حكاية بطل مسلم - خرج لتأمين استاد.. فأنقذ فرنسا من كارثة أكثر رعبا

الخميس، 03 ديسمبر 2015 - 20:19

كتب : محمد البنا

تناول وجبة خفيفة مع زوجته وابنته قبل التوجه لأداء وظيفته التي يتقاضى منها راتبا زهيدا.. ولأول مرة يتوجه لتأمين استاد كرة قدم.

تودعه ابنته بابتسامة طفلة تبلغ من العمر 15 عاما "عُد إلينا سالما يا أبي" بعد أن نمى إلى علمها بإخلاء بعثة ألمانيا فندق الإقامة بباريس للاشتباه بوجود قنبلة.

قبّلها سالم وغادر.. ولم يكن يعلم أن يومه الأول في مهمة تأمين استاد دو فرانس سيكون مغامرة ليوم سيء في تاريخ فرنسا.

ترك شقته المكونة من غرفتي نوم فقط في برج سكني يقع شمال شرق باريس وركب الحافلة صوب الاستاد الذي يبعد مسافة 20 دقيقة بالسيارة من منزله، حيث تقام مباراة لا يهتم بمشاهدتها بين فرنسا وألمانيا.. فقط يقوم بعمله.

وصل في الموعد المحدد مسبقا من أجل القيام بعمله.. إنه مساء 13 نوفمبر2015.

فريق تأمين الاستاد المكون من 150 رجل أمن تم توزيعهم على المداخل يقفون جميعا في أماكنهم ومن بينهم سالم توربالي صاحب الـ42 عاما.. بطل القصة.

سالم توربالي هو أحد المهاجرين من موريشيوس منذ فترة طويلة ويعيش في فرنسا ويفتخر بكونه فرنسيا ويعتنق الإسلام.

الشغف في أعين جمهور فرنسا لمتابعة الديوك في يوم طقسه بارد بعض الشيء.. فالأجواء لم تشتعل بعد.

استمتع سالم توربالي بروح الدعابة التي تمتع بها جمهور فرنسا الذي ملأ جنبات استاد يسع لـ80 ألف مشجع. لا يكترث بعدم قدرته على مشاهدة المباراة قدر القيام بواجبه.

ووسط هؤلاء الآلاف السعداء.. هناك من يتسلل وسط العامة مرتديا سترة سوداء يتزاحم مع الجموع، يحاول ألا يلفت الأنظار. لكنه فشل بسبب عين سالم توربالي التي رصدته.

الشك

يبدو أن المراهق بلال حذيفي صاحب الـ20 عاما يحاول الهروب عن الأعين.. ارتباكه أثار شك سالم توربالي مما جعله يراقبه، فقرر مراقبته.

توجه سالم توربالي نحو بلال "الانتحاري" واستوقفه ومنعه من الدخول.

فأجرى بلال مكالمة هاتفية.. ربما يحاول التواصل مع أحدهم الذين ينوون القيام ببعض المشاكل.

حاول الدخول من بوابة أخرى لكن سالم أخطر زملائه بعدم السماح له.

فهرع سالم إلى زميله على بوابة أخرى ليحذره من هذا الشاب غريب الأطوار. الذي لاحظ ذلك فاختفى عن الأنظار.

اليقين

لاحقه سالم لكن بلال حذيفي اختفى عن الأنظار حتى سمع الجميع انفجارات متتالية في محيط استاد دو فرانس.

الجمهور في المدرجات تعلو أصواته ظنا أنها ألعاب نارية ضمن الأمسية الرائعة حتى العاشرة و57 دقيقة مساء بتوقيت فرنسا.

خلال ثلاث دقائق 16 و19 الصوت يظهر في المقطع التالي دوي الانفجارات التي هزت باريس.

اليقين تأكد عند سالم.. وبدأت الأخبار تتناقل وهنا شعر المورشيوسي الأصل والفرنسي الجنسية بـ "خوف لم يشعر به طوال حياته" وفقا لما قاله في حواره مع صحيفة (دايلي ميل) الإنجليزية.

"شعرت بالخوف داخل معدتي.. كنت خائفا من الذهاب إلى الموت. فكرت في زوجتي وإبنتي التي طالبتني بالعودة سالما. ثم فكرت في الرئيس فرانس هولاند الذي يحضر المباراة".

الخوف لم يمنع سالم من مساعدة زملائه المصابين في المداخل الأخرى القريبين من موقع الانفجار.

"لا تقلقوا ستبقون على قيد الحياة ولن تموتوا.. ستأتي الإسعافات حالا" هكذا كان يقوم سالم بدور بث الطمأنينة في نفوس رجال التأمين.

أنقذ باريس

قال أحد ضباط الشرطة على ما قام به سالم: "لقد أنقذ فرنسا من كارثة حقيقية كانت ستؤدي بآلاف الضحايا".

بعد الانفجار الثالث بقى سالم في محيط الاستاد يقوم بعمله ويسعف المصابين وينقل الجرحى مع رجال الإسعاف.

مع الزحام والهرع في شوارع باريس وصل سالم إلى العقار الذي يبعد 20 دقيقة فقط من الاستاد في الواحدة والنصف ليطمئن أسرته.

"وضعت رأسي أستعد للنوم. لكن لم أستطع.. كنت أستعيد شريط ذكريات الساعات المروعة".

"أسأل نفسي.. هل لو كنت تركته يدخل الاستاد ولم ألاحظ تحركاته المريبة لدخل المدرجات وبدلا من 129 ضحية سيكون العدد بالآلاف؟ الحمد لله"

"وأفكر أنني كنت قريبا من أن أكون مثل من لقوا مصرعهم أو زملائي المصابين بشكل مريع.. لم يقوموا بشيء إلا القيام بواجبهم يتقاضون أجرا زهيدا.. وأنا مثلهم ولست بطلا".

حاول سالم النوم لكنه لم يستطع.. لكن 80 ألف مشجع في استاد دو فرانس حظوا بليلة آمنة بسبب الإفريقي الأصل.

التعليقات