كتب : أمير عبد الحليم | الإثنين، 30 مايو 2016 - 17:46

زيدان الذي لا يلعب فوتبول مانجر

"عندما تحقق إنجازا كبيرا مثل دوري الأبطال فهذا خلفه الكثير من العمل ليس فقط لخمسة أشهر ولكن منذ البداية، وأنا كنت محظوظا بالعمل في أخر 5 أشهر".

نعم، كان زيدان محظوظا في التتويج بدوري الأبطال في أول 5 أشهر في مسيرته كمدرب وهو يعترف بذلك، بعد أن كان مهددا بالإيقاف بسبب أول قواعد اللعبة رخصة العمل.

قد تكون القرعة خدمت ريال مدريد أكثر من مرة، ووقفت ركلات الترجيح في صفه. لكن العمل الذي قام به زيدان في 5 أشهر أكبر حتى مما توقعته لعبة "فوتبول مانجر".

توقعت "فوتبول مانجر" نجاحا لزيدان ولكن من الموسم الثاني، وكان هذا منطقيا ليكتسب على الأقل الخبرة الكافية للصعود بفريق إلى منصات التتويج.

عكس بينيتث

"زيدان لا يحتاج إلى أن يصرخ في اللاعبين لأن مظهره وهو يتكلم بصوته المنخفض يعطيه هيبة أكثر من ضجيج رجل أقل منه".. جوزيه فيلكس دياز الصحفي في "ماركا" عن المدير الفني لريال مدريد.

افتقد الفريق القائد خلال فترة بينيتث، ربما كان ضحية حب اللاعبين لشخصية كارلو أنشيلوتي ولكن في النهاية لم تشفع النتائج له للاستمرار.

نجاح زيزو لا يعود لشخصيته فقط، ولكن أيضا لارتباطه بأنشيلوتي الذي يحبه اللاعبون. ولذلك كان البطل المناسب لهذه القصة.. المنقذ الذي استلم فريقا في حالة معنوية وبدنية يرثى لها ليتوج معه بدوري الأبطال.

بينيتث خسر أهم لاعبين في ريال مدريد، قائده سيرخيو راموس وهدافه كريستيانو رونالدو.

والسيطرة على غرفة لاعبي فريق بحجم ريال مدريد دون مساندة هذا الثنائي أمر أقرب للمستحيل. فمورينيو نفسه رحل عندما خسرهما وحارب كاسياس.

مع الخسارة الأولى لبينيتث في الليجا ضد إشبيلية، أكدت كل التقارير فقدانه لثقة غرفة اللاعبين. ولذلك كانت مهمة زيدان الأساسية هي الفوز بثقة اللاعبين.

يضم الجهاز الفني لزيدان 3 مدربين، صديقه ديفيد بيتوني صاحب الشخصية القوية الذي استعان به لمساعدته على السيطرة على غرفة اللاعبين، وحميدو مسايدي للتعامل مع اللاعبين المصابين واستعادتهم نفسيا وبدنيا سريعا ليتخلص من ثورة الغضب ضد جيسوس أولمو رئيس الجهاز الطبي.

والثالث حكاية أخرى، ليس له علاقة بكرة القدم. لاعب كرة السلة المعتزل خابي جارسيا كول لكنه يحظى بثقة زيدان وعلاقة جيدة باللاعبين.

بيل VS رونالدو

مع تولي مدرب جديد قيادة الفريق، يتباين تقبل الأمر داخل غرفة اللاعبين.. المدللون يشعرون بالقلق ومن لا يشارك ينتظر الفرصة.

في ريال مدريد كان الحديث عن القلق يخص جاريث بيل فقط بعد أن تركزت فلسفة بينيتث على تحويله لأهم لاعب في الفريق على حساب رونالدو.

لكن ما حدث فعلا أن بيل سجل هاتريك في أول مباراة لزيدان مع الفريق وكان منقذا في مناسبات كثيرة خلال الموسم ضد رايو فايكانو وريال سوسيداد على سبيل المثال.

قدم بيل أفضل مواسمه مع ريال مدريد رقميا، حتى لو لم يسجل هدفا من منتصف الملعب أو في نهائي دوري الأبطال. ببساطة تخلص أخيرا من الوصف الذي التصق به في الموسم الماضي وامتلك شخصية تقود الفريق.

خطة بينيتث كانت تقوم على نقل بيل إلى عمق الملعب، ليصبح أهم محور في هجمات ريال مدريد بدلا من رونالدو.

أما زيدان أعاد بيل للجناح الأيمن، ووفر طاقته ليصنع جبهة أقوى لريال مدريد مع كارباخال. يستمر في التسجيل كما كان مع بينيتث ولكن المختلف هو أنه بات يصنع أيضا أكثر لزملائه.

"قدوم زيدان كان شيئا جيدا لكل اللاعبين. منحنا الثقة والحرية في الملعب، يشبه هاري ريدناب.. طلب مني أن أطير". جاريث بيل متحدثا عن زيدان.

ويضيف "استطاع لم شمل الفريق وتوجيه حماس اللاعبين للملعب لذلك نستمتع باللعب تحت قيادته وأظهرنا في نهائي دوري الأبطال كم نحب العمل معه".

وكان من الرائع أن نرى بيل الذي كان سببا في خسارة نقاط لريال مدريد من موسمين بسبب عدم تأدية أدواره، يعود للمساندة دفاعيا ضد أتليتكو مدريد.

ثم كانت المهمة التالية مع رونالدو لإنقاذه قبل الرحيل لباريس سان جيرمان.

"الأمر أشبه بالحصص الدراسية في يوم الإجازة، ينادي بينيتث ( كريستيانو .. كريستيانو .. كريستيانو) ولا يجد استجابة لأن رونالدو شعر بالملل والرحيل أقرب له".. الصحفي جراهام روثفن قبل قدوم زيدان.

تقول "فوتبول مانجر" إن رونالدو لن يرحل عن ريال مدريد طالما زيدان مدربا للفريق وسيستمر نجمه الأول، وهو التوقع الذي تحول إلى حقيقة.

"طالما أنا هنا، رونالدو سيستمر في الفريق".. هكذا بدأ زيدان علاقته برونالدو قبل أول تدريب حتى.

تخلص رونالدو من الملل الذي كان يواجهه في خطة بينيتث، منحه زيدان ما يحبه. دور النجم الأول لم لا؟ طالما في النهاية سيسجل 51 هدفا.

عندما سجل رونالدو هدفا رائعا في روما لم يركض نحو الكاميرات كالمعتاد وغير طريقه نحو زيدان "المتوتر" الذي يخوض مباراته الأولى في دوري الأبطال كمدرب.

في نهائي دوري الأبطال، عاد رونالدو لمساندة مارسيلو دفاعيا واسترجع الكرة مرتين.

في هجمات ريال مدريد، ينزل رونالدو لمنتصف الملعب يستلم الكرة بنفسه.

لذلك لا يمانع زيدان أن يمنح رونالدو الركلة الخامسة ليحتفل هو ويخطف الأضواء، لأنه يدرك أن الفريق ما كان ليصل لهذا النهائي دون أهداف رونالدو الـ16.

قال رونالدو بعد التتويج: "زيدان قام بمهمة استثنائية ويستحق ما حققه الفريق، هو متواضع وأنا سعيد لأجله".

أزمات ريال مدريد لم تكن هجومية فقط، الفريق خسر 4-0 من برشلونة في سنتياجو برنابيو وأرقام استخلاص المدافعين للكرة سلبية تماما. واتجه زيدان إلى كاسيميرو.

والحقيقة أن لو هناك أي استفادة لريال مدريد من فترة بينيتث ستكون إعادة كاسيميرو، وعمل زيدان معه بعدها أظهر أهميته للفريق.

اعتمد بينيتث على كاسيميرو فعلا لكن عندما جاء الكلاسيكو لم يحظ بثقة مدربه صاحب طريقة 4-0-5 العبقرية. لذلك كان دور زيدان معه فارقا له وللفريق.

في فترة أنشيلوتي، كان ريال مدريد يضم شابي ألونسو ولكن لم يمتلك الفريق ارتكازا قويا يقطع الكرات مثل كاسيميرو.

لجأ أنشيلوتي إلى توظيف دي ماريا في وسط الملعب ليساند ألونسو ولوكا مودريتش ويعفي رونالدو من الأدوار الدفاعية. وهذا تغير في الموسم الثاني.

رحل ألونسو ودي ماريا، وفشل توني كروس وجيمس رودريجيز على الترتيب في القيام بنفس الأدوار لتنتهي رحلة أنشيلوتي حتى وهو الفائز بالعاشرة.

زيدان الذي لا يمتلك خبرة أنشيلوتي لم يلجأ إلى حلول مبتكرة في نصف الموسم، واعتمد على كاسيميرو الارتكاز العادي الذي كان دوره قطع الكرات وليس الابتكار على حساب إسكو وجيمس.

لم يخسر الفريق أي نقطة بعد الهزيمة الوحيدة لزيدان في الليجا مع الفريق ضد أتليتكو والتي تبعها الاعتماد على كاسيميرو بشكل أساسي وثابت، وكان أهم أسباب الفوز على برشلونة في كامب نو.

قال جاريث بيل قبل نهائي دوري الأبطال: "كاسيميرو أصبح ماكليلي الفريق، فنحن نعرف أنه يسد أي فجوة خلفنا ويتدخل على كل من يتحرك في الملعب حتى لو كان الحكم. كاسيميرو عظيم".

كاسيميرو بمفرده استرجع الكرة 8 مرات في نهائي 2016، أكثر من مودريتش وسامي خضيرا في نهائي 2014 مجتمعين.

لم يغير زيدان كثيرا في القوام الأساسي للفريق، وذلك لم يتعارض عن إضافته الفنية.

قال تيري هنري في تحليله لشبكة "سكاي سبورتس" عقب الكلاسيكو: "ريال مدريد كان يلعب بتوازن رائع رغم التأخر بهدف ضد برشلونة، زيدان فهم جيدا أن عليه الاهتمام أكثر بخط الوسط. الناس كلها كانت تريد أن ترى إمكاناته الفنية ضد برشلونة.. وها هو فعل".

في مران ريال مدريد قبل الكلاسيكو، كان التدريب الرئيسي من مجموعتين وكل مجموعة يمرر لاعبوها الكرة من لمسة واحدة فيما بينهم في وجود ضغط من لاعب في المنتصف.

كان الضغط المبكر من ثلاثي الهجوم أبرز ما يميز ريال مدريد ضد برشلونة، وفي ورقة الشرح التي سُربت للإعلام بعد المباراة كان بنزيمة مكلفا برقابة سيرخيو بوسكيتش - ولم يشكو بنزيمة لفلورنتينو بيريز-.

هناك فقرة غريبة في تدريبات ريال مدريد، يتقاذف اللاعبون الكرة في اتجاه منطقة الجزاء لينقض عليها واحد ويسدد برأسه. ولو سجل هدفا يحتفل مع زملائه ولو كان في مباراة رسمية.

قد تنظر للأمر على أنه جدية حتى في أبسط التدريبات، أو طريقة لتقليل الضغط على الفريق. لكن الأكيد أن اللاعبين يستمتعون بتدريبات زيدان.

"زيدان أسطورة ريال مدريد ويجعلك دائما تشعر بالحماس في التدريبات" .. سيرخيو راموس.

متحيز لزيدان؟ نعم مثل غيري من الذين يشجعون ريال مدريد ويقدرون أسطورته.

صحيح التتويج بدوري الأبطال لا يضمن للفريق النجاح في الموسم المقبل. وما فعله زيدان هذا الموسم مشابه لإنجاز دي ماتيو مع تشيلسي، والآن أين دي ماتيو؟

لكن مع رجل مثل فلورنتينو بيريز كان لا يمكن أن تضمن استقرار الفريق في حال خرج هذا الموسم أيضا دون بطولات، كان سيبدأ البحث عن مدرب جديد مع صافرة نهاية مباراة أتليتكو.

دعونا ننسى دي ماتيو، ونتمنى جوارديولا جديد.

للتواصل مع الكاتب عبر تويتر ناقشني

ناقشني عبر فيسبوك

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات