كتب : أمير عبد الحليم | الإثنين، 23 مارس 2015 - 04:04

حاجب أنشيلوتي

دائما أشعر بالتفاؤل عقب نهاية كل شوط أول في مباراة كلاسيكو .. دائما يكون ريال مدريد في وضع أفضل وأقرب للفوز، ولكن في النهاية دائما أحاسب على المشاريب.

العالم كله تقريبا كان ينتظر الهدف الثاني لريال مدريد بعد شوط أول مع الحظ، إلا أن حاجب كارلو أنشيلوتي .. ظل مرفوعا يُبشر بخسارة.

عكس الكثيرين لم أكن أتوقع أننا - اسمحوا لي أن أقول أننا - سنواجه مصيرا مثل مانشستر سيتي ويخرج لاعبو ريال مدريد من المباراة بمقاطع فاضحة لكباري من ميسي ونيمار، فبرشلونة نفسه خسر كلاسيكو الدور الأول 3-1 بعد 8 جولات دون هزيمة ودون تلقي أهداف.

بالنسبة لي، برشلونة الذي خسر من مالاجا 1-0 على ملعبه هزيمته ليست مستحيلة، لم تختلف طريقة لعبه كثيرا عن فترة تاتا مارتينو .. كل ما حدث أن الفريق أصبح أقوى هجوميا بسواريز، مع عودة بيكيه والتخلص من فالديز.

التمرير العرضي لايزال أقل، الطولي أكثر، التصويب عدده أكبر من مرحلة فيلانوفا، الضغط من الأمام كأيام جوارديولا، لكن الدفاع غير متقدم بشكل مبالغ فيه.

وهذا معناه أن أنشيلوتي الذي خسر من برشلونة ذهابا وإيابا الموسم الماضي بات يعرف مميزاته وعيوبه .. ولكنه قرر أن يلدغ من جحره 3 مرات بدلا من مرتين.

------

ما علينا، بعيدا عن الأماني والأحلام .. بدأ أنشيلوتي المباراة بتشكيل متوقع، أو الوحيد المتاح بمعنى أصح .. وبالمناسبة هذه ليست مشكلة مشجع لريال مدريد في مصر أن مدرب الفريق لم يجد مشكلة في بيع دي ماريا وشابي ألونسو.

عودة لوكا مودريتش وإراحة توني كروس أمام ليفانتي أتت بثمارها في منح ريال مدريد سيطرة مبكرة على خط الوسط أخفت كباري ميسي.

ونجح أنشيلوتي في تجاوز أكبر مشاكله، فتقدم كارباخال ومارسيلو لمساندة الهجوم كان يجد تغطية دائمة تعيق أي محاولات لاستغلال المساحات خلفهما .. في حين أن اللقطة الأولى التي تقدم فيها داني ألفيش للهجوم أنقذت العارضة برشلونة من رونالدو.

كل هذا كان جيدا .. حتى ونحن نرى ريال مدريد يستقبل هدفا معتادا من كرة ثابتة بسبب سوء في المراقبة معتاد أيضا من سيرخيو راموس.

طريقة اللعب التي اعتمد عليها أنشيلوتي تجاوزت كل ذلك لريال مدريد لأنها كانت مباغتة لبرشلونة على كامب نو، هي طريقة مباراة كؤوس .. تعرف أنها غالب أو مغلوب والتعادل ليس مرادك .. تسيطر وتنتظر الفرصة المناسبة لقتل خصمك في ملعبه وتبحث بعدها عن الخروج الآمن.

لويس إنريكي وجد الفريق الذي خسر من أتليتك بلباو وشالكه على أرضه متزنا ويهاجم أكثر من فريقه .. وطبعا الفضل كان يعود إلى مودريتش.

------

ريال مدريد أنهى شوطا مثاليا بتعادل كان من المفترض أن يمنحه الفوز الذي تأخر في الشوط الثاني.

ولكن أشك أن أنشيلوتي قضى الاستراحة مع لاعبيه لينقل ذلك لهم.

فالفريق الذي يلعب مع برشلونة على أرضه محققا نتيجة إيجابية في الشوط الأول لم يعد مطلوبا منه أن يلعب بخط دفاع متقدم، ففي ذلك مخاطرة لن تختلف نتيجتها عن مباراة سنتياجو برنابيو الموسم الماضي .. وإنريكي قرر استغلال ذلك بنفس سلاح ريال مدريد .. الكرات الطولية.

استمر الضغط المتقدم من راموس وبيبي ولكن برشلونة أساسا ترك الكرة لوسط ريال مدريد وبدأ في حيلة جديدة بعد فشل الشوط الأول، ولا اعتقد أن ذلك كان مفاجئا .. لم يجد مدافعا ريال مدريد الكرة تمريرات قصيرة بين أقدام لاعبي برشلونة للضغط عليهم، وجدا سواريز ينطلق بالكرة نحو كاسياس وهما خلفه.

اتجه إنريكي لتقييد تحركات مارسيلو وكارباخال التي ميزت ريال مدريد في الشوط الأول .. وتكفل ميسي ونيمار بهذه المهمة .. ولم يجدا ظهيرا ريال طبعا المساندة من رونالدو أو بيل.

رأينا استحواذ ريال مدريد على الكرة يصل إلى 60% ولكن برشلونة متقدم وأخطر .. فإنريكي ترك الكرة واستغل الكرات الطولية وأثمرت واحدة عن هدف عكس سيطرة ضيفه.

رفع أنشيلوتي حاجبه وهو يرى كل كرة طولية من دفاع برشلونة تضرب دفاعه المتقدم بنفس الطريقة التي خسر بها 4-3 الموسم الماضي، ولكنه لم يتحرك وظل منتظرا .. هو لا يمتلك دكة.

اختفى وسط برشلونة .. باتت الكرات تتجه من الدفاع إلى ثلاثي الهجوم مباشرة كما رأينا في كرة الهدف من ألفيش إلى سواريز، ولذلك كان راكتيتش هو التغيير الأول لإنريكي.

لا يوجد دليل أقوى من أن ألفيش - صاحب تمريرة الهدف لسواريز - كان أكثر من مرر الكرة إلى ميسي .. 18 مرة، وهذا أكبر عدد من التمريرات بين لاعبين في الكلاسيكو، يليه خوردي ألبا إلى ميسي أيضا.

في المقابل، لم يخفض أنشيلوتي حاجبه وبدا في الشوط الثاني وكأنه يشاهد المباراة مثلنا أمام التليفزيون، وهذا قد يكون التفسير الوحيد لنسيانه بيل في الملعب .. أنه لم يظهر أساسا.

تحرك أنشيلوتي الأول كان لإنقاذ بيبي الذي كان على وشك الطرد .. ولم ينتبه لكروس الذي كان يمر منه ميسي ونيمار ( زي السكينة في الحلاوة ) دون ضغط.

ترك خيسي بجواره على مقاعد البدلاء وقرر إشراكه في الوقت الذي كان الكل أدرك فيه أن المباراة انتهت.

------

بات واضحا أن الليجا ستستمر بعيدة عن ريال مدريد بعد ضياع الكأس .. ينتظره أيضا صدام سابع وثامن هذا الموسم مع أتليتكو مدريد الذي تحول إلى عقدة .. هل أنشيلوتي مظلوم لأنه لا يمتلك دكة قوية؟

أنشيلوتي مدرب عنيد .. مع نفسه فقط أو مع الإعلام .. وليس مع سياسة النادي حتى وإن كانت تحجب خططه.

يتحدث الإعلام عن تراجع بيل .. وصافرات الاستهجان تطارده في كل مباراة، حسنا ماذا يفعل أنشيلوتي لحماية لاعبه؟ يشركه في الكلاسيكو ولـ90 دقيقة.

كاسياس لا ينهي مباراة دون كارثة وكان سببا أساسيا في خسارة 4-0 من أتليتكو؟ أنشيلوتي لا يمتلك الشجاعة مثل مورينيو حتى وإن كان لديه كيلور نافاس.

هو نفسه المدرب الذي لم يعند بأي شكل مع رئيس النادي في بيع ثنائي مهم في خططه للفوز بدوري الأبطال الموسم الماضي .. قرر العند في تشكيل لم يتغير من بداية الموسم ولم يفز على أي فريق كبير - لا اعتبر ليفربول حاليا في هذه الدرجة - واعتمد على خط وسط بالكامل لا يجيد الأدوار الدفاعية .. ولا تنتظر من توني كروس أن يخرج وينتقد مركزه في الملعب علانية.

ربما لا تستغرب ذلك من مدرب كان يهز رأسه دون تعليق عندما كان يوبخه رئيس ميلان بيرلسكوني بين شوطي المباراة ويطلب منه تغيير طريقة اللعب.

ميلان الذي كان يضم مالديني، نيستا، كافو، بيرلو، جاتوزو، كاكا، سيدورف، إنزاجي، و شيفشينكو فاز صحيح بدوري الأبطال مرتين مع أنشيلوتي .. ولكنه لم يفز بالدوري سوى مرة واحدة.

هذا ينبئنا بشكل ريال مدريد بعدما مر أكثر من نصف الموسم الثاني مع أنشيلوتي .. ربما هو مميز أكثر في مباريات الكؤوس التي لا تحتاج حسابات أكثر من أن الهدف خارج ملعبك بهدفين ولذلك عليك أن تلعب بأفضل تشكيل لديك .. ولكن حتى هذا فشل فيه أنشيلوتي هذا الموسم.

ربما كان ذلك ناجحا مع باريس سان جيرمان الذي أبهره تعادلين مع برشلونة في دوري الأبطال، ولكن لا يناسب فريقا يمتلئ بالنجوم في مواجهة غريم ينافس على ثلاثية كل موسم.

الحال الآن .. جماهير ريال مدريد باتت تخشى أي مواجهة كبيرة رغم أن فريقهم حقق ما فشل فيه مورينيو وكابيللو وتوج بالعاشرة من موسمه الأول مع أنشيلوتي .. حتى أن دربي مدريد أصبح صعبا عليهم .. يخشون الحاجب بينهم وبين البطولات.

للتواصل مع الكاتب عبر تويتر ناقشني

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات