كتب : وليد الحسيني | السبت، 16 أكتوبر 2004 - 00:03

كلنا فاسدون

رحل ماركو تارديللي المدير الفني الايطالي وترك تدريب منتخب مصر الوطني الاول بعد تجربة قصيرة لم تكمل شهرها السادس بسبب سوء نتائج اللفريق في تصفيات كأس العالم 2006 واجه خلالها العديد من الانتقادات حول سفره شبه الدائم الي ايطاليا وكان ذلك احد الاسباب الرئيسية وراء رحيله .

وتدخل الكرة المصرية من جديد دائرة البحث عن مدير فني اخر لفريقها الوطني وهي نفس الدائرة التي تعودت عليها منذ سنوات بعيدة واغلب الظن ان القادم سيكون مدربا وطنيا حسب الموروث الشعبي المصري بالتبديل ما بين المدرب الوطني مرة و المدرب اجنبي مرة اخري لأراحة الزبون " الجمهور "

رحيل تارديللي لن يحل مشكلة الكرة المصرية لانه لم يكن اصلا السبب في ازمتها ولكن قرار رحيله جاء لأراحة الزبون الغاضب " الجمهور والاعلام " وكأن المدير الفني السابق كان هو الوحيد الذي لم يصل بمنتخب مصر لنهائيات كأس العالم الذي تعود طوال عمره المديد علي اللعب مع الكبار .

الازمة الحقيقية التي تعيشها الكرة المصرية منذ سنوات طويلة ان مسئوليها يستسهلون الحلول بعد أي اخفاق وأسهل حل هو اقالة المدرب التعاقد مع مدرب اخر وكأن المشكلة كانت في المدرب الذي يكون مظلوما في اغلب الاحيان . والاغرب ان الجميع يعلم اين يكمن داء الكرة المصرية ولكن لا احد يريد ان يتعب نفسه للوصول للحل.

رحل تادريللي وسيأتي مدرب اخر بدلا منه وسيلقي نفس نهاية المدرب الايطالي لان الازمة الحقيقية في الكرة المصرية تكمن في الفساد الذي يغلف الوسط الكروي وحتي نكون اكثر انصافا فأن هذا الفساد لا يقتصر علي الوسط الكروي أو الرياضي فقط بل انه اصبح ظاهرة عامة بعد ان نجح كثير من المسئولين في تغيب قيم المجتمع لفترات طويلة ثم بدأت رحلة اغتيال تلك القيم ليصل المجتمع المصري الي هذه الدرجة من التخلف وعدم الدراية . وما سيحدث لمنتخب مصر ما هو الا انعكاس لحال مجتمع بأكمله .

حل الكرة المصرية لن يكون في المدرب وحتي اذا رحل تارديللي وتعاقدنا مع افضل مدربي العالم فأنهم لن يحققوا اكثر مما تحقق من قبل طالما ان النظام استمر علي ما هو عليه .

اذا كان البعض قد حمل المدير الفني ومساعديه واللاعبين مسئولية الهزيمة من ليبيا وقبل من كوت ديفوار والتعادل مع بنين مما قلل من فرص وصول مصر لنهائيات كأس العالم فأن هؤلاء لهم بعض الحق وليس الحق كله لان الجهاز الفني واللاعبين يأتون في المرتبة الرابعة في قائمة مجرمي الكرة المصرية اذا جاز التعبير .

ادراة الكرة في مصر هي المسئول الاول عما يحدث لها منذ سنوات طويلة بعد ان قبع علي مبني الجبلاية مقر حكم جمهوريةو كرة القدم المصرية مسئوليين اقل ما يمكن ان يقال عنهم ان لا يصلحون لتحمل المسئولية الموكلة لهم انهم احترفوا النجاح في انتخابات اتحاد كرة القدم دون ان يكون لديهم الافكار والمؤهلات التي تساعدهم علي النجاح .

الغالبية العظمي ممن تولوا مسئولية كرة القدم في مصر في سنواتها الاخيرة احترفوا الوعود الانتخابية للاندية اعضاء الجمعية العمومية دون ان يكون لديهم القدرة علي العمل الجاد المنظم بدليل ان مرشحي اتحاد الكرة يحملون المصاحف خلال رحلاتهم الدعائية ليقسم عليها مسئولي الاندية بمنح صوتهم للعضو . كما انه لا يوجد برنامج أي مرشح من المرشحين الذين يخوضون الانتخابات لان العملية في النهاية تخضع للعصبية القبيلة التي يعيش بها المجتمع المصري في كل مجالاته .

اذا كان مسئولو اتحاد الكرة – ولا اقصد هنا الاتحاد الحالي ولكني اقصد جميع الاتحاد السابقة علي مدار اكثر من 25 عاما – يتحملون المسئولية الاولي عما يحدث للكرة في مصر فأن ادارات الاندية تأتي في الترتيب الثاني بعد ان افسدت اللاعبين ومنحتهم الفلوس دون ان تجبرهم علي عطاء المقابل والامثلة كثيرة حتي ان اللاعبين لم تعد لديهم الرغبة في اللعب للمنتخب الوطني لان فلوس الاندية تغنيهم عن فلوس المنتخب . وغير صحيح الكلام الذي يخرج به عدد كبير من اللاعبين بأدعاء الرغبة في اللعب للفريق الوطني لدرجة ان لاعب دولي حالي اقسم لمدربه بأنه يخسر اموالا طائلة خلال فترة تواجده مع المنتخب لان تلك الفترة تتعطل فيها تجارته . ولاعب اخر اعتذر عن اللعب للمنتخب يقسم الان انه لو طلب منه الانضمام للمنتخب سيلبي النداء حتي لو " جاب الكورة من ورا الجون " علي حد تعبيره فلماذا اعتذر بمحض ارادته .

ادارات الاندية لعبت دورا كبيرا فيما وصل اليه حال الكرة المصرية خاصة منذ ان عرفت الكرة الاحتراف المادي الذي تعيشه منذ 14 عاما خاصة وان فيما يبدو ان المصالح والمكاسب من وراء عضوية مجالس ادارات الاندية كبيرة للغاية بدليل التكالب عليها وصرف الالاف من الجنيهات خلا ل فترة الدعاية في بعض الاحيان تصل الي الملايين .

يأتي الاعلام بكل وسائله في المرتبة الثالثة في القائمة

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات