في الكلاسيكو - باولينيو الذي لا تعرفه.. من "الابتعاد عن كرة القدم" إلى البحث عن التحدي

الخميس، 21 ديسمبر 2017 - 18:14

كتب : إسلام مجدي

باولينيو برشلونة

قبل بداية الموسم الجاري نشرت مجلة "فور فور تو" تقييما لأسوأ 10 صفقات أجرتها الأندية خلال السوق الصيفية الماضية. في المرتبة الأولى كان جون تيري أسطورة تشيلسي الذي انضم إلى أستون فيلا، في المرتبة الثانية باولينيو الذي انضم إلى برشلونة.

بعد انقضاء ما يقرب من 3 أشهر على بداية الموسم وخوض 16 جولة بالدوري، أصبح يعد واحدا من أفضل الصفقات الصيفية، كما أنه سجل 6 أهداف أكثر من أي لاعب وسط محوري في الدوريات الخمس الكبرى.

إن سألت عن باولينيو في لندن فستكون الإجابة واضحة :"صفقة من أفشل الصفقات في تاريخ توتنام". هكذا وصفه ريتشارد كيز مقدم برامج قناة "بي إن سبورتس" لـFilGoal.com.

وفي إسبانيا سأل FilGoal.com في وقت سابق جونزالو كابيتزا صحفي "إل كونفدينشيال" عن باولينيو فقال :"صفقة غريبة من برشلونة لكنه كان جيدا في الصين ربما يفيد الفريق سنرى ما سيحدث".

وواصل "هناك انتقادات كبيرة للصفقة، لقد قدم مستوى جيدا للغاية مع منتخب البرازيل كذلك مؤخرا".

بكل معنى لجملة "الأحلام أصبحت حقيقة". من الصين إلى برشلونة كيف جاءت تلك الرحلة الشاقة لباولينيو؟

بدأ باولينيو مسيرته مع فريق باو دي أسوكار كما تنطق بالبرتغالية واليوم يسمى فريق جريميو أوساسكو. كانت تلك الخطوة الأولى في عالم كرة القدم الاحترافية لمن سيصبح فيما بعد نجما في برشلونة.

أتى عرض من فريق فيلنيوس الليتواني لباولينيو لينضم إليه رغبة منه في البحث عن فرصة تتيح له اللعب والتطور.

خلال تلك الفترة وعلى الرغم من أنه قدم الكثير في عمر الـ18، واجه عنصرية وهتافات مهينة والكثير والكثير حال دون إثبات نفسه كموهبة حقيقية في خط الوسط وأثر ذلك كثيرا على حالته النفسية.

قال باولينيو عن تلك الفترة :"كانت هناك مباراتين تحديدا شاركت فيهما والجماهير كانت تشير لي كالقرد وتصنع ضوضاء مشابهة لأصواتهم، ورموا علي العملات".

وواصل "فكرت فقط في أنني لست بحاجة للتعايش مع ذلك الوضع لذك قررت الرحيل فورا".

لذلك بدت رحلة باولينيو إلى ليتوانيا فاشلة على الرغم من أنها لم تكن فعليا كذلك، إذ أنه شارك في 38 مباراة وسجل 5 أهداف.

انتهت إعارة باولينيو ليرحل إلى فوتس البولندي، فقط ليتعرف أكثر على الكرة الأوروبية ويتطور، لكن كل ما وجده كان تجربة صعبة أخرى، كان بعيدا عن عائلته وزوجته التي حملت طفله وكان يرغب بشدة في العودة إلى البرازيل في أسرع وقت. لذا رحلته إلى بولندا شهدت ابتعاده عن تركيزه وعن المشاركة سوى في 17 مباراة.

قال باولينيو :"بمجرد عودتي للبرازيل فقدت الأمل والثقة، كنت مصابا بالإحباط الكبير وبالطبع خسرت الثقة تماما في نفسي، قد تعود الثقة مع الوقت، لكنني لا يمكنني أبدا أن أفكر في أكبر أحلامي بلعب كرة القدم والانضمام لأحد الأندية الكبيرة وأنا أمر بتلك اللحظات".

وواصل "إن تركت لعب كرة القدم لم أكن لأفعل أي شيء أخر، في الحقيقة أنني استمريت في وطني ولم أفكر في أي شيء يحل محل الكرة، شعرت بالمسؤولية تجاه والدتي ووالدي وتحدثت بالكثير من الأشياء السيئة لزوجتي، لكنها ذكرتني أن والداي قاتلا من أجلي وأنني يجب أن أعود للقتال في كرة القدم لما منحاه لي".

وتابع "فريقي في البرازيل تحدث معي كثيرا ومنحني الكثير من الدعم المعنوي، لأعود إلى كرة القدم مجددا". ليعود للعب كرة القدم في الدرجة الرابعة مع فريقه باو دي أسوكار قبل أن ينضم معارا لفريق براجانتينو في الدرجة الثانية.

مع براجانتينو لعب كرة القدم في دوري الدرجة الثانية وبعد عام وحيد من التألق ضمه فريق كورينثيانز.

في مسافة موسمين نجح باولينيو في القفز من الدرجة الرابعة على الأولى، وانضم لواحد من أفضل الأندية في البرازيل. ومثل النادي في 112 مباراة سجل خلالها 25 هدفا وصنع 16 آخرين.

ما قدمه مع كورينثيانز جعله يربح استدعاء للمشاركة مع المنتخب في سبتمبر 2011 لمواجهة الأرجنتين. وفي 2012 فاز بكوبا ليبارتادورس وكأس العالم للأندية وكأس الرابطة والدوري.

كل ما سبق من كفاح لم تعرفه أوروبا عن قرب، الدوري الإنجليزي الممتاز تحديدا، جل ما شاهدوه وعرفوه كان نجما ساطعا في 3 سنوات من 2011 حتى 2013. ليفكر أندري فيلاش بواش مدرب توتنام في يوليو 2013 بضمه وبالفعل دفع ما يقرب من 17 مليون جنيه إسترليني لضم اللاعب.

ما حدث وقتها لا يخفى على أحد، عامان مع توتنام سجل فيهم 10 أهداف وصنع 7 في 67 مباراة ولم يقدم الكثير وكانت معظم الصحف والمحللين يلقبونه بـ"الصفقة الفاشلة".

توتنام في تلك الفترة أيضا كان يعاني، الفريق تحول من بواش إلى تيم شيروود حتى تولى ماوريتسيو بوكيتينو مهمة تدريب الفريق، ساهم كل ذلك في ابتعاد باولينيو عن مستواه كذلك.

قال فيديريكو فاركوميني محلل "التلفزيون البريطاني" لـFilGoal.com "باولينيو كان تائها للغاية، لكن أيضا انظر للمتغيرات الفنية الكثيرة التي مر بها توتنام، لم يكن بوكيتينو وهذا الاستقرار معروفين بعد في النادي اللندني".

وواصل "ربما قدم بعض اللمحات التي توحي بأنه موهوب، لكنه وصف بالصفقة الفاشلة في تلك الحقبة تحديدا".

خسر باولينيو مكانه لحساب لاعبين مثل ريان ماسون وإيتيان كابوي ونبيل بن طالب. وفي يونيو 2015 انضم إلى فريق جوانزو إيفرجراند الصيني بمبلغ 10 ملايين جنيه إسترليني.

صرح باولينيو عقب انضمامه إلى الفريق الذي ينافس في الدوري الصيني :"أبحث هنا عن تحد جديد".

بانتقاله إلى الصين وجد لويس فيليبي سكولاري المدرب الذي ضمه لفريقه للمشاركة في كأس العالم 2014، لينجحا سويا بالفوز بالدوري الصيني مرتين على التوالي وكأس الصين مرة وكأس السوبر مرتين ودوري أبطال آسيا مرة.

قام تيتي مدرب المنتخب البرازيلي باستدعاء باولينيو، خاصة وأنه علم معه فعليا ونجحا في فريق كورنثيانز، ويعلم جيدا ما يمتلكه لاعب الوسط البرازيلي.

باولينيو مع منتخب البرازيل شارك في 46 مباراة دولية سجل خلالها 11 هدفا وصنع 9 آخرين.

منذ عودته للمنتخب لعب في 14 مباراة سجل خلالها 6 أهداف وصنع 3 آخرين.

قال سكولاري :"باولينيو لم يكن في تفكير منتخب البرازيل حتى، لكنه قاتل للعودة إلى صفوفه، لهذا السبب أنا فخور بالدوري هنا، من المخطئ أن نقول إن الدوري الصيني موجود للاعبين الذين على وشك إنهاء مسيرتهم، فالبعض أعاد اكتشاف نفسه فيه".

العديد والعديد من الشائعات قالت إن برشلونة يفكر جديا في ضم باولينيو، لكن هل فعلا سيحدث ذلك؟ واحد من أكبر أندية أوروبا يشتري لاعبا ينافس في الدوري الصيني؟

جوانزو طلب الحصول على مبلغ 37 مليون جنيه إسترليني إما هذا أو لن يبيع نجمه باولينيو. ليوافق برشلونة فعليا وتتم الصفقة.

قال جونزالو كابيزا لـ FilGoal.com "كانت صدمة للجميع، الدوري الصيني اكتسب سمعة ما بأنه للاعبين الذين يرغبون في كسب المال بأريحية، دون التعب وأنه ليس مثل أوروبا".

وواصل "أتذكر كل الانتقادات وكل ما قلته، كاذب من كان يعتقد أن باولينيو سيترك هذا الانطباع، فقط فالفيردي هو من آمن بما يمتلكه من قدرات. هل يستمر؟ لا أعلم إنه على وشك الـ30 عاما لكنه يقدم مستوى مبهر والدوري هنا ملائم له جدا".

قال باولينيو قبل انضمامه للصين إنه يبحث عن تحد جديد، وحينما انضم إلى برشلونة قال إنه تحد أخر.

تحدث ريتشارد كيز لـFilGoal.com محللا سبب من أسباب نجاح باولينيو حتى الآن قائلا :"معظم لاعبي أمريكا الجنوبية ينجحون في الدوري الإسباني بشدة دون غيره لأنه يعتمد أكثر على المهارة والسرعة والموهبة أكثر من الجانب البدني".

وأضاف "باولينيو فنيا يضيف لفالفيردي وسياسة الضغط العالي التي يتبعها القدرة البدنية بجانب قوته في حسم الفرص، يفوز كذلك بالالتحامات الهوائية ويقدم الدعم اللازم للويس سواريز وليونيل ميسي، إنه قوي بجانب فنياته لذلك نجح".

كتب دانيل زيكيري صحفي "تيليجراف" :"حينما يفشل لاعب في الدوري الإنجليزي فإنه ليس مقياسا أبدا لافتقاره للخبرة أو الموهبة، قد لا يلائم بدنيا أو فنيا النادي الذي اختاره أو الدوري نفسه، الفشل في إنجلترا ليس عاملا محددا لأن يكون اللاعب نفسه فاشل".

هل تستمر رحلة باولينيو وتكلل بالنجاحات؟ في كل مرة خاض فيها تحديا نجح بقوة، فهل يكرر ذلك؟

التعليقات