كتب : أسامة خيري | السبت، 21 يونيو 2008 - 11:56

عفواً .. المستحيل ليس تركياً

نصح الفرنسي أرسين فينجر لاعبي كرواتيا قبل انطلاق مباراتهم أمام تركيا بشيء واحد: "لا تجعلوا الأتراك يلمسون الكرة في آخر خمس دقائق"، لكنهم لم يلتزموا بذلك، فأصبح الفريق في طريقه إلى العاصمة زغرب ليشاهد باقي مباريات يورو 2008.

أثبت الأتراك مجددا أنهم من أبناء الدم الحار الذي لا ييأس أبدا، وإذا كان صديقي أحمد عز قد قال إن المستحيل ليس ألمانيا من واقع مفاجأة الفوز على البرتغال، فماذا سيقول عن فريق فاز بعد أن استقبلت شباكه هدفا في الدقيقة 119 من قاهر الألمان؟

احتسب الحكم الإيطالي دقيقتين وقت محتسب بدل ضائع بعد الشوط الإضافي الثاني، وقبل سبع ثوان على صافرة النهاية كانت الكرة مع حارس تركيا روشتو ريكبر ليسدد كرة ثابتة، وإذ بالكرة تنطلق نحو منطقة جزاء كرواتيا، لينتهي الوقت مع تسديدة سميح شينتورك داخل الشباك مسجلا هدف التعادل.

وعند اللجوء لركلات الترجيح، لم يكن ممكنا أن يحدث أي شيء غير فوز تركيا، فما القوة القادرة على منع هذا الإصرار من استمرار مشواره الناجح في اللقاء "وليس البطولة" حتى النهاية.

أعتقد لا شيء.

وجد فاتح تريم المدير الفني لتركيا نفسه في موقف صعب للغاية قبل المباراة بغياب إيمري جونجور (إصابة في الساق) وسيرفيت سيتين (إصابة في الركبة) والقائد إيمري بيلوزوجلو وتمومير موتين (كل منهما في الفخذ) والثنائي الموقوف فولكان ديميريل وميميت أوريليو.

لكن ماذا كان رد فعل هذا المدرب الملقب بـ"الإمبراطور".. قال بالحرف الواحد قبل اللقاء: "ليس لدينا أعذار.. ليس المهم من يلعب في الدفاع أو الوسط أو الهجوم، لكن المهم هو طريقة أداء اللاعبين أنفسهم".

كم كنت محقا يا تريم. فبالإصرار والعزيمة يمكن تحقيق أي شيء، وربما أتقمص شخصية "المتألق" أحمد الطيب عندما أقول إن هذين العنصرين هما أساس نجاح أي عمل، وليس كرة القدم فقط، فكثيرا ما يتفوق شخص على آخر أفضل منه في الإمكانيات والمهارات بفضل التشبث بهما.

المباراة من الناحية الفنية لم تكن عالية، فتريم وجد نفسه مجبرا على إشراك صبري ساريجلو كظهير أيمن وحميد ألتينتوب كلاعب وسط مدافع، كما منح تونكاي سانلي دورا دفاعيا كبيرا رغم أن هذا اللاعب يشارك كثيرا كمهاجم صريح في ميدلسبره الإنجليزي.

طريقة اللعب التركية كانت 4-2-2-أردا توران-1، فتوران كان يلعب أحيانا في خط الوسط، وأحيانا كلاعب حر سواء في الجناح الأيمن أو الأيسر، وأحيانا بجوار المهاجم الوحيد نيهات قهوجي.

وبدا أن تريم أشرك قهوجي بعد أن أحرز اللاعب هدفين في ثلاث دقائق أمام التشيك، لكن اختيار وجود هذا اللاعب بمفرده ليس موفقا بشكل كبير، لأنه يحتاج لوجود مهاجم آخر بجوار لتظهر خطورته وقيمة انطلاقاته بالكرة من الخلف كما يفعل في فياريال الإسباني.

وعندما رجحت كفت كرواتيا في الشوط الثاني بفضل ثلاثي الوسط نيكو كوفاتش ولوكا مودريتش وداريو سرنا، تذكر تريم أن آخر 15 دقيقة هي الفترة التي أحرز فيها منتخب بلاده أربعة أهداف من إجمالي خمسة قبل مواجهة كرواتيا، فأشرك المهاجم سينتورك بدلا من ميميت توبال لاعب الوسط المدافع، مع منح سانلي دورا دفاعيا أكبر.

وبدأت السيطرة تنتقل إلى الأتراك، حتى انتهت المباراة بتعادل سلبي، واستمر الأمر حتى الدقيقة قبل الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني التي استغل الفريق الكرواتي بمهارة لوكا مودريتش خطأ الحارس التركي ليسجل الهدف الأول عن طريق إيفان كلازنيتش.

ولجأ الفريق التركي للمرة الأولى في تاريخه ضمن بطولة كبيرة لركلات الترجيح، التي أبت أن تستقبل ضيفا جديدا عليها دون أن تكرمه وتعطيه مكافأة كبيرة على قهره للمستحيل.

وستكون المباراة المقبلة في قبل النهائي بين تركيا وألمانيا ذات حساسية كبيرة، لوجود مليوني شخص من أصل تركي في ألمانيا، ولذلك فالروح العالية المتوقع وجودها ربما تسفر عن "قصة كفاح جديدة" بين منتخبين يتنفسان كلمات "التحدي.. الإصرار.. العزيمة" وكما قال "الطيب" أحمد عن مواصلة الأتراك لغزواتهم: "Take it easy.. إنه الإصرار يا عزيزي".

قصة واقعية: عندما أحرزت تركيا هدف الفوز 2-1 على سويسرا في المباراة التي أقيمت ضمن الجولة الثانية لدور المجوعات، إذ بشاب مصري يصيح في أحد المقاهي بسعادة بالغة لهزيمة السويسريين قائلا: "يستاهلوا علشان يبقوا يخطفوا الحضري"!

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات