كتب : أحمد عز الدين | الأربعاء، 05 سبتمبر 2018 - 20:05

الشيطان مورينيو.. تلك كانت الأيام يا صديقي

جوزيه مورينيو

"في يوم من الأيام كنا نرفع كأسا أو اثنين.. كم كنا نضحك.. نتذكر كل الأشياء العظيمة التي فعلناها". "تلك كانت الأيام يا صديقي"..

"تخيلنا أنها أيام لن تنتهي"..

"نختار الحياة التي نريدها.. نحارب ولا نخسر أبدا"..

"كنا شبابا نعرف كيف نفوز".. "وتلك كانت الأيام يا صديقي".

أغنية Those were the days أحبها بصوت بينج كروسبي.

- من أعظم مدربي العالم

جوزيه مورينيو في أحد مؤتمراته المثيرة للجدل: "مانشستر يونايتد من أعظم أندية العالم. وبالمناسبة لديهم أيضا مدرب من أعظم مدربي العالم".

أتفق تماما مع جوزيه. ولديه من الرصيد ما يكفي لإثبات ذلك. لقد وصل مورينيو إلى قمة التدريب وبات أول اسم يحضر إلى ذهنك حين تفكر في "من يكون أفضل مدرب في العالم" تحديدا في عام 2005.

- مورينيو 2005

نحن الآن في عام 2005. يسأل الإعلامي الإنجليزي ونجم الكرة العالمية جاري لينكر: "يقولون إن 1-0 هو عنوان تشيلسي تحت قيادتك.. فهل تعتبر هذا الأمر إشادة أم انتقادا؟".

أجاب مورينيو في حواره مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي.) بعدما فاز بالدوري للموسم الثاني على التوالي: "أهم شيء في بناء فريق أن تمنحه شخصية بطل. وطريقتي كانت أن يشعر الخصم مهما كانت قوته أن مواجهة تشيلسي صعبة".

وأوضح "أصبح تشيلسي حين يسجل هدفا لا يخسر أبدا. وهذا كان هدفنا".

وتابع "حين نسجل هدفا يشعر الخصم أنه لن يستطيع التسجيل فينا بسبب قوتنا الدفاعية. وقتها تنخفض سرعة خصمنا ويدخل مرحلة العجز. وهكذا وبهذه الطريقة ومع انتصار تلو أخر ارتفعت ثقة تشيلسي وبدأ في الشعور أنه قادر على مقارعة الكبار. أصبح كبيرا ثم بطلا".

وأتم إجابته على هذا السؤال "البناء دائما يبدأ من الدفاع".

وقتها كان ويليام جالاس وجون تيري وكارفاليو معهم ماكليلي ولامبارد وتياجو مينديز هم دفاع تشيلسي. والنتيجة أن البلوز في ذلك الموسم استقبل 15 هدفا بينما اهتزت شباك أرسنال وصيف البطولة 36 مرة في 38 مباراة.

--

"كنا شبابا نعرف كيف نفوز"..

--

ماركوس روخو.. ماتيا دارميان.. فيل جونز.. كريس سمولينج

هنا سأل لينكر "ما هو أول شيء فعلته حين أتيت إلى تشيلسي؟".

وأجاب مورينيو "تنظيف البيت".

وأضاف "هناك من يقسمون اللاعبين إلى أساسيين وبدلاء. أنا أكره ذلك".

وفسر "في فريقي إما أن أراك أساسيا أو لا يجب أن تكون معي من الأساس. لهذا قمنا بتقليص القائمة ورحل كل من كنت أراه غير كفء لتمثيل بطل الدوري الإنجليزي".

وفي ولاية مورينيو الأولى باع تشيلسي 14 لاعبا. ثم جاءت التعاقدات وعددها 8 وأبرزهم بتر تشك وديدييه دروجبا وريكاردو كارفاليو.

وهناك قصة جيدة تخص دروجبا بالمناسبة.

فيكتور لينديلوف – إريك بايلي

يحكي دروجبا في سيرته الذاتية ما يلي:

"حين وصلت مرسيليا أحمد الله أن كل الأضواء كانت منصبة على مهاجم أخر اشتراه النادي وهو ميدو".

"لكن ومنذ بداية مشواري في مرسيليا كان مورينيو وهو يعمل في بورتو يرسل كشافا من ناديه آنذاك وهو أندريه فيلاس-بواس لمتابعة كل مبارياتي".

"وفي مرة تحدث معي فيلاس بواس وقال لي: أنت في لائحة أحلام مورينيو. ربما في بورتو، وربما حين يذهب إلى أي ناد يمتلك المال الكافي، ستكون أنت أول صفقات جوزيه".

جاء دروجبا بالفعل إلى تشيلسي فور تعاقد النادي مع مورينيو. وباقي الحكاية تاريخ يعرفه الجميع..

هكذا نفهم أن مورينيو كان يعرف تماما أهدافه في سوق الانتقالات. يشاهد اللاعبين لفترات طويلة قبل الإصرار على ضمهم وكتابة تاريخه الاستثنائي من خلال أقدامهم.

فهل تعرفون كيف جاء بابي دجيبالودجي في تشيلسي عام 2015؟

- مورينيو 2015

حين وقع مورينيو مع بابي دجيبالودجي قال في المؤتمر: "لم أشاهده من قبل. لكن رشحه لي أحد أصدقائي الذين أثق في رأيهم".

بابا دجيبالودجي لعب مباراة واحدة بقميص تشيلسي قبل بيعه.

والاختلاف بين ولايتي مورينيو في تشيلسي يحكي عنه جون تيري في برنامج MNF على شبكة سكاي سبورتس.

جاء سياق الحديث حين سأل مقدم البرنامج الأشهر في إنجلترا: "تيري. من أفضل مدرب عملت معه في تاريخك؟".

يرد تيري سريعا "مورينيو بالطبع".

وشرح "مورينيو كان مختلفا عن أي شيء رأيناه من قبل حين جاء إلى تشيلسي. اهتمامه بالتفاصيل لم يكن عاديا".

قال تيري: "في الولاية الأولى كان جوزيه يضع الأقماع في أماكنها بيديه. يتابع كل لمسة تحدث في المران ويعيد التدريب عشرات المرات حتى ندخل المباراة وكأننا قد خضناها من قبل".

واستدرك "في الولاية الثانية كان مورينيو مهتما. صحيح أنه لم يعد يضع الأقماع بيديه لكنه ظل يراقب كل شيء عن بعد".

لم يقصد تيري سوى الإشادة بمورينيو. لكن في الجملتين السابقتين يمكنك ملاحظة ما تغير في شخصية جوزيه.

--

- من بول بوجبا إلى أليكسس سانشيز

والآن لننتقل إلى 2016 لمتابعة لقاء مانشستر يونايتد ضد زوريا يونايتد في الدوري الأوروبي.

مانشستر يظهر عاجزا عن التسجيل طوال الشوط الأول بل وزوريا يهدده في الضربات الثابتة.

هنا انفعل مورينيو على مساعده روي فاريا وذهب إلى جهازه المساعد وطلب منهم مشاهدة كتيب خطط يونايتد للمباراة.

مورينيو لم يكن يعرف ما هي الخطط التي حضرها مساعدوه للمباراة في الكرات الثابتة. وحين شاهدها انتقدها وأخذ يعدل فيها، لكن ما يهمني هنا أنه فعل ذلك أثناء المباراة.

--

"نتذكر كل الأشياء العظيمة التي فعلناها"..

--

أكد مورينيو شكوكي في تحوله إلى شخص مختلف عن ذلك الاستثنائي الذي حكى عنه جون تيري حين تحدث في أحد مؤتمراته الصحفية عن عدم نجاح بوجبا وأليكسس في تغيير شكل يونايتد.

قال مورينيو: "أعطي المهاجمين الحرية الكاملة في أرض الملعب. لكنهم لم يستغلوها كما ينبغي".

هذا هو المدرب نفسه الذي دخل في شجار مع كريستيانو بسبب إصراره على دور خططي لأفضل لاعب في العالم على عكس هوى الدون.

أيام ريال مدريد لطالما تكررت كلمة "دايناميكا" على لسان مورينيو.

والدايناميكا هي كيفية تحرك اللاعبين بحيث يساعدون بعضهم البعض على الوصول للمرمى.

يبدأ كاكا التحرك بالكرة في العمق. بنزيمة ينتظره على الطرف الأيسر.

يمرر كاكا لبنزيمة. ثم يركض نجم البرازيل يسارا ويأخذ معه رقيبه.

هنا يجد بنزيمة مساحة فارغة في العمق خلقها تحرك كاكا.

يركض بنزيمة ويمرر إلى إيجوايين الذي ينتظر يمينا.

يرسل إيجوايين عرضية إلى من؟ إلى كاكا الذي تحرك من أخر اليسار إلى العمق طبعا بعدما تركه رقيبه.

هذا شخص يعرف كيف يخلق مساحات للاعبيه. يعرف كيف يجعلهم يفكرون والكرة في أقدامهم. والباقي مسؤولية الموهبة.

--

"تخيلنا أنها لن تنتهي أبدا"..

--

إرث مانشستر

نذهب إلى 2017 بعد خسارة مانشستر أمام اشبيلية. كان الفريق كارثيا ومورينيو دخل المؤتمر ويبدو أنه لم يكن راغبا في سماع أسئلة. كان جاهزا بمؤتمره الخاص:

"هل تعلمون أخر مرة فاز فيها يونايتد بالدوري؟"

"هل تعلمون أفضل مركز ليونايتد في السنوات الأخير؟".

"هناك ما يسمى الإرث في كرة القدم. وعليكم فهم أن إرث مانشستر يونايتد في السنوات الأخيرة يحتاج لفترة طويلة لمعالجته".

--

أتفق تماما تماما مع جوزيه أن قائمة يونايتد حينما تولى المسؤولية كانت ضعيفة وأن المشاكل لا حد لها والفريق يبنى من الصفر تقريبا.

ولكني وددت أن أكون هناك في هذا المؤتمر لأسأل جوزيه: ماذا عن إرثك أنت يا مورينيو؟

--

"نختار الحياة التي نريدها.. نحارب ولا نخسر أبدا"

--

إرث مورينيو

حين جاء مورينيو إلى أوناريا في البرتغال كان فريقا بلا قيمة ولا ماض. وصل مع جوزيه في الموسم الأول إلى دوري أبطال أوروبا.

انتقل مورينيو إلى بورتو الذي لم يفز بدوري الأبطال منذ كعب رابح ماجر إلا حين جاء هذا الرجل.

First Champions League

في تشيلسي لم يكن يعرف الجمهور طعم الدوري الإنجليزي. ومن الموسم الأول قاده مورينيو للقب وكرره في الموسم الثاني ليؤكد أن هذا لن يكون استثناء بل قاعدة.

--

"أعتقد أننا لن نفوز بالدوري مجددا طالما هذا الرجل هنا". جاري نيفيل يكشف عن حواره مع بول سكولز بعد الخسارة مع مانشستر يونايتد أمام تشيلسي مورينيو 3-1 في 2005.

--

الآن مورينيو يريد من جماهير يونايتد ألا تطلب الألقاب الكبرى لأن ظروف مانشستر صعبة!

لو كان مورينيو لا يجيد الفوز بالألقاب في ظروف صعبة، فلماذا يلقب بالاستثنائي؟

--

في 2004 سأل أحد الصحفيين جوزيه في مؤتمر تقديمه مدربا لتشيلسي: "الدوري البرتغالي يختلف عن الإنجليزي. فهل تعتقد أنك قادر على صنع بطل من تشيلسي".

كان مورينيو في الـ38 من العمر.

أجاب جوزيه "أنا أسف. أنا لست مدربا صغيرا. لو سمحتم لا تظنونني مغرورا لكني أعتقد أني رجل استثنائي".

لدي قميص يحمل صورة جوزيه مع هذا التصريح. وقد حكى عن تلك اللحظة في حواره مع جاري لينكر.

يقول مورينيو: "كل أسئلة الصحفيين كانت تدور حول هل أنا شخص قادر على تحمل الدوري الإنجليزي".

وتابع "شعرت أنهم يضعوني تحت الضغط مبكرا. أردت أن أقول لهم لا ترهقوا أنفسكم. أنا بطل أصلا".

مورينيو جاء الملاعب بطلا، وهذا هو لب الموضوع.

ولأن مورينيو بطل توج بورتو عكس التوقعات، أوصل تشيلسي للقمة، حقق أحلام إنتر، وحول مسار ريال مدريد من إدارة فالدانو إلى إدارة كرة قدم تهتم بشراء أنخل دي ماريا أكثر ممن يبيعون قمصانا للنادي.

عاد إلى تشيلسي وتوج بطلا من جديد.

لم يشتر مورينيو البطولات بدليل لاريا وبورتو والفوز بالدوري الإنجليزي مع جودينسن وكيزمان. لم يقدم كرة قبيحة في ريال مدريد بل جعل الميرنجي ماكينات هجمات سريعة.

هذا هو إرث مورينيو. نال بسببه لقب الاستثنائي وينتظر مانشستر يونايتد أن ينال نصيبه منه هو الأخر.

--

"أرى جوزيه الأكثر نجاحا بين مدربي الدوري الإنجليزي حاليا. لا أفهم أين المشكلة؟".. هكذا عقب يورجن كلوب على تصريح مورينيو.

وعدم فهم كلوب للمشكلة بسيط. مورينيو لا يحارب على إثبات أحقيته في أنه الأفضل حاليا في إنجلترا رقميا، بل يحارب لسبب أخر.

--

الشيطان

جوزيه ليس ملاكا، لكن لماذا تظهر صورته كشيطان؟

هناك سببان أولهما جوارديولا.

مورينيو كان استثنائيا في زمنه. الرجل الذي يفوز بطريقته التي ربما لا تعجبك، لكنك معه تضمن النجاح لدرجة دفعت برشلونة لمفاوضته في عام 2008 رغم أنه يمثل فنيا عكس كل قيم النادي الكتالوني.

هذا يوضح كم كان استثنائيا. لكن حين قرر برشلونة عدم المضي قدما في التوقيع مع مورينيو واختيار بيب جوارديولا الذي يستهل رحلته التدريبية، تغير التاريخ.

ظهر برشلونة في النسخة الأفضل مع بيب. النتيجة الطبيعية أن هناك من ظهر في كرة القدم يحقق نفس نتائج مورينيو وأفضل، لكن مع كرة قدم يحبها الجميع.

كرة قدم من طرف واحد. هذا كان تخصص جوارديولا، وهذا ما جعل الجميع وقتها يغير نظرته في مورينيو من "رجل منتصر" إلى "رجل منتصر يلعب كرة قدم غير تلك التي نراها مع بيب".

هكذا توجوا جوارديولا ملاكا في كرة القدم. إذا فليكن منافسه الأكبر هو الشيطان.

هكذا تم توزيع الأدوار وحصل كل على ما يستحقه. الشخص اللطيف الذي يلعب كرة جميلة والآخر سليط اللسان المغرور الذي يختال بهاء. وليستمر السباق بينهما إلى الأبد كما يستمر بين ميسي ورونالدو..

لكن خلال تلك المرحلة لم يكن وصف الملاك أو الشيطان ينكر على أي منهما نجاحه. قدرة بيب خلق مباريات من طرف واحد، وقدرة مورينيو أن يجعل الاستثناء عادة في فريق تعاني.

ثم خفت بريق نتائج مورينيو. وهذا هو السبب الثاني.

السبب كما يتضح من الحكايات أن جوزيه كان يشعر أنه أكبر عمرا وربما يحتاج إلى وتيرة حياة مختلفة.

--

جوزيه مورينيو: "ربما لا أقف على الخط كالمهرج كما كنت أفعل سابقا. تعلمت أن علي التحكم في مشاعري وانا أكسب تماما كما أفعل وأنا أخسر. أنا أكبر عمرا الآن وأكثر نضجا".

--

كان جوزيه يريد أن يتحول من مدرب إلى مدير، يحلم بالصعود إلى مكتب أليكس فيرجسون لمتابعة التدريبات عن بعد بدلا من النزول إلى أرض الملعب أثناء رص أقماع المران.

يتمهل ظنا منه أنه يتحرك في حكمة وهو يدرس قرار بيع لاعبين لا يراهم يصلحون للنادي. يمنحهم فرصة ثم أخرى، والنتيجة أن القائمة متخمة بمن لا فائدة لهم والإدارة تلومه لأنه لم يبع دارميان وماركوس روخو.

يترك مورينيو المساعدين يضعون خطط الكرات الثابتة، والكشافين يتعاقدون مع لينديلوف، والحرية لمهاجميه في الملعب دون "دايناميكا" كالتي خلقها في مدريد.

هكذا كانت بداية مورينيو الحكيم الناضج مع يونايتد. وباقي الطريق نعرف ما حدث فيه.

لم يكن مورينيو استثنائيا بسبب حكمته بل على العكس.

محاولته لعب دور الحكيم الهادئ الذي لا يتعجل الفوز أهدرت وقتا وخلقت صورة ذهنية جعلت الناس تقول إن الرجل الذي كان مفعما بالحماس يقفز على الخط وقد كان استثنائيا في وقت رصين لفيرجسون ولفينجر انتهى بعدما ظهر كونتي وكلوب وشخصيات عديدة جعلت جوزيه عجوزا في ملعب الشباب.

--

"أعرف أن من يكرهوني كانوا يعيشون أياما صعبة حين كنت أفوز"..

"أعرف أنكم تكرهون عناوين صحافتكم حين تكتبون مورينيو فاز مجددا. مورينيو ذهب إلى ناد جديد وفاز مجددا. مورينيو يفوز. مورينيو يفوز. الآن يمر 10 شهور ولم أفز بلقب فتقولون إني ميت!"..

"أنا حي. وسعيد من أجلكم. سعيد لأنكم سعداء بسبب نتائجي الأخيرة".. جوزيه مورينيو.

--

ومورينيو خاسر سيء. حين يخسر يلوم التحكيم، يلوم الإدارة التي لم توفر له الصفقات، يلوم اللاعبين بأن يضرب مثالا لماتيتش حتى يفهم الكل أن بوجبا كان سيئا.

لكني كنت أحب في مورينيو أنه خاسر سيء.

حسام حسن خاسر سيء. لكن أليس هذا الأمر سر قوته.

جوارديولا خاسر سيء بالمناسبة لكنه لا يخسر كثيرا.

لكن في السنة الفائتة تحول مورينيو من خاسر سيء إلى مجرد خاسر مزعج.

--

"هل تعلم كم انتهت النتيجة؟ 3-0.. هل تعني معنى الرقم 3؟ أنا فزت بـ3 ألقاب دوري إنجليزي وهذا الرقم أكبر مما حصده كل مدربي باقي فرق الدوري مجتمعين".

--

كان جوزيه يفترض أن تاريخه يجعله حصينا.

كان يظن أن الإعلام لن يحمله مسؤولية خسائر يونايتد.

أنا بالفعل بطل. أنا بالفعل رجل ناجح ولدي رصيد كبير في إنجلترا. أنا كنت مطلوبا في المنتخب لأنكم كنتم تروني الأفضل. هكذا يؤمن.

أنا الاستثنائي وإن خسر يونايتد عليكم البحث عن سبب آخر غيري لأني بالتأكيد بتاريخ مثل تاريخي لست السبب.

ربما المشكلة في اللاعبين. لو امتلكوا شخصية ماتيتش سنفوز. أو ربما المشكلة في المدافعين لو أجادوا التمرير للأمام سنفوز. المشكلة في الإدارة لو اشتروا لي مدافعين سنفوز. المشكلة في بوجبا لو اهتم أكثر بالكرة سنفوز. المشكلة في أليكسس لو استغل الحرية التي منحتها إياه سنفوز.

كيف ترفضون طلبي لرحيل مارسيال. ألم يبع فيرجسون من قبل ديفيد بيكام وهو في أوج تألقه؟ ألم يطرد رود فان نيستلروي مضحيا بأحد أعظم المهاجمين في التاريخ من أجل لويس ساها؟

لكن أحد لم يلم السير لأنه كان يفوز.

أنت تفوز = أنت صاحب الكلمة العليا

أنت تخسر = أفكارك سيئة ولن نجلب لك ألدرفيلد لأنه عجوز ونحن نبني فريقا للمستقبل وسنجدد عقد مارسيال حتى لا نكرر غلطتك مع صلاح.

إذن هل انتهى مورينيو؟

هل يعيش مورينيو على ذكريات إنجازاته السابقة وينتهي فجأة كأنما نزع أحدهم "الفيشة" كما حدث مع أساطير قبله مثل فابيو كابيللو وأريجو ساكي وأرسين فينجر؟

هل يكون مدربا يعيش على أغنية قديمة تتردد دوما في ذهنه وهو يشاهد كل شيء ينهار من حوله؟

--

"اليوم أشعر أن لا شيء يبدو كما كان".

"في المرآة وجدت صورة غريبة أمامي. هل فعلا هذه الصورة لهذا الشخص الوحيد هي صورتي أنا؟".

--

اسمحوا لي أن أتخفف من معايير الكتابة الرصينة وأكتب أني أحب مورينيو وأزعم أني لم أترك ثانية في مباراة له منذ بدأ مشواره مع بورتو ولم يفتني أي تصريح من الرجل أو عنه.

أن يقول أحد إنه فاشل أو يفوز بالمال فهذا غير منطقي يأتي غالبا من محبين لجوارديولا يفكرون بمنطق ميسي ورونالدو، أحدهما جيد والأخر فاشل.

أنفق ملايين؟ نعم لكنه تسلم الفريق فارغا من النجوم التي تصنع الفارق باستثناء ديفيد دي خيا، متأخرا في السباق عن بيب الذي بدأ حقبته معه سيلفا وأجويرو ودي بروين.

يريد مدافعين رغم أنه ضم لينديلوف وبايي؟ تعاقد كلوب مع كاريوس ثم بيكر. بيب جلب برافو ثم إديرسون. لا مشكلة.

ثم بالمناسبة في أول موسم مع يونايتد اهتزت شباكه 29 مرة، أقل من أرسنال 44 وليفربول 42 وسيتي 39 وتشيلسي حامل اللقب 33. وفي الموسم الماضي كان يونايتد أفضل ثاني دفاع بعد سيتي بفارق هدف واحد.

المشكلة أن عدم استقبال الأهداف سهل حين لا تكون أولويتك الهجوم.

لكن كيف يبني مورينيو فريقه هجوميا دون مدافعين جيدين. ألم يخسر بيب كل مبارياته الكبرى مع جايل كليشي وباكاري سانيا وفاز مع كايلي ووكر.

يقولون مورينيو لا يبني فريقا للمستقبل؟ فعلا! ربما يكون الاكتشاف المقبل لك ولإدد وودوورد أن جوزيه مدرب صاحب فكر دفاعي.

لماذا اصلا جلب مانشستر مدربا مثل مورينيو. ببساطة ليحقق بطولة سريعة والإدارة تعلم تماما من هو هذا الرجل وعليه ألا يشعر أنه مصدوم من شخصيته.

ولنضع كل شيء في نصابه.

كل ما سبق يحلل لماذا تأخر نجاح مورينيو مع يونايتد، لكن كلمة فاشل ليست مناسبة أبدا لوصف هذا الرجل.

ولا حتى منتهي.

--

“Oh my friend we are older but not wiser.. For in our heart the dreams still the same”.

"آه يا صديقي.. نحن أكبر سنًا وأكثر حكمة، لكن في قلبنا الحلم مازال نفسه"

مقطع أخر من أغنية Those were the days my friend.

--

الطريق إلى النجاة

يضع جاري نيفيل أحد أبرع المحللين في العالم تلك اللائحة كمعيار منه يمكننا القياس: هل هذا فريق بطل أم لا؟

يبدو بناء الهجمات في كرة القدم كأهم شيء حاليا. الكل يبحث عن مدافعين يجيدون التمرير والتمركز عاليا. الكل يبحث عن أكبر عدد من التمريرات لصناعة الفرص.

وفي مباراة توتنام قدم يونايتد شوطا من طراز مورينيو إلى درجة تجعلني أؤمن بأن فكرة أن هذا الرجل توقف به الزمن محل شك.

دخل توتنام المباراة وهو يضغط بثنائي هجومي ظنا من بوتشيتينو المدير الفني للفريق أن مانشستر يونايتد سيلعب بثنائي دفاعي فقط.

لكن مورينيو كان يطلب من هيريرا النزول كمدافع ثالث أثناء بناء يونايتد للهجمات.

لهذا أصبح ثنائي هجوم توتنام يضغط على 3 من يونايتد. فظهر فريق مورينيو بشكل أفضل.

ولأن مورينيو يعرف أن توتنام يلعب في العمق، ويستخدم ظهيري الجنب بشكل كبير هجوميا، فقد حضر خطة يونايتد لضرب تلك الثغرة في الفريق اللندني.

كلما خرج داني روز للهجوم ذهب جيسي لينجارد أو لوكاكو خلفه. ويتحول فريد أو بوجبا إلى مهاجم ينطلق في العمق لأخذ مكان لوكاكو.

قدم يونايتد شوطا ممتازا. ولولا الفرص المهدرة ربما لتغيرت النتيجة.

وصحيح كل مشاكل مانشستر عادت للحياة في 10 دقائق انتهت فيهم المباراة، لكن ما اهتممت به شيء أخر.

وهو أن مانشستر لم يبدو مستسلما. عكس تماما لقاء برايتون الذي شعرت فيه أن اللاعبين لا يملكون أوامرا فنية أصلا، وثقتهم منعدمة في أن يكون لهم كلمة عليا في اللقاء.

شعرت أمام برايتون أن المشروع انتهى. وأن رحيل مورينيو هو قرار اتخذه الفريق قبل إدارة النادي.

لكن أمام توتنام أشارك جاري نيفيل وجهة نظره: "اليوم شعرت أن اللاعبين يقاتلون ليستفيقوا. كذلك رأيت أفكارا جيدة توصلهم لمرمى الخصوم".

وضد برنلي لعب فيلايني في عمق الدفاع بدلا من ماتيتش لمنع الكرات الطولية لخصوم مانشستر، وقلل فريق مورينيو سرعة هجماته حتى يضمن عدم خروج مرتدات ضده ونجح.

لهذا أرى أن يونايتد على بعد خطوة من الوصول إلى الطريق الذي قد لا تكون في نهايته ألقابا لكنه على الأقل يضمن لهم الحصول على فرصة ثانية للحياة.

تلك الخطوة هي اصطفاف اللاعبين خلف مورينيو.

--

جوزيه مورينيو: "حين أخسر أكون أخر شخص يخرج من الملعب، وأول شخص يدخل أرض الملعب في المباراة التالية. أقف أمام المدرجات وأسمع الجمهور".

--

وهذا ما أحبه في مورينيو. من يقف أمام الأزمات شخصية غير مستسلمة تنتهي بسهولة.

نحن ضد العالم

كنت سعيدا بما فعله مورينيو بعد مباراة توتنام.

ذهب جوزيه للاعبين مع صافرة النهاية ومنحهم الشعور بأن هناك أمرا ما جيدا في الخسارة المذلة بثلاثية، ذهب للجمهور واستمع لتحيتهم، وباع تلك اللقطة في المؤتمر الصحفي: الجمهور معنا.

The Struggling one | Mourinho applauds the Manchester United fans after the 3-0 defeat to Tottenham

وبدأ مورينيو لعبة نحن ضد العالم.

بعد مباراة توتنام قال مورينيو: "الجمهور صفق لنا بعد الخسارة لأننا كنا جيدين. لهذا أقول لكم حاولوا كما تريدون. حاولوا وحاولوا وحاولوا تشويه صورتي. ما يهمني هو الجمهور وقد قال الجمهور كلمته".

يحب مورينيو لعبة نحن ضد العالم. يحب أن يجعل اللاعبين يشعرون بأنهم في جبهة ضد جبهات أخرى. هذا يجعل الفريق أكثر لحمة.

وربما يستخدم مورينيو لعبة نحن ضد العالم للم شمل الفريق. وهذا هو ما يحتاجه. التوقف عن الصدام مع بوجبا ومارسيال وكل لاعب يمرر بشكل خاطئ.

لا بطولة؟ أوك. لكن لنذهب إلى خط النهاية دون كوارث. بعدها لنتفق على البحث عن مسار مختلف أو الافتراق والبحث عن بداية جديدة.

--

جوزيه مورينيو: "في البرتغال لدينا مثل شهير يقول: كل حائط يقف أمامك هو باب ينتظر أن تجد سبيلا لتفتحه".

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات