كتب : وليد الحسيني | الخميس، 02 سبتمبر 2010 - 01:56

متناقضات كروية

تسيطر على الشارع المصري حالة غريبة من المتناقضات، ففي الوقت الذي تتزايد فيه حالة التدين بين الناس تجد أن هناك تراجعا واضحا في الضمير وانتشار ظاهرة الرشوة التي أصبحت سلوكا عاديا لم تعد تلفت نظر أحد، ناهيك عن السلوكيات المشينة من إهمال وإلقاء القمامة في الشوراع، حتى وصل السلوك المعيب الى إعلانات التليفزيون.

ومع زيادة غضب الشارع على العديد من القرارات الحكومية وارتفاع الأسعار، تجد الناس أيضا في حالة خنوع وموافقة ضمنية عما يحدث لهم، والكل ينتظر تحرك الأخرين، فيما يسمى بالأغلبية الصامتة.

حالة التناقض الموجودة في الشارع المصري بصفة عامة، ألقت بظلالها على الشارع الكروي بصفة خاصة، ففي الوقت الذي تنهال الانتقادات على سياسات اتحاد كرة القدم في السنوات الأخيرة، نجد أن مستوى الدوري العام المصري في حالة ارتفاع مستمر في الفترة الأخيرة، وأصبح أفضل وأقوى دوري عربي وأفريقي، وتطور مستوى المنتخب الوطني بشكل واضح، ولعل فوز منتخب مصر ببطولة الأمم الأفريقية في الدورات الثلاثة الماضية أفضل دليل على تطور الكرة المصرية.

تعرض سمير زاهر رئيس إتحاد كرة القدم لهجوم ضاري في السنوات الأخيرة، واتهامه الدائم بالفساد، وتعرض للإبعاد عن رئاسة الإتحاد بحكم محكمة، وعاد من جديد بحكم محكمة أيضا، إلا أن الكرة المصرية شهدت معه تطورا كبيرا سواء على المستوى الفني أو المادي، وأصبح الاتحاد في حالة اكتفاء ذاتي، بل ويحقق أرباحا في إيراداته، وإن كان الارتفاع الفني للكرة المصرية كان على مستوى المنتخب الأول فقط، فيما تراجعت نتائج بقية المنتخبات، مثلما تراجع مستوى بقية المسابقات التي ينظمها الاتحاد.

*نصبت جماهير الزمالك شيكابالا نجما أول لناديهم، وأصبح الفتى المدلل للجماهير ومجلس الإدارة، بدليل العقد الأخير الذي وقعه النادي مع اللاعب، إلا أن شيكابالا لم يقدم للزمالك ما يستحق عليه هذه النجومية على مدار السنوات الماضية، ولم ينجح شيكابالا في إعادة بطولة الدوري العام للبيت الأبيض الغائبة منذ 6 سنوات.

*رفع مجلس إدارة نادي الزمالك سقف هجومه على محمد ناجي "جدو" خلال الأسابيع الماضية، وهدده بالويل بعد تراجعه عن اتفاقه السابق مع النادي، وفجأة تراجع مجلس الإدارة عن كل تهديداته، ووافق على تسوية كافة المشاكل بينهم في ثوان معدودة.

تردد أن ممدوح عباس رئيس نادي الزمالك سيتكفل بقية كل الغرامات الموقعة على اللاعب، بما فيهم الـ1،2 مليون التي قررها اتحاد كرة القدم لصالح نادي الزمالك، ولم يعط نادي الزمالك تفسيرا مقنعا لجماهيره على هذا التصرف الغريب والمريب، وترك تلك الجماهير تضرب أخماسا في أسداسا، وكسرهم أمام أنفسهم قبل كسرهم أمام بقية خلق الله.

وأبدى صبري سراج عضو مجلس إدارة نادي الزمالك انزعاجه الشديد من الأسئلة العديدة التي خرجت عقب تسوية أزمة جدو، وقال إن الزمالك ليس مطالبا بالرد على استفسارات 40 مليون شخص - على حد قوله، ولكن ما تناسه سراج أن من حق الجماهير أن تعرف أسرار وكواليس ما حدث، وأن الـ40 مليون شخص الذي تحدث عنهم عضو مجلس إدارة الزمالك من حقهم معرفة ما حدث، أم أن سراج كان من حقه الخروج بتصريحات نارية وعنترية خلال الأزمة، ويستكثر الآن على الجماهير معرفة الحقيقة!

*منذ سنوات رفع النادي الأهلي شعار القيم والمبادئ أمام الرأي العام، في الوقت الذي اتهم فيه النادي الأهلي بالقرصنة وخطف اللاعبين من الأندية، واتهم العديد من الأندية مسؤولي النادي الأهلي بإغراء لاعبيهم للانتقال إلى القلعة الحمراء.

*هاجم عمرو زكي مهاجم فريق الزمالك الجهاز الفني لمنتخب مصر بعدما تخطاه في اختياراته للقاء سيراليون، بعد ساعات قليلة من إعلان أسماء المنتخب، وبعد بساعات قليلة أيضا تراجع زكي عن تصريحاته السابقة ضد الجهاز الفني للمنتخب، بل وغازل حسن شحاتة بكلمات من نوعية "الأب الروحي"، بعدما انتهى مفعول "حبوب الشجاعة" التي تناولها قبل تصريحه الأول.

التصرف أصبح ليس بجديد على اللاعبين والمسؤولين في الوسط الكروي، وما لا يعرفه "المتراجعون" عن تصريحاتهم أن الجماهير لم تعد تصدقم عندما يتراجعون، وكذلك من تعرض للهجوم، وبالتالي فإنهم يخسرون في كلتا الحالتين، وعلى رأي المثل "إن قلت ما تخافشي، وإن خفت ما تقولشي".

*خسر فريق الإسماعيلي في الجولة الرابعة لبطولة دوري أبطال أفريقيا أمام فريق هارتلاند النيجيري بعد أن كان متقدما بهدف محمد حمص، وتضاءلت فرصه بشده في الوصول للدور قبل النهائي.

وصمم لاعبو الدراويش على اللعب في نهار رمضان صائمين، وهو أمر فيه كثير من المغالاة والتشدد، ولم يستفد الفريق بالرخصة التي أحلها الله في السفر، والله يحب أن تؤتى رخصه، ولم يحافظ لاعبي الإسماعيلي على "أكل عيشهم" بتشددهم، ولكن خسائر الإسماعيلي لم تتوقف عند اللاعبين، ولكن إدارة النادي خسرت كذلك بتصرف متشدد من لاعبين لا يقدرون مسؤولياتهم!

على الهامش

أعطى المعلق الكروي محمود بكر درسا مهنيا لبقية المعلقين، بعدما انتقل للعمل بقناة النادي الأهلي، وتعامل بحرفية ومهنية واضحة، ولم يلتفت للانتقادات التي يمكن أن توجه له من بعض الجماهير الحمراء حينما ينتقد أداء لاعبي الأهلي في المباريات، على عكس بقية المعلقين الذي يحاولون مجاملة النادي في تعليقهم على لقاءات الأهلي، لدرجة تصل إلى حد النفاق.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات