كتب : أسامة خيري | الإثنين، 17 نوفمبر 2008 - 03:42

تحليل: جوزيه.. والأهلي "المحظوظ"!

أحرز الأهلي أول هدفين في شباك القطن الكاميروني بمدينة جاروا في دوري أبطال أفريقيا، وكان ذلك مفتاح فوزه باللقب للمرة السادسة في تاريخه والانفراد بالرقم القياسي، بعدما نجح كل فريق في تسجيل هدفين على أرضه في مباراتي الذهاب والعودة.

وقدرة الأهلي على تسجيل هدفين في الكاميرون يأتي استكمالا لنتائجه الرائعة بهذه البطولة خارج أرضه، إذ تعادل أيضا مع إنيمبا النيجيري وأسيك أبيدجان الإيفواري، كما فاز على ديناموز بطل زيمبابوي.

والسؤال عن مدى أحقية الأهلي في الخروج بنتيجة التعادل 2-2 في مباراة الإياب سيثير جدلا كبيرا بين المتابعين، لكن الشيء المهم، والمؤكد أيضا، أن الأهلي فاز باللقب عن جدارة تامة عند النظر لمجموع أدائه في المباراتين معا.

وعند النظر لأحداث اللقاء، كان الأهلي محظوظا في تسجيل هدفه الأول، كما اعترف البرتغالي مانويل جوزيه في تصريحاته لإذاعة الـ(بي.بي.سي) عقب اللقاء، لكنه أيضا ووفقا لكلام مديره الفني سمح لمنافسه بتسجيل هدف "ساذج" في نهاية الشوط الأول.

وحتى نهاية الشوط الأول، كانت النتيجة متكافئة إلى حد كبير، إذ سيطر القطن على الكرة بشك واضح دون تشكيل خطورة على مرمى الأهلي إلا في مرات نادرة، لكن هذا الأمر تغير في الشوط الثاني.

ويعود سبب انخفاض مستوى الأهلي على الأرجح إلى التغيير غير الموفق لجوزيه بخروج أحمد صديق وإشراك سيد معوض، وذلك ليس لأن محمد بركات لا يجيد اللعب في مركز الظهير الأيمن الذي انتقل إليه، لكن لأن جيلبرتو "المميز هجوميا" لا يجيد تنفيذ الدور الدفاعي الذي طُلب منه.

وأوضح الشوط الأول بالفعل قوة الجانب الأيمن لأصحاب الأرض وتفوقه على جيلبرتو، لكن حل جوزيه لم يكن مثاليا، لأن كان يمكنه إخراج صديق وإشراك أحمد فتحي مع تكليفه باللعب في وسط الملعب المدافع مع الميل إلى اليسار للتغطية على الجناح الأنجولي أو حتى بوضع رامي عادل كظهير أيسر.

وإذا كان البعض يرى أن فتحي غير جاهز للمشاركة، فذلك خطأ كبير، لأن جوزيه وضعه على مقاعد البدلاء بدلا من المعتز بالله محمد "إينو" الذي خرج من القائمة تماما، وهو ما يعني أن اللاعب العائد بعد غياب طويل أصبح مستعدا للمشاركة "الحقيقية".

هذا التغيير غير الموفق لا يعني أن جوزيه مدرب فاشل، أو شيء من هذا القبيل، لأن المدرب البرتغالي كما أظهر استفتاء FilGoal هو ثاني نجوم اللقاء بعد أمير عبد الحميد ولا يمكن إبخاسه حقه في وضع نفس تشكيلة مباراة الذهاب الرائعة "الخالية من أي أنيس"، كما أن الأرقام تؤكد أنه الأفضل في تاريخ القارة السمراء.

المهم.. أسفر التغيير عن انخفاض مستوى الجبهة اليسرى للأهلي. وإذا كانت تعرضت لنحو ثلاثة اختراقات في الشوط الأول، فإنها تعرضت لأكثر من ثمانية اختراقات في الشوط الثاني بسبب تركيبة "جيلبرتو-معوض" الخطأ.

واستمرت المباراة بتعادل يرضي الأهلي، قبل أن يظهر بوجلبان استعدادا للمشاركة، وفي اللحظة ذاتها يسقط أحمد حسن مصابا، لكن اللاعب التونسي كان سيلعب في كافة الأحوال، وهذا تغيير غير موفق آخر.

وتأثر خط الوسط الأحمر سلبا بهذا التغيير، لأن الخط الذي كان يضم الشوط الأول الثلاثي بركات وحسن وحسام عاشور أصبح يضم "بوجا" وعاشور فقط، رغم أن الضغط الهجومي لأصحاب الأرض زاد.

وترجم القطن سيطرته بتسجيل الهدف الثاني، وهنا شعر البعض بالقلق لأنه كان يتبقى نحو نصف ساعة على النهاية، واستمر تفوق القطن لنحو ربع ساعة قبل أن يجري جوزيه تغييرا موفقا بإخراج محمد أبو تريكة وإشراك فتحي.

وعاد بذلك الاتزان المفقود لخط الوسط، لتمر الدقائق الأخيرة ويسجل الأهلي التعادل من ركلة جزاء مستحقة لملك "الحركات" قبل أن يعلن المتألق جمال حيمودي نهاية اللقاء وتتويج بطل مصر ببطولة مهمة وثمينة.

وما يزيد أيضا من أهمية هذا اللقب أنه جاء رغم رحيل اثنين من أهم لاعبي الأهلي خلال أحداث البطولة وهما عصام الحضري وعماد متعب وفي ظل إصابة عماد النحاس وفتحي، لكن القيادة الفنية الرائعة في المقام الأول من جوزيه عوضت الفارق.

وكلمة "الإدارة الفنية الرائعة" ليست من فراغ، لكنها نتيجة نجاح جوزيه -في المباريات الأولى لأمير- أن يضع تكتلا دفاعيا أكبر من المعتاد حول حارسه ليمنحه ثقة أكبر وهو الأمر الذي ظهرت نتائجه في مباراة صعبة كهذه.

وأيضا استطاع جوزيه أن يعوض غياب متعب بإعادة تفعيل طريقة المثلث المقلوب بوجود فلافيو أمادو بمفرده في الأمام، حتى أن الفريق أحرز أربعة أهداف في مباراتي الدور النهائي، وهو رقم لم يسبق للفريق تخطيه منذ انطلاق المسابقة بهذا الدور.

كما أثبت جوزيه أنه السبب الرئيسي في تتويج الأهلي بالبطولات "خاصة الأفريقية"، لأنه فاز باللقب عام 2001 بمجموعة متوسطة للغاية من اللاعبين، قبل أن يكرر الأمر ذاته عامي 2005 و2006 بتشكيلة قوية، ثم تعامل هذا العام بسلاسة مع الغيابات المختلفة.

والخلاصة أن جوزيه في هذه المباراة بالتحديد أجرى تغييرين غير موفقين، وكان محظوظا في إدراك التعادل، لكنه فاز في النهاية باللقب للمرة الرابعة في مشواره، ليتأكد الجميع بذلك أن الأهلي فريق محظوظ.

وحظ الأهلي لا يكمن في الفوز بلقب يستحقه، لكن لأن جوزيه هو مدربه.

ملحوظة:

ربما يعتقد البعض أن الأهلي ليس محظوظا بمفرده بوجود جوزيه، بل جوزيه نفسه محظوظ لوجوده في الأهلي باعتبار أن النادي فاز بلقب "الأفضل في القرن العشرين" دون مساعدة من المدرب البرتغالي.

ورغم صحة هذا الأمر، فإن المؤكد أن جوزيه سيكون السبب الرئيسي في فوز الأهلي باللقب ذاته في القرن الحالي، حتى وإن اكتفى الفريق بمشاركاته الحالية.

حقا.. الجماهير الحمراء محظوظة بتشجيع فريق اسمه الأهلي ويقوده جوزيه.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات