كتب : مهاب مجدي | الأربعاء، 18 أبريل 2007 - 20:14

الزمالك والتجربة الألمانية

لا أقدر أن أصف بالتحديد مشاعري مساء الثلاثاء وأنا أشاهد الزمالك يودع دوري أبطال العرب في القاهرة على يد الفيصلي الأردني، فكانت مزيجا من الحسرة والدهشة والغضب على حال هذا الفريق الذي كان في يوما من الأيام بطلا لمصر وأفريقيا، وبدأت أفكر في حلا عمليا لخروج الزمالك من دوامة الفشل التي دخل فيها قبل أربع سنوات ويعلم الله وحده متى يخرج منها.

وبعيدا عن الحلول الجذرية "الجهنمية" المتوقع أن يطالب بها الكثيرون بإقالة هنري ميشيل وتسريح معظم اللاعبين ونصب المقاصل للمقصرين في الميادين العامة كما يحدث بعد كل هزيمة، أحب أن أؤكد أن أزمة نادي الزمالك هي أزمة نفسية في المقام الأول، ثم يأتي بعدها أي أسباب أخرى من التخبط الإداري وسوء الإدارة الفنية وغيرها.

فبالنظر لفريق الزمالك على مستوى الأفراد، سنجد أن أفراد هذا الفريق ليسوا بهذا السوء الذي يتناسب مع نتائجهم "الكارثية" في مختلف البطولات أمام فرق لا تقارن بالزمالك فنيا وتاريخيا، فأفراد هذا الفريق تتفوق أو على أقل تقدير لا تقل عن أفراد فريق النادي الأهلي الذي توج بدوري أبطال أفريقيا عام 2001 بفريق يضم لاعبين أمثال حسين أمين وأشرف أمين وتشيرنو.

ويعلم الجميع أن الزمالك على مر تاريخه خسر من البطولات أكثر مما كسب، ولكنه لم يخسر أبداّ ثقة جماهيره كما حدث في مباراتي الهلال السوداني والفيصلي الأردني اللتين شهدتا سبابا جماعيا من الجماهير لمعظم لاعبي الفريق، وهو إن دل فيدل على شيء واحد وهو شعور الجماهير بوجود تخاذل وتقصير من قبل هؤلاء اللاعبين نابع من عوامل نفسية قبل أن تكون فنية.

وبالتأكيد لن يكون علاج لاعبي الزمالك نفسيا بالأمر السهل، نظرا لأنها حالة تحتاج للنمساوي الراحل سيجموند فرويد مؤسس التحليل النفسي وحده للتعامل معها، ولكن دعوني أشاركم بتجربة بسيطة وناجحة اتبعها يورجن كلينسمان المدير الفني السابق للمنتخب الألماني مع فريقة قبل بطولة كأس العالم 2006 للتهيئة الفريق معنويا، والتي أرى أنها قد تكون الحل الأمثل للتغلب على أزمة الزمالك النفسية.

فقبل كأس العالم 2006، أدرك كلينسمان أن فريقه الشاب المفتقر للنجوم لن يقوى على مقارعة كبار المنتخبات العالمية كالبرازيل وإيطاليا والأرجنتين فنيا وهو شيء واقعي، وتأكد أن فريقه لن يتفوق إلا تكتيكيا ونفسيا، وبخلاف الجوانب التكتيكية بدأ كلينسمان ينظم جلسات للاعبي الفريق لمشاهدة تسجيلات لمباريات المنتخبات الألمانية التي حققت بطولات العالم 1954، 1974 و1990 لتذكرة لاعبيه بقيمة المنتخب الألماني وحجم المسؤولية الملقاة عليهم بارتداء قميصه.

وبالفعل نجحت التجربة وشاهدنا الفريق الألماني الشاب يحقق برونزية كأس العالم ويتفوق على منتخبات كبيرة كانت مرشحة للقب، بعد أن أدرك لاعبوه أن اللعب على البطولة هو الاختيار الوحيد أمامهم بعيدا عن شعارات التمثيل المشرف وبناء فريق جديد.

وأنا أرى أن هذه التجربة قد تكون حلا مناسبا لعلاج أزمة نادي الزمالك، الذي افتقر لاعبوه للطموح وتصوروا أنهم يلعبون لأحد أندية الوسط في الدوري، فأصبحنا نسمع تصريحات "عجيبة" مثل "نحن لسنا بهذا السوء فلم نخسر سوى ثلاث مباريات من أصل سبع!" وغيرها من تصريحات فرق المنطقة الدافئة في جدول الدوري، وأمسينا نشاهد فرحة هستيرية للاعبيه بعد الفوز على فرق متواضعة كما شاهدنا احتفال عمرو زكي بهدفه في مرمى الأوليمبي من ركلة جزاء في الدقائق الأخيرة.

وترتب على ذلك تراجع كبير في طموحات جماهير الزمالك التي خرجت سعيدة بتعادل الفريق سلبيا مع الفيصلي في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال العرب بالأردن، على عكس جماهير الأهلي التي خرجت حزينة بتعادل إيجابي مع صن داونز بجنوب أفريقيا بهدفين لكل فريق، وهو ما قربه كثيرا من التأهل لدور الثمانية لدوري أبطال أفريقيا!

وبعد أن استنفذ نادي الزمالك كل الحلول الممكنة للنهوض بالفريق على مدار أربع سنوات من تغيير لاعبين وأجهزة فنية ومجالس إدارة وحتى تغيير قمصان الفريق، لم يبق أمامه سوى الاستفادة من التجربة الألمانية والتي قد تكون آخر الحلول لمشكلة هذا الفريق .. ومن يدري؟

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات