نجاح أشبال إنجلترا.. كيف تتغلب الأسود على مشكلتها الأزلية

الجمعة، 03 نوفمبر 2017 - 10:43

كتب : إسلام مجدي

إنجلترا للناشئين

"منذ متى لم تكن تمتلك إنجلترا شبابا متميزين؟ لطالما كان لدينا عدد من اللاعبين الصغار والأكاديميات التي تساعد على إنتاجهم بهذه الكفاءة لكن واجهتنا مشكلة". كانت تلك كلمات سايمون جونز صحفي "صن" البريطاني متحدثا لـFilGoal.com عن كيف حاولت إنجلترا تطوير شبابها.

لطالما كان منتخب إنجلترا مرشحا للتتويج بالألقاب لكنه أيضا ودائما كان يخذل الجميع في أسرع وقت ممكن، منتخب الأسود الثلاثة كان قادرا على إصابتك بالإحباط بعد 3 دقائق من ترشحيه أو رؤية الأمل فيه، ما الذي اختلف في شبابه الحاليين؟

منتخب إنجلترا تحت 20 عاما نجح في الفوز بكأس العالم 2017 بعدما تصدر مجموعته، منتخب تحت 17 عاما نجح في الفوز بكأس العالم 2017، مع العلم أن هذا المنتخب الأخير كان أقصى نجاح وصل له هو ربع النهائي، ناهيك عن ذكر غيابه عن البطولة من 1991 وحتى 2005 أي 8 دورات.

كيف تطور شباب إنجلترا فجأة وأصبحوا يهيمنون على كل شيء تقريبا على صعيد الشباب بغض النظر عن المنتخب الأول؟ وهل هناك أمل في أن يخرج منتخبا يجابه كبار العالم مثل الذي تمتلكه ألمانيا مثلا؟

قال كريستيان سيفيرت المدير التنفيذي لرابطة الدوري الألماني :"الفشل ضد كرواتيا في ربع نهائي كأس العالم 1998 دفعنا لإعادة التفكير حول تطوير شبابنا".

البنية التحتية لمنتخبات الشباب في ألمانيا بدأت في عام 2002 لتمتلك ألمانيا بعد ذلك أصغر منتخب في تاريخها بمتوسط أعمار 24.7 عاما، وتألق في كأس العالم 2010 ربما لم يفز بالبطولة لكن ذلك الجيل كان أحد إنتاجات عمل دام لأعوام طويلة من عمل شاق مع الشباب حتى نجح في الفوز بكأس العالم 2014.

قال سيفيرت :"كان هناك عاملا حيويا في بناء هذا الجيل، على سبيل المثال نشأ سيسك فابريجاس في أرسنال لكنه يلعب لإسبانيا وغيره، في أكاديمياتنا يجب أن يكون لدي كل واحدة 12 لاعبا في كل مجموعة لديه الجنسية الألمانية وبإمكانه اللعب للمنتخب يوما ما".

إنجلترا كان عليها أن تتعلم مما فعله الألمان، الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ورابطة اللاعبين المحترفين كان عليها سن قوانين، ما جعلها "محظوظة" أكثر حسب وصف البعض أن هناك أندية كانت قد بدأت فعليا في تطوير أكاديمياتها مثل مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وتشيلسي وليفربول.

صرح سايمون جونز لـFilGoal.com قائلا :"قام الاتحاد الإنجليزي ورابطة المحترفين بالاستثمار كثيرا في فئات الشباب، كما أنهم درسوا النموذج البلجيكي والألماني لإعادة بناء الأكاديميات لخلق تكتيك وشكل أشمل للعملية. لكن واجهتهم مشكلة كبيرة".

وأضاف "المشكلة الكبيرة كانت الخطوة من سن 18 عاما إلى فئات 21 و 22 عاما، التدريب ليس قويا كفاية مثلما كان في البلدان الأخرى، الأكاديمية ودوريات الرديف ليست بالقوة التنافسية الكافية مقارنة بالدوري الإنجليزي الممتاز أو الدرجة الثانية أو حتى الثالثة".

وتابع "كذلك يوجد العديد من اللاعبين الأجانب وفي بعض الأحيان يقوم اللاعبون المتوسطون بعرقلة تطور هؤلاء اللاعبين الشباب".

وأردف "لذا كانت المشكلة الكبيرة تكمن في أن هؤلاء اللاعبين الذين يتألقون في منتخبات 17 و18 عاما لا تكون لديهم الفرصة للتطور الذي يجب أن يحدث لهم".

وما الذي يجعل عملية التطور متوقفة لما لا تنتبه الأندية؟ خاصة وأن تطوير نجم شاب سيكون أقل سعرا بكثير من شراء نجم كبير بأضعاف الأضعاف من الأموال؟

"عوائد البث التلفزيوني كبيرة للغاية لذا تستخدم الأموال في ضم أسماء كبيرة وكذلك من أجل النتائج ولا ترغب كل الأندية في المخاطرة بضم لاعبين شباب وتطويرهم وهم ينافسون على الألقاب مثلا".

أما فيديريكو فاركوميني محلل التلفزيون البريطاني فيرى أن منتخب إنجلترا تطور بعد بناء مركز "سانت جورج بارك" الوطني لكرة القدم في 2012.

وقال :"في الحقيقة وأخيرا وبعد طول انتظار أصبح لمنتخبات تحت 21 و20 و19 و17 عاما مقر للتدرب وهو سانت جورج بارك".

وأضاف "كذلك درس الاتحاد الإنجليزي بتعمق التجربة الإسبانية ويحاولون بناء نظام مماثل له، إنجلترا مهووسة كليا بإسبانيا وترغب في تكرار نفس النموذج الذي ساعدها على الفوز بلقب كأس العالم مرة واليورو مرتين".

وأردف "لا أحب ذلك بدوري لأنني أرى أنه يجب أن يكون لكل منتخب طريقته النابعة من تاريخه وأسلوبه، لا يوجد أي عيب فيما يسمى الكرة المباشرة التي تلعبها إنجلترا".

وأتبع :"انعكس ذلك على المنتخبات، تحت 17 عاما فاز بكأس العالم وتحت 19 عاما فاز باليورو وتحت 20 عاما فاز بكأس العالم وبطولة تولون مع عدد من أعضاء منتخب تحت 18 عاما، ومنتخب تحت 21 عاما وصل لنصف نهائي اليورو".

هل أتى تألق منتخبات شباب إنجلترا من باب الصدفة البحتة؟

"لا أتفق مع تلك العبارة، ربما جزء منها جاء بسبب قوة الأكاديميات الموجودة فعليا، لكن كان هناك مخططا ربما سار الأمر ببطء شديد لكن لننظر إلى أكاديمية تشيلسي إنها تهتم بتحقيق الربح، إن نظرت للأكاديميات الأخرى فهي تنتج لاعبين جيدين أيضا".

"إيفرتون يقدم 4 لاعبين لمنتخب تحت 20 عاما، وبريوستر لاعب ليفربول كان هداف كأس العالم تحت 17 عاما، ولا ننسى ماوريسيو بوكيتينو مدرب توتنام والذي قدم 29% من اللاعبين الذين ظهروا لأول مرة مع منتخب إنجلترا في أخر 5 أعوام، وفي أخر 10 أعوام لعب 21 لاعبا من الأكاديمية لفريق أرسنال الأول، ما يقرب من 934 مشاركة لهم".

"مانشستر يونايتد أيضا أحد أكبر 3 أندية تنتج شبابا".

أين المشكلة حتى وإن كانت هناك صدفة ما الذي يقف بين الشباب الإنجليزي والدوري الخاص بهم؟

"سوق الانتقالات أصبحت جنونية للغاية، كيف تتوقع أن يحصل الشباب على فرصة جيدة؟ عليك أن تحد من الانتقالات وتحجمها إن أردت أن تمنح الشباب فرصة أفضل في الأندية الكبيرة، إن نظرت للدوريات الأقل ستجد عددا كبيرا من المواهب الملحية يلعبون كل سبت وسيكونون رائعين وملائمين للكرة الإنجليزية لهذا السبب يفضل الكثيرين حضور مباريات دوري الدرجة الثانية والثالثة وحتى الرابعة".

أندي ميتين محلل "إي إس بي إن" و"بي بي سي" و"فور فور تو" له رأي مختلف تماما حيال تطور الشباب الإنجليزي.

صرح ميتن لـFilGoal.com "دائما كنا نمتلك شبابا جيدين للغاية لكنهم لم يحصلوا على فرصة قط في الفريق الأول، مانشستر يونايتد من تلك الأندية التي تنتج الشباب لكن كم منهم حصل على فرصة حقيقية بجانب راشفورد؟ فقط جيسي لينجارد؟ سنعدهم على الأصابع".

"لتحقيق النجاح هناك عدة عوامل أهمها الاستمرارية، شبابنا يكونون نجوما كبارا في تلك المرحلة وهذا أمر خاطئ وعامل ضغط مرفوض تماما، إنهم لازالوا يتطورون وبحاجة للوقت".

مما يدفعنا لسؤال جديد، ما الذي يجعل شباب منتخب إنجلترا حتى وإن كانوا مواهب متميزة لأن يتحولوا إلى مجرد أسماء نتذكرها ونضحك ونقول إنهم كانوا من المفترض أن يكونوا نجوما لكنهم أصبحوا مجرد لاعبين متوسطي المستوى؟

"حسنا إنهم بحاجة إلى الوقت والبعد عن الضغط، المدربون يخشون الدفع بهم لكنهم بحاجة للصبر وسنرى منهم شيئا مختلفا لا يجب أن ننتظر من كل منهم أن يسجل الأهداف ويقطع الملعب ذهابا وإيابا لكن علينا أن نعلم أنهم يتطورون ونتركهم يمرون بهذه العملية بسلام".

هل الضغط فقط هو ما يحول شباب إنجلترا من أشبال إلى مجرد قطط أليفة؟

أجاب سايمون جونز لـFilGoal.com "علينا أن نحد من عدد اللاعبين الأجانب في تشكيل كل فريق ونغير بعض بطولات الكأس بأن تلعب بعد الأندية بعدد معين من اللاعبين تتراوح أعمارهم من 16 إلى 21 عاما، وهذا الشكل بحاجة لأن يكون على طريقة مجموعات وليس خروج المهزوم في الجولات الألى ليحصل اللاعبون الشباب على أكبر خبرة ممكنة".

إذا كيف يجب التصرف مع هؤلاء النجوم الذين حققوا إنجازات لم يحققها المنتخب الأول منذ عام 1966؟

أجاب فيديريكو فاركوميني لـFilGoal.com "إنجلترا لازال لديها فجوة كبيرة في المرحلة العمرية بين 18 إلى 22 عاما، والأمر منوط بالأندية والدولة لكي تقف ضد هذا الموقف".

وتابع "المشكلة على سبيل المثال هي أننا نعلم كم يعد فيل فودين موهوبا وجيدا جدا أليس كذلك؟ لكن حينما يعود إلى مانشستر سيتي كيف سينافس كيفن دي بروين ويايا توريه وبيرناردو سيلفا وديفد سيلفا وإلكاي جوندوجان؟ هؤلاء اللاعبين أسعارهم غالية للغاية ولا يمكنهم الجلوس على مقاعد البدلاء طوال الوقت، إنهم بحاجة لأن يشعروا بأنهم متميزين".

"هؤلاء اللاعبين بحاجة لأن يشعروا بالثقة وأن يشعروا بأن موهبتهم لن تضيع هباء، جلين هوديل حينما كان مدربا لمنتخب إنجلترا في 1996 جلب ريو فيرديناند للتدرب مع الفريق الأول حينما كان في الـ17 من عمره".

"أعتقد أن فكرة تواجد فريق ب مثل إسبانيا هي عملية للغاية على المدى البعيد، لكن الجميع في إنجلترا يكره فكرة تواجد فريق يونايتد ب وليفربول ب وتشيلسي ب وهكذا، إنهم يكرهون الفكرة فقط دون دراسة، إنهم ينظرون إلى الحضور والأموال التي تجلبها الألقاب ولهذا الاهتمام بأندية تحت 21 عاما ليس جيدا".

هل يتحول شباب إنجلترا إلى نجوم كبار ويترجمون ما حققوه على صعيد الفئات الصغيرة إلى إنجاز كبير؟ أم فعلا كان نجاحهم وليد الصدفة مع تواجد أكثر من أكاديمية قوية؟ بالطبع النجاح لا يتكرر بالصدفة، لكن مواصلته هي ما يحتاج لرؤية ودراسة فهل تمتلك إنجلترا الرؤية لتحويل هذا الجيل إلى منتخب يفوز بكأس العالم أخيرا؟

التعليقات