فالنسيا من قمم المجد إلى هاوية النسيان.. حين تقودك الإدارة إلى اللعنة

السبت، 23 أغسطس 2025 - 00:14

كتب : عبد الرحمن شريف

جماهير فالنسيا

بين المجد والانهيار، كانت إدارة نادي فالنسيا هي الخيط الفاصل بين الحلم والواقع، بين ما كان يمكن أن يكون، وما آل إليه الحال قرارات بسيطة تتحكم في كل شيء إما معانقة السماء وتحقيق البطولات أو الهروب من كابوس الهبوط.

نادي فالنسيا الذي حلق عاليًا في سماء الكرة الأوروبية ودون اسمه بين كبار القارة، وجد نفسه فجأة في دوامة من القرارات العشوائية، والتخبط الإداري، والتفريط في الهوية والطموح، ما بين أمجاد أوائل الألفية وصراع الهبوط في السنوات الأخيرة، تتجلى قصة فالنسيا كنموذج حي على كيف يمكن لإدارة واحدة أن تصنع الفارق، فإما أن تبقي النادي في القمة، أو تدفع به إلى المجهول.

في هذا التقرير نرصد كيف تحولت قلعة الميستايا من مسرح للبطولات إلى ساحة معارك داخلية، وكيف ساهمت السياسات الإدارية في رسم ملامح رحلة الانحدار.

فترة ذهبية مميزة بدأت من 1999 واستمرت حتى عام 2004

مع انطلاق موسم 1999 بدأ فريق فالنسيا يشكل ملامح الخطوة على أندية برشلونة وريال مدريد بالدوري الإسباني وأوروبيًا الفريق تمكن من إظهار قدراته الكبيرة، ويأتي ذلك بسبب الإدارة المميزة لـ بيدرو كورتيس، الذي شكل الفريق معه ملامح قارية مميزة قادت الخفافيش لبداية الطريق الصحيح.

تمكن الفريق مع بيدرو كورتيس في الفترة من 1997 لـ2001، أن يصل فالنسيا لنهائي دوري أبطال مرتين لكنه لم يحقق البطولة وقتها وكان وصيفًا لكنها كبداية شيء مميز في طريق الخفافيش للعالمية والبحث عن الألقاب، وكان النهائي الأول في تاريخ فالنسيا بأبطال أوروبا أمام ريال مدريد متسيد البطولة القارية عام 2000، وتعرض فالنسيا للهزيمة بثلاثة أهداف مقابل لا شيء أمام الجيل الذهبي للميرنجي.

وبالعام الموالي واجهوا بايرن ميونخ في نهائي أبطال أوروبا على ملعب سان سيرو وانتهت المباراة في وقتها الأصلي والإضافي بالتعادل ليحقق بايرن ميونخ الانتصار بركلات الترجيح.

مع نهاية عام 2001 حتى 2004 تولى خاومي أورتيس رئاسة النادي وواصل تحقيق النجاحات الخاصة بالفريق وكان المميز بالموضوع تعيين رفاييل بينيتيز مديرًا فنيًا للفريق، وتمكن من بناء الجيل الذهبي للخفافيش وحقق معهم لقب الدوري الإسباني في مناسبتين وكأس الاتحاد الأوروبي (اليوروباليج حاليًا) مرة واحدة.

فترة بيتر ليم (جماهير فالنسيا تعيش كوابيس)

مع بداية 2014 بدأت فترة جديدة لفالنسيا بعدما حصل السنغافوري بيتر ليم رئاسة الفريق، وظهرت البداية بالكثير من الوعود الخاصة لجماهير الفريق بأشياء مميزة لكن الواقع كان مريرا للجميع.

البداية شهدت توقف الإنفاق الرياضي والتدخل في الشغل الفني للمدرب بدون وجود خبرة، جميعها أمور تؤدي لفشل المشروع بنسبة كبيرة لأن هذا الأمر سيجعل التضارب كبير في الآراء ويفقد المدرب صلاحياته أمام لاعبيه.

سوء التخطيط الرياضي والتخلص من بعض العناصر المميزة والمهمة للفريق على رأسهم داني باريخو وفيران توريس مع كوكلين وغيرهم من الأسماء المميزة التي كانت تضيف للفريق دون تعويض لهم بعناصر مناسبة.

عدم وجود استقرار في الإدارة الفنية للفريق، حيث قامت إدارة فالنسيا بتغيير أكثر من 15 مدرب في ظرف 10 سنوات وهو رقم كبير ولا يجد الفريق فترة للاستقرار مما يجعل الفريق يمر بتخبطات كبيرة فنيه.

وتعتبر مشاكل فالنسيا والكوابيس التي يعيشها الجماهير حاليًا كعملية الهبوط هي تراكمات متتالية لأحداث المواسم السابقة لكن نتائجها تظهر بالفترة الحالية على الفريق وجماهيره.

ويأتي الجزء الأكبر لمشاكل فالنسيا يخص الجانب المالي، حيث بدأ مشروع "نو ميستايا" في التدهور عام 2009 ببناء ملعب جديد بسبب عدم وجود أموال لاستكمال المشروع، وهو الأمر الذي اضطر الإدارة لبيع عدد من نجوم الفريق لتحقيق الأموال واستكمال المشروع.

وجاء تعليق بيتر ليم على الأزمة المالية كالتالي:" القرارات التي اتخذناها كانت تهدف لضمان استدامة النادي ماليًا، لكنني أعترف أننا واجهنا تحديات كبيرة في تحقيق التوازن بين الجانب المالي والرياضي".

وبات المشروع لا يجذب نجوم الفرق الأخرى، وهو ما وضع الفريق في مأزق كبير، وظهر ذلك بافتقار فالنسيا للنجوم التي تجذب الأندية للحصول على الأموال وحل مشاكل الفريق.

في موسم 2024-2025، دخل فالنسيا مرحلة الخطر الحقيقي، حيث كان قريب من الهبوط وجماهير الفريق واجهت كوابيس كبيرة، وكانت الدموع لا تفارق محبين الفريق بكل مباراة، لكن استقرت نتائج فالنسيا في النصف الثاني من جدول الترتيب، إقالة المدرب روبن باراخا وتعيين كارلوس كوربران كانت نقطة تحول، إذ أعاد الانضباط الدفاعي للفريق واستخرج أفضل ما لدى اللاعبين، في وقت كانت الجماهير فاقدة للثقة تمامًا.

وتحدثت جماهير فالنسيا عن أزمة الفريق معبرين عن حزنهم بعبارة:" نحن نشاهد كيف يتحول فخر المدينة إلى فريق يعاني من الانهيار، أين هي الإدارة التي وعدتنا بالمجد؟، بيتر ليم أوقف هدم النادي فالنفوس متعبة والجماهير تتألم".

الصفقات الذكية في الشتاء، مثل ضم المهاجم عمر صادق، أضافت بعدًا هجوميًا ساعد الفريق على تحقيق انتصارات حاسمة ضد منافسين مباشرين، مثل ليجانيس وبلد الوليد، تلك الانتصارات لم تكن مجرد 3 نقاط، بل كانت طوق نجاة لفريق يتأرجح بين البقاء والانهيار، لكن الانتصار الذي أكد بقاء الخفافيش بالدوري كان مفاجئًا أمام ريال مدريد بالبيرنابيو وهي مباراة أنