كتب : عمر ناصف | الإثنين، 04 ديسمبر 2017 - 21:35

مقال رأي - حمى "الجرينتا"

إيطاليا

أثناء الاستديو التحليلي لمباراة ميلان وبينفينيتو والتي انتهت بالتعادل الإيجابي 2-2 علق أحدهم "رغم إمتلاك جاتوزو للجرينتا إلا أنه لم يتحرك خلال الشوط الثاني" كلمة غريبة انضمت إلى قاموس المحلليين بشكل رسمي لتقيم لاعبي ومدربي كرة القدم.

في الأشهر الأخيرة أصبحت "الجرينتا" كلمة متداولة بين المشجعين على شبكات التواصل الاجتماعي فمن يصرخ ويزعق سواء داخل أو خارج الملعب فهو يمتلك منها الكثير وهي أسباب النجاح خصوصا لو كنت مرتبطا بالكرة الإيطالية سواء باللعب هناك أو بحمل جنسيتها.

"جرينتا" كلمة إيطالية يتم إستخدامها هناك لوصف الحماس الزائد والرغبة في الفوز بأي شكل، انتشرت وأرتبطت دائما بالكرة الإيطالية وأنديتها في السنوات الأخيرة مع انهيار المستوى الفني هناك واقتصار النجاحات الإيطالية على مفاجئات متباعدة في المشاركات المختلفة.

قاد تشيزاري برانديلي المنتخب الإيطالي إلى نهائي يورو 2012 وخسر أمام اسبانيا وخرجت إيطاليا بقيادة أنطونيو كونتي من ربع نهائي يورو 2016 على يد ألمانيا بعد أن قدم الأزوري خلال تلك النسختين أداءً مميزا ونجح في خطف تعاطف المتابعين ولكن عندما تسأل عن سبب ذاك النجاح الإجابة تكون "الجرينتا".

إيطاليا لم تتأهل لمونديال 2018 العام المقبل في روسيا بعد خسارتها من السويد في الملحق الأوروبي ولكن رغم ذلك إلا أن تغريدات ومقالات التمجيد ونشر تسجيلات لاعبي المنتخب الإيطالي أثناء غنائهم للنشيد الوطني بكل حماس وشغف كان هو المنتشر.

لم يتحدث أحد قبل الفشل في التأهل عن المشاكل الفنية وتجنب الجميع مناقشة أختيارات المدرب فينتورا خلال تلك التصفيات ولكن التركيز أكثر كان على "الجرينتا" التي أمتلكها اللاعبين خلال إلقاءهم للنشيد الوطني سواء في التصفيات أو بطولتي يورو 2012 و2016.

تم تجاهل عمل برانديلي الفني الكبير مع الأزوري وتغاضى الكثير عن أخطاء فينتورا أثناء تصفيات المونديال الأخيرة كما هو حال كونتي الذي عان من إهمال قيمة العمل الذي يقوم به بسبب "الجرينتا".

ترك كونتي إيطاليا وذهب إلى إنجلترا لتدريب تشيلسي اللندني تاركا عائلته في إيطاليا لرفضها العيش هناك مع رغبة المدرب في إثبات جدارته بالتدريب خارج بلده وتحقيق النجاح بعيدا عن التدريب في إيطاليا.

اكتسح "السبيشال وان" جوزيه مورينيو وتغلب على بيب جوارديولا وتخطى الخبير أرسين فينجر والطموح ماوريسيو بوكيتينو ونجح في تحقيق لقب الدوري الإنجليزي في موسمه الأول خارج إيطاليا وقاد فريقه الذي كان مهلهلا مهددا بالهبوط الموسم السابق إلى التتويج بالذهب.

ورغم ذلك كان الحديث قليل عن العمل الشاق الفني والبدني والنفسي الذي قام به كونتي مع لاعبيه في البلوز من أجل الوصول إلى اللقب وتم اختصار كل ما قام به من عمل وسهر في مكتبه لدراسة الخصوم وتحديد نقاط الضعف والقوة إلى جملة واحدة "جرينتا كونتي تقود تشيلسي إلى .. ".

صعد يوفنتوس إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في مناسبتين خلال السنوات الثلاث الأخيرة مع مدربه ماكسيمليانو أليجري وحافظ على لقب الدوري خلال تلك السنوات والحديث عن تفوق أليجري التكتيكي على منافسيه أقل من الكلام المنتشر والذي دائما ما يصاحبه صورة جيانلويجي بوفون أو أليجري يصرخون "جرينتا يوفنتوس تصل بهم إلى كذا".

"حمى الجرينتا" أصبحت منتشرة وملتصقة بكل ما هو إيطالي فالأسهل هو وصف هذا المدرب أو ذاك اللاعب بأنه يمتلك "الجرينتا" وهو سبب تفوقه على منافسه، بالتأكيد هذا هو "الأي كلام" بعينه.

نعود إلى البداية وأستديو مباراة ميلان مع بينفينيتو "جاتوزو أمتلك الجرينتا ولكنه..." فمنذ تعيين جينارو جاتوزو مديرا فنيا لميلان والجميع يتحدث عن "جرينتا المدرب" وليس عن مميزاته الفنية وقدراته في تطوير أداء بعض اللاعبين ولم يتطرق الكثير إلى مسيرته التدريبية القصيرة السابقة.

لا أحد يعرف قدرات جاتوزو الفنية ولا مدرسته التكتيكية التي ينتمي إليها ولكن الجميع يعرف أنه يمتلك "الجرينتا" تلك الكلمة السحرية التي يمتلكها الجميع في إيطاليا رغم أنها لا تعني أكثر من الحماس والرغبة.

الجميع يمتلك الحماس والرغبة في تحقيق الفوز ولكن الأفضل فنيا والأكثر تنظيما هو الذي سينتصر في النهاية وسيخرج بالنقاط الثلاث وسيصل إلى منصات التتويج، تسببت حمى "الجرينتا" في إهدار جهد وعمل العديد من الأسماء التدريبية وتسببت في إخفاء عيوب البعض الأخر.

حمى "الجرينتا" يجب أن تتوقف وتقييم المدربين واللاعبين لا يكون بالصراخ والقفز على الخط الخارجي للملعب والحماس في إلقاء النشيد الوطني لم يشفع لإيطاليا للوصول إلى المونديال, التفوق والتنظيم الفني والتكيكي مع بعض "الجرينتا" هو ما يجلب الإنتصارات.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات