صورة في المونديال - تراجيديا إشبيلية.. "لم أرد إيذائه ولكنني سأفعلها مجددا"

الخميس، 10 مايو 2018 - 16:18

كتب : فادي أشرف

باتريك باتيسون

ما أمهر ميشيل بلاتيني، تمريرة ولا أروع في قلب الدفاع الألماني وضعت البديل صاحب الرقم 3 باتريك باتيستون في انفراد تام مع حارس ألمانيا الغربية هارالد شوماخر، ثم الفاجعة!

مرحبا بكم في سلسلة صورة في المونديال، التي يستعرض فيها FilGoal.com صور أيقونية من تاريخ كأس العالم والقصة التي أدت إليها في النهاية والبداية من تراجيديا إشبيلية في 1982.

مثل شارع الشانزليزيه في الخامسة صباحا

شارك باتيستون كبديل قبل 10 دقائق من تراجيديا إشبيلية، تمريرة مبهرة من بلاتيني وضعته أمام شوماخر ووسط مدافعي الألمان.

"الملعب بالنسبة لي كان طرقة المنزل، طويل وخال مثل شارع الشانزليزيه في الخامسة صباحا".

لم يعرف باتيستون ما ينتظره في نهاية الطرقة، تدخل وحشي من شوماخر تسبب في فقدانه لـ3 أسنان، وأكثر من ضلع مكسور وضرر لم يختفي في عموده الفقري. إصابات قد تحدث لك في حادثة سيارة وليس في ملعب كرة قدم.

فرنسا ضد ألمانيا الغربية، نصف نهائي كأس العالم 1982. النتيجة 1-1 وباتيستون كان قريبا من منح فرنسا التقدم والتأهل إلى نهائي النسخة المقامة في إسبانيا.

وصل باتيستون للكرة أولا، لمسها قبل شوماخر قبل أن تلتقط كاميرات التلفزيون في آخر طرف للكادر ما حدث، قبل أن تتبع الكرة إلى خارج المرمى.

"لم يكن هناك أي نبض. بدا شاحبا لدرجة لم أرها من قبل. طننت أنه توفي"، يروي بلاتيني ما حدث في 7 دقائق لم تصل فيها نقالة لإخراج المدافع الفرنسي، لماذا تأخرت النقالة؟

أمن ملعب رامون سانشيز بيزخوان في إشبيلية لم يسمح لممثلي الصليب الأحمر بالتواجد حول الملعب وأبعدهم إلى خارجه!

في ظل الخوف على باتيستون، لم ينتبه أحد إلى أن الحكم الهولندي تشارلز كورفر لم يحتسب أي شيء، لا خطأ ولا بطاقة حمراء أو حتى صفراء، ركلة مرمى فقط هو ما احتسبه الحكم.

يقول كورفر "طوال المباراة بدا أن شوماخر عصبي للغاية، حتى بعد أن أسقط باتيستون لم يعتذر إليه أو اطمأن عليه حتى. هذا أغضبني بشدة ولكنني سألت الحكم المساعد ما رأيه في الكرة قال إنها غير متعمدة. أنا لم أر الواقعة لأن رؤيتي كانت محجوبة. لو كنت رأيتها في التلفاز لأخذت قرارا مختلفا".

يتذكر باتيستون المباراة من على دكة البدلاء قبل مشاركته، يتذكر أن شوماخر كان عنيفا واشتبك مع ديدييه سيس ودومينيك روشيتو زملاءه قبل مشاركته.

لا يتذكر باتيستون أي شيء بعد ذلك، وإن كانت كاميرات التلفزيون سجلت رد فعل شوماخر الذي انتظر تنفيذ ركلة المرمى بتململ شديد وكأن شيئا لم يحدث. بعد المباراة سألوه عن الحادثة ورأيه فيها مع إخباره إن باتيستون فقد بعض الأسنان..

"سأدفع تكاليف علاج أسنانه" التصريح بدا ساخرا، لدرجة دفعت المستشار الألماني هيلموت شميدت والرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران لإصدار بيان مشترك في محاولة للسيطرة على النغمة المعادية لألمانيا في الإعلام والشارع الفرنسي بعد المباراة.

إلى أي درجة وصلت هذه النغمة؟ استفتاء في أحد الجرائد أظهر أن الألماني الأكثر حصولا على مشاعر الكراهية في فرنسا هو شوماخر، متفوقا على أدولف هتلر الزعيم النازي الذي احتل فرنسا ودمر مدنها وشرد شعبها!

ما حدث حدث في الدقيقة 57، النتيجة 1-1 وباتيستون كان التغيير الأول، خرج مصابا وأجرى الديوك التغيير الثاني، في زمن كان لا يسمح سوى بتغييرين فقط في مباريات كرة القدم.

ما حدث في بقية المباراة هو أن فرنسا أحرزت هدفين، لكن ألمانيا أظهرت شخصيتها وأحرزت هدفين قبل أن تفوز بركلات الترجيح بقيادة شوماخر نفسه. إلى نهائي كأس العالم.

"لم أرد إيذائه.. ولكنني سأفعلها مجددا"

يحب عامة الجمهور رواية الضحية، وتذهب رواية الجاني إلى غياهب النسيان لأن عادة، الجاني لا يهتم برواية تفاصيل جريمته.

شوماخر لم يفعل ذلك، بل تحدث لجريدة "لو فيجارو" حول ما حدث مؤكدا أنه لم يرد إيذاء باتيستون، ولكنه سيفعلها مرة أخرى تكرر نفس الموقف.. "لقد كانت الطريقة الوحيدة للحصول على الكرة".

يدرك شوماخر – حسب حواره مع لو فيجارو – أنه كان عليه الاطمئنان على باتيستون بدلا من انتظار تنفيذ ركلة المرمى، أو أنه لم يكن عليه الاحتفال بالتصدي لركلات الترجيح بعد دقائق من ارتكابه ما كان أقرب لكونه جريمة قتل وليس تدخل شرعي في كرة القدم.

أبدى شوماخر ندمه على جملته الساخرة للصحفي الذي سأله عن باتيستون. أفعال شوماخر تقودنا لمدخل عن شخصيته.

قبل البطولة، أطفأ شوماخر سيجارة على ذراعه ليثبت لحبيبته أنه يحتمل الألم، وبعد الخسارة في المباريات يذهب إلى منزله ويركل كيس رمال إلى أن تسيل الدماء من قبضته. الرجل الذي نتحدث عنه هنا عنيف للغاية.

رحلة وصول ألمانيا الغربية إلى نهائي نسخة 1982 وهزيمتها من إيطاليا، لم تحتمل المزيد من التشكيك، مؤامرتهم مع النمسا ضد الجزائر لا تنسى، أداءهم السيء في البطولة جعل مدرب فرنسا ميشيل هيدالجو لا يكتب شيئا في مدونته عن أداءهم المزري قبل المباراة.

معسكر ألمانيا الغربية كان فوضى عارمة، لدرجة أن المدرب يوب ديرفال ألغى حصة تدريبية لأن اللاعبين كانوا مخمورين بشدة بعد عرض أزياء في الفندق الخاص بهم انتهى باللاعبين مع العارضات في غرفهم الخاصة.

ما لا يعرفه المعظم أن مباراة النهائي ضد إيطاليا في 1982 شهدت خلافا كاد يتطور لعراك بالأيدي بين أولي شتيلكه وكارل هاينز رومينيجه. جريمة شوماخر كانت فقط ثمرة الكرز فوق كعكة الفوضى الألمانية في إسبانيا.

"لم أفهم مغبة ما فعلته، فجأة أصبحت مسؤولا عن كراهية الألمان في فرنسا"، لدرجة أن صديق لباتيستون حاول ترتيب لقاءا بين الثنائي ليقدم شوماخر اعتذارا شخصيا لباتيستون قبل حفل زواج الفرنسي.

لم ينجح شوماخر في الوصول إلى باتيستون بسبب هجوم الجمهور الفرنسي عليه في الشوارع، الذي وصل لدرجة تشبيهه بجنود الـSS، القوات النازية الخاصة التي عذبت الفرنسيين كثيرا.

بعد عامين، أقيمت مباراة ودية بين المنتخبين في فرنسا، ليجد شوماخر دمية كبيرة على شكله في المدرجات معلقة على حبل مشنقة، بعيدا عن كل الحوائط التي حملت اسمه بجانب شعار السواستيكا النازي.

بعد هذه المباراة، تبادل شوماخر قميصه مع باتيستون في غرفة خلع الملابس، ليسدلا ستارا على خلاف كاد يتحول لأزمة دبلوماسية وربما ما هو أكثر من ذلك.

لمتابعة كل تقارير كأس العالم اضغط هنا

التعليقات