كتب : أحمد عفيفي | الخميس، 14 يوليه 2016 - 19:47

بلوج عفيفي – هوس الأرقام

طبيعتي كمهندس سابق تجبرني على الاعتراف بقيمة الاحتكام للأرقام لحساب تفاصيل نتائج أي شيء و عدم الاكتفاء بمجرد النتائج الظاهرية. كما تضغط علي للترويج للفكرة من منطلق أن الأرقام لا تكذب، و لكنها شأن كل شيء مفيد إن أجدت استخدامه أفادك و إن ابتذلته ابتذلك.

ظهرت الإحصائيات الكروية الرقمية مؤخرا في مصر وبدأ في استخدامها الكثيرون لتحليل أداء اللاعبين بشكل مفيد و كاشف و لكن كعادة كل شيء يمر من مربع الاستخدام لمربع الابتذال. مرت الإحصائيات الرقمية بسرعة مخيفة لذا سأحاول في السطور التالية التنقيب عن مواطن الضعف (كما أراها) في استخدام الأرقام في مصر.

1) أرسل اللاعب الفلاني في المباراة 15 عرضية غير صحيحة.

جملة عندما تسمعها تأخذ انطباع سيء عن اللاعب و لكن إن فكرت فيها ستسأل نفسك أولا: ما هو تعريف العرضية غير الصحيحة؟ الإجابة: هي العرضية التي لم تصل للمهاجم داخل منطقة جزاء الخصم !

يقفز لذهنك سؤال منطقي: ما ذنب اللاعب الفلاني أن كان زميله المهاجم لا يتحرك بشكل جيد. و إن كان لا يسبق المدافعين إلى الكرة؟ كم من عرضية نموذجية فقدت الزميل لتقصير من متلقي العرضية و ليس من مرسلها.

المستفز انك تعتبر احتكاما للأرقام اللاعب المرسل لـ 5 عرضيات منهم 4 صحيحة أي بنسبة 80% أفضل من لاعب أرسل في نفس المباراة 20 عرضية منهم 10 صحيحة أي بنسبة 50%.

بالتالي تعتبر الأرقام ظهير فقير هجومياً لم يرسل في مباراة إلا 5 عرضيات أفضل من ظهير وضع نفسه في موضع إرسال العرضيات 20 مره إما بتحرك جيد أو بمهارة فردية في المرور في مدافع الخصم . هل يبدو لك هذا منطقياً؟

2) مرر اللاعب الفلاني في المباراة 50 تمريرة صحيحة من أصل 55 تمريرة

بمجرد سماعك للجملة السابقة يظهر في خلفية المشهد في رأسك شابي هرنانديز. الحقيقة إن الإحصائية بشكلها الرقمي إن لم تتناول صعوبة التمريرات فليس لها قيمة فربما تكون اغلب تمريرات اللاعب الفلاني لزميل يبعد عنه 5 أمتار أو للخلف فما قيمة تلك الإحصائية في هذه الحالة؟

لتكون تلك الإحصائية مهمة لابد أن تشمل متوسط طول التمريرة و نسبة التمريرات للإمام و هل كانت التمريرة حاسمة في نقل الهجمة أو مساعدة الفريق على الارتداد الهجومي بشكل صحيح؟ هل صنعت فرصة هدف أم كانت مجرد تمريرة؟

ستجد أن نسبة تمريرات علي جبر الصحيحة أكبر كثيراً من نسبة أيمن حفني هل يعني هذا تفوق مهاري؟ بالتأكيد لا فطبيعة مركز أيمن حفني تتطلب المخاطرة في التمرير لصناعة فرصة بينما تعد نفس المخاطرة كبيرة من الكبائر في مركز علي جبر.

3) صنع اللاعب الفلاني 5 فرص لأهداف في آخر 5 مباريات (assist)

قد يكون اللاعب الفلاني هنا صانع ألعاب مميز بالفعل يصل بمهاجمي فريقه للمرمى و قد يكون لاعب عادي مرر الكرة للاعب مميز استغل مهارته الفردية في خلقه الفرصة و تسجيل الهدف أو يكون هو من مرر الكرة للاعب سدد في المرمى من مسافة 30 متر.

و لكن لمجرد انه صاحب اللمسة قبل الأخيرة في الهدف أصبح اللاعب الفلاني في حكم الأرقام صانع الفرصة

القائمة تطول بأمثلة مشابهه يعتبر الاحتكام الأعمى فيها للأرقام مضللاً في طريقك لتقييم اللاعب.

هل يعني هذا تجاهل الأرقام برمتها؟

بالتأكيد لا فالأرقام كما أشرت في بداية المقال عنصر بالغ الأهمية لاستكشاف ما قد لا تراه العين المجردة كروياً بمجرد متابعة المباراة ولكن الاحتكام (الأعمى) لها ربما يقودك للاعتقاد بأن جينارو جاتوسو أكثر دقة في التمرير من فرانشيسكو توتي

اضغط هنا لمتابعة الكاتب عبر تويتر

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات