أدب المونديال - جارينشا والمذياع "الذي لا يبث إلا بالسويدية"

الأربعاء، 30 مايو 2018 - 19:31

كتب : FilGoal

جارينشا

تعشق كرة القدم وانجرفت نحو مشاهدة المباريات بشراهة مُهملا القراءة ومطالعة الكلمات؛ أو أدمنت القراءة والاطلاع ليل نهار مفوتا على نفسك فرصة الاستمتاع بمشاهدة كرة القدم؟ لا مشكلة.

أدب كرة القدم يفتح جسرا آمنا بين الشاطئين، ويجعل كرة القدم مقروءة، والقراءة ملعوبة بوصفها لواحدة من أكثر الألعاب الجماعية شعبية على مستوى العالم.

FilGoal.com يقدم سلسلة "أدب المونديال"، ويقتبس أبرز الكلمات التي كُتبت عن كرة القدم، وفي هذا الحلقة ضيفنا سيكون كتاب "أغرب الحكايات في تاريخ المونديال" من تأليف الكاتب الأرجنتيني لوثيانو بيرنيكي، وترجمة محمد الفولي إلى العربية.

والبداية مع الأحدب "جارينشا" الذي أثار الرعب على الجبهة اليمنى الهجومية للبرازيل في نسختي السويد 1958 وتشيلي 1962 وقاد بلاده إلى معانقة كأس جول ريميه لأول مرة.

راديو غارينشا

قليلون هم الذين يعرفون أن المهاجم البرازيلي الرائع مانويل "مانيه" فرانسيسكو دوس سانتوس، المشهور في الأوساط الكروية بلقب "غارينشا"، كان قاب قوسين أو أدنى من عدم المشاركة في مونديال السويد. وكان من المستجدات التي ظهرت في هذه النسخة من المونديال تعاقُد البرازيل مع الطبيب النفسي جواو كارفاليايس ليعمل مع طاقم المدرب فيسينتي فيولا.

وأظهرت الدراسات والمقابلات التي أجراها كارفاليايس على "غارينشا" أنه يجب أن يُطرد من الفريق بسبب الانخفاض المذهل في نسبة ذكائه.

وحذّر الطبيب المتخصص فيولا وقال له حرفيا إن لمهاجم فريق بوتافوغو "علب صفيح في رأسه وليس مخا". وعندما بدأ محتوى التقرير في الانتشار اجتمع بالطبيب الثنائي نيلتون سانتوس وديدي، زميلاَ "مانيه" في بوتافوغو وصاحباَ الدور القيادي في المنتخب، وأقنعاه بألا يصرّ على طرد المهاجم القادم من مدينة ريو دي جانيرو، وقالا له: "غارينشا يعرف كيف يلعب كرة القدم يا دكتور".

وعلى الرغم من قدرته الضعيفة على التفكير بعقلانية وقدميه المائلتين إلى الداخل وامتلاك ساق أقصر من الأخرى بستة سنتيمترات وعمود فقري محدودب، خاض "غارينشا" ستين مباراة مع منتخب بلاده؛ فاز باثنتين وخمسين منها وتعادل في سبع وخسر واحدة فقط.

ويروي أعداء "غارينشا" -ربما لتبرير وصية الطبيب النفسي- أن ذاك اللاعب اشترى، أثناء منافسات كأس العالم، راديو ترانزيستور باهظ الثمن وحديثا بمقاييس تلك الحقبة من أحد المتاجر، وما إن عاد إلى المعسكر حتى أظهر تلك الصفقة الرائعة لزملائه في الفريق فقدّموا له التهنئة بدهشة من اختياره الجيد.

وعلى الرغم من هذا أقدم مدلّك البرازيل الشهير أميريكو على إبعاده عن المجموعة وأخبره بأنه أبرم صفقة خاسرة، وقال: "هذا الجهاز لن ينفعك في البرازيل، فهو لا يبث بغير اللغة السويدية".

وبسذاجة لا يتصف بها كثيرون، شغّل "غارينشا" الراديو وتحقق من أن المذيعين في كل المحطات كانوا بالفعل يتكلمون السويدية. وبعد دقائق عديدة من كيل السباب واللعن للبائع الذي افترض أنه خدعه، قبِل المهاجم التنازل عن الجهاز للمدلك اللئيم الذي استحوذ بهذه الطريقة وبتكلفة زهيدة جدا على الراديو، ذلك الجهاز الذي احتال عليه فيه حين أخبره بأنه "لا يفيد غير السويدين".

التعليقات