كتب : خالد طلعت | الخميس، 17 أغسطس 2006 - 16:28

"الخيار" المصري.. و"الفاقوس" المستورد!

أكثر ما يضايقني في الاعلام المصري أنه يكيل بمكيالين ، ويحكم على الأمور دائما من منظور شخصي ومن خلال "العلاقات الشخصية" بين الكاتب وبين من يكتب عنه أو ينتقده ، فمثلا إذا كان الصحفي يتحدث عن لاعب تربطه به صداقة يكتب عنه إنه لاعب رائع ، أما إذا كانت علاقته به غير جيدة فيقول إنه لاعب سيء ، والأمثلة على ذلك كثيرة.

ولعل من أبرز المواقف في الفترة الأخيرة المشكلة التي حدثت بين لاعب الأهلي عماد متعب ورئيس تحرير مجلة رياضية أسبوعية ، حيث ساءت العلاقة بين الصحفي واللاعب على المستوى الشخصي فبدأت الصحيفة في حملة كبيرة للهجوم على متعب أسبوعيا ، رغم ان متعب تأتي عليه أوقات يكون غير جيد فيستحق النقد بالفعل ، ولكن بالطبع تأتي عليه أوقات يكون رائع فيجب وقتها على الكل أن يشيد به.

الظاهرة التي أتحدث عنها ظهرت جليا مؤخرا بعد التراجع الواضح في مستوى الأهلي في الفترة الأخيرة وبعد هزيمة مصر من أوروجواي 2- صفر في مباراة سيئة للغاية للمنتخب المصري ، وذلك بسبب غياب مجموعة كبيرة من لاعبي الأهلي بسبب الاصابة.

فبعد تعادل الاهلي مع المقاولون العرب وفقدانه لخمس نقاط في دوري أبطال أفريقيا ، انهال معظم النقاد والصحفيين على جوزيه بسكاكين النقد لذبحه ، واتهموه بأنه مدرب فاشل وغير قادر على قيادة الأهلي ، وأنه يعتمد فقط على لاعبين اثنين هما بركات وأبو تريكة وأنهما هما صاحبي الانتصارات في الأهلي وليس لجوزيه أي تدخل في ذلك ، كما اتهموه بأنه هو السبب في تراجع مستوى الأهلي لأنه لم يجهز البديل الكفء لهؤلاء المصابين ، وأقسم بعضهم أن أي مدرب مصري متواضع لو كان يقود الأهلي بدلا من جوزيه لكان حقق نفس النتائج!

الغريب أن نفس هؤلاء النقاد التمسوا الأعذار لحسن شحاتة عقب هزيمة مصر من أوروجواي وأكدوا أنه لا دخل له بهذه الهزيمة ، وأكدوا أن تراجع المستوى شيء طبيعي ومنطقي بسبب غياب الكثير من اللاعبين عن المنتخب بسبب الإصابة وخاصة الثنائي المتألق بركات وأبو تريكة ، ونسوا جميعا أن نفس هؤلاء اللاعبين هم اللاعبين الذين ابتعدوا عن الأهلي في الفترة الأخيرة.

والغريب أن أحدا منهم لم يلم شحاتة بسبب عدم تجهيزه البديل الكفء لهؤلاء اللاعبين مثلما هاجموا جوزيه ، رغم أن دائرة الاختيار لدى جوزيه تضم 30 لاعبا فقط منهم عشرة مصابين ، بينما دائرة الاختيار لدى شحاتة تصل الى 480 لاعب هم عدد لاعبي الدوري الممتاز بخلاف المحترفين!

وللأسف فإن معظم من يهاجمون جوزيه حاليا تجدهم ينتمون إلى القافلة البيضاء ولذلك يهاجمون كل ما هو "أحمر اللون".. وبخلاف نقطة التحيز للألوان هناك نقطة مهمة أخرى ، وهي تحيز الصحفيين المصريين للمدرب الوطني عن الأجنبي ليس لأنه كفء أو لبناء كوادر مصرية جيدة ، ولكن لأنه يتحدث اللغة العربية التي لا يتحدث غيرها معظم الصحفيين وأيضا لأنهم يستطيعون الوصول إليه بسهولة عن طريق المحمول والحصول على كل الأخبار "من منازلهم" وبدون مشقة النزول والذهاب إلى النادي وحضور التدريبات لمعرفة آخر المستجدات ، كما أن المدرب المصري يسهر مع الصحفيين على المقاهي ويستمع إلى آرائهم ويأخذ بها أحيانا!

ولعل من أبرز ما يدلل على صحة كلامي هو تعامل الصحافة مع تواضع مستوى فريق الزمالك في السنوات الثلاثة الأخيرة ، فعندما تولى اليوغوسلافي دراجوسلاف المسئولية وصفوه بأنه مدرب فاشل ، وعندما جاء كابرال وفشل قالوا إنه عاد للانتقام من الزمالك وجماهيره ، وعندما تولى بوكير المسئولية وصفوه بأنه متكبر ومتعالي ولا يجيد التعامل مع اللاعبين..

أما عندما تولى فاروق جعفر المسئولية وفشل فشلا ذريعا وحقق نتائج أسوأ كثيرا من سابقيه الثلاثة ، بدأ الكلام يتغير وقالوا إن فاروق مدرب كفء ولكنه لا يستطيع العمل وسط المشاكل الإدارية في الزمالك ، رغم أن المشاكل كانت موجودة مع الأجانب الثلاثة الذين سبقوه ، ولكن لأن "روقة" مدرب مصري فقاموا بالدفاع عنه.

في النهاية أود أن أؤكد - وحتى لا يفهمني أحد خطأ - أنني هنا لا أهاجم شحاتة مطلقا ، كما أنني لا أدافع عن جوزيه أو أشيد به ، ولكني فقط أريد توضيح صورة غريبة للكيل بمكيالين والعمل بسياسة "الخيار والفاقوس" وأتمنى أن تتوقف فورا ، حيث يهاجم معظم الصحفيين أي مدرب أجنبي يدرب في مصر "عمال على بطال" ، بينما مع المدرب المصري يتبعوا سياسة "أطبطب وأدلع"!!

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات