محمد وهبي - مُعلم خجول أصبح بطلا للعالم.. ورحلة خاصة لـ فهم اللعبة واكتشاف المواهب
الجمعة، 24 أكتوبر 2025 - 12:06
كتب : محمود عزت
محمد وهبي - منتخب المغرب للشباب
"يجب على اللاعب التفكير وفهم اللعبة، وليس مجرد التنفيذ".. محمد وهبي مدرب منتخب المغرب للشباب.
لم يكن محمد وهبي يجرؤ حتى على فتح فمه في أولى خطواته كمعلم شاب، قبل أن يتجه إلى عالم التدريب، إذ لم يتحقق حلمه باحتراف كرة القدم كلاعب، لكنه لم يُغلق باب اللعبة.
من هناك في بلجيكا انطلقت رحلته في عالم التدريب، حتى وصل إلى أكاديمية أندرلخت ومنها إلى السعودية رفقة البلجيكي يانيك فيريرا مدرب الزمالك الحالي، قبل أن يتولى المهمة الفنية لمنتخب المغرب للشباب.
قاد وهبي جيلاً مميزًا لتحقيق إنجاز غير مسبوق عقب التتويج بكأس العالم للشباب 2025، بعد مشوار أسطوري أطاح فيه بكبار اللعبة إسبانيا والبرازيل وفرنسا، حتى الأرجنتين في النهائي، ليختاره "الكاف" ضمن قائمة المرشحين لأفضل مدرب في إفريقيا.
ويستعرض FilGoal.com مسيرة المدرب محمد وهبي الذي قاد المغرب لتحقيق لقب مونديال الشباب قبل أيام قليلة كالتالي:
"لم أكن أجرؤ على فتح فمي"
ولد محمد وهبي في مدينة "أنس" البلجيكية عام 1976، ونشأ في سكاربيك بمنطقة بروكسل.
هناك، في قلب العاصمة البلجيكية، بدأت شغفه بكرة القدم خاصة بعد متابعة كأس العالم 1986، حين تعلّق قلبه بأسود الأطلس بعد الوصول إلى دور ثمن النهائي، كأول منتخب إفريقي يحقق ذلك الإنجاز.
ورغم حبه لكرة القدم، لم ينجح "مو" في احتراف اللعبة، ليدخل كلية التربية التي أفادته كثيرًا في عالم التدريب.
خلال فترة دراسته، تلقى اتصالًا من نادي بروكسل عام 1997 وهو في عمر 21 سنة، ليعرض عليه فرصة للعمل في الناشئين، ويصف وهبي تلك التجربة بأنها كانت نقطة تحول مهمة في حياته، قائلًا: "العمل مع الشباب وتحضير الحصص التدريبية أعطاني الكثير، ساعدني ذلك في تطوير أدائي كمدرب ومعلم، خاصة في التعامل مع المجموعات"
"أتذكر أنني في بداياتي كنت مترددًا حتى في التحدث أمام تلاميذ الصف، لم أكن أجرؤ على فتح فمي، لم تكن لدي أي خبرة تقريبًا، هناك فقط اكتشفت شغفي الحقيقي بمهنة التدريب".
مع صديقي يانيك فيريرا
في عام 2003، انضم محمد وهبي إلى أكاديمية أندرلخت، هناك، التقى من جديد بصديقه يانيك فيريرا، الذي كان قد تعرف عليه سابقًا خلال فترة عملهما في نادي بروكسل.
تولى وهبي تدريب فريق تحت 9 سنوات ثم 11 عامًا ويليه تحت 14عامًا، قبل أن يدرب فريق الشباب.

وهناك أشرف وهبي على تدريب أسماء واعدة مثل عدنان يانوزاي الذي لعب لمانشستر يونايتد فيما بعد، وشارلي موسوندا جونيور الذي انضم لتشيلسي لكنه اعتزل في عمر 29 عاما ليثبت وجهة نظر المدرب المغربي.
"موسوندا عبقري الكرة، موهبة خالصة، مبدع، لكنه لاعب لا يزال ضعيف بدنيا بحيث لا يمكنه المطالبة بمكان أساسي في ناد مثل تشيلسي، مستوى البلوز مرتفع".

كما يحب وهبي "تلميذه الصغير" يوري تيليمانس -نجم أستون فيلا الحالي-، الذي يعتبره حجر الزاوية في فريق أندرلخت تحت 21 عاما، إذ لعب دور القائد في مختلف الفئات السنية، بفضل شخصيته، انضباطه والتزامه اللافت.
"لم يتأخر يومًا، لم يتغيب أبدًا، يتمتع بتربية ممتازة، وقبل كل شيء، يمتلك موهبة استثنائية، تابعت تطوره خطوة بخطوة منذ بداياته، حتى بلغ الفريق الأول من جديد، ليصبح أحد أنضج وأبرز اللاعبين الذين أشرفت على تدريبهم".

بحسب وهبي، ما يميز مركز "نيربيدي" لناشئي أندرلخت تلك البصمة الخاصة التي يمكن تمييزها بسهولة في أسلوب لاعبيه".
لكن هذه الرؤية لا تحظى بموافقة الجميع، جاك ليختنشتاين، أحد أبرز وكلاء اللاعبين في بلجيكا عارضه بشدة "لا توجد لمسة واضحة في أندرلخت، النادي يملك أفضل المواهب ببساطة لأنه الأغنى في البلاد، ويقع في بروكسل، قلب بلجيكا النابض".
"كومباني؟ نعم، هو أفضل سفير لأندرلخت، لكنّه موهبة خارقة وكان سيبرز في أي ناد، تمامًا مثل لوكاكو أو تيليمانس، لا يمكن القول إن أندرلخت هو الأفضل في العالم من حيث التكوين، هناك فرق شاسع في الموارد بينه وبين أندية كبرى مثل مانشستر يونايتد".
فهم اللعبة
في موسم 2014-2015، قاد محمد وهبي فريق شباب أندرلخت إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا للشباب، قبل أن يُقصى على يد شاختار دونيتسك.
ويقول جان فرانسوا لينفان، مدير الوحدة الاجتماعية في النادي عن وهبي بعد أداء استثنائي في قطاع الناشئين "إنه لأمر يبعث على الفخر أن نرى العديد من اللاعبين الشباب في الفريق الأول، هذا لم يكن ممكنًا قبل 10 سنوات، وهنا تكمن أهمية وجود أشخاص مثل وهبي داخل النادي".
وعند سؤال محمد وهبي عمّا إذا كان يفكر في خوض تجربة تدريب الفريق الأول لأندرلخت، كما فعل صديقه يانيك فيريرا الذي أشرف على عدة أندية في بلجيكا.

"هل أرغب في أن أكون مدربًا أولًا؟ نعم لما لا؟ لا ينبغي لأحد أن يقول أبدًا، لكن حتى إن لم أنجح، فلن أشعر بخيبة أمل، أنا أعيش كل يوم بيومه، المهم بالنسبة لي أن أستمتع، أليس هذا هو جوهر كرة القدم في نهاية المطاف؟".
واعتمد محمد وهبي خلال فترة تواجده في أندرلخت على أسلوب هجومي ديناميكي يقوم على الاندفاع إلى الأمام، الضغط العالي، والبناء السريع للكرة وصناعة اللعب والمبادرة، وتنوّعت التشكيلات التكتيكية بين 3-4-3 و 4-3-3 حسب الفئة العمرية وسياق المباراة، ويضع فهم اللعبة وأداء فريقه وليس النظر على النتائج فحسب.
"يجب على اللاعب التفكير وفهم اللعبة، وليس مجرد التنفيذ".. محمد وهبي.
مكتشف المواهب
مع انطلاق موسم 2015-2016، تمت تصعيد وهبي للفريق الأول إلى جانب المدرب الألباني بيسنيك حاسي، وأنهى أندرلخت الدوري البلجيكي في المركز الثاني، وخرج الفريق مبكرًا من منافسات كأس بلجيكا.
وفي الدوري الأوروبي، قدّم أندرلخت مشوارًا لافتًا؛ أبرزها انتصارات رائعة على توتنهام وموناكو، قبل أن يقصى أمام شاختار دونيتسك.
أقيل بيسنيك حاسي من منصبه في مايو 2016، ، ليعود محمد وهبي بعدها إلى تدريب فريق تحت 15 عامًا في النادي.
وفي موسم 2017-2018، تولى محمد وهبي تدريب فريق تحت 17 عامًا، وقاد الفريق للفوز بلقب الدوري، ما منحهم التأهل لدوري أبطال أوروبا للشباب، في نهاية الموسم، حصل على رخصة UEFA Pro.
وعاد لتدريب فئة تحت 15 سنة في موسم 2018-2019، وضم فريقه حينها لاعبًا واعدًا هو بلال الخنوس نجم ليستر سيتي الحالي، وفي نهاية الموسم التالي رحل عن النادي.
أشاد مدير أكاديمية أندرلخت، جان كيندرمان بقدرات وهبي، مشيرًا أن الأخير لعب دورًا مهمًا في تكوين العديد من النجوم مثل يوري تيليمانس، دودي لوكيباكيو، ياري فيرشايرين، جيريمي دوكو.

بعد مغادرته بلجيكا، انضم وهبي إلى نادي الفتح السعودي شغل منصب المدرب المساعد لصديقه يانيك فيريرا مدرب الزمالك الحالي.
ولعب النادي السعودي تحت قيادة الثنائي 74 مباراة، وفاز الفتح في 27 مباراة، وتعادل 18 مرة، وتلقى 29 هزيمة.
وفي عام 2022، قبل وهبي التحدي المتمثل في قيادة المنتخب المغربي تحت 20 عاما خلفًا لجمال آيت بن إدير، ما مثل بداية فصل جديد وتاريخ ناصع سيكتب لاحقا.
"فيضا من المشاعر"
عين وهبي في مارس 2022، وسريعا في يوليو لعب بطولته الأولى مع المغرب، ليشارك في كأس العرب، وبلغ ربع النهائي بعد فوز مهم على مصر بنتيجة 2-1.
شارك المنتخب في بطولة اتحاد شمال إفريقيا بمصر في أكتوبر 2022، بعد الانتصار على الجزائر وليبيا، وفي نوفمبر 2023، شارك المنتخب في نسخة جديدة من البطولة في تونس، واختتم مشاركته في المركز الثاني بعد الخسارة أمام تونس 3-1.
وفي نوفمبر من العام التالي، توج المغرب ببطولة اتحاد شمال إفريقيا تحت 20 سنة، ما منحه بطاقة التأهل إلى كأس الأمم الإفريقية 2025.
رغم التتويج، واجه وهبي انتقادات من بعض وسائل الإعلام المغربية ومواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الاتحاد المغربي حافظ على الثقة به استعدادًا لبطولة إفريقيا.

"في إفريقيا، نلعب على العاطفة، اللعبة في إفريقيا معروفة بإبداعها الكبير، لكنها تحمل أيضًا في طياتها فيضًا من المشاعر".
"المنتخبات الإفريقية تلعب بعاطفتها، ويمكن استغلال ذلك في أي لحظة، إذا كنت منضبطًا ومنظمًا، وتجنبت الأخطاء، فستملك فرصة حقيقية للتسجيل".
"لاحظت هذه الظاهرة بوضوح، ما نحتاجه هو مزيد من التنظيم، ورباطة الجأش".
شارك المنتخب المغربي في كأس الأمم الإفريقية تحت 20 سنة التي أقيمت في مصر، وتأهل من مجموعته بعد فوز رائع على تونس 3-1، ثم واصل مشواره بنجاح حتى النهائي، قبل أن يخسر من جنوب إفريقيا 1-0.
وضم أسود الأطلس عددًا من لاعبي "المهجر" أبرزهم شمس الدين طالبي الذي أقنعه وهبي بتمثيل المغرب بدلا من بلجيكا رغم إصابته بتمزق في الرباط الصلبي.

كما اعتمد وهبي على قاعدة بيانات دقيقة تشمل حتى الأبناء غير المعروفين لدى الرأي العام المغربي، ليؤكد قدرته الاستباقية على متابعة المواهب الصاعدة، إلى جانب ضمه لاعبين خريجي أكاديمية محمد السادس لكرة القدم مثل ياسين خليفي، ياسر الزبيري، وعثمان معما.
"كسر السقف الزجاجي"
"وضعنا هيكلا مبنيا على القيم والمبادئ، لا أعذار ولا لوم، نحن لا نلوم أي شخص على الأخطاء، ولا نختلق الأعذار لها، بدأنا من تلك المبادئ".
"يمكننا كسر السقف الزجاجي في كرة القدم الأفريقية، بمجرد كسرها، سيهدف الجميع إلى العالمية".
"عندما لا تكون معتادا على الذهاب بعيدا، بالطبع هناك دائما عقبات، خوف من النجاح، ضغط، شك في نفسك، لكن الآن الأضواء خضراء، ما فعله وليد الركراكي في عام 2022 فتح الطريق لنا وللأجيال القادمة".
"إنها الصورة التي نريد أن نعرضها للمغرب، نفس القيم التي رأيناها في كأس العالم 2022، العمل الجماعي والروح التي نعبر عنها في الملعب".. محمد وهبي قبل كأس العالم للشباب.
بكاء النصر
لم يتوقع أحد أن يفوز المنتخب المغربي بالمونديال بل لم يتوقع أحد صعود أسود الأطلس في مجموعة "الموت" التي ضمت إسبانيا والبرازيل.
وفاز المنتخب المغربي على الماتادور بثنائية، وكرر فوزه على السليساو بنتيجة 2-1، ليصعد إلى ثمن النهائي.
وفي الأدوار الإقصائية، واصل المغرب مسيرته الذهبية، إذ تخطى كوريا الجنوبية بفوز صعب 2-1، ثم تجاوز أمريكا في ربع النهائي بنتيجة 3-1، ليضرب موعدًا ناريًا مع فرنسا وصيفة أوروبا في نصف النهائي، قبل أن يحسمها المغاربة 5-4 بركلات الترجيح، بعد التعادل 1-1 في الوقت الأصلي والإضافي.
قدم المغرب أداءً رائعًا أمام الأرجنتين وفازوا بثنائية في النهائي، تربعوا على عرش العالم، ويحققوا إنجازًا تاريخيًا هو الأول من نوعه في تاريخ العرب، ليبكي محمد وهبي فرحًا باللقب الأغلى في مسيرته.

ويتنافس محمد وهبي حاليًا على لقب أفضل مدرب في القارة السمراء في قائمة ضمت وليد الركراكي مدرب منتخب المغرب، والتونسي معين الشعباني مدرب نهضة بركان المغربي، وسامي الطرابلسي مدرب منتخب تونس.
كما ضمت أسماء آخرين مثل بوبيستا مدرب الرأس الأخضر، وروموالد راكونتدراب مدرب منتخب مدغشقر، وطارق السكتيوي مدرب منتخب المغرب للمحليين، وبابي ثياو مدرب منتخب السنغال، حسام حسن مدرب مصر، وكورنسلاف يوريشيتش مدرب بيراميدز.
وبعيدًا عن الملعب، يعمل وخبي كسفير في منظمة "تضامن كرامة"، وساهم في جمع التبرعات لتوفير أطراف صناعية للاجئين الفلسطينيين والمصابين المدنيين بعد العدوان الأخير على غزة.
نرشح لكم
صالح الجعفراوي.. صوت غزة للعالم
مدافع برشلونة ونجم نابولي.. أبرز من دربهم يس توروب خلال مسيرته
مدرب الأهلي - يس توروب.. الشجاع صاحب فلسفة الآلة الجماعية
فيستون ماييلي - من لقب "العجوز المهتز" الخادع إلى فهد افترس كبار إفريقيا وآسيا
من إدمان البرجر إلى التتويج بـ "بالون دور".. حكاية عودة ديمبيلي الأفضل في العالم
موقعة عبد الستار صبري ومدرب الزمالك السابق.. مورينيو وبنفيكا وتاريخ يعيد نفسه بعد 25 عاما












المغرب | تحت 20
جوائز كاف - مصر ومنتخبي المغرب ضمن المرشحين لجائزة أفضل منتخب في إفريقيا
مباشر الدوري السعودي - الاتحاد (0)-(1) الهلال.. جوووول عكسي
في الجول يكشف سبب غياب الشناوي عن قائمة الأهلي أمام إيجل نوار