أبو تريكة جي.. هيرقص كل الحي

الإثنين، 07 نوفمبر 2016 - 13:52

كتب : مصطفى عصام

أبو تريكة مع حذاء باتا

السابع من نوفمبر يوافق يوم ميلاد قسطنطين الثاني إمبراطور الإمارة البيزنطية العظيمة التي ترامت علي أنحاء الأرض ولا غاب عنها شمس، تماماً كإمبراطورية الأهلي إبان حكم الأمير أبو تريكة.

كذلك يوافق عيد ميلاد الفيزيائية ماري كوري الحاصلة علي نوبل مرتين في الفيزياء والكيمياء. واللامح في الأمر، أنه يوم كُثر فيه ميلاد الفلاسفة.

علي بن حزم الأندلسي، ليون تروسكي ملهم الفكر الشيوعي، أندرو ديكسون وايت الدبلوماسي والكاتب الأمريكي، وألبير كامو الفرنسي صاحب نوبل في الأدب.

الذكري السيئة الوحيدة في هذا اليوم هي ميلاد مرزوق العتيبي، النجم السعودي الذي أحرز في شباك مصر أربعة أهداف من أصل خمسة في بطولة القارات عام 1999 ولم يبلغ وقتها الـ19 عاماً.

أبو تريكة لم يأت لنا من رحم الظلمات ليتلقفه الأهلي مصقلا له وملمعاً ونافضًا للغبار من عليه، بل استغرقت مرحلة إعداده سنوات وسنوات ذاق فيها مرار ملاعب الدورات الرمضانية ذات الجرف المائل والصخر المؤذي وملاعب الناشئين وتدريباتها معدومة الإمكانات وعالم النسيان في الدرجة الثانية والجهاد من أجل الصعود ـ وأخيرًا مرحلة دوري الأضواء والشهرة ومحاولة البقاء مع الفريق في الدوري دون الهبوط.

رحلة أبو تريكة في الترسانة.. يستعرضها معكم FilGoal.com .

  • فريق جهاد وخميس

الفريق الذي انضم له أبو تريكة عام 1994 بتوصية من مجدي عابد صديقه حارس المرمي، هو الفريق الذي كان يضم أصدقاء العمر له مثل رفيقه المقرب أحمد زغلول وهدافي الفريق جهاد خميس ومحمد خميس "اللذان سمي الفريق تيمنا بهما" والمهاجم عمرو يحيي ومصطفي عُسران.

هذا الجيل من الناشئين وقتها كان يضم نجوماً يُشار لهم بالبنان كسيد عبد الحفيظ، إبراهيم سعيد، أيمن عبد العزيز، أحمد بلال، وأحمد صلاح حسني.. إلخ إلخ.

"تريكة أول ما بدأ في الكورة لعب ديفيندر"

كما صرح زميله محمد خميس لـFilGoal.com بدأ أبو تريكة اللعب في فريق سنه من الناشئين كلاعب ارتكاز في منتصف الملعب، ولم يكن يشارك كثيراً في سنة 1995 حيث كان في تلك الفترة بديلاً لنصف ساعة فقط من أجل مراقبة صانع الألعاب بالفريق الآخر وتعطيل اللعب في منتصف الملعب فقط.

محمد خميس يكمل الحكاية "يذهب أبو تريكة إلي التمرين قبله بساعتين يختلي بنفسه ويستعد جيدًا، ثم يجمع اللاعبين و ُحضر لهم أرغفة الفول والطعمية والمخلل من أمام بوابة النادي من "عم مكي" و "أبو ظريفة" وبعد نهاية التمرين يختلي مع المدرب قليلاً ليعرف أبرز ملاحظاته عليه".

"ثم يذهب إلي المنزل سريعًا قبل ازدحام الطريق ولا يمكن أن تقابله إلا في أوقات بين المغرب والعشاء لأنه ينام بعدها كعادته".

"كان يرفض إلا نادرًا عند التحاقه بالفريق الأول أو في قطاع الناشئين اللعب في الدورات الرمضانية أو خارج النادي التزامًا واحترامًا لتعليمات المدرب، في إحدي المرات ألحينا عليه كثيرًا وكثيرًا حتى وافق علي مضض وأتي معنا للعب ثم حدثت ظروف ولم يلعب فجلس بمدرجات الساحة وفجأة وجدنا كابتن صابر مدربنا يقف ويتابعنا بنظرات حادة كلها غضب لعدم التزامنا بكلماته وأبو تريكة غارق في الضحك في المدرجات J".

الطفرة عام 1996

بدأت طفرة أبو تريكة بتعديل مدربه صابر حسين لمركزه لصانع الألعاب وتنبأ أنه سيكون من أفضل لاعبي مصر.

لعب الترسانة أفضل مبارياته في قطاع الناشئين وأحرز المركز الثالث في مسابقة قطاعات الجمهورية بعد الأهلي والزمالك، ووقتها لعب أبو تريكة مباراة عمره أمام الأهلي في مدينة نصر.

وانتهي اللقاء بفوز الفريق بقدم المهاجم مصطفي عسران ووقتها أعطي أبو تريكة "كوبري" لأحمد صلاح حسني لا يصدق علي حسب قول زميله محمد خميس، جعل الجميع بالملعب يصفق له.

قرر وقتها جورجيسكو المدير الفني الروماني للترسانة تصعيد أبو تريكة للفريق الأول عام 1997 الذي يضم نجومًا كأمثال مؤمن عبد الغفار و أدهم السلحدار قبل بيع علي ماهر نجم الفريق.

يكشف مؤمن عبد الغفار "أبو تريكة وقتها اعتبرني مثله الأعلى، وحين أفكر في هذا الآن أشعر بالفخر. بعد تصعيده بأيام تولي كابتن حسن الشاذلي رحمة الله عليه تدريب الترسانة ووضع كامل رهانه عليه.. سيكون أفضل لاعب في مصر، هكذا آمن".

"تميز منذ يومه الأول مع الفريق بالخجل والهدوء وخفض رأسه احتراما لنجوم الفريق الكبار".

"كنت أراه في المدرجات أثناء وجوده مع فريق الناشئين يتابعني تنبأت له أن يكون خليفة "محمد رمضان" وأن يلعب سريعًا لمنتخب مصر وهو في الترسانة مثلما فعل محمد رمضان عندما لعب تحت إمرة عبده صالح الوحش عام 1985".

"أبو تريكة أخلص للترسانة وأعطي لها كثيرًا، نحتاج لمجلدات تحكي عن تفانيه".

تريكة .. وضبط النفس

يحكي لنا خميس "في مباراة أمام الزمالك في قطاعات الجمهورية، كان يلعب أمامنا أيمن عبد العزيز وهو مشهور بأنه لاعب مشاكس وكثير الكلام مع المنافس، وبعد تقدم الزمالك بهدف ذهب أيمن لأبو تريكة وكلمه وجهًا لوجه".

"بقولك إيه يا حبيبي.. هات شنطة تلموا فيها الأجوال".

"لم يعط أبو تريكة اهتماما للكلمات، ووجدناه أكثر إصرارا وصنع سريعا التعادل لعمرو محيي وأثناء فرحته بالهدف ذهب لأيمن مبتسمًا بهدوء قائلا:

"الشنطة دي تخليهالك يا كابتن أيمن"

"لم يكن تريكة موجهًا لأي تعليمات صارخة أو ضيق لأي لاعب، كان يصرح فقط بكلمة "أنت وحش" وهذا أقصي مبلغه من الضيق".

"في إحدى المرات، ذهبنا للعب أمام الكروم باستاد المكس في دوري القطاعات قبل التجديد وكان ملعبا رمليا، تريكة أخذ يردد لكابتن حسن الشاذلي: أنا حاسس يا كابتن أننا هنتخطف".

"تقدمنا بهدف و سيطرنا علي المباراة بفضل تمريراته التي لم تخطئ قدما، وفي الدقيقة 88 صنع لي تريكة فرصة عمري تقدمت وراوغت حارس الكروم ثلاث مرات وهو يصرخ "حطها بقي يا خميييييييس" وحين وضعتها أنقذها شادي محمد مدافع الكروم من علي خط المرمي.

"وقف أبو تريكة بغضب ناهرًا لي "أنت وحش وعشان استهتارنا دة مش هنكسب والله".

"لم يتمم الكلام حتى تعادل معنا الكروم، بل وخرجنا بالنقطة بأعجوبة".

أما مؤمن عبد الغفار قائد الفريق فيروي لـFilGoal.com ..

"ذهبنا لسوريا بعد انتهاء موسم 2001/2002 ولعبنا لقاء وديا مع فريق تشرين. الملعب ممتلئ على أخره وتقدمنا بهدف ثم حدثت اشتباكات وسط اللقاء بسبب سب أحد اللاعبين لي وحسين شكري ومصطفي الشرقاوي ثم وفجأة توجه هذا اللاعب وسب أبو تريكة".

"تحول أبو تريكة لثور هائج لا أحد يستطيع أن يبعده عن هذا اللاعب الذي لو كان وقع في يديه لفتك به".

موسم 1999/2000

تألق أبو تريكة مع الترسانة بشكل واضح، مع الثنائي علي رشدي وأحمد زغلول، وفي هذا الموسم انفجر في وجه المنافسين بتألق غير عادي توجه بـ23 هدفا وذهب بالترسانة بعيدًا عن أقرب المنافسين.

ارتبط أسمه وقتها بمفاوضات الأهلي، وصفوه بأنه خليفة وليد صلاح الدين المنتظر. ولكن تأخر ميعاد ضمه.

صعد الترسانة لدوري الأضواء و الشهرة لعام 2000/2001.

يعود لنا مؤمن عبد الغفار ليحكي "خطف أبو تريكة القميص رقم 4 بمجرد رحيلي إلى المصري".

"كانت جماهير الترسانة تتوحد في تلك الفترة علي هتاف واحد فقط (أبو تريكة جاي.. هيرقص كل الحي)".

"وقتها كان يتم استدعاء أبو تريكة للمنتخب الأوليمبي ويجلس بديلا، لكنه شارك في مباراة ضد كوت ديفوار ونحمد الله أن هذا اللقاء سقط سهوًا من الكل. تريكة أضاع فيه فرصًا لا تضيع".

ثم حصل أبو تريكة على فرصة للانضمام إلى المنتخب الأول بقيادة أنور سلامة المؤقتة قبل ولاية جيرار جيلي، في لقاء ودي أنتهي سلبيًا أمام المقاولون.

لتعنون الصحافة وقتها قائلة: "منتخب تريكااا وطلحة يتعادل مع المقاولون سلبيًا!".

موسم 2000/2001

أول مباراة في الدوري أمام الاتحاد علي ملعب الشواكيش بميت عقبة، كان تريكة ينتابه القلق بشدة هو وأحمد زغلول قبل اللقاء، مع نصائح كابتن الفريق حسين شكري لهما ثم تألق لافت وأول هدف في الدوري.

التفاصيل في الرابط الأتي

في هذا الموسم أحرز تريكة 6 أهداف، وتكرر استدعائه للمنتخب كثيرا علي يد الراحل محمود الجوهري لكنه لم يدخل قائمة كأس الأمم الإفريقية 2002.

كانت أزمة أبو تريكة الكبيرة وقتها مع الترسانة هو تأثره قبل مباريات الأهلي بالحديث عن المفاوضات معه، فكان يقدم أداء سيئا ولكن هذا لم يمنع تقديمه للمحات مهارية أبرزها تلك أمام شادي محمد.

في منتصف موسم 2001/2002

عرض حسن فريد علي حلمي طولان مساعد أوتوفيستر وقتها أن يضم تريكة لصفوف الزمالك، فكان رد طولان القاطع "لاعب بطئ، وبيلف ويدور كتير حوالين الكورة وعندنا منه في الزمالك كتير.. تخدلكوا اتنين.. أنا نفسي في حد بجد زي محمد شوقي!". بحسب ما نشر في جريدة الأهرام 2001.

في نهاية موسم 2001/2002، بعد الدوري الملحمي للإسماعيلي ورحيل محمد بركات للخليج، فكر الإسماعيلي سريعًا في استقطاب أبو تريكة كبديل له، وفشلت المفاوضات علي المقابل المادي للترسانة.

يروي سمير نصر مدير التسويق السابق في الإسماعيلي "رأيت قصاصة من جريدة نشرت خبر انضمامه للإسماعيلي علي مجلة حائط الجامعة، فرحت كثيرًا لهذا الخبر لأنني كنت أقابل زملائي بمنطقة الصف ونذهب لرؤية أبو تريكة في الترسانة وهو يلعب. كان يبدو عليه أنه لاعب ابن جنية".

موسم 2002/2003

لعب تريكة موسما رائعا مع الشواكيش، وأنهاه ثالثا في قائمة هدافي الدوري خلف أحمد بلال ومجدي عبد العاطي، تألق أمام غزل المحلة في الأسبوع الأخير وأحرز هدف الفوز ولم يهبط الترسانة.

"مباراة عاش فيها قسطًا من القلق ولم ينم قبلها بسبب ذلك" كما روي لنا كابتن مؤمن عبد الغفار، وأحرز في هذا الموسم هدفا علي طريقة هدفه في السودان مع منتخب مصر 2008 أمام أسوان في الدقيقة الأخيرة منهيًا اللقاء بالفوز 3/2 للشواكيش.

ولم ننس مراوغة وائل القباني وإطاحة الكرة في الدقيقة الأخيرة لترتد بهدف لطارق السيد.

بعد هذا الموسم كثرت مفاوضات الأهلي وبشدة، تألقه لم يشفع للانضمام لقائمة منتخب مصر لكأس الأمم الإفريقية في تونس 2004. أنهى أبو تريكة كل شيء أخيرًا وانضم للأهلي ليبدأ ثورة التصحيح مجددا.

محمد خميس : "كنت أركب القطار عائدا من دمنهور وأقرأ جريدة الهدف لعصام الحسن وتتحدث عن اقتراب تريكة من الأهلي، ووقتها اتصل بي تريكة فجأة وأخبرني بتوقيعه للنادي الأحمر".

"تحقق أمل تريكة أخيرا، وتحقق حلم تأخر منذ عام 2000 حين طلب المايسترو صالح سليم ضمه شخصيًا من حسن فريد".

"وبالعامية كلنا فرحنا لأبو تريكة لأنه من صغره معجون بالأهلي، لاعب عظيم مش هيتكرر تاني.. فرحتنا كأننا إحنا اللي لعبنا".

الصور من صفحة تاريخ الكرة في مصر

التعليقات