها فيروس كورونا.

فالفريق الذي لا يقوم على ميزانية كبيرة، أمله تعلق في رقبة العشري الخبير البراجماتي من أجل البقاء بين الكبار فحسب، وبالتالي فرحيله أثناء الموسم لم يكن أبدا في صالح الفريق.

ولكننا لسنا بصدد الحديث عن رحيل العشري، وإنما عن عودته في نفس الموسم بعد رحيله عن المصري... أو، نحن بصدد الحديث عن رحيله مجددا بعد عودته بعد رحيله عن المصري!

وبين هذا الرحيل وذاك الرحيل، كان محمد حليم في المواجهة يتحمّل المسؤولية دون أن يكون مهيئا أو جاهزا تماما لها بالمناسبة.

فهل كانت عودة العشري استثناءً من إدارة حرس الحدود لأنه اسم ليس كأي اسم، أم أن قرار مماثل يسري على أي مدرب؟

على ما يبدو، فإن مسألة عودة المدربين في مصر إلى أنديتهم السابقة بعد رحيلهم عنها ليست بالحدث الجلل.

يقول زكريا السيد الرئيس السابق لـ إنبي في حديثه لـ FilGoal.com: "لو ظلت العلاقة طيبة بين النادي والمدرب وكان الاحترام مسيطرا حتى لو حدث اختلاف في توقيت الرحيل، فبالطبع يمكن أن يعود مجددا، اسم إيهاب جلال طُرح لتولي إنبي مجددا عدة مرات بعد رحيله".

في 2017 وبعد إنجازه التاريخي مع مصر للمقاصة، تولى إيهاب جلال تدريب إنبي في مغامرة جديدة "كان من المفترض أن يعمل ينفذ فيها خطة طويلة الأمد" وفقا لما يشرحه زكريا السيد.

وبعد هزيمة واحدة فقط في 12 مباراة بالدوري وسلسلة من النتائج الرائعة، انهار مخطط إنبي عندما قرر جلال التحوُل لتدريب الزمالك.

حاولنا أن نعرف ما إذا كان زكريا السيد يحمل في داخله مشاعر سيئة تجاه هذا القرار، لكنه أظهر روحا رياضية كبيرة وشدد: "هذا هو الاحتراف وكل شخص ينظر لمصلحته، كما أن طموح تدريب الأهلي أو الزمالك ليس فيه مشكلة، ربما لو رحل لفريق آخر لكان الوضع أصعب".

وشدد: "رحيله كان مفاجأة لنا، هذا صحيح، لكن دون مشاكل كبيرة، خصوصا أن تصريحاته لاحقا عن الإدارة كانت مليئة بالاحترام".

وعندما قلبنا الآية، وسألنا زكريا السيد عما إذا كانت فكرة "خطف" مدرب من ناديه كانت مطروحة على طاولة إدارته، أجاب بحزم: "إطلاقا! لا نقبل ذلك ولا نفعله! لا نتفاوض مع مدرب مرتبط بنادٍ آخر، لا يمكن أن نقوم بذلك أبدا".

....

في حديث زكريا السيد، ولو دققنا بين السطور، فإننا نجده مرحبا بفكرة رحيل مدرب من أجل الأهلي أو الزمالك.

هناك حيث المال والجاه والبطولات واللاعبين العظماء والتغطية الإعلامية، وفوق ذلك الطموح الكروي بالطبع. لكن ماذا لو كانت تلك الفكرة نسبية؟

بمعنى أن الكبير هناك دائما أكبر منه، على الأقل في وجهة نظر أخرى.

البرتغالي جوزيه بيسيرو تولى تدريب الأهلي في أكتوبر 2015، لكن أسابيع قليلة مرت بعد ذلك حتى تقدّم باعتذاره لمجلس الإدارة وقرر الرحيل فجأة لتدريب بورتو.

بالطبع بالنسبة لمشجع أهلاوي، لا بورتو ولا حتى برشلونة سيكون سببا منطقيا حتى يهجره مدربه فجأة.

لكن بالنسبة لمدرب برتغالي، ففرصة تدريب أحد أهم ناديين في بلاده والمشاركة في دوري أبطال أوروبا وتحقيق النجاح بين شعبه، كانت فرصة مُغرية لا تُقاوَم، تماما كما كانت فرصة الزمالك بالنسبة لـ إيهاب جلال مثلا، ولكنها بمنظور أكثر اتساعا في هذه الحالة.

وبعد سنوات، خرج بيسيرو وصرح أن رحيله "كان قرارا خاطئا" وأبدى ندمه على رحيله المفاجئ عن الأهلي خلال ظهوره المكثف عبر المحطات المصرية في الأشهر الماضية.

لعله قال ذلك مجاملة للمتلقين الذين يسمعونه، أو لعدم إغلاق الباب أمام فرص وظيفية مستقبلية ربما، لكن السبب الأساسي في قوله ذلك أنه لم يحقق النجاح في بورتو وأقيل سريعا بعد عدة أشهر.

...

حالة أخرى تتعلق بالأهلي أكثر جدلا وشهرة ربما، هي التي تخص حسام البدري المدير الفني الحالي لمنتخب مصر.

البدري الذي لم يقد الأهلي إلى التتويج القاري فحسب خلال ولايته الثانية وإنما أيضا تقديم كرة قدم جذابة وممتعة للغاية، تنازل عن عرش القلعة الحمراء في مايو 2013 وتحوّل لتدريب أهلي طرابلس الليبي.

تصرف دفع لجنة الكرة في الأهلي بقيادة حسن حمدي لإصدار بيان وصف تصرف البدري بـ "غير المسؤول" وأنه "لا يليق بأبناء الأهلي".

ومع تغيُر الإدارة وقدوم محمود طاهر، فُتح الباب أمام عودة البدري، ثم فُتح الباب أمام رحيله أيضا عندما عادت الإدارة السابقة لسدة الحكم ولم تشفع له إنجازاته في الولاية الثالثة ونتائج الأهلي المستقرة تحت قيادته.

وبعيدا عن رحيل البدري وعودته ورحيله، فلماذا يرحل المدربون فجأة؟ أو دعونا نعيد صياغة السؤال بطريقة أوضح: لماذا لا يوضح المدربون أسباب رحيلهم فجأة؟

فبينما كان مستقبل البدري مع الأهلي غامضا، خرج ساسي بوعون رئيس النادي الليبي مؤكدا أن البدري اتفق على تدريبه بالفعل، بل واختار حتى جهازه المعاون.

في المقابل علل البدري رحيله بأسباب عائلية خاصة تتعلق بتمديد إقامته في كندا، ربما ذلك أقصى ما كان يمكن أن يصرح به المدرب المصري الخبير وقتها.

لكنه في المقابل تلقى وعودا من الجانب الليبي بصلاحية كاملة وتنفيذ كامل لأوامره فيما يخص التعاقدات، كما تلقى زيادة في راتبه الشهري تقدر بنصف مليون جنيه، مغامرة لم تكتمل بالطبع بعد حادثة إطلاق النيران على سيارة البدري وسط وضع أمني متدني في ليبيا وقتها.

فإذا كان التعلل بأسباب عائلية احتراما للجمهور وحرصا على عدم إغضابه، فماذا سيكون وضع الجمهور عندما يرى مدربه يتولى تدريب فريق آخر باليوم التالي؟

بالبقاء مع نفس هذا التساؤل، وبالانتقال إلى القطب الآخر: الزمالك، فـ باتريس كارتيرون الذي رحل فجأة عن القلعة البيضاء لتدريب التعاون، كان قد عوّض في الأساس الصربي ميلوتين سريدويفيتش "ميتشو" الذي كان قد رحل بشكل مفاجئ بدوره عن أورلاندو بايرتس لتدريب الزمالك!

وكأننا ندور في حلقة مغلقة إذًا، وحتى عندما رحل ميتشو عن أورلاندو ماذا كان تعليله؟ نعم، تماما مثل غالبية من يرحلون عن أنديتهم فجأة: أسباب خاصة.

في حالة ميتشو كان مبرره لإدارة أورلاندو بايرتس أنه يحتاج للتواجد مع والدته المصابة بسرطان الثدي.

فلويد مبيلي مدير أورلاندو صرّح وقتها: "رحيل ميتشو صدمنا، لكن لا يمكننا فعل شيء خصوصا عندما يكون رحيله لأسباب خاصة".

وبينما كان جمهور الزمالك يرسم الآمال في مخيلته بشأن المدرب الصربي الجديد المُلقَب بـ "الذئب"، كانت جماهير أورلاندو في أقصى جنوب القارة تستشيط غضبا.

رحيل ميتشو خلّف دون شك غضبا عارما في إدارة أورلاندو، لدرجة ظهور تقارير صحفية وقتها تربط بين رحيل ميتشو وفضيحة جنسية مع إحدى العاملات في الفندق الذي أقام به، بعد أن طالبها بإقامة علاقة معه.

بالطبع جماهير الزمالك كانت في منأى عن كل تلك الفوضى، تماما كما كانت جماهير التعاون تتطلع إلى المستقبل عند التعاقد مع كارتيرون.

...

هذا يدفعنا للتساؤل، هل يكون رحيل المدرب فجأة طبيعيًا عندما تكون وجهته فريقك؟

الأهلي بعد انفصاله عن البدري للمرة الأخيرة، توجّه إلى كارتيرون الذي لم يكن متفرغا بالمناسبة، بل قاد وقتها فونيكس رايزنج الأمريكي.

وبعد عدة سنوات وعندما بحث الأهلي عن تعويض ريني فايلر، توجّه إلى بيتسو موسيماني الذي أيضا لم يكن متفرغا، بل كان على رأس القيادة الفنية لـ ماميلودي صن داونز لسنوات طويلة.

وصحيح أن رحيل كارتيرون عن فونيكس، أو موسيماني عن صن داونز، لم يخلّف سخطا وحنقا لأنه تم بطريقة ودية مع إدارة الأهلي، لكن في نهاية الأمر، كلاهما كان مرتبطا بتعاقد مع ناديه.

...

تغيير الإدارة

ولا شك أن تغيير الإدارة في أي نادٍ هو عامل مهم يسمح بعودة المدربين السابقين الذين كان انفصالهم غير ودي لو أردنا تلطيف اللفظ.

فإدارة طاهر هي التي أعادت البدري بعد رحيله خلال حقبة حسن حمدي، ولجنة الزمالك المؤقتة هي من أعادت كارتيرون بعد رحيله وقت مرتضى منصور.

أمير مرتضى منصور المشرف العام السابق على الكرة في الزمالك صرّح عبر FilGoal.com في رد فعل سريع بعد عودة كارتيرون: "لقد خان النادي وتركنا دون أي مبرر".

هذا يذكرنا بالطبع بالتصريح الشهير لـ مرتضى منصور عندما قال أحمد حسام ميدو أن "كارتيرون خرج من الباب الخلفي"، فقاطعه رئيس الزمالك قائلا: "لا، بل قفز كارتيرون من النافذة".

ولو كانت الإدارات تتغيير، فالجماهير ثابتة لا تتبدل، وليس سرا أن طرح اسم كارتيرون جلب ثورة غاضبة من جماهير الزمالك حتى صار الأمر واقعا وبات دعمه سلوكا طبيعيا لأي مشجع مغلوب على أمره.

لكن بعض الإدارات تتعامل مع الرحيل المفاجئ بشكل شخصي، وتغلق الأبواب وتُكدّس الحواجز في وجه أي عودة محتملة.

الإسماعيلي الذي يصارع حاليا لتجنب الهبوط، كان ينافس على لقب الدوري في ديسمبر 2017 عندما قرر مدربه الفرنسي سيباستيان ديسابر الرحيل فجأة لتولي تدريب منتخب أوغندا.

من وقتها عرف الإسماعيلي سقوطا حرا، فلم يعد رحيل ديسابر جارحا لكبرياء الدراويش فحسب، بل سهما نافذا في مسيرة الفريق التي انحدرت تدريجيا إلى يومنا هذا.

رغم ذلك، وقبل شهرين ونصف فقط من كتابة هذا التقرير، كان اسم ديسابر مطروحا للعودة إلى الإسماعيلي.

FilGoal.com علم أن أشخاص داخل إدارة الإسماعيلي اقترحوا عودة ديسابر، لكنهم قوبلوا برفض شديد من إبراهيم عثمان رئيس النادي الذي لم ينس ما حدث قبل 3 سنوات.

...

وإن كنت تعتقد أن الدوري المصري الممتاز يمتلئ بتغيير كثيف للمدربين زائد عن الحد، فأنت لم تتابع أخبار الدرجة الثانية.

محمد صلاح نجم ومدرب الزمالك السابق، صعد بنادي مصر (زد حاليا) إلى الممتاز، ثم تحوّل لتدريب منتخب السويس بداية الموسم الماضي، قبل أن يتركه لتدريب الترسانة الذي تركه لتدريب النجوم الذي تركه لتدريب طنطا.

وبين ذلك، كان قد اتفق مع القناة لتولي تدريبه أثناء ولايته في الترسانة قبل أن يعتذر عن عدم إتمام الخطوة.

FilGoal.com توجّه إلى أحمد حنفي عضو مجلس إدارة منتخب السويس الذي شرح: "هناك فارق بين الرحيل المفاجئ والهروب، فلو هرب المدرب لن يعمل معنا مرة أخرى، لكن لو قدّم أسباب وأعذار للنادي فلا مشكلة".

وأضاف حنفي: "في حالة محمد صلاح، فقد أخبرنا أنه سيدفع الشرط الجزائي ليرحل، وقد استمر معنا وأدار مباراة جمهورية شبينة قبل أن يتحول لتدريب الترسانة".

وكشف: "إذا سمحت الظروف بعودته فليس هناك مانع".

...

العقود

نحن في 2021، ولا تزال بعض الأندية تعتمد على كلمة الشرف في تعاقداتها مع مدربيها.

في الموسم الماضي، حدثت واحدة من حالات الرحيل المفاجئ التي شغلت كثيرا من ساعات الهواء في البرامج الرياضية المسائية.

31 أغسطس 2020: أحمد سامي يتولى تدريب طنطا

6 سبتمبر 2020: أحمد سامي يرحل عن تدريب طنطا

7 سبتمبر 2020: أحمد سامي يتولى تدريب سموحة

بالطبع لم يمر الأمر مرور الكرام على فايز عريبي رئيس طنطا الذي لم يتهم سامي بطعن طنطا في وقتٍ حرج من حربه للبقاء بين الكبار، بل التفاوض مع إدارة سموحة أثناء التواجد في الإسكندرية لمواجهة الاتحاد يوم 3 سبتمبر!

وربما موضوع تولي تدريب فريق لمدة أسبوع ثم الرحيل فجأة يصلح لتقرير مطوّل آخر لما يحمل في طياته من عجائب وغرائب، لكن هذا ليس موضع حديثنا في الجزء الأخير من التقرير.

ما حدث أن سامي لم يوقّع على عقد مع طنطا من الأساس، وبالتالي لم يكن مرتبطا بأي شرط جزائي عندما قرر الرحيل فجأة.

عريبي برر عدم وجود عقد بما يلي من كلمات: "ما هي قيمة العقد؟ ضمان حقوق مادية؟ ماذا إذا وقّعت على شرط جزائي ثم جاءك عرض أفضل لك ولظروفك الأسرية، هل أستطيع إجبارك وقتها على الاستمرار تحت إرهاب الشرط الجزائي؟ كيف أجبر أحدا على العمل في فريقي بالإكراه؟".

"يجب أن يكون هناك أدبيات واحترام كلمة بين الناس، رئيس سموحة لم يرفع حتى سمّاعة التليفون لإخباري".

"ما الغرض من العقد؟ إثبات أنه مدرب الفريق؟ اسمه موجود في ورقة المباراة والكل يراه يقود الفريق، الالتزام الأدبي يجب أن يكون أقوى من العقد".

الآن وقبل أن نعاتب المدرب على خذلان لاعبيه والفرار من مسؤوليته وما إلا ذلك، أليس توقيع عقد يحتوي على شرط جزائي هو أقل حقوق النادي وجماهيره تجاه الإدارة؟

في هذا التقرير، لم نجب بشكل قاطع على التساؤل الذي طرحناه في العنوان: هارب أم مستغل لحق يكفله له العقد؟ هذا لأن الإجابة سيحددها القارئ وحده بعد أن عُرضَ أمامه الوضع من أغلب جوانبه.

...

*ساهم في التقرير: بسام أبو بكر – أحمد شاكر – رضا السنباطي

التعليقات