أنطونيو كونتي.. العراب

"لطالما منحت اللاعبين التعليم والاحترام، لكنني أطالب بالمثل، من الجميع من كل من يعمل معي". أنطونيو كونتي.

كتب : إسلام مجدي

الإثنين، 29 أكتوبر 2018 - 14:07
أنطونيو كونتي

"لطالما منحت اللاعبين التعليم والاحترام، لكنني أطالب بالمثل، من الجميع من كل من يعمل معي". أنطونيو كونتي.

الشخصية العنيفة التي تراها على خط الملعب، القائد الذي يحتوي لاعبيه وفي نفس الوقت يعنفهم كثيرا، لا يمكنك أن تناقشه وعليك أن تحترمه، تشعر معه وكأن الفريق أسرة كاملة وكلماته تلهمك، كل ذلك يعبر عن أنطونيو كونتي مدرب تشيلسي السابق، الرجل الذي حقق معجزة بجيل قالت عنه إيطاليا إنه الأسوأ منذ 5 عاما ووصل ربع نهائي اليورو، المدرب الذي دخل في صدام عنيف مع جوزيه مورينيو مدرب مانشستر يونايتد وإدارة تشيلسي، لا يهم الخسائر المهم فرض أسلوبه والاحترام.

شخصية كونتي تكونت على مدار الأعوام، وجدها جيوفاني تراباتوني جوهرة بحاجة للصقل، وقد كان، علم في قرارة نفسه أن أنطونيو سيكون له شأن في عالم كرة القدم، لكنه بحاجة لبعض التعليمات وهو ما يمكنه منحه له. ومن هنا نرصد سويا كيف تكونت شخصية كونتي.

الطفل الملتزم

طفولته لم تكن معقدة، لكن الانضباط والالتزام والقواعد الصارمة هي أساسها البحت، لا يمكنه الابتعاد عن المدرسة، يجب أن يرتب ملابسه جيدا، وبالطبع عليه أن يكون مسؤولا حتى وإن كان في الخامسة من عمره، لن يعفيه سنه من شيء، تلك قواعد والدته الصارمة.

نشأ كونتي ضمن عائلة من الطبقة العاملة، والده كوزيمينو كونتي مدرب كرة قدم بجانب امتلاكه سيارة للإيجار، والدته ربة منزل صارمة للغاية. لذا يمكننا أن نجد صورة شهيرة للغاية للفتى كونتي، حينما كان في الخامسة أو السادسة من عمره، يمسك بالكرة وينظر بصرامة إلى الكاميرا.

كونتي كان طفلا صارما في كل شيء، يلتزم بكل التعليمات بحذافيرها، وذات مرة طلب من والدته تغيير المدرسة.

"طلبت من والدتي أن أغير المدرسة في بداية دراستي، لأنها لم تكن تمنحنا تعليما بشكل كاف، بجانب حلمي بأن ألعب بالكرة وقتا أطول".

"والدي كان مدربا ورئيسا ومديرا عاما لنادي محلي يدعى يوفينتينا ليتشي، اسم النادي بدا وكأنه علامة على مصيري".

طفولة كونتي كانت رائعة، قضى وقت فراغه بالكامل في الشوارع يلعب كرة القدم والتنس، لم تكن هناك الكثير من السيارات أو مخاوف على سلامة الأطفال منها، حينما كان يذهب والده إلى العمل اضطر الطفل الصغير أن يعلم أن المرح ليس أمرا متاحا للطبقة العاملة في إيطاليا في ذلك الوقت، خاصة وأنهم يجب أن يحصلوا على بعض المال الإضافي ليعيشوا حياة جيدة.

"لطالما أردت أن ألعب كرة القدم، كل دقيقة من اليوم، حتى أن الكهنة كانوا يسمحون لنا بلعب الكرة في الفناء الخاص بهم طالما كنا نتصرف بشكل جيد ونقوم بكل واجباتنا ناحية الكنيسة".

والده ترك له انطباعا وحس بالمسؤولية والانضباط والسيطرة، كان رئيسا ومدربا وكل شيء بالنسبة للنادي المحلي، قبل أن ينضم الفتى الصغير لأكاديمية ليتشي.

1991

نشأ كونتي في مدينة ليتشي، ومنذ طفولته كانت لديه معايير حادة للغاية من الاحترافية، وسرعان ما أثبت أنه يمتلك موهبة لا يمكن التشكيك فيها، حاول ليتشي أن يحصل على خدماته، قدم له دعوة ليخضع لفترة معايشة في فريق الشباب، كان في الـ13 من عمره وقتها، والده رفض في البداية.

كانت المخاوف ألا يركز كونتي في دراسته، لكن الفتى صاحب الـ13 عاما وبشكل مستمر ألح كثيرا على والده ووعده باستمرار أن يحافظ على دراسته، ليخضع والده لرغبته أخيرا وبالطبع حصل على المقابل. 8 كرات كرة قدم شرط أن تكون حقيقية وجديدة، كان ذلك مقابل انضمام موهبة كونتي.

سرعان ما اختلط الفتى كونتي "الملتزم والمتزمت للغاية" مع الفريق، لم يكن يحب ما يراه من شباب جيله، كان يتحدث كأنه أكبرهم سنا على الرغم من أنه كان هناك من هم أكبر منه.

قال كونتي عن فئة الشباب :"لم نكن نشبه فريق كرة قدم، كنا كفرقة من المعاتيه، نسبب الضرر أينما ذهبا، وحتى لم يفهم الفريق معنى كلمة التزام".

شباب ليتشي لم يكونوا بالتزام كونتي، في مبارياتهم خارج ملعبهم كانوا أحيانا يضطرون للمبيت خارج المدينة، وحينها يقوم اللاعبين بتنفيذ بعد الخدع والمقالب، الأمر الذي لم يعجب الفتى الصغير كثيرا، لكنه ظل متمسكا بهم ويحاول الحفاظ على تركيزهم، كما حاول كثيرا أن يدفعهم لأن يكونوا مثله، في ذلك الوقت بدأت شخصية كونتي كلاعب تتكون.

في عمر الـ16 ظهر للمرة الأولى في الدوري الإيطالي، في أواخر الشوط الثاني بعد تأكد هبوط ليتشي للدرجة الثانية، لكن منذ ذلك الحين؟ تحول كل شيء ولم يعد هناك مجالا للاستغناء عنه.

قال كونتي عن أوجينيو فاشيتي مدربه الذي منحه فرصة الظهور لأول مرة :"كان مشهورا لما عرف وقتها بالفوضى المنظمة في تلك الحقبة، كان مبدعا للغاية، حينما تدفع بلاعب في عمر الـ16 فهذا يظهر الإيمان بقدراته".

حينما بلغ كونتي الـ20 من عمره، أصبح أساسيا ويرتدي القميص رقم 10، وسرعان ما أصبحت هناك مواجهة مع واحد من أشهر من ارتدوا رقم 10 في تاريخ كرة القدم، دييجو مارادونا.

كارلو مازوني مدربه في ذلك الوقت طلب منه أصعب طلب ممكن، أن يراقب صاحب الـ20 عاما، دييجو ماردونا صاحب الـ29 عاما.

"لم يكن يمكنني حتى غلق عيني ليلة المباراة، كنت مرعوبا".

"بمجرد ما وجدت نفسي وجها لوجه في الملعب مع مارادونا اضطررت لإجبار نفسي وقدمي على ألا أرحل عنه مطلقا، كيف لا يمكنني أن أشعر بكل هذا الخوف ضده؟".

مارادونا لم يسجل هدفا ضد ليتشي، على الرغم من ذلك كونتي، سجل هدفه الوحيد في تاريخه مع ليتشي، محور الارتكاز الإيطالي اخترق دفاعات نابولي واستقبل كرة عرضية ليسجل.

جماهير سان باولو معقل نابولي علموا جيدا أنهم يتعاملون مع موهبة كبيرة للغاية، الفتى يركض فرحا وبجنون ناحية مشجعي ليتشي فاتحا ذراعيه.

في عام 1991، اهتمت عدد من الأندية الإيطالية بضمه، لكن جيوفاني تراباتوني مدرب يوفنتوس كان له الاهتمام الأكبر بخدماته، وسرعان ما تم الأمر، كونتي لم يدرك لكن على غير العادة كان حزينا.

"كنت حزينا للغاية، كان يمكنني الموت على عدم ترك الأولاد، لبدء تلك المغامرة الجديدة، كنا مثل الإخوة، استمريت في سؤال نفسي وقتها إن رفضت، متى ستأتي فرصة مثل هذه مرة أخرى؟".

العام الأول لكونتي كان صعبا للغاية في يوفنتوس، بدأ من الصفر مع أحد أندية الصفوة في العالم، وبعيدا عن أصدقائه وعائلته، المناخ كان دائما إما ضبابي أو ممطر، كان يحب الشمس أكثر. بجانب كل ذلك؟ مشكلة كبيرة في ثقته بنفسه.

لم يكن كونتي منظما في الملعب مثلما كان في ليتشي، متردد وأقرب لارتكاب الأخطاء، في مباراته الأولى كأساسي، ضد موناكو في ودية، أخطأ في تمريرة إلى الحارس تاكوني ليمنح هدفا للخصم. ليصبح فريسة سهلة للصحافة الإيطالية وبالتحديد صحيفة لا جازيتا ديلو سبورت.

"فتحت الصحيفة وقرات المقال وأردت أن أختفي، هذا اليوم استيقظت وتمنيت أن يتلاشى هذا الخطأ السيء، سرت في الشوارع هائما، لتمر سيارة من جانبي، لأرى النافذة تنزل وأجد تراباتوني يتحدث معي".

"قال لي، أنطونيو ما المشكلة؟ لا تخبرني أنك لازلت تفكر في يوم أمس؟ اترك ما حدث ولا تقلق حيال الأمر، كان يتحدث لي مبتسما، وبعد ذلك أغلق النافذة ورحل، لم أنس تلك الابتسامة أبدا".

كانت تلك لحظة مهمة للغاية بالنسبة لكونتي، ربما بها بعض التعاطف من تراباتوني، لكنه أقنعه أن الماضي لا يمكن إعادته، ومنح كونتي طريقة للتفكير في المستقبل والتركيز على ما سيأتي عوضا مما حدث في الماضي.

تراباتوني ضم كونتي إلى يوفنتوس، ووقتها قال إنه وجد "جوهرة"، وقرر صقلها ليصبح لاعبا ناضجا. كان يجتمع معه كل يوم بعد التدريب. ينتظر نصف ساعة ليعمل بشكل فردي مع كونتي لصقل مواهبه الفنية ووعيه التكتيكي.

إيمان تراباتوني وصبره على هذا اللاعب الصغير كوفئ بأفضل طريقة ممكنة، نضج كونتي بشكل رائع في الموسم التالي، سواء على الصعيد الشخصي أو كلاعب، وبدأت مسيرته الفعلية مع يوفنتوس.

1996-2004

كتبت مارا جريتي عن كونتي: "لاعب وسط كلاسيكي وقوي بدنيا ويفوز بالكرة بطريقة أقوى من أي لاعب آخر، كان دفاعيا أكثر منه هجومي، يركض بلا راحة ويغطي مساحات شاسعة في الملعب".

لم يكن كونتي لاعبا سيء الطباع في الملعب، لكنه تنافسي لا يحب الخسارة أبدا، وفي عام 1996 بعد 5 أعوام من انضمامه إلى يوفنتوس، ارتدى شارة قيادة الفريق، والتي سيتنازل عنها فيما بعد إلى أليساندرو ديل بييرو، لكنه يظل واحدا من أهم قادة الفريق.

لا يعد كونتي لاعب وسط مسجلا للأهداف مثل بافيل نيدفيد أو زين الدين زيدان، لديه رقما كبيرا بتسجيل الأهداف في الموسم الواحد بالنسبة له، بعد أن سجل 7 أهداف في موسمي 1998-1999 وموسم 1999-2000. وفي 414 مباراة بقميص يوفنتوس سجل 44 هدفا، 20 منها كانت أهداف هامة للغاية حولت مجرى مباريات يوفنتوس من خسارة إلى تعادل أو من تعادل إلى فوز. وهناك هدف له لا ينسى ضد بريشيا وأيضا ضد دورتموند وآخر ضد ميلان بعد مراوغة لا تسنى لباولو مالديني.

ومن بين تلك الاحتفالات الصاخبة أغضب كونتي جماهير ليتشي، حينما سجل من رأسية ثم احتفل بشدة.

وسط كل هذا عانى كونتي من إصابات كادت أن تقضي على مسيرته، مثل الكسر في القدم مع ليتشي وتمزق في أربطة الركبة، وإصابة بورم عضلي قوي في نهائي دوري أبطال أوروبا 1996.

معظم إصاباته أبعدته عن المنتخب الإيطالي، ومشاركته الوحيدة في كأس العالم كانت 1994 مع أريجو ساكي، أيضا لعب يورو 2000 مع دينو زوف.

في موسم 2003-2004 شعر كونتي أنه يتم دفعه للرحيل عن صفوف يوفنتوس، بجانب تواجده على مقاعد البدلاء، وآخر ما حدث كان فشل مفاوضات تجديد عقده، حينما غير لوتشيانو مودجي المدير الرياضي وغير العقد من التجديد لعامين إلى التجديد لعام. لم يقبل العقد وقرر الرحيل بعد 13 موسما مع يوفنتوس، أعجبته فكرة العودة إلى ليتشي لمدة موسم قبل الاعتزال، لكنه قرر ألا يفعل احتراما لجماهير يوفنتوس وليتشي وأعلن اعتزاله.

كونتي المدرب

لحسن حظ كونتي أنه مر على عقول تدريبية مبدعة للغاية خلال فترته كلاعب، سواء في مرحلة الشباب مع ليتشي أو مع يوفنتوس، وعلم مع مدربين مثل جيوفاني تراباتوني ومارشيلو ليبي وآريجو ساكي وكارلو أنشيلوتي.

تراباتوني كان يرى نفسه دائما في كونتي، لطالما سانده وأثنى عليه وساعده خاصة في أوقاته الصعبة.

قال عنه جيوفاني تراباتوني :"لقد كان لاعبا وشخصا مرنا وذكيا للغاية، لديه قوة طبيعية في الدفاع والهجوم، لم تكن صدفة أبدا أنه يصبح مدربا، اللعب في خط الوسط يجعلك تفهم طريقة اللعب والشكل الفني بطريقة أفضل وأنضج".

كونتي كان يرغب دوما في إثبات كفاءته وجدارته، كان دائما مستمع جيد لما يحدث حوله، ويسعى للتعلم من كل شيء.

مهمته التدريبية الأولى كانت في أريتسو، في موسم 2006-2007، في الدرجة الثانية، لكن لم تدم طويلا تمت إقالته بعد عدم الفوز في 9 مباريات.

في شهر ديسمبر عام 2007 حصل على فرصة أخرى مع فريق باري في الدرجة الثانية، وقاد الفريق للتأهل بعد موسم كامل معه وحقق أول لقب له كمدرب، وفي عام 2009 أعلن باري أنه تم فسخ التعاقد مع كونتي بالاتفاق المتبادل.

بعد إقالة كلاوديو رانييري في هذه الفترة من تدريب يوفنتوس، قالت تقارير إن كونتي قد يكون بديله في النادي، بعد فترة قصيرة من قرار الإقالة، أعن كونتي عن رغبته في تدريب يوفنتوس في مرحلة ما من حياته، وقال إنه على تمام الثقة من جاهزيته لما يتطلبه ذلك الدور، لكن يوفنتوس رفض الفكرة وقرر تعيين شيرو فيرارا.

