كتب : أحمد نجيب | السبت، 12 مارس 2016 - 16:40

ما بين شغف كلوب وارتعاش فان جال.. هناك فارق كبير..

رغم كل ما يشوب تطور مستوي ليفربول مع يورجن كلوب من بعض العثرات المؤقتة إلا أنه ينجح سريعا في استعادة ثقة الجميع كلما أتيحت له الفرصة لتحقيق ذلك..

بعد الإخفاق في التتويج ببطولة كأس الأندية المحترفة عاد الألماني ليقود لاعبيه نحو ثلاثة انتصارات هامة علي مستوي الدوري المحلي ونظيره الأوروبي بالفوز علي قطبي مدينة مانشستر وبينهما كريستال بالاس في "ملعب سيلهورست بارك" الصعب.

مواجهة مانشستر يونايتد تحديدا في ثُمن نهائي الدوري الأوروبي كانت حاسمة نحو إثبات أن كلوب يتعلم من أخطائه ولا يعطي الفرصة لمنتقديه بالتعثر مرتين أمام نفس المنافس.. خصوصا وهو يواجه الخصم التاريخي في بطولة الفرصة الأخيرة لإنقاذ الموسم.

عندما انتقدت الألماني في المرة السابقة بعد الإخفاق أمام مانشستر سيتي في بطولة كأس المحترفين جاء ذلك بسبب الإصرار علي بعض التفاصيل الفنية التي قد لا تناسب لاعبي ليفربول أمام منافس بقدرات فريق مانويل بيللجريني وهو ما تخطاه كلوب نفسه بعد ثلاثة أيام أمام نفس الفريق في بطولة الدوري المحلي.

ضربة البداية..

بالأمس القريب أمام مانشستر يونايتد دخل ليفربول اللقاء بتشكيل هو الأفضل علي مستوي اللاعبين وبالشكل الخططي الأنسب لمواجهة فريق يقوده مدرب فقد الكثير من قدراته اسمه لويس ڤان خال وهو الذي كان يوماً ما اسماً كبيراً في عالم التدريب قبل أن يرتكب العديد من الحماقات الفنية والتكتيكية في قيادة مانشستر يونايتد.

مانشستر يونايتد خسر اللقاء من اللحظة الأولي عندما اعتمد فان جال علي خطة لعب 4-2-3-1 بإشراك البلچيكي مروان فيلايني بجوار الفرنسي مورجان شنايدرلين في منتصف الملعب الدفاعي علي الورق فقط.. فيلايني ليس لاعب محور بالمقام الأول ولا يستطيع القيام بأدوار لاعب الوسط المساند بنفس تلك الكفاءة التي يملكها لاعب مثل باستيان شفاينشتايجر علي سبيل المثال.

ما زاد الأمر سوءا هو التكليفات التي أعطاها فان جال للبلجيكي بالتواجد في المنطقة ما بين وسط ودفاع ليفربول مائلا للناحية اليسري من هجوم مانشستر يونايتد أو اليمني من دفاع ليفربول.

تلك الأدوار التي كانت تحمل شقّين بطبيعتها.. أولهما في الحالة الدفاعية لمساندة ممفيس ديباي في الضغط المبكر علي لاعب الوسط جوردان هندرسون والظهير الأيمن ناثانيل كلاين وهو ما فشل فيه تماماً حيث لم ينجح مانشستر يونايتد في استخلاص الكرة في مناطق ليفربول.

أما الثاني فكان عند امتلاك مانشستر يونايتد للكرة بتواجد فيلايني فارع الطول في تلك المنطقة لاستلام الكرات الطولية المرسلة من الدفاع للهجوم مباشرة للخروج بسرعة من ضغط لاعبي ليفربول وكذلك لتشكيل مفاجأة تكتيكية فيما بين خطوط أصحاب الأرض.

تواجد فيلايني في ذلك الدور ونجاحه في تنفيذه يعطي الأريحية لتواجد كلا الجناحين ديباي وراشفورد في منطقة جزاء ليفربول لاستلام الكرة الثانية من البلجيكي بعد خلخلة دفاع صاحب الأرض المنشغل برقابة المهاجم مارسيال المتحرك خارج منطقة الجزاء وكذلك بالتغطية علي خط الوسط الذي تم كسره تماماً باستلام فيلايني للكرة من خلف قلبيه المتقدمين للضغط علي لاعبي اليونايتد.

التصور السابق كان من الممكن أن يفيد مانشستر يونايتد كثيراً لولا تخلي كلوب عن خطة 4-4-2 أو 4-4-1-1 المفضلتين لديه كثيراً في الفترات الأخيرة والتي اعتمد فيهما علي رباعي وسط ملعب يتواجد علي خط واحد بلا أي عمق مما يسبب الكثير من المساحات الفارغة فيما بين خطي الوسط والدفاع.

دخل ليفربول المباراة بشكل خططي 4-2-3-1 أو علي وجه الدقة والتحديد 4-2-2-1-1 بتواجد هيندرسون وإيمري في عمق الوسط الدفاعي من خلف الثلاثي لالانا فيرمينو وكوتينيو.. تركيبة خماسية لخط وسط ليفربول ساهمت في القضاء تماماً علي اندفاع فيلايني ومن عاونه مثل ماتا أو مارسيال في مناطقهم الدفاعية..

عند امتلاك ليفربول للكرة يظهر الجانب السلبي لخطة فان جال.. شنايدرلين وحده تماما في مواجهة ثلاثي وسط ليفربول الهجومي الذي يتحول طرفيه لداخل الملعب في أوقات كثيرة لتشكيل الزيادة العددية أمام عمق دفاع مانشستر يونايتد ومع انضمام أحد قلبي الوسط الدفاعي للعمليات الهجومية وتراجع ستوريدچ للخلف ظهرت أفضلية ليفربول المطلقة في عملية بناء الهجمات والاستحواذ علي الكرة بنسبة وصلت إلي 72% في بعض فترات الشوط الأول.

حاول يونايتد تخطي ذلك الموقف وتغطية تقدم فيلايني بتراجع الجناحان ديباي وراشفورد للخلف وهو ما زاد الطين بلة فعلياً لضعفهما الشديد علي المستوي الدفاعي وبالتالي تلقي كليهما بطاقة صفراء وتسبب ديباي نفسه في ضربة الجزاء التي جاء منها الهدف الأول لفشله في إيقاف توغل الظهير المتقدم كلاين.

تدخلات حاسمة..

حاول فان خال كثيراً تدارك الموقف في الشوط الثاني بإدخال مايكل كاريك كمدافع ثالث وتحويل طريقه اللعب إلي 3-4-1-2 بتثبيت فيلايني جانب شنايدرلين في منتصف الملعب ومن حولهما الظهيرين فاريلا وروخو خلف خوان ماتا كصانع لعب من وراء الثنائي الهجومي مارسيال وديباي.

تعديل خططي أعطي يونايتد بعض التماسك الشكلي قبل أن يتدخل كلوب بكل قوة ويعيد تفوق فريقه بإشراك لاعب خط الوسط الويلزي چو أللين بدلا من المهاجم دانيال ستوريدچ لتتحول طريقة لعب ليفربول إلي 4-1-4-1..

مع امتلاك الكرة ينضم لالانا وكوتينيو إلي فيرمينو في خط الهجوم ويتقدم هندرسون وجو ألين من خلفهم ليظهر الشكل الخططي 4-1-2-3 وهو ما أعطي أفضلية كبيرة لليفربول في ذلك الشوط أيضاً لاتساع المساحات في دفاع المنافس..

انطلاق لاعبي ليفربول بالشكل السابق عرضه سهل كثيراً تسجيل الهدف الثاني بسبب الفارق الشاسع فيما بين حركيّة لاعبي ليفربول ومركزية لاعبي مانشستر يونايتد.

انطلاق هندرسون لاعب الوسط خلف الظهير روخو علي الرواق بلا رقيب وإرسال كرة عرضية ترتد من الدفاع لتجد الكرة الثانية لالانا في عمق منطقة جزاء يونايتد الذي يرسلها بدوره إلي فيرمينو داخل صندوق حارس المرمي ليسجل بسهولة تحت أعين مدافعي المنافس..

أخيراً أدرك لويس فان خال حقيقة الأمر والهزيمة المحققة وجاء تغييره التاليين بإشراك لاعبي الوسط هيريرا وشفاينشتيجر بدلا من شنايدرلين وماتا في محاولة متأخرة لإيقاف اتساع الفارق العددي من الأهداف في لقاء الذهاب وهو ما حدث فعلاً ولكن يبقي الفضل كله لحارس مرماه ديفيد دي خيا ليس إلا..

شغف كلوب وارتعاش فان خال..

شغف كلوب بالتحسن الدائم وتقديم أداء جيد مع تحقيق الفوز بالإضافة لاستعداده الجيد صنع الفارق أمام ارتعاش فان خال الذي استخدم العديد من الأفكار التكتيكية بشكل بالغ السوء جعل فريقه خارج المباراة دائماً.

قرار اللعب بثلاثة مدافعين كان قاتلاً لعودة مانشستر يونايتد لأنه أعطي المساحات اللازمة لتأكيد تفوق ليفربول.. كذلك استهلاك خوان ماتا في صناعة اللعب بدلاً من تكليفه بالتواجد والضغط الهجومي في ناحية ظهير ليفربول الضعيف دفاعياً ألبرتو مورينو.. بناء الفريق هجومياً علي انطلاقات مروان فيلايني وهو الذي لا يملك شيئاً من مواصفات لاعب كرة القدم صانع الفارق إلا الطول الفارع والكرات الرأسية.

أجواء ملعب أنفيلد في تلك الليلة كانت حاسمة كذلك.. ذاك الصخب والزخم الذي طالما طلبه يورجين كلوب من مشجعي الفريق لصناعة الفارق والإجهاز علي المنافسين نفسياً قبل فنياً وهو ما افتقده الفريق كثيراً في السنوات الأخيرة وعاد في تلك الليلة ليجعل من أمر التأهل للدور ربع النهائي مجرد مسألة وقت قبل لقاء العودة..

Follow: @ahmednaguibgad

التعليقات
مقالات حرة