كتب : محمد يسري | الأحد، 14 يناير 2018 - 00:45

مقال رأي - ريال مدريد زيدان.. بين التناقضات والمنطق والأمل الأخير

زيدان

الأمر سهل للغاية وليس بعيدا عن المنطق. الكرة لا تريد الدخول إلى الشباك لهذا لا يفوز ريال مدريد ولهذا يقبع بطل أوروبا في أخر موسمين في المركز الرابع مهددا بفقدان مركزه إذا لم تتحسن النتائج.

بعد كل مباراة يفقد فيها ريال مدريد النقاط يخرج علينا زين الدين زيدان ويذكرنا بأن فريقه خلق فرصا للتسجيل لكن "الكرة لا تريد الدخول للمرمى" مثلما صرح بعد الهزيمة من فياريال على ملعب سانتياجو بيرنابيو لأول مرة في التاريخ.

ما يعاني منه الفريق في الوقت الحالي ويتلوه علينا زيدان بعد كل مباراة كان سببا في الفوز على برشلونة في إياب السوبر بهدفين دون رد مطلع الموسم الحالي لكن وسط صخب الاحتفالات على رفاق ميسي ذهابا وإيابا لم تهتم الجماهير والصحافة وزيدان نفسه بتحليل ظاهرة إضاعة الفرص في المباراة أو عدم زيادة غلة الأهداف واستغلال سوء مستوى وفقدان الكتلان الثقة في أنفسهم مع المدرب الجديد إرنتسو فالفيردي.

ما ليس منطقيا

لا توجد أسباب لا منطقية لما يجري الآن. لكن غير المنطقي فعلا هو عدم عمل زيدان على حل هذه المشكلة. لأن بالطبع يعلم زيدان أن هناك مشكلة لأن احتمالية عدم معرفته بتلك المشكلة ينقلها إلى مشكلة أكبر.

ورغم أن الفريق خلق 252 فرصة للتسجيل سجل منها 32 هدفا فقط. لكن وفقا لما يفعله زيدان في المباريات هذا الموسم قد نجد أن نسب عدم معرفته بالمشكلة كبيرة للغاية. كيف؟

في مباراة سيلتا فيجو السابقة مثلا، غير زيدان مركز جاريث بيل من المهاجم إلى الجناح في الشوط الثاني ليترك كريستيانو رونالدو وحيدا بين مدافعي الخصم؛ بدلا من الاستفادة بقدرة بيل على تحويل الفرص لأهداف حال وجوده في عمق الملعب.

العجيب أن زيدان التي لطالما تعلم من أخطاءه في فتراته الأولى مع الفريق موسم 2015-2016 بدا وكأنه لا يتعلم شيئا من ما يفعله هذا الموسم. لأنه أمام فياريال لم يغير مركز بيل فقط، بل سحبه من الملعب ودفع بلوكاس فاسكيز وماركو أسينسيو.

العجيب أيضا أن تغيير زيدان الثنائي جاء لفتح الملعب أكثر وخلق مساحات في دفاع فياريال بالإَضافة إلى الاعتماد على الكرات العرضية التي يجيدها فاسكيز وأسينسيو، لكنه ومع بحثه للهجوم سحب من سيجاور رونالدو في عمق الملعب وترك رونالدو وحيدا أيضا بين مدافعي فياريال. علما بأن بيل يجيد التسجيل بالرأس كما يجيد التمركز في العمق.

تناقضات

أكثر ما ميز زيدان منذ يناير 2016 وحتى بداية الموسم الحالي هو الاستخدام الصحيح لقدرات اللاعبين وليس فنياته الممتازة أو خططه الكروية المعقدة التي يصعب على الخصوم ضربها.

في البداية سحب جيمس رودريجيز ودفع بكاسيميرو لسد الثغرات، ثم جلس إيسكو على دكة البدلاء لسوء المستوى و النتيجة كانت تتويج ريال مدريد بدوري الأبطال على حساب أتلتيكو مدريد بركلات الترجيح وهو أمر لم يكن ليتوقعه أشد المتفائلين بعد مستوى الفريق أثناء فترة بينيتيث في أول الموسم.

وفي الموسم الماضي ومع إصابة بيل، عاد إيسكو أساسيا بعدما أظهر أحقيته بالحصول على فرصة؛ ليلعب خلف رونالدو وكريم بنزيمة صانعا للألعاب بعد تحول الفريق إلى طريقة 4-4-2 الماسة.

وجود رونالدو أقرب إلى المرمى وإيسكو في العمق توجت الفريق بدوري الأبطال للمرة الثانية والدوري الإسباني.

صحيح أن التحول إلى 4-4-2 الماسة جاء بعد الهزيمة من برشلونة وإصابة بيل لكن وجد زيدان الحل لعودة الفريق إلى الطريق الصحيح.

أما في الموسم الحالي، نجد وأن رونالدو لم يعد قريبا من المرمى كما كان في نهاية الموسم المقبل وبات يتواجد على الطرف تماما مثلما يتواجد إيسكو على الطرف الأخر!

كما نجد بنزيمة.

العمق الذي كان سببا في تتويج زيدان بالبطولات في الموسم الماضي؛ تخلى عنه زيدان مثلما تخلى عن التعاقد مع مهاجم بدلا من استمرار الفرنسي الذي لم يسجل سوى هدفين فقط في الدوري حتى الآن.

مثلما استغنى زيدان عن جيمس وبيل في التشكيل الأساسي في الموسمين السابقين عليه أن يستغني عن العنصر الذي لا يفيد الفريق حاليا، وهو ما لا يتعارض مع الدفاع عنه أمام الإعلام وحمايته.

بين غياب الدوافع وعدم استغلال ما تبقى منها

حقق الفريق ما لم يحدث من قبل في دوري الأبطال بنسخته الجديدة بعدما حققه في عامين متتاليين. وهذا ما تسبب في غياب الدوافع بعض اللاعبين وهو ما يظهر في الملعب ولا يقاس بأرقام من استهتار أحيانا في الأداء وعدم التمركز بشكل صحيح.

لكن يتحمل زيدان جزء كبير من غياب الدوافع للاعبين. كيف؟

يبدو وأن رغبة زيدان في استقرار الفريق وثبات التشكيل جاء بطريقة عكسية، حيث يظهر كل لاعب وهو ضامن لمركزه الأساسي دون منافسة.

صحيح أن فارق المستوى والخبرة كبير بين الأساسيين والبدلاء هذا الموسم لكن لم يفكر زيدان حتى في أن يعطي فرصة للبدلاء الشباب لإظهار قدراتهم وخلق منافسة بين المجموعة خصوصا وأن ما يقدمه مارسيلو لن يكون أسوء مما سيظهر به ثيو هيرنانديز أو سيكون تأثير داني سيبايوس أقل من تأثير توني كروس الذي يبدو وأنه يعاني من مشكلة ذهنية.

كما أن زيدان فشل في استغلال دوافع أسينسيو في إثبات ذاته بعد تسجيله هدفين في مرمى برشلونة ومثلهم في لقاء فالنسيا بجانب تألقه مع إسبانيا في الأمتار الأخيرة من تصفيات كأس العالم وعاد الجناح الشاب إلى دكة البدلاء بمجرد عودة رونالدو من الإيقاف بعد مباراة السوبر المحلي.

عودة أسينسيو للدكة جعلت ريال مدريد يفقد من يجيد الحلول الفردية في المباريات التي يصعب الفوز بها ولم يستثمر زيدان صحوة الجناح الإسباني في بداية الموسم.

وجود أسينسيو مستمر على الدكة بعد أن ساهم في 7 أهداف بعدما سجل 4 وصنع 3 خلال 909 دقيقة ليكون ثاني أكثر من ساهم في الأهداف بعد إيسكو الذي ساهم في 8 أهداف بعدما سجل 4 وصنع مثلهم خلال 1141 دقيقة.

الأمل الأخير

الآن، بات على زيدان تجديد الدوافع وسد الثغرات مثلما فعل حين آتى إلى الفريق 2016، لكن هذه المرة عليه أن يصلح ما فعله هو شخصيا ليس ما فعله بينيتيث، خصوصا وأن إذاعة "كادينا سير" الإسبانية أذاعت في وقت سابق أن بعض اللاعبين فقدوا الثقة في زيدان ويروا أن أسلوبه أصبح "مملا".

لكن الأهم هو التعامل بواقعية فيما تبقى من الموسم وعدم الاستسلام إلى أن خسارة الدوري إكلينيكيا ستجعل الفريق ينهي الموسم دون بطولة.

تلك الواقعية قد تجعل الفريق يتخطى عقبة باريس سان جيرمان في دوري الأبطال خصوصا وأن الفريق الفرنسي يعاني من مشاكل في الغرف المغلقة كما أشارت الصحف الفرنسية، تماما مثل المشاكل التي عانى منها يوفنتوس بين شوطي نهائي المسابقة الأوروبية في الموسم الماضي؛ استغلها ريال مدريد بشكل رائع وحقق اللقب.

وقد يحاول زيدان خلق دافع للاعبين للتركيز في دوري الأبطال وتحقيقه للمرة الثالثة على التوالي بإيصال فكرة أن تحقيق اللقب بعد الظهور بمستوى سيء في بداية الموسم سيرفع من قيمة اللاعبين ويؤكد على أنهم مازالوا الأفضل في العالم.

ناقش الكاتب عبر تويتر

كما أن اللاعبين عليهم خلق دوافع لأنفسهم التعاون مع زيدان ومساعدته حتى يتم إنقاذ الموسم؛ لأن دوري الأبطال بات الأمل الأخير للفريق.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات