كتب : أحمد عز الدين | الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010 - 10:08

برشلونة .. سره لذيذ

جوارديولا برشلونة

مَن رأس الحربة في برشلونة؟ وكيف يعتمد فريق يملك خمسة مهاجمين على ارتكاز دفاعي واحد فقط؟ هل أندريس إنيستا جناح أم ارتكاز أم صانع لعب؟ .. هذه أسرار البلوجرانا التي بفضلها حفر العملاق الكتالوني اسمه على حائط ريال مدريد مفسدا منظره الملكي الاستثنائي أمام العالم أجمع.

جوسيب جوارديولا المدير الفني للبلوجرانا جعل برشلونة قادرا على سحق ريال مدريد بالسهولة نفسها التي يهزم بها ريال مورسيا وريال سارجوسا وريال سوسيداد أو أي ريال آخر.

لكن في الحقيقة مزيج المتعة والفاعلية والأمان الدفاعي الذي يقدمه برشلونة ابتدعه يوهان كرويف وأخذ يتطور مع لويس فان جال ثم فرانك ريكارد حتى وصل إلى أيدي جوسيب جوارديولا.

وبرغم أن مورينيو ارتكب العديد من الأخطاء في الكلاسيكو بداية بالتشكيل الهجومي المبالغ فيه ووجود مارسيللو أساسيا برغم مصائبه، وحتى الاعتماد على مصيدة التسلل، فإني أفضل الحديث عن جوارديولا وتسليط الضوء على ما فعله حتى يحقق برشلونة هذه النتيجة الكبيرة في الكلاسيكو.

عهد كرويف

برشلونة ومنذ عهد كرويف، يعتمد على مبدأ ضرورة عدم فقدان الكرة في وسط الملعب، مهما كان ضغط المنافس.

فمدرب برشلونة يهتم حين يختار عناصر خط وسط فريقه بوضع أكبر عدد من اللاعبين القادرين على التمرير الصحيح تحت الضغط حتى يضمن ألا يخسر البلوجرانا الكرة أُثناء بناء الهجمة.

فصراع الوسط بين فريقين يحدده عدد اللاعبين القادرين على تمرير الكرة بشكل صحيح تحت الضغط في الفريق المهاجم، مقابل عدد اللاعبين القادرين على قطع الكرة واسترجاعها من جانب الفريق المدافع.

وينظر مدرب برشلونة لصفة التمرير السليم تحت الضغط على أنها أهم من القوة البدنية أو القدرة على التغطية الدفاعية.

ذلك لأنك لو لم تخسر الكرة في وسط الملعب فأنت لست بحاجة لأن ترتد للدفاع ولا لأن تغطي على المدافعين المتقدمين لأن كل هجمات فريقك ستنتهي إما بهدف أو بكرة خارج الملعب.

ولهذا أيضا لا يحتاج برشلونة لأكثر من لاعب ارتكاز واحد، فيما باقي عناصر وسط الملعب تهتم بتمرير الكرة بشكل سليم إلى أن يجد الفريق الكتالوني ثغرة يخترق منها صفوف المنافس.

حسنا، كل هذا كان موجودا في برشلونة منذ عهد كرويف .. فما الذي أضافه جوارديولا ؟

بصمة جوارديولا

حاليا لا يوجد رأس حربة حقيقي في برشلونة، بل يتشارك ميسي وبيدرو وديفيد بيا وإنيستا في أداء هذا الدور إلى جوار أدوار صناعة اللعب واستغلال الجناحين.

ذلك حدث بعدما تعاقد برشلونة مع ديفيد بيا الذي يجمع بين موهبة إبراهيموفيتش وسرعة صامويل إيتو، وهذا ما كان جوارديولا يبحث عنه حتى يلغي مركز رأس الحربة في برشلونة.

وهذه الخطوة جعلت وسط برشلونة يتكون من ستة لاعبين دفعة واحدة بدلا من خمسة، وبالتالي بات الفريق الكتالوني صاحب كثافة عددية دائمة على المنافس.

والأهم من ذلك، أن برشلونة بات متنوعا في هجماته بشكل مرعب، ما يجعل الدفاع أمامه أشبه بمحاربة طواحين الهواء.

لماذا الدفاع أمام برشلونة أشبه بمحاربة طواحين الهواء؟ حسنا سيروا معي في هذا المثال لتفهموا ما أعنيه.

بفرض أن ريال مدريد سيواجه أثليتك بلباو، ومورينيو يرغب في تكليف لاعب من فريقه بالتغطية على الظهير الأيسر مارسيللو.

طبعا سيدرس مورينيو الخصم أولا، هل يلعب بلباو بمهاجم واحد وخلفه صانعي ألعاب، أم مهاجم متقدم وآخر متأخر، أم ثنائي هجوم وجناحين؟

ذلك لأن الدفاع أمام فريق يهاجم برأس حربة واحد يختلف عن الدفاع أمام فريق يلعب بثنائي هجوم من حيث واجبات الرقابة والتغطية.

فلو كان بلباو يلعب برأس حربة واحد، سيعطي مورينيو مهمة التغطية على مارسيللو لقلب الدفاع ريكاردو كارفاليو.

أما لو كان بلباو يلعب بثنائي هجوم، فإن تغطية مارسيللو ستكون من نصيب شابي ألونسو في وسط الملعب حتى يتفرغ كارفاليو مع بيبي في رقابة رأسي الحربة.

لكن ماذا يفعل مورينيو وبرشلونة لا يلعب باسلوب ولا اثنين، بل عناصره تستطيع خلق عشرات الاحتمالات لأن كل لاعب في وسط البلوجرانا يمكنه أداء كل الأدوار الهجومية دون مشاكل.

فبيدرو يستطيع أن يكون رأس حربة أو جناح أيمن، بيا يمكنه أن يلعب دور رأس الحربة أو الجناح الأيسر، ميسي يستطيع اللعب كصانع لعب أو جناح أو مهاجم، وإنيستا ينطبق عليه الأمر نفسه.

في هجمة، يلعب برشلونة برأس حربة واحد هو ديفيد بيا خلفه ميسي، وفي الهجمة التالية يلعب بثنائي يشكله بيا وميسي، وفي الهجمة الثالثة يلعب بجناحين وصانعي لعب دون مهاجم أصلا.

وأحد أسباب ما حدث في الكلاسيكو كان نتيجة تنوع برشلونة في هجماته، إذ أن دفاع ريال مدريد لم يستطع أن يركز لدرجة تحديد من يغطي على رفيقه مع كل هجمة كتالونية تأتي بمعطيات جديدة.

وما سهل مهمة برشلونة في الكلاسيكو، وجود مارسيللو في التشكيل الأساسي للميرنجي من جهة، وأن مورينيو ظن في فريقه القدرة على خوض مباراة مفتوحة على كامب نو برغم أن ريال مدريد لازال ضعيفا وليدا وتحت الإنشاء كما يردد المدرب البرتغالي بنفسه دائما.

فقد اكتفى مورينيو بإشراك ثنائي ارتكاز هو سامي خضيرا وشابي ألونسو، وذلك من أجل المغامرة الهجومية بكريستيانو رونالدو وأنخل دي ماريا وميسوت أوزيل وكريم بنزيمة.

النتيجة أن خضيرا وألونسو وحدهما كان عليهما إيقاف زحف بيا وميسي وإنيستا وشابي وبيدرو، وطبعا 2 لا يستيطعان أبدا السيطرة على خمسة لاعبين.

عموما لن أسترسل أكثر عن أخطاء مورينيو في الكلاسيكو، وسأتركها لحينها حتى أربط بينها وبين سؤال هل يتأثر ريال مدريد بما حدث في ملعب كام نو أم لا؟

فقط أود القول فيما يخص مورينيو – الذي لازلت أراه أفضل مدير فني في العالم - والهزيمة المذلة التي لحقت بفريقه، إن عليه تحمل نتيجة أفعاله خارج المستطيل الأخضر.

فبعد كل تصريحاته الاستفزازية عن برشلونة منذ فاز مع إنتر بثلاثة أهداف لهدف في الموسم الماضي، أعتقد أن من حق جماهير البلوجرانا أن تشمت في البرتغالي الاستثنائي برغم قيمته.

من حق جمهور كتالونيا أن يستمتع بكل مؤتمر صحفي قادم لمورينيو لا يستطيع فيه ذكر كلمة برشلونة حتى لا يذكر الناس بهزيمته .. واللي حضر العفريت يصرفه.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات