في عيد ميلاده - حكاية محرز – الذي حاصره الموت.. واختار الجزائر رغم كل شيء

الثلاثاء، 21 فبراير 2017 - 11:27

كتب : معتز سيد

رياض محرز

نعم ما قرأته أعلى الصفحة صحيحا. النجم الذي يلفت أنظار الجميع في الوقت الحالي كان يُهدده الموت في أي لحظة وهو صغير. هنا نتحدث عن رياض محرز.

اليوم 21 فبراير يحتفل الجزائري محرز بعيد ميلاده الـ26 بعد موسم رائع توجه فيه بلقب الدوري الإنجليزي مع ليستر سيتي وحصد جائزة أفضل لاعب في المسابقة.

الموت في كل مكان

وُلد رياض محرز في الـ21 من فبراير لعام 1991 في فرنسا.

ولكن الأزمة أبدا لم تكن في فرنسا بل في الحي الذي نشأ فيه محرز وهو حي سارسيل.

سارسيل هو حي يبعد عن شمال العاصمة باريس بمسابقة لا تتعدى الـ10 أميال فقط. ولكن الأهم إنه الحي الأخطر في فرنسا.

منذ 1950 وحتى يومنا هذا دائما ما ترتبط الجرائم والأحداث الكارثية بحي سارسيل "الأخطر في باريس بل وفرنسا بشكل عام" والسبب في إنه يُعد ملجأ للمهاجرين المستقرين.

فيجمع الحي، المغاربة والجزائريين والمسلمين واليهود والعديد من العقائد المختلفة ومن هنا دائما ما تأتي النزاعات وعمليات القتل في كل مكان ويصبح أي شخص مهدد في أي لحظة بالموت.

وعن تلك الأحداث كتب صحفي فرنسي منذ أكثر من 11 عاما: "ما يحدث أصبح شيئا ثابتا. مواجهات عنيفة دائما بين المهاجرين وأصحاب البشرة السمراء واليهود. الأمر ثابت ومتكرر".

نعم في هذا الحي الذي نشأ محرز وحاوطه الموت بشكل دائم حتى أثناء ممارسته كرة القدم في الشارع. وهنا تدخل الأب فتغير كل شيء.

الأب والأزمة غير المنتظرة

أحمد محرز والد رياض مارس كرة القدم في أكثر من نادي جزائري وفرنسي ولذلك كان يمتلك تلك النظرة التي تميز الموهوب عن الشخص العادي.

ولذلك أكتشف موهبة نجله وأصر على تطويرها ولاحظ مهاراته الرائعة بالقدم اليسرى.

وهنا ألحقه بأحد أندية الهواة في باريس.

بالتأكيد رياض محرز كان يعشق والده. ولكنه أيضا كان كالمعلم بالنسبة له.

فيقول محرز في مقابلة صحيفة مع صحيفة (جارديان) في بداية هذا الموسم: "والدي كان دائما معي ودائما ما كان يساعدني".

وأضاف "هو لعب في أكثر من فريق في فرنسا والجزائر ولذلك يعرف ما يقوله بالتمام ولذلك استمع إليه دائما جيدا".

كل ما سبق من تعليم وإلحاق بناد كان قبل ما يبلغ محرز من العمر 15 سنة ولكن عندما وصل إلى هذا العمر تلقى ما لم يتمناه نهائيا أن يحدث.

وفاة والده أحمد محرز عن عمر 54 عاما بسبب أزمة قلبية حدثت بعد عملية جراحية في القلب. والحال يتغير 180 درجة الآن.

" لا أعلم ما حدث بي عقب وفاة والدي. ولكني شعرت بأن كل شيء يتغير. الوقت يتقلص والحياة تصبح أقصر وأقصر. شعرت بأن الجد بدأ الآن وعلي القتال وبذل الجهد لتحقيق حلم والدي".

هكذا تحدث محرز عن وفاة والده. الذي انفجر في الملاعب من أجل تحقيق حلم والده وهو أن يصبح لاعبا محترفا الكل يتحدث عنه. وحدث الانفجار.

الضعيف والقوي

بعد وفاة والده انتقل محرز إلى فريق كويمبر كورنوال الفرنسي الذي يلعب في الدرجة الخامسة في فرنسا.

وقتها تولى مهمة تدريب وتطوير محرز، محمد كوليبالي -مُدرب شاب-.

ومع أداء محرز المتقدم والرائع انتقل إلى نادي لو هافر الفرنسي العريق الذي تأسس عام 1872. ولكن لم يشارك مع الفريق الأساسي وشارك مع الفريق الثاني.

وتحدث محمد كوليبالي عن محرز في تلك الفترة في حديث مطول مع مجلة فرانس فوتبول الفرنسية منذ أكثر من عام قائلا: "كان نحيفا للغاية. وهذه كانت أكبر عيب به".

وأضاف "ولكنه كان يمتلك ما هو مميز دائما داخل الملعب. تحركاته السريعة ولمسته المهارية. هذا إلى جانب الشجاعة والشخصية وهذا ما يتميز به الكبار".

وهو أيضا ما اتفق عليه محرز، قائلا: "كنت ضعيفا ونحيفا للغاية ولم أكن قويا ولكنني بذلت قصارى جهدي وقتها".

مع الفريق الثاني لنادي لو هافر شارك محرز في أكثر من 60 مباراة ونجح في تسجيل 25 هدف. ليتم تصعيده للفريق الأول موسم 2013 ويواصل التألق والتسجيل واللمعان بالقدم اليسرى.

الأموال Vs المشاركة كأساسي

بعد لمعانه مع لو هافر بدأت العروض تنهال على محرز وبالطبع عمالقة فرنسا تريد كل النجوم في فريقها.

باريس سان جيرمان ومارسيليا وموناكو. جميعهم رغبوا في ضم محرز في صفوف فريقهم.

ولكن للأخير كلمة أخرى فلم يستعجل في القرار وأكد "الأهم هو وجودي في فريق أشارك معه باستمرار وأتطور معه".

وهنا رحل عن فرنسا بالكامل وانتقل إلى إنجلترا وانضم إلى الصاعد حديثا إلى البريمير ليج، ليستر سيتي.

وبدأت رحلة تألق محرز من الموسم الأول له بتسجيل 4 أهداف وصناعة 3 على الرغم من عدم مشاركته كأساسي بشكل دائم وحتى يومنا هذا وصناعته للتاريخ كونه أول لاعب عربي يسجل ثلاثية في الدوري الإنجليزي الممتاز.

محارب الصحراء

بعدما فضل محرز الرحيل من فرنسا متجها إلى إنجلترا، شنت العديد من وسائل الإعلام الفرنسية وقتها هجوما على اللاعب بسبب اختياره "الغريب".

"فكيف يرفض أندية كبيرة مثل باريس ومارسيليا وينتقل إلى فريق جديد مثل ليستر".

في الحقيقة الهجوم زاد من حدته تصريحات محرز والتي أكد من خلالها اختياره لتمثيل منتخب الجزائر عن منتخب فرنسا.

هو مولود في فرنسا ووالدته من المغرب وتعيش في فرنسا ووالده كان في فرنسا. ولكن في الأخير محرز اختار منتخب الجزائر.

ويقول محرز: "نشأت في فرنسا وأمي لا تزال في فرنسا ولكني قلبي جزائري ولا أستطيع تغيير ذلك. أنا جزائري".

وبالفعل كان له ما أراد وحقق محرز حلم والده وأصبح لاعبا محترفا الكل يتحدث عنه ومثل منتخب بلاده الجزائر في كأس العالم بالبرازيل 2014 وأمم إفريقيا 2015 و2017 وأصبح محاربا من كتيبة محاربي الصحراء.

إنه رياض محرز..

2016 = رياض محرز

عام سيبقى في الذاركة. سيبقى في ذاكرة رياض محرز وفي ذاكرة كل عاشق ومشجع لكرة القدم الإنجليزية وكل مواطني الجزائر والبلدان العربية.

محرز يقود ليستر سيتي لتحقيق معجزة القرن والتتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز.

الجزائري سجل 17 هدفا وصنع 10 في 37 مباراة له بالدوري الإنجليزي، في موسم تتويج ليستر.

عام فريد من نوعه جعل محرز يتوج بلقبي أفضل لاعب في إفريقيا من الكاف ومن (بي بي سي)، كما جاء في المركز السابع في قائمة فرانس فوتبول للاعبين المرشحين للفوز بالكرة الذهبية. جائزة توج بها كريستيانو رونالدو.

ليقول محرز: "أنا متأثر للغاية، بالنسبة لأي لاعب أن يكون ضمن المراكز الـ10 الأولى في قائمة الكرة الذهبية لفرانس فوتبول حلم، بالإضافة لذلك أنا في المركز السابع، وأنهيت في مركز ممتاز خلف لاعبين رائعين".

"عرفت أن بإمكاني أن أفعلها، لكن أن أجد نفسي في المركز السابع في قائمة فرانس فوتبول للكرة الذهبية 2016، على بعد 3 مراكز من ميسي ونيمار ورونالدو، إنه شيء قوي ولا يصدق، أعتقد أن عملي قد كوفئ ويجب أن أستمر، تلك ليست النهاية، إنها مكافأة علي أن أؤكدها بمستواي أن أكون في القائمة يتطلب تأكيدا على مستوى عال".

التعليقات