في الكلاسيكو – أن تكون حكما للمواجهة الأهم في إسبانيا .. "إنها تسلبك أكثر مما تمنحك"

السبت، 27 أكتوبر 2018 - 19:28

كتب : علي أبو طبل

خوسي ماريا مارتينيز

أن تحمل الصافرة في أحد ملعبي "سنتياجو برنابيو" أو "كامب نو".

أن تكون أمامك عدة ثوان قليلة لتتخذ قرارا حاسما على دوام 90 دقيقة، قد يكون له عواقبه على مدى ليس بالقصير.

هل تتوقع أن تنل القدر الكافي من التعاطف حين تكون في تلك الوضعية؟

خوسي ماريا مارتينيز، إسم آخر ينضم للقائمة التحكيمية على مدار مواجهات الكلاسيكو حين يقود قمة مباريات الجولة العاشرة من الدوري الإسباني، في معقل الفريق الكتالوني.

عندما تكون حكما للمواجهة، كيف تبدو المواجهة من هذا المنظور؟

شبكة ESPN أعدت تقريرا خاصا أجرت خلاله حوارا مطولا مع أحد أكثر الحكام شهرة في إسبانيا خلال الـ20 عاما الأخيرة.

"يتملكك ما يكفي من التوتر العصبي قبل الدخول في قيادة مواجهة بهذا الحجم". بهذه الكلمات، يفتتح إدواردو إيتورالدي جونزاليز كلماته، تعبيرا عن العديد من التجارب ما بين الاستمتاع والمعاناة خلال قيادته لعدة مواجهات "كلاسيكو" خلال 17 سنة من مسيرة تحكيمية مميزة.

يتابع إيتورالدي: "يحدث كل ذلك قبل انطلاق المواجهة. لا يمكنك أن تتحكم في ذلك. الجماهير توقفك في الشوارع، وتتلقى العديد من المكالمات قبل أسابيع من البداية. كل ما ترغب فيه حينها هو أن تنطلق المباراة. هناك في الملعب يمكنك أن تتحكم في كل شئ".

ويضيف: "بمجرد أن تتحرك الكرة في أرض المواجهة، تبدأ في الهدوء قليلا. أنت الآن في المكان الذي تفضل قليلا.. على أرض الملعب".

"بعض الحكام يفضلون قيادة هذا النوع من المواجهات. ولكن الأمر دائما يثير القلق والفضول. إنها تلك النوعية من المواجهات التي قد تسلبك أكثر مما تمنحك. العديد من الحكام كانوا مميزين للغاية خلال قيادتهم لمباريات الـ كلاسيكو، ولكن ذلك لم يخدم مسيرتهم بالشكل الكافي".

مواجهة فبراير 1999 كانت الـ "كلاسيكو" الأول في مسيرة إيتورالدي التحكيمية.

مرت 20 دقيقة سلبية النتيجة، قبل أن يقوم ظهير ريال مدريد الأيسر روبيرتو كارلوس بإسقاط زميله المستقبلي، لويس فيجو، ليقرر إيتورالدي إقصاء اللاعب البرازيلي بالبطاقة الحمراء مباشرة.

برشلونة تفوق في النهاية بثلاثية نظيفة أمام 10 لاعبين من ريال مدريد.

"دائما ما أقول أن الحكم ليس لديه الوقت ليفكر. عليه أن يتفاعل مباشرة".

يوضح إيتورالدي الذي يتابع: "بمجرد أن يبدأ الحكم في الاستغراق في التفكير، فإنه لا يُحكّم بالشكل اللائق في تلك الوضعية. عندما ترى شيئا، تطلق صافرتك مباشرة. عندما تفكر في أنه هل يجب طرد هذا اللاعب أم لا. هل هذا اللاعب من ريال مدريد أم برشلونة.. فإنك لا تبلي حسنا".

تصدر إيتورالدي عناوين الصحف الرياضية الإسبانية لعديد المرات ما بين عامي 1995 و2012.

خلال تلك السنوات، قاد إدواردو إيتورالدو مباريات من الكلاسيكو، وأشهر عددا من البطاقات الصفراء بلغ 1647 بطاقة، واحتسب عددا كبيرا من ركلات الجزاء في مسابقة الدوري بلغ 104 ركلة، أكثر من أي حكم آخر في كرة القدم الإسبانية.

ولكن ذلك الحكم المحب لموسيقى فريق "ميتاليكا"، والذي امتهن طب الأسنان، كان محبوبا وسط اللاعبين، ولطالما قال أنه لا يمكن للحكم أن يتأثر بنجومية اللاعبين.

"يجب معاملتهم تماما كما تعامل لاعبين من خيتافي أو ألميريا. ما يختلف فقط أنهم مشهورون بدرجة أكبر".

يوضح إيتورالدي الذي يتابع: "لا يجب للحكم أن يسمح لنفسه بالتأثر بتلك الأمور. في الوقت الحالي يتقاضى الحكام في إسبانيا قدرا كبيرا من الأموال يبلغ 300 ألف يورو في السنة".

ويضيف: "في مواجهة الكلاسيكو، يعرف كل لاعب أنها المواجهة الأكثر أهمية على مدار الموسم حيث يتابعه عدد كبير من الجماهير ويتوجب عليه أن يبذل أقصى ما لديه. لذلك يعترض على القرارات التحكيمية محاولا الحفاظ على كرامته الكروية. ولكن بمجرد نهاية المباراة أو عندما تقابلهم فيما بعد، يعاملونك باحترافية وهدوء شديد غالبا".

بهذا الخصوص، يستعيد إيتورالدي ذكرى من مواجهة نوفمبر 2010 حين تفوق برشلونة بقيادة بيب جوارديولا على ريال مدريد بقيادة جوزيه مورينيو.

"الجميع كان يحتفل في "كامب نو" قبل صافرة النهاية كما لو أن المباراة قد انتهت. النتيجة كانت تشير لتفوق برشلونة بخماسية نظيفة. أتذكر ذلك بشكل دقيق. ميسي يسير بالكرة ببطء بالقرب من خط التماس ومن الخلف يتدخل راموس بشدة ويسقطه أرضا".

ويتابع: "قمت بطرده، ثم بدأت معركة كبيرة في أرض الملعب. قبل أن يأتي إنييستا ويهمسني "إيتو. اهدأ واستمتع بالأمر'. لم أصدق كيف استقبل الأمر بهذا الهدوء".

علاقة الحكام مع المديرين تكون أقل حميمية، وبالأخص عندما تكون مع مدير فني مثل جوزيه مورينيو وألاعيبه وأساليب ضغطه مع الحكام.

"في يوم المباراة، نشرت صحيفة 'ماركا' حوارا مقتضبا مع مورينيو يقول فيه أن إيتورالدي حكم مناسب تماما لبرشلونة. هل كانت تلك محاولة منه للتأثير وحسم القرارات الجدلية لصالح ريال مدريد؟ عادة ما يتلق الحكام تلك الرسائل ويتأثرون بها. كل ما يتوجب هو أن تكون واثقا مما تفعل".

ويتابع إيتورالدي: "بعد نهاية المباراة، ذهبت إليه لأخبره 'يبدو أنك فهمت الأمر بشكل خاطئ. في الملعب يوجد شخص واحد كبير بما يكفي، وهو أنا'".

يبدو وأن إيتورالدي قد استمتع كثيرا بمواجهة الـ "كلاسيكو" الأخيرة له في مسيرته، حيث ما بين مواجهتي 1999 و2010، قاد الحكم المخضرم مباراة إضافية في نوفمبر 2005 انتهت بتفوق برشلونة بثلاثية نظيفة على ملعب "سنتياجو برنابيو".

السلطات الإسبانية أرادت أن يقود إيتورالدي مواجهة نهائي كأس الملك في موسم 2010/2011، ولكن قادة ريال مدريد اعترضوا على الفكرة.

يعلق إيتورالدي على ذلك: "قالت اللجنة أنها تريدني لقيادة المباراة، ولكن في مدريد رفضوا الأمر. يمكنني أن أتفهم ذلك، حيث خسر الفريق في كل مواجهات الـ"كلاسيكو" التي قدتها. لذا فقد تم تعيين حكم بديل. إنه فقط في تلك المواجهات الكبرى بحجم نهائي كأس الملك أو مباراة في كأس العالم حيث يمكن للسياسة أن تتدخل".

مواجهة الأحد ستكون الـ "كلاسيكو" الثالث في مسيرة خوسيه ماريا مارتينيز، فقط في عامه الـ35 من عمره.

المواجهتان السابقتان كانتا خلال الموسم الماضي فقط، حيث قاد مارتينيز مواجهة إياب كأس السوبر في أغسطس 2017 والتي انتهت بتفوق الملكي بهدفين نظيفين، ثم مواجهة ديسمبر الماضي في الدوري والتي انتهت بتفوق برشلونة بثلاثية نظيفة، وكلاهما في "سنتياجو برنابيو".

يعلق إيتورالدي على أداء مارتينيز: "لقد أبلى حسنا. الجميع كانوا راضين".

ولكن يتابع: "كلما قاد المزيد من مباريات الـ "كلاسيكو" كلما زادت الأحداث التحكيمية التي يمكن النظر إليها. مع الحكام المخضرمين، يتحدث الناس دائما عن لقطات تعود إلى 5 أو 10 أعوام سابقة. إذا قاد مارتينيز 3 أو 4 مباريات "كلاسيكو" إضافية، من المؤكد أنه سيرتكب خطأ ما. الجميع يرتكبون الأخطاء. وسيظل ذلك يلاحقه في المستقبل. هكذا تجري الأمور في إسبانيا".

مواجهة الأحد ستكون الـ "كلاسيكو" الأول الذي يشهد استعمال تقنية حكم الفيديو المساعد، وهو ما يعلق عليه إيتورالدي في الأسطر التالية.

"تلك التقنية تزيل التوتر قليلا. عندما تتسائل خلال المباراة ما إذا كنت قد اتخذت القرار الصائب، فإنها تحسم الأمر"

ويتابع: "إذا لم يخبرك الحكام الآخرون في الغرفة عن أي قرار مشكوك فيه، فإنك تتأكد أنك تبلي حسنا. فيما سبق، افتقد الحكام للثقة في قراراتهم بعد المباريات. لا يمكنهم الحديث بشكل حاسم طالما يساورهم الشك حول ارتكاب خطأ ما. أحيانا قد يتم إرسالهم إلى المنزل للأبد. مع تلك التقنية، أنت تعلم أنك تملك الدعم الكافي".

هل تبدو المهمة التحكيمية أسهل في أول مواجهة "كلاسيكو" بدون رونالدو وميسي سويا، ومع شخصيات تدريبية أقل في الـ "كاريزما" مما سبق على المقعد الفني مثل جولين لوبيتيجي وأرنيستو فالفيردي؟

لا يعتقد إيتورالدي ذلك.

"الأمر يستمر كما هو. تأتي تلك المواجهة في وقت مبكر من الموسم حيث ما زلنا في الجولة العاشرة. ولكن ريال مدريد لا يبلون حسنا، وهزيمة إضافية قد تزيد الضغوط عليهم".

ويضيف: "أنا أؤمن أنها ستكون مباراة بدنية بدرجة كبيرة وسيضطر الحكم لاستخدام صافرته كثيرا في وقت مبكر. بعد ذلك، يعتمد الأمر على مدى هدوء اللاعبين وتركيزهم على لعب كرة القدم".

ويختتم حديثه: "في مواجهات بحجم الكلاسيكو، حين تكون المباراة متكافئة فلا يمكنك أن تتوقع الكثير من المشاكل للحكم. الأمر يثير الفضول".

كيف يبلي مارتينيز في مواجهة الـ "كلاسيكو" الثالثة في مسيرته؟.

هو يعلم جيدا أن مسيرته تبدو على المحك مع كل قمة إسبانية تُضاف إلى مسيرته.

اقرأ أيضا

عبد الرحيم محمد.. رجل صدق حبه وأخلص انتمائه فخلد التاريخ اسمه

في الكلاسيكو - مؤتمر فالفيردي: ريال مدريد الجريح "خطير".. والتوتر موجود قبل رونالدو وميسي

نجم أرسنال السابق: صلاح ليس سعيدا في ليفربول.. وشرط لانضمامه إلى ريال مدريد

في الكلاسيكو - غياب ميسي.. ماذا يفعل برشلونة والحلول البديلة

ماذا يفعل ريال مدريد عندما يدخل الكلاسيكو بعيدا عن قمة الليجا

التعليقات