يوم غير عادي في حياة عم رمضان.. رحلة حبس الأنفاس إلى مونديال 90

الجمعة، 01 يونيو 2018 - 10:45

كتب : مصطفى عصام

مصر - مجدي عبد الغني - مونديال 90

لم يكن عم رمضان من متابعي كرة القدم، لكنه كان يدرك جيدا أن هذه المباراة تحمل لنشاطه التجاري مكسبا واضحا، فقبل صلاة الظهر كان العدد الأسبوعي للأهرام قد نفد، وبعده بقليل كانت نسخ الأخبار تنتهي، ولم يعد متاحا سوى الجمهورية والمساء التي وصلت باكرا.

جلس عم رمضان يفكر في طريقة يحصل بها علي نسخ إضافية تجنبا لضياع فرصة المكسب الكبيرة بعد الصلاة، ولدهشته الشديدة كانت سيارة التوزيع التابعة للأهرام تحمل إليه نسخا إضافية، وقبل أن ينتهي من إنزال النسخ كانت عربة الأخبار تصل.

كانت المباراة الكبرى تسيطر علي عناوين الصحف، وتزيح الشؤون السياسية والداخلية وأحداث العالم جانبا، فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة.. معركة التأهل إلي كأس العالم.

(الأهرام) تحدثت عن إمكانية تحقيق أحلام 56 سنة في 90 دقيقة، و(الأخبار) سمتها مباراة "العبور" إلي نهائيات كأس العالم، أما (الجمهورية) فوصفت اللقاء بالمصيري وخاطبت نجوم مصر بأن كأس العالم يناديهم، فيما نقلت (المساء) تصريحات قائد المنتخب جمال عبد الحميد التي وعد فيها بالفوز على الجزائر كرد لجميل الجمهور الذي ساند الفريق.

كان التفاؤل يشع من صفحات الجرائد، ولم تكن هناك فضائيات رياضية متخصصة، فاقتصرت المتابعات التلفزيونية علي حلقة الإثنين من برنامج الكرة في أسبوع للراحل فايز الزمر – قبل المباراة بثلاثة ايام – وخبر في نشرة التاسعة من مساء الخميس، وبعض الإعلانات من رجال الأعمال عن منح سيارة نصر 128 لصاحب هدف الفوز، ومن آخر بمكافأة خمسة ألاف جنيه لصاحب هدف الفوز.

كان الحلم الذي بدأ في قسنطينة قد مر عليه أربعين يوما، وحانت لحظة الميلاد، وتمنى الجميع ألا تكون الولادة قيصرية.

وفي المدرجات كانت الثقة بادية في العيون، كن هناك شك وقلق وتوتر قبل مباراة قسنطينة، لكنها تحولت إلي ثقة وترقب في ملعب القاهرة.

ولم يطل الترقب كثيرا، فقد نفذ الجوهري خطته التي اشتهرت بعد ذلك، من خلال المبادرة بهجوم كاسح وشامل من كافة الاتجاهات دون انتظار فترة جس النبض التقليدية في المباريات الهامة أو الخوف بأن يمنى مرماه بهدف مبكر يحيل سيناريو المباراة إلي كابوس.

وفي الدقيقة الرابعة كان أحمد الكأس يتلقف كرة مرتدة من الدفاع الجزائري، ويرفعها عرضية يخرج لها حارس مرمي الجزائر العربي الهادي، ويطير لها مهاجما مصر حسام حسن وجمال عبد الحميد.

وينجح حسام حسن في وضعها في الشباك لتكون هدفه الأول في التصفيات، ولتكون الهدف الأغلى في تاريخ الكرة المصرية.

الحارس الجزائري استبدل بعد الهدف بداعى الإصابة، وأدعت الصحف الجزائرية أن الحكم التونسي علي بن ناصر تجاهل إعاقة لاعبي مصر للحارس الجزائري، وأنه أصيب بارتجاج في المخ نتيجة تعرضه للضرب من لاعب مصري لم تسمه.

الجوهري تحول بعد الهدف إلي الشق الثاني من الخطة، التحول إلي دفاع المنطقة والاعتماد علي الهجمات المرتدة، نظرا لأن المنتخب الجزائري لم يعد أمامه حل سوى الهجوم بكافة لاعبيه.

وتعرض الدفاع المصري لضغط شديد وتألق ثلاثي قلب الدفاع الليبرو هاني رمزي وأمامه هشام يكن وربيع ياسين، لإيقاف رابح ماجر ورفاقه، وكاد شريف الوزاني أن يخطف هدف التعادل قبل نهاية الشوط الأول وسط "دربكة" في منطقة الجزاء لكن الله سلم.

في الشوط الثاني كان اندفاع الفريق الجزائري أشد واعتراضهم علي قرارات الحكم التونسي أعنف، إلا أن الفريق المصري حاول الاحتفاظ بالكرة لأطول فترة والاستفادة بمهارات هشام عبد الرسول وأحمد الكأس في المراوغة، والابتعاد بالكرة عن مناطق الخطر.

ولم يلجأ الجوهري إلي التبديل إلا قبل النهاية بعشر دقائق حينما سحب أحمد الكأس وعوضه ببدر رجب كلاعب إضافي في وسط الملعب، الذي امتلكته الجزائر، في ظل تراجع منتخب مصر التكتيكي، والنفسي في ذات الوقت، والذي ظل يزداد رغبة في الدفاع عن حلم المونديال مع اقتراب النهاية.

وفي ظل الضغط الجزائري المستمر كان من المستحيل عدم حدوث أخطاء، سمح الأول لجمال مناد مهاجم الجزائر باصطياد كرة تائهة وسط مدافعي مصر ومن ثم ركنها ببراعة في اللحظة التي خرج فيها أحمد شوبير، لكن شوبير تعملق وتمدد ليمسك بالكرة في لقطة تجمدت معها عقارب الساعة، وتنفس الجمهور الصعداء.

بعدها كان حسام حسن يحصل علي تمريرة طويلة من هشام يكن – تماما كتمريرة مباراة هولندا في كأس العالم – لكنه بدلا من أن يتوجه مباشرة للمرمي، قام بسحب المدافع معه وتمرير الكرة لهشام عبد الرسول الذي سدد كرة قوية من زاوية ضيقة أمسكها الحارس الجزائري.

كانت نهاية المباراة ملحمية كبدايتها، فقد اندفع كل لاعبي الجزائر إلي منطقة الجزاء المصرية وخلال كرة مشتركة تردد شوبير في الخروج لثانية، وتردد المدافعون في "تطفيش" الكرة لجزء من الثانية ليسبقهم رابح ماجر ويسدد كرة ماكرة و....

تتوقف الحركة وتخمد الأصوات في ملعب القاهرة...

ويقفز لاعبو الجزائر من الاحتياط وطاقم التدريب وهم يصرخون... وتصطدم الكرة بجانب القائم وتخرج...

هنا فقط أيقن الجميع أن الجزائر لن تتأهل هذه المرة، وأن مصر هي صاحبة البطاقة رقم 22 لكأس العالم 90.

صحيح أن الحكم أطلق صافرته بعد دقيقتين إلا أن النتيجة كانت قد حُسمت بالفعل.

لم يدرك عم رمضان شيئا من هذه الأحداث، وكان نائما خلال المباراة، إلا أنه استيقظ علي أصوات الاحتفالات التي لم تشهد مصر لها مثيلا من قبل، بل وأقول إن احتفالات الفوز بكؤوس إفريقيا بعد ذلك لا تقارن بما تم في ليلة الجمعة 17 نوفمبر 1989.

ويكفي القول بأن التلفزيون المصري خالف عادته حول أغاني النصر المعتادة لياسمين الخيام ومحمد ثروت، وأذاع عقب نهاية المباراة مباشرة أغنية حميد الشاعري (جلجلي جلجلة، صهللي صهللة)، لتكون نهاية هذه المباراة بداية لعصر جديد للحياة في مصر.

اقرأ أيضا:

طائرة الفراعنة إلى روسيا - 20 اسما الأقرب للقائمة وكولومبيا تحسم ثلاثة مقاعد

5 تحديات يواجهها منتخب مصر أمام كولومبيا

بديل زيدان - 5 عوامل يجب أن تتوافر في مدرب ريال مدريد الجديد

خبر في الجول – اسم جديد يظهر في قائمة المرشحين لتدريب الأهلي

فيديو وصور – اللجوء لمياه البحر والأعشاب.. ماذا ينتظر صلاح في عملية التأهيل

اختبر معلوماتك عن كأس العالم (1)

التعليقات