في سبتمبر عام 2009، عين نادي أتالانتا كونتي كمدرب له، وبعد بداية جيدة مع الفريق، بحلول شهر نوفمبر كان النادي يعاني للغاية، حتى أن جماهيره كانت تتظاهر ضد كونتي، وبعد 14 مباراة رحل عقب اعتراض الجماهير عليه في آخر مباراة له كمدرب مع النادي.

قضى كونتي موسم وحيد مع نادي سيينا وهدفه كان إعادة الفريق مجددا للدرجة الأولى بعد هبوطه للدرجة الثانية، وبنجاح كبير تأهل الفريق للدرجة الأولى.

"كونتي؟ سنجعل الأمر رسميا خلال الأسبوع المقبل، سيكون هناك حزنا كبيرا لرحيل لويجي ديل نيري، لكن هذا جزء من كرة القدم". بيبي ماروتا المدير الرياضي ليوفنتوس في ذلك الوقت.

حينما تولى كونتي المهمة، كان يوفنتوس مازال يتعافى من فضيحة الكالتشيو بولي وهبوطه للدرجة الثانية، وعلى الرغم من عودتهم السريعة من الدرجة الثانية، إلا أن النادي كان بعيد كل البعد عما كان عليه في التسعينيات. حتى أن الفريق قبل وصول كونتي كان يحتل المركز السابع.

إدارة يوفنتوس كانت واثقة كليا في كونتي في قدرته على إعادة العملاق الإيطالي للحياة في مهلة قصيرة، لكن أنطونيو تخطى التوقعات بل وقاد يوفنتوس للقب الدوري في موسم بلا هزيمة.

"لم أخف شيئا عن اللاعبين جميعا، قلت لهم إنني أنفذ ما تعلمته من المدربين الذين عملت معهم، لا يجب أن يكون هناك تشكيك أو عدم ثقة، المركز السابع لم يكن مقبولا لفريق بحجم يوفنتوس".

كونتي كان يحب كثيرا طريقة 4-2-4، وعملت معه لفترة لكن ذلك لم يكن يصلح ليوفنتوس، وقرر التحول لطريقة 4-3-3، قبل أن يتحول مرة أخرى إلى طريقة 3-5-2، في طريقته للتفكير الفني فهو ليس متزمتا، ويبحث عما يصلح لجعل فريقه يفوز.

قال أندريا بيرلو عنه في سيرته الذاتية :"حينما يتحدث كونتي، فكلماته تهاجمك، إنها تحطم أبواب عقلك، تستقر في مخيلتك بعنف وفي أعماقك، كنت أبتعد عن طريقية في مرات عديدة وأجد نفسي أقول، كونتي قال شيئا حدث اليوم، كنت أتوقع منه أنه سيكون جيدا لكن ليس بهذه الجودة الرائعة، عملت مع مدربين كثيرين، وهو أكثر مدرب فاجئني".

نقطة قوة كونتي كانت خبرته كلاعب وعلمه مع كبار المدربين الإيطاليين، بجانب هوسه بكراهية الخسارة، نسخة يوفنتوس الخاصة به لم تكن تحب أبدا الاستسلام أو التضحية بلقب على حساب آخر، كان يضع معايير عالية وصارمة للغاية الأمر الذي نشأ عليه كطفل.

في يوفنتوس اكتسب كونتي لقبا جديدا. "العراب" وجاء ذلك عبر مدافعه ليوناردو بونوتشي.

قال كونتي :"بونوتشي يعرفني جيدا جدا، وأهم شيء هو التعلم والاحترام، دائما أمنح ذلك، لكنني أطالب بالمثل".

ثم ضحك بتكلف قائلا :"فزنا بالكثير سويا معا وكانت لدينا خبرة رائعة".

قرر الاتحاد الإيطالي تعيينه مدربا للمنتخب في عام 2014، جاء ذلك بعد استقالة تشيزاري برانديللي، ووقع على عقد لعامين ليستمر حتى يورو 2016، استمر كونتي باللعب بتشكيلاته المعروفة 3-5-2 و4-3-3 و4-2-4 لينتهي عقد طريقة 4-3-1-2 الخاصة بفترة برانديللي. مباراته الأولى مع المنتخب كانت ضد هولندا وفاز بنتيجة 2-0.

"تعاملي مع اللاعبين دائما يتم بشكل صحيح، فقط لسبب واحد كنت لاعبا وأعرف هذا الأمر جيدا".

"الأمر مهم للغاية، لأنني حينما أتحدث أو ألقي خطابا على اللاعبين أو أتحدث بطريقة عاطفية، أعلم جيدا ما يدور برأسهم وأفكارهم، إن لم يكن لديك الاحترام من اللاعبين وإن لم أحصل عليه فأنت تبحث عن المشاكل معي".

"أحب التواجد مع لاعبي، التحدث معهم لمساعدتهم على فهم فلسفتي وطرقي وأفكاري، أحب هذا الأمر، وآمل أن يتفهم اللاعبون ذلك، لأننا هكذا سنبني علاقة رائعة، وأيضا قد تكون لاعبا شابا لكنك لاعب كبير بالنسبة لي، لا يوجد فارق دائما أرغب في علاقات مباشرة، اللاعبون يتطورون بالعمل".

اصطحب كونتي تشكيلا شهد المشجعون الإيطاليون أنه قد يكون الأضعف في تاريخ المنتخب منذ 50 عاما، لم يكن هناك أي ثقة في تخطي دور المجموعات بيورو 2016، ونجح في الحصول على مستوى رائع للغاية من إيمانويل جياكريني الذي كان يعد لاعبا غير مرغوب به في سندرلاند، وجرازيانو بيلي وإيدير.

أعلن تشيلسي عن تولي كونتي مهمة تدريب الفريق لموسم 2016-2017 في شهر أبريل، كان واضحا على كتيبة إيطاليا الوحدة والروح والتكاتف من خلال الأداء وأزعجوا كتيبة مارك فيلموتس كثيرا، بلجيكا كان مرشحا للتتويج، وفي أول مباريات دور المجموعات من يورو 2016 فازت إيطاليا بنتيجة 2-0 ضد الشياطين الحمر.

التناغم الشديد لدى عناصر منتخب إيطاليا كان أفضل لاعب بين صفوفه في يورو 2016، الضغط العالي والتوازن والهجوم بأعداد تربك حسابات الخصم، تفاهم كبير ظهر بين كونتي ولاعبيه وأداء كان يستحق النجاح، وفور أن وجد الفريق ضالته بالفوز ضد بلجيكا لم يبد أن هناك من يمكنه الوقوف في وجه إيطاليا. حتى واجه ألمانيا في نصف النهائي.

رومان أبراموفيتش مالك تشيلسي وجد في كونتي مدربا فريدا من نوعه، حتى أن الصحافة الإنجليزية قالت إن الأمر مثل جوزيه مورينيو في فترته الأولى حسب وصف "جارديان".

بداية قوية مع تشيلسي بـ3 انتصارات، لم يغير طريقة الفريق كثيرا كان يلعب بطريقة 4-1-4-1 و4-3-3 و4-2-3-1، نقطة الفصل كانت الخسارة من ليفربول، ثم مواجهة أرسنال التي خسر فيها بنتيجة 3-0، وقتها سجلت الأهداف جميعا في الشوط الأول، في الشوط الثاني أجرى تبديلا بإشراك ماركوس ألونسو بدلا من سيسك فابريجاس، ليلعب بـ3 مدافعين هم ديفيد لويز وجاري كاهيل وسيزار أزبليكويتا (كان يلعب كظهير أيسر وقتها).

منذ التحول للعب بـ3 مدافعين وبدا واضحا أن كونتي يقود الزرق نحو منصات التتويج، أصبح الفريق قويا لا يقهر، في يوفنتوس كان الأمر حول العودة للأمجاد، لكن في تشيلسي كان الوضع مختلفا، كان عليه التكيف مع الأوضاع في إنجلترا وتعلم لغة جديدة والتعايش مع ثقافة المسابقة هناك، واستجاب لذلك بطريقته المعهودة. كرة القدم والتعامل الرائع مع روح اللاعبين، بعد اهتزاز الثقة في موسم مورينيو الثالث خلال فترته الثانية.

وواحدة من أفضل مميزات كونتي هي الحصول على نتائج جيدة في فترة زمنية قصيرة.

"أحد أسباب النجاح لمنتخب إيطاليا، كانت تكاتف اللاعبين، كنا في بيئة مثل الأسرة لمدة 45 يوما".

في تشيلسي بدا وكأنه استفاد من تجربته في اليورو وبنى تشكيلا قادر على الهيمنة على الدوري الإنجليزي الممتاز لسنوات. ووسط كل ذلك لم يتردد كونتي قط عن استبعاد أي نجم يخرج عن النصف مثلما حدث مع دييجو كوستا.

خلال موسمه الثاني مع تشيلسي ساء كل شيء، في شهر أغسطس من موسمه الثاني عانى من مشكلة كبيرة مع إدارة تشيلسي إذ أنه طلب عددا من اللاعبين لكنه لم يحصل على ما أراده، طلب ضم روميلو لوكاكو لكنه خسره لصالح مانشستر يونايتد ولم يبد أي رضا عن الصفقات التي عقدها الفريق.

خلال السوق الشتوية الماضية شدد كونتي على حاجته لمهاجم ذو قدرات بدنية معينة، في المقابل ضمت إدارة النادي أوليفيه جيرو. لكنه لم يكن اللاعب الذي أراد كونتي ضمه.

تشيلسي طوال الشتاء ارتبط بضم إدين دجيكو مهاجم روما وكان على بعد عدة ملايين يورو من ضمه إلا أن إدارة النادي اللندني فضلت ضم مهاجم جاره اللدود، بل وإسداء خدمة له بإخلاء مساحة لكي يضم أرسنال بيير إيمريك أوباميانج بجانب تواجد ألكيساندر لاكازيت.

قبل مواجهة مانشستر سيتي قال كونتي:"لا أعلم إن كنا سننهي الموسم ضمن المراكز الأربعة الأولى، هذا السؤال ليس لي، الحديث حول الطموح يكون مع الإدارة".

وأردف "النادي عليه إظهار الطموح وليس المدرب، المدرب عليه العمل كل يوم بشكل قوي ولكن النادي عليه إظهار الطموح للجميع".

كونتي حاول الرد على الإدارة من خلال الأداء وبدا واضحا في مواجهته ضد مانشستر سيتي، لم يشن هجمة وحيدة على المرمى طوال 90 دقيقة واستقبل 11 هجمة منها 4 على المرمى واستحوذ على الكرة بنسبة 29% أي أنه انتظر فقط استقبال هدف والخسارة، لأنه مع كل الضغط لن يتعادل بل سيخسر.

دخل المدرب الإيطالي في معركة كبيرة مع إدارة تشيلسي، وخسرها بنهاية الموسم حينما فاز بالكأس فقط ورحل ليتولى ماوريسيو ساري المهمة.

الآن تقول التقارير إن المدرب الإيطالي على وشك تولي مهمة تدريب ريال مدريد، وفي حالة حدوث ذلك الأمر فمن المؤكد أن كونتي سيكون على موعد مع صراع قوي لفرض شخصيته وتحقيق مطالبه لإعادة ريال مدريد مرة أخرى للواجهة.

المصادر (وثائقي كونتي اللاعب – كتاب راس، قلب وقدم: أنطونيو كونتي – مدونة الكرة الإيطالية – لا جازيتا ديلو سبورت – إندبندنت – تدريب 3 لاعبين في الخلف: أنطونيو كونتي)

طالع أيضا:

4 فوارق أساسية بين لوبيتيجي وكونتي

هاني زادة: الزمالك يشبه برشلونة وليس ريال مدريد

تقرير: كونتي يصل لندن تمهيدا لتعيينه مدربا لـ ريال مدريد مساء الاثنين

يوسف: لا أفضلية لـ الأهلي ضد الترجي.. ورسالتان للجماهير

يد - محمد علي لـ في الجول: إصابة فلفل حملتني مسؤولية أكبر.. والروبي ساعدني على التألق