كتب : عمر زعزوع | الإثنين، 14 نوفمبر 2016 - 19:46

هل كان كوبر سيئا أمام غانا؟

مصر وغانا

هناك فارق بين استراتيجية الفريق وبين أدائه، الأمر الذي يبدو لي أنه يسبب الكثير من الخلط لدى البعض من الجماهير في تقييم هيكتور كوبر المدير الفني للفراعنة. وإن اختلفت الأراء بطبيعة الحال، أتفهم بشده اتفاقهم ورغبتهم في رؤية المنتخب في كأس العالم.

من أيد كوبر علل الفوز بهذا الشكل بإن تلك هي شخصية المدرب الأرجنتيني، وتلك هي فلسفته وفي النهاية تمكن من حصد النقاط الثلاث .. الراجل خد اللي هو عاوزه.

ومن عارض ألقى الضوء على أداء الفريق وقلة وصوله لمرمى الخصم على أرضه ووسط جماهيره، في مقابل سيطرة للمنافس الذي شكل نوعا من القلق لدينا ما دعا معلق المباراة مدحت شلبي أن يذكر المشاهدين في الشوط الأول بأنها مجرد مباراة كرة قدم ولا داعي لشدة الأعصاب، فيبدو أنه قد شعر بأن هناك هدف قادم للضيوف.

حسنا، دعونا نتفق أولا أن في أساليب اللعب والاستراتيجيات المختلفة لا يوجد "صح أو خطأ".. لا الفريق الذي يضغط من الأمام على صواب، ولا الفريق الذي يتراجع للخلف على خطأ.

السؤال دائما يكون هو كيفية التنفيذ ومدى كفاءة التطبيق ودقته.

أتليتيكو مدريد وليستر سيتي ليسا الوحيدين اللذين يتراجعان للخلف ويلعبان على ردة الفعل ولكنهما قد يكونا الأفضل في التنفيذ والالتزام التكتيكي. أكيد لا سيميوني ولا رانييري كانوا خاطئين.. أعتقد ذلك.

إذن السؤال هو عن مدى كفاءة التطبيق. وهنا يكون محور النقاش والحكم على مدرب فالنسيا الأسبق ولاعبيه.

تدريب المنتخب غير النادي

اتفق الكل قبل لقاء غانا على أن كوبر سيتراجع للخلف، فبعدما لعب بنفس الأسلوب أمام نيجيريا على أرضنا في تصفيات امم إفريقيا في مباراة كنا نحتاج للفوز فيها، لم يعد من الصعب توقع الشيء نفسه أمام غانا.

وهنا أيضا يجب أن نفرق بين شيئين.. بين تنظيم الفريق والتزام لاعبيه بدون كرة، وبين تنظيمه وقت امتلاك الكرة.

وأميل نوعا ما عندما يتعلق الأمر بتدريب المنتخب الوطني، أن تكون الاستراتيجية كتلك التي ينتهجها كوبر.

علينا أن ندرك أن هناك فارقا بين مدرب يجمع لاعبيه من أندية مختلفة، على فترات متفرقة من العام، ولمدة تمتد لأسبوع قبل اللقات الرسمية وآخر يدرب ناد كل يوم على مدار السنة.

الأول مهمته أصعب بالطبع وليس لديه رفاهية نظيره مدرب النادي، ومن هنا وجب على الأول التعامل وفق هذا الظرف وطبيعة عمله كمدير فني لمنتخب.

تنظيم الفريق بدون كرة يكون أسهل كثيرا ويحتاج وقت أقل عن تنظيم الفريق في حالة امتلاك الكرة، والذي يحتاج لفترات حتى يحفظ اللاعبون كيف يتحركون ويخلقون الانسجام بينهم لأجل ضرب الخصم بتمريراتهم.

ولعل هذا هو السبب وراء عدم استمتاع الكثيرين ببطولة اليورو الصيف الماضي، فزيادة عدد المنتخبات الضعيفة كان معناه تمسك تلك الفرق أكثر بالرجوع للخلف أمام الكبار ومحاولة إغلاق المساحات وإحباطهم فقط. ولعل فوز فريق بإمكانيات البرتغال قد لخص هذا الأمر.

ولهذا أيضا، أكون متحيزا نوعا ما لمدرب المنتخب الوطني أن يكون من تلك المدرسة – أي مدرسة رد الفعل – بحكم عامل الوقت الذي لا يعطي له حرية إمتاع الجمهور.. شرط، كما ذكرنا، إجادة التطبيق.

هل أجاد كوبر التطبيق؟

في بداية الشوط الأول من لقاء مصر وغانا، ظهر نوع من التحفظ على أداء المنتخبين اللذين اشتركا في ترك حرية التصرف بالكرة لدفاع الخصم، وهنا كان من السهل المقارنة بين أداء وتنظيم الفريقين المتراجعين للخلف.

للأسف، بدا لي أن جرانت قد تفوق على كوبر في هذا الأمر، وعلما بأن لديه مهاجمون هم أكثر نجومية من مهاجمينا (باستثناء محمد صلاح)، كان هذا الأمر شهادة أخرى لتفوق جرانت على نظيره الأرجنتيني.

المشكلة لدى كوبر كانت في تلك المساحة الشاسعة بين وسط المنتخب (النني وطارق حامد) وبين المهاجمين (باسم مرسي وعبد الله السعيد) .. مما أتاح لثنائي ارتكاز غانا حرية السيطرة على مجريات اللقاء.

ظهر النني وطارق حامد من ناحية خائفين أن يتقدما ويقوما بالضغط على وسط غانا حتى لا يتركا مساحة خلفهما أمام خط دفاعنا المتأخر، فيسبب الأخوان أيو (وخصوصا أندريه) مشاكلا أكثر في هذه المساحة من تلك التي سبباها بالفعل.

ومن ناحية أخرى، لم يقم باسم أو عبد الله بتقليل تلك الفجوة بينهما وبين ارتكازيهما، إلى جانب عدم اهتمامهما بالضغط .. فكانت سيطرة الضيوف على اللقاء هي النتيجة المنطقية.

في المقابل، استطاع جرانت أن يفرض على نجوم الفريق الالتزام التام بدون كرة، فعندما كان يمتلك دفاعنا الكرة كان الأخوين أيو يغلقان المساحة بينهما وبين ارتكازي الفريق، فكانت غانا compact أو تلعب بخطوط متقاربة جدا وحصون مغلقة أكثر من مصر.

النتيجة كانت اعتمادنا على الكرات الطولية في اتجاه صلاح، ففي أوقات كان يختبئ طارق والنني خلف الأخوين، وعندما كان ينزل أحدهما لاستلام الكرة، كان لا يستطيع اختراق عمق الفريق الغاني بتمريرة بسبب الأخوين أيضا.

ولعل لقطتان لخصتا الفرق بين مجهود جوردان وأندريه من ناحية وباسم وعبد الله من ناحية أخرى بدون كرة .. الأولى عندما ضغط لاعب استون فيلا على النني واخذ منه الكرة قبل أن يشده الأخير في لقطة استحق فيها الإنذار في الشوط الأول.

والثانية حينما ضغط أندريه على طارق حامد دقيقتان فقط من بداية الشوط الثاني، اضطر على إثرها لاعب الزمالك أن يركل الكرة للأمام ليسترجع المنافس الكرة.

لم يضغط باسم أو عبد الله، في حين ضغط جوردان وأندريه.. فسيطر الغانيون على مجريات اللقاء وخصوصا في شوط المباراه الأول.

ليس هذا فحسب، ففي الوقت الذي التزم فيه طرفا غانا أتسو وبادو، لم يلتزم صلاح فكانت تلك المساحة الشاغرة أمام أحمد فتحي (أحد نجوم اللقاء) والتي كان يسقط بها لاعب نيوكاسل يونايتد مرارا.

سبب هذا الأمر لفتحي مشاكلا عدة، فكان عليه أن يختار بين أن يطلع لأتسو للأمام ويغامر بترك موقعه في الخلف، أو يترك النجم الغاني يسبح في تلك المساحة مع الإحتفاظ بمكانه (أي فتحي) في الدفاع.

إلى جانب أن تلك الفدادين على الطرف شجعت بابا رحمن أن ينطلق للأمام، حينما كان صلاح يدخل بالعمق إلى جانب باسم في أحيان، أو حينما كان لا يهتم بالارتداد للدفاع كعادته في أحيان أخرى .. مما اضطر النني أن يترك مكانه في الوسط ليغطي عليه.

إلى هذا الحد عدم التزام لاعب الجناح دفاعيا يسبب مشاكل؟ الإجابة: نعم.

تدارك الموقف؟

ظهرنا أفضل كثيرا الشوط الثاني من اللقاء، فتريزيجيه وجوده أمام فتحي ساهم إلى حد كبير يإغلاق تلك الفجوة التي كان يتركها صلاح، كما أبهر رمضان صبحي بالتزامه ناحية اليسار بإيقاف ظهير غانا الأيمن أفول ليؤكد لاعب ستوك سيتي نضجه أكثر وأكثر رغم صغر سنه.

ومع ارتداد عبد الله أكثر بالقرب من طارق والنني، بدا كوبر وأنه قد تدارك الموقف بعد التقدم، وإن ظلت تلك المساحة خلف الرأس الحربة الوحيد صلاح متاحة كما هي للغانيين.

ساعدنا أيضا، هبوط مستوى النجوم السوداء بعكس الشوط الأول، غالبا بسبب عامل اللياقة البدنية، فظهرنا أفضل كثيرا عما كنا قبل الاستراحة بين الشوطين.

وهنا يبدو بالفعل ان الحل يكمن في البدء برمضان وتريزيجيه على الطرفين مع وضع السعيد قريبا من ارتكازي الوسط.

ولكن، هل كان كوبر ليعدل ذلك لو استمرت النتيجة تعادل سلبي في اللقاء؟

بمعنى آخر، كيف ينظر كوبر لهذا التحسن في الأداء.. هل هو الشكل الذي يجب أن يبدأ به لقاءاته؟ أم هو الشكل الذي يجب أن يؤمن به فقط هدف التقدم؟ هذا إذا استطاع أن يتقدم!

أتمنى أن تكون الأولى، فلازلت مقتنعا بكوبر كمدير فني ذي كفاءة عالية. الأمر الذي أثبته لي تنظيم الفريق دفاعيا في مباريات سابقة – خصوصا مباراتي نيجيريا.

لكنه إن استمر في عدم فرض الالتزام على مهاجميه، بالأخص باسم وعبد الله في القلب إن كان سيبدأ بهما في 4-2-3-1، ولم يجد حلا لمعضلة صلاح .. فغالبا لن تكون النتيجة بعد ذلك هو الفوز 2-0 .. ولا 1-0 حتى.

فقط لا أتمنى أن يكون ذلك.

للتواصل مع الكاتب على تويتر

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات