أمم إفريقيا - تونس.. فرصة الجيل الأخيرة

الخميس، 18 ديسمبر 2025 - 13:22

كتب : عبد الرحمن فوزي

صورة تقرير تونس

يستعد منتخب تونس للمشاركة في كأس أمم إفريقيا 2025.

يدخل نسور قرطاج البطولة بهدف التتويج باللقب، كعادة جميع منتخبات شمال إفريقيا، لكن المؤشرات العامة لا تبدو مبشرة بشكل كامل.

البداية بالنظر إلى نتائج النسخ الماضية، حيث يظهر أن أداء منتخب تونس يسير في منحنى تنازلي واضح. ففي نسخة 2019، قدم الفريق واحدة من أفضل مشاركاته القارية خلال السنوات الأخيرة، ونجح في الوصول إلى نصف النهائي قبل أن يكتفي باحتلال المركز الرابع بعد الخسارة في مباراة تحديد المركز الثالث.

في نسخة 2021، تراجع الأداء نسبيًا، وودّع منتخب تونس البطولة من ربع النهائي، دون أن يظهر بنفس الصلابة أو الطموح الذي ميّز مشاركته السابقة.

أما في نسخة 2023، فجاءت الصدمة الكبرى، حين أقصي المنتخب من دور المجموعات، في خروج مبكر كشف حجم الأزمة التي يعاني منها الفريق، ليصبح التراجع هنا واضحًا بالأرقام والنتائج.

قد يرى البعض أن المنتخب تحسن عقب تلك البطولة، بعدما قدم نتائج جيدة في تصفيات كأس العالم وتصفيات كأس أمم إفريقيا، إلا أن القلق عاد من جديد لدى الجماهير التونسية بعد المشاركة الأخيرة في كأس العرب، قبل أيام قليلة من انطلاق البطولة القارية.

القلق لا يرتبط بالمشاركة في بطولتين متتاليتين، بل بطبيعة النتائج والأداء.

منتخب تونس قرر خوض كأس العرب بالفريق الأول، دون المحترفين في أوروبا، لكنه ظل فريقًا أول يضم عددًا من العناصر الأساسية في القوام المعتاد للمنتخب.

ورغم أن كأس العرب لا تُعد معيارًا فنيًا كاملًا للحكم على المنتخبات، فإن الخروج من دور المجموعات، بتحقيق فوز وحيد على قطر، والتعادل مع فلسطين، وخسارة مفاجئة أمام سوريا، يظل مؤشرًا مقلقًا.

الجمود الجيلي

إذا ألقيت نظرة سريعة على أسماء قائمة منتخب تونس، ستجد لاعبين تعرفهم منذ ما يقارب 10 سنوات.

بالفعل، يعتمد نسور قرطاج منذ فترة طويلة على قوام أساسي متشابه إلى حد كبير، مع تغييرات محدودة لا تمس جوهر التشكيل.

لا يزال المنتخب يعتمد على أسماء مثل فرجاني ساسي، إلياس سخيري، سيف الدين الجزيري، علي معلول، نعيم السليتي، وياسين مرياح.

وبغض النظر عن الجودة الكبيرة التي يمتلكها هؤلاء اللاعبون، فإن التجديد يظل عنصرًا أساسيًا لأي منتخب يطمح للاستمرار في المنافسة القارية.

منتخب تونس يملك أحد أعلى معدلات الأعمار في النسخة الحالية من أمم إفريقيا، بمتوسط يبلغ 28.8 عامًا.

القائمة الحالية تضم 12 لاعبًا تجاوزوا سن الثلاثين من أصل 28 لاعبًا، أي ما يقارب نصف القائمة، في المقابل لا يضم المنتخب سوى 3 لاعبين فقط تقل أعمارهم عن 25 عامًا.

هذه الأرقام تعكس بوضوح فشل المنتخب حتى الآن في إنتاج أو دمج مواهب شابة قادرة على حمل المنتخب أو حتى فرض نفسها داخل التشكيل الأساسي.

وفي النسخة المقبلة، وبالنظر إلى القائمة الحالية، سنجد أن تونس ستدخل البطولة بنفس القوام تقريبًا من جديد.

يكفي القول إن المنتخب يشارك بقائمة تضم 13 لاعبًا من قائمة النسخة الماضية التي ودعت البطولة من دور المجموعات، وأغلب هذه العناصر مرشحة للتواجد في التشكيل الأساسي.

وبالنظر إلى النسخ التي سبقتها، سنجد لاعبين شاركوا في 2019 و2021، وغابوا عن نسخة ثم عادوا في أخرى، وسيتواجدون مجددًا في 2025.

أصبح منتخب تونس يملك قائمة أشبه بـ حلقة مغلقة، تتكرر فيها الأسماء مع تغييرات شكلية، دون ضخ دماء جديدة بشكل حقيقي.

ومع التقدم في عمر أغلب عناصر المنتخب، يظل السؤال مطروحًا: هل يستطيع نسور قرطاج مجاراة السرعات الكبيرة والمواهب المتفجرة التي تميز المنتخبات الإفريقية حاليًا؟

في المقابل، أعادت منتخبات إفريقية أخرى بناء نفسها بأعمار أقل وإيقاع أعلى، وهو ما يزيد من صعوبة المهمة على منتخب تونس.

الدور التكتيكي للمدرب

للتغلب على هذا الواقع، لا يجب أن يعتمد منتخب تونس على الصراعات البدنية أو السرعات فقط، بل على أكبر قدر ممكن من المرونة التكتيكية، وهنا يبرز الدور الحقيقي للمدرب.

سامي الطرابلسي، المدير الفني الحالي لمنتخب تونس، يقود الفريق منذ أقل من عام.

بدايته كانت إيجابية، إذ نجح في قيادة المنتخب لتحقيق نتائج جيدة في التصفيات، وظهر الفريق بصورة منظمة في المباريات الودية، ولم يتلقَ سوى خسارة واحدة كانت أمام المغرب، كما نجح مؤخرًا في التعادل مع البرازيل.

لكن تبقى بطولة كأس الأمم الإفريقية هي الاختبار الحقيقي الوحيد للحكم على التجربة، خاصة بعد اهتزاز الثقة عقب النتائج المخيبة في كأس العرب.

تغيير المدربين

شهد منتخب تونس عددًا كبيرًا من تغييرات الأجهزة الفنية خلال السنوات الماضية.

فمنذ 2019 وحتى الآن، تولى 6 مدربين مختلفين قيادة المنتخب، بمعدل مدرب تقريبًا كل عام، وهو رقم يعكس غياب الاستقرار الفني لمشروع يفترض أن يكون طويل المدى.

التراجع لم يقتصر على المنتخب فقط، بل شمل منظومة كرة القدم التونسية بالكامل، وظهر بوضوح على مستوى الأندية.

ويتجلى ذلك في غياب الفرق التونسية عن التتويج بالبطولات الإفريقية منذ 2019، حين فاز الترجي بدوري أبطال إفريقيا، وقبلها فوز الصفاقسي بكأس الكونفدرالية في 2018، ومنذ ذلك الحين لم تنجح الأندية التونسية في استعادة مكانتها القارية.

بالنظر إلى كل ما سبق، تتضح أن أزمة تونس الأساسية تكمن في سوء التخطيط، سواء على المدى القريب أو البعيد.

حتى على مستوى المحترفين في الدوريات الأوروبية، تمتلك تونس عددًا من اللاعبين في دوريات قوية، لكن دون وجود لاعب قادر على لعب دور النجم الأول أو القائد الفني القادر على حسم المباريات الكبرى.

الجماهير والفرصة الأخيرة

قد يملك منتخب تونس سلاحًا مهمًا، شأنه شأن باقي منتخبات شمال إفريقيا، وهو الدعم الجماهيري.

إقامة البطولة في المغرب قد تشهد حضورًا جماهيريًا تونسيًا كبيرًا، مستغلًا القرب الجغرافي، وهو ما قد يمنح المنتخب دفعة معنوية إضافية.

نسخة المغرب قد تمثل الفرصة الأخيرة لجيل كامل من لاعبي تونس، ليس لأن المنتخب يفتقد الجودة، بل لأنه لم يُجدد نفسه في الوقت المناسب.

فهل تنجح الخبرة في تعويض عامل العمر؟ أم تكون البطولة محطة جديدة تؤكد أن وقت التغيير الجذري قد حان بالفعل.

التعليقات
/articles/519427/أمم-إفريقيا-تونس-فرصة-الجيل-الأخيرة