كتب : نصري عصمت | الأحد، 27 مارس 2011 - 09:06

شجع مصر .. مصر بتبني

خسر منتخب مصر من جنوب إفريقيا لتتلاشى آماله عمليا وليس نظريا في بلوغ كأس الأمم التي يحمل لقبها ثلاث مرات متتالية،وللمرة الأولى بعد نكسة كروية بهذا الحجم يسيطر الهدوء البالغ على الشارع المصري.

عقب اللقاء لم أستطع إجراء مقارنة بين هذا الهدوء من جهة، وانفعالات المصريين لو جاء الخروج المبكر من التصفيات قبل قيام ثورة 25 يناير العظيمة من جهة أخرى، وسبب الهدوء بكل تأكيد هو انشغال الشارع المصري بما هو أهم بكثير من كرة القدم وكأس إفريقيا من تطورات سياسية تمر بها البلاد وتحدد مستقبل كل فرد فيها.

لكن ما أزعجني هو تعرض حسن شحاتة المدير الفني لمنتخب مصر لشماتة كبيرة من جانب البعض نظرا لتعاطفه وتأييده للرئيس السابق، فجاءت أغلب التعليقات على الخسارة مزيجا من الشماتة السياسية والتساؤلات الفنية حول سبب اعتماد المعلم على تشكيل دفاعي في مباراة لا تحتمل الخسارة.

مبدئيا من حقك أن تجلد شحاتة بنقدك على تشكيل فريقه وعلى موقف الفريق بعد أول ثلاث مباريات في التصفيات، ومن حقك أن تعايره بـ”القديم والجديد” مثل الخروج من تصفيات كأس العالم والخسارة في كأس القارات لكن لا يمكن أن نحاسب مدرب المنتخب على موقف أو رأي سياسي ونمزجه بموقفنا تجه منتخب مصر الذي يرتدي ألوان العلم خصوصا أن وطنية الرجل ليست محل شك وإن اختلفنا معه في الرأي.

وفي تقديري أن شحاتة ولاعبيه قبل الثورة أدوا دورهم على أكمل وجه لأن لاعب الكرة كما ذكرت في مقالي السابق دوره أن يحقق الفوز وليس أن يقود المجتمع، وكان شحاتة ورجاله يفوزون ويحصلون على التكريم والشهرة والمال، وهم على الأقل أفضل من كثيرين حصلوا على كل ما سبق بسرقة الوطن، وليس ذنبهم أن النظام السابق أراد ركوب النصر وكان رجاله يحرموننا من متعة أي انتصار كروي بالرسالة المحفوظة “بعث السيد الرئيس برسالة تهنئة إلى الفريق إلخ وأشاد بالروح الرياضية للضيوف إلخ” كما نحفظ جميعا.

أما الظاهرة الأجمل التي لمستها بالأمس هو أن المصريين باتوا أكثر نضجا فلم يعتبروا الخسارة نهاية العالم كما اعتادوا سابقا، فحتى الخروج من التصفيات لا يساوي نهاية جيل، بل يعني اعتزال مجموعة لاعبين تخطوا الثلاثين لكن كل من هو دون هذا السن قادر على العطاء ولابد أن نتفاءل ونحلم بغد أفضل.

وكما تعامل الكثيرون بنضج مع النتيجة لابد أن نتعامل مع شحاتة بنضج مماثل لأن الرجل صنع انتصارات عظيمة أدخلته التاريخ شئنا أم أبينا ويستحق الاحترام على ما قدمه، وفي الوقت ذاته ينبغي عدم تحويله إلى رمز غير قابل للمساس وهذه أحد أهم آفات الكرة المصرية، رفع مدرب إلى مصاف الأنبياء لمجرد تحقيقه بطولة والتنكيل بالإعلاميين المنتقدين له، أو النزول به إلى سابع أرض عقابا على الخسارة، وشحاتة تعرض دوما للأسلوبين.

،وإذا كان هناك من يجب أن يرحل قبل حسن شحاتة وجهازه فلابد أن يكون اتحاد الكرة الفاشل الذي أثبت فشله في كافة أمور اللعبة وحتى على الصعيد السياسي كان أكثر نفاقا للرئيس وأبنائه من المدير الفني، مع العلم أن أحد أسباب حب شحاتة لمبارك أنه كان بمثابة الملاذ الآمن له في أوقات كان أعضاء اتحاد الكرة يتآمرون عليه ويخططون للإطاحة به وسط مناخ شديد السوء، فمن باب أولى أن نلوم الاتحاد قبل المدرب إذا فتحنا باب السياسة على باب الرياضة.

وسيكون خروجنا الإفريقي بمثابة إجازة وفرصة لصانع القرار في مصر لإعادة ترتيب البيت الرياضي بدون ضغوط، وعلى رأس هذه الترتيبات، تنظيم لعبة كرة القدم ماليا بحيث أن تدر دخلا يكفي للإنفاق الرشيد عليها، وهو موضوع يستحق التناول في مقالات مقبلة.

ربما يكون العزاء الوحيد للمصريين بعد خسارة منتخب مصر هو أن لديهم مباريات أهم مثل الانتخابات البرلمانية والرئاسية وصناعة دستور جديد، فالمشوار طويل تجاه الديموقراطية الحقيقية “تخيلوا اكتشفنا أن في حاجة أصعب من الوصول لكاس العالم” وهي الوصول إلى الديموقراطية.

نحتاج بشدة إلى تغيير هتاف “شجع مصر .. مصر بتلعب” إلى “شجع مصر .. مصر بتبني” و “شجع مصر ..مصر بتتقدم، مصر بتكبر” .. عزاءنا أن لدينا ما هو أهم بكثير من اللعب.

رأي سريع : أعرف تماما مدى أهلاوية المهندس عدلي القيعي لكن أتمنى -في خيالي- أن يدير شخص في مثل خبرته اتحاد الكرة، صدقوني الذكاء مطلوب جدا هذه الأيام.

ملحوظة : إبراهيم حسن منزعج لأن الفرنسية هي اللغة المشتركة بين لاعبي الإفريقي التونسي والحكم الجزائري الذي يدير لقاء العودة … ممم ده على أساس أن لاعبي الزمالك لا يجيدون العربية طبعا؟

تابعوني على تويتر :

http://twitter.com/nasry

أو على فيسبوك:

http://on.fb.me/eACXjw

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات