كتب : نادر عيد | الثلاثاء، 25 فبراير 2020 - 10:19

البقاء لله

لاعبو الأهلي في استاد القاهرة للقاء الزمالك

"الإنسان هو إنسان فقط إذا استطاع أن يقاوم ما يحب ويتحمل ما يكره، وهو إنسان فقط إذا ساد عقله على بهيميته وإذا ساد رشده على حماقته، وتلك أول ملامح الإنسانية في الإنسان".. الدكتور مصطفى محمود

ونحن نعشق الفوز، لكن لا نقبل أبدا الهزيمة، رغم أن هذه رياضة وليست حربا.

ولو على سيادة العقل على البهيمية، فالكل يعرف الإجابة!

الحماقة طاغية، والسب والشتم هنا وهناك، وفضيحة جرت في بلد لم يكن موجودا حين بدأ المصريون ممارسة كرة القدم.

قبل أن يقتلوها..

نحن لا نستحق كرة القدم، فهذه اللعبة الجميلة هي لأولئك الذين يقدمون أخلاقهم على تنافسهم فيتصافحون ويتعانقون بعد أن يسبق أحدهما الآخر نحو الهدف.

لقد قتلناها، كلنا قتلناها، لن أتهم أحدا بشخصه وإن تفاوتت المسؤولية، لكن كلنا قتلناها.

مسؤولون غير مسؤولين ولاعبون متعصبون ومدربون سبوبة وجمهور شتام وإعلاميون منحازون وصحفيون ينقلون كل ذلك ومعلقون مزعجون، كلنا اغتلنا هذه اللعبة.

لم يعد لها مكان في المحروسة.

إن ما حدث في أبو ظبي هو نتاج طبيعي لشحن وكراهية وضغينة تملأ النفوس التي ترى القبح يوميا في تصريحات عدائية استفزازية لمسؤولين ودعوى للتعصب عبر الفضائيات وسب وقذف لا حصر له في الإنترنت.

لقد دخل محمود كهربا المباراة يريد الثأر من مرتضى منصور متمثلا في لاعبي الزمالك، واستفز عبد الله جمعة جمهور الأهلي ردا على من يستخفون بفريقه، وربما بسبب شقيقه!

ثم يأتي قائد، من المفترض أن يكون رزينا حكيما، ليفعل ما فعل من حركة غير أخلاقية، أما القائد الآخر، فيتوعد بالرد في الملعب!

كرة قدم هذه أم معركة بقاء؟

وبدلا من أن يتدخل العقلاء لإطفاء النار بكلمات مناسبة، تجد هذه التغريدة تتحدث عن "التفريط في الحق".

أي حق ضاع من الأهلي على اللاعبين استرجاعه في الملعب؟

هل مطلوب أن يردوا في الملعب على ما حدث بعد السوبر؟ أم أن خسارتهم لمباراة بركلات الترجيح انتزعت منهم حقهم؟

ومرتضى منصور.

لقد قلت فيه ما يكفي، وشرحت كيف وصل وكيف سيواصل في مقالات سابقة.

أنت أول لبنة في جدار التعصب.

تسكب زيتا فوق زيت على نار ملتهبة، لكنك لم تشعلها!

إن كراهية الأهلاوية للزمالك والعكس ليس وليد عهد مرتضى منصور، لا، هذا ظلم.

إن هذا التعصب الأعمى موجود منذ سنوات عديدة لأننا ضيعنا مفهوم الرياضة وحولناها إلى صراع ونزاع، نما وكبر في عهد الفضائيات وأخص مودرن سبورت، وتحول إلى كرة نار تلتهم كل ما في طريقها في عصر فيسبوك وتويتر.

إن ما نعيشه الآن هو الذروة، ذروة التعصب والكراهية والضغينة، ليس فقط بسبب التنافس الرياضي، وإنما لحياتنا الشخصية تأثير كبير على كلامنا وأفعالنا.

وهذه الذروة، وبدون قصد، جعلتنا نقتل اللعبة الجميلة.

المدرجات ستظل خاوية، والكرة المصرية ستزداد رداءة.

أما التعصب، فلا تظن أنه سينتهي، لأنه بات مزروعا في النفوس، وكل متصل بالإنترنت مسموع صوته الآن، وكأن الملايين يجلسون في مقهى واحد يتراشقون ليل نهار.

مع كل خبر وتصريح وفيديو وصورة، سب وشتم وبذاءة!

نفتخر بتاريخنا لكن يضحك الآخرون على حاضرنا، كيف سيصف العالم الفضيحة التي جرت في القاهرة يوم الإثنين؟

بم سيصفوننا؟ ماذا سيقولون عن الكرة المصرية؟

ماذا سيقول الحكم الأجنبي حين يعود لبلده؟

إن الشيء الأقبح والأقذر في مجتمعنا هو التصفيق للباطل، أي باطل، طالما أنه في صالحي ولفريقي وعلى هواي، فأنا معه.

حتى لو كان باطلا.

انظر إلى لاعبي الزمالك قبل المباراة بساعات!

أي موقف ضد الأهلي يعجب الزملكاوية، وأي موقف ضد الزمالك يعجب الأهلاوية، حتى لو كان موقفا مخزيا مسيئا!

حازم إمام يعشقه الأهلاوية، لكن حين كتب هذه التغريدة، وهي حقيقة، هاجمه البعض.

لكن الغالبية لاموه لأنه لم يدافع عن الزمالك!

حازم نجم سابق في الزمالك، لكن هل دوره أمام التلفاز هو الدفاع عن الزمالك أم قول الحقيقة؟

هل يدافع عن الزمالك أم يلوم من جعل النادي أضحوكة؟

فلنبحث عن القبح في نفوسنا وليس في الآخرين، نحن المذنبون، نحن المذنبون، نحن المذنبون.

نريد الحق فقط إذا كان لنا!

ولذلك، نحن لا نستحق لعب كرة القدم، لأن مبادئنا وأخلاقنا ضاعت.

البقاء لله..

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات