كتب : خالد يوسف | السبت، 01 يوليه 2006 - 01:50

تحليل : ألمانيا 1-1 (4-2) الأرجنتين .. كيف تنتحر في 25 دقيقة؟!

بلا شك سيجد شريط مباراة الأرجنتين وألمانيا موقعه في خزانة شرائط مدرب شاب وجد ضالته في مباريات مونديال 2006 أكثر من مرة ، وهو يبدو الوحيد الذي عرف المتعة في بطولة "معقمة" ، تصلح لأن يكون موقعها المعامل الكروية والفترات التلفزيوينية التحليلية بدلاً من الملاعب الخضراء والجماهير الصاخبة ، ذلك المدرب المحظوظ اعتاد تمييز شرائطه بوضع جملة على لاصق كل شريط مثل "كيف تواجه إيطاليا بتسعة لاعبين وتتعادل؟" ، "كيف تفوز على اليابان في عشر دقائق؟" ، "كيف تجهز على اوكرانيا في أول ربع ساعة؟" ، "كيف تخسر من البرتغال دون مساعدة؟" ، "كيف تخسر أمام فرنسا بعد أن تتقدم بهدف؟"، ولعل هذا المدرب الشاب لم يجد صعوبة في تمييز شريط مباراة ألمانيا والأرجنتين الأخيرة بوضع عنوان "كيف تنتحر تكتيكياً أمام صاحب الأرض؟!! ، أو كيف تطلق النار على قدميك وانت أقرب إلى الفوز؟".

بيكرمان ليس إلا "فيلسوف" جديد من فلاسفة الكرة الأرجنتينية ضمن قائمة تضم أسماء مثل سيزار مينوتي وكارلوس بيلاردو ومارتشيلو بييليا ، تجمع بين الحكمة والجنون ، بين الحذر المبالغ فيه والاندفاع غير المحسوب ، أسماء تحمل في ذهنها كل" التناقضات" التي تعرفها كرة القدم كلعبة ، الفارق الرئيسي الذي أحدثه "الفيلسوف" الجديد أن فريقه قدم إلى ألمانيا هذه المرة معتنقاً "الواقعية" التي أفقتدها "سيرك" بيلسا في مونديال كوريا واليابان قبل أربعة أعوام ، مجهزاً على كوت ديفوار في 45 دقيقة ، كيف تدهس منافساً بحجم صربيا وتدهش منافسيك قبل معجبيك ، وكيف تناور أمام فريق مثل هولندا من اجل الحصول على نقطة ، و لا بأس من ضمان التأهل إلى الدور التالي بعد أداء متوسط امام منافس لاتيني عنيد مثل المكسيك ، لقد تيقن الجميع أن الأرجنتين قادمة لتفعلها هذه المرة من خلال تشكيلة قادرة رغم "تخمة النجوم" ان تقدم مفاجأت سعيدة من نوع "ستيبان كامبياسو" و"ماكسي رودريجيز".

بيكرمان دخل أجواء مباراة ألمانيا والترشيحات "الفنية" في صالحه ، باختيبارات متعددة في ترسانته الهجومية ، ورقم قياسي في التريرات القصيرة بين فرق البطولة ، ومشاكل في خطوطه الدفاعية ، توقعات الصحافة المحلية باشراك ليونيل سكالوني مجدداً في مركز الظهير الأيمن أو ليوناردو كوفري للتخلص من صداع "بورديسو" إلا أن كولوتشيني المفتقر "للخيال" في مركز حساس كان الاختيار الأول للفيلسوف ، إلى جانب مباركة عودة لويس جنوزاليس كجناح أيمن لتريوض فيليب لام، في الوقت الذي فضل فيه المدير الفني الأرجنتيني زرع مجموعة ألغام بوسط الملعب عبر الثنائي ماتشيرانو وريكلمي في مواجهة فرينجس وبالاك ، تشكيل كابوس دائم عن طريق سورين في الجبهة الألمانية اليمني وتحديداً لأرني فريدريش "البطة السوداء" للصحافة المحلية ، تحويل كريسبو وتيفيز إلى قنابل موقوتة في مواجهة قلبي دفاع ألتهب جسمهما من نار الانتقادات مثل بير ميرتيساكر ، وكريستوف ميتسيلدر..المؤشرات الأولى تبلغنا أن راقصي التانجو هم من سيتحكمون بايقاع الرقصة على ملعب برلين.

تماماً مثلما صعق الفرنسيون الإسبان بأداء ناضج ، وعدد قليل من الأخطاء ، واستعياب كامل للهدف المطلوب تحقيقه من اللقاء ، نجح الألمان في فرض رؤيتهم الخاصة ، إغلاق المساحات ، قطع الإمدادات القادمة من ريكلمي إلى المهاجمين بفضل جزار يدعى فرينجس ، إجبار تيفيز على التراجع إلى خارج منطقة الجزاء ، عزل كريسبو وحيداً بين يقظة ميرتيساكر وصلابة ميتسيلدر ، ماتشيرانو يبدو خجولاً في موقع ارتكار الدفاع متيحاً الفرصة لبالاك وشفانشتايجر للتجول في نصف الملعب الأرجنتيني على فترات ، إزعاج كولوتشيني بتوغلات بودلوسكي من الجبهة الألمانية اليسرى ، في وقت تحمل فيه روبرتو آيالا وجابريل هاينتسي كرات عرضية ألمانية كادت تسفر عن هدف بعد 17 دقيقة فقط من رأس بالاك ، في المقابل أحتفظ سورين بغاراته الهجومية المعتادة في الجانب الأيسر ، والتي لم تجد نهاية سعيدة أمام مرمى ليمان.

كل ما أحتاجه بيكرمان لفك "شفرة المباراة" هو حدث يغير من حقائق المباراة في شوطها الثاني ، وليس هناك أفضل من إحراز هدف في الخمس دقائق الأولى من الشوط ، والتي اعادت راقصي التانجو إلى ايقاعهم المفضل ، التمريرات الأرضية المتوالية ، إنطلاقات ماكسي رودريجز من الجهة اليمنى ، الثقة تعود نسبياً إلى الخط الخلفي ، والارتباك يسود فريق ألماني حاول مغالطة الدفاع الأرجنتيني في اكثر من مناسبة يائسة في مواجهة آيالا وهاينتسي ، الذي كان عليه مواجهة مهام دفاعية مزدوجة عدة في ظل تقدم سورين المستمر للأمام.

النصف ساعة الأخيرة عرفت مرحلة إلقاء "الكروت" الأخيرة ، كلينسمان أطلق جواد جامح يدعى ديفيد اودونكور في الجبهة اليمنى مستعيداً ذكريات بولندية سعيدة في الدور الأول ، هذا الدخول أسفر عن عاصفة هجومية ألمانية جامحة ، وإصابة أبوندانسييرى أرب

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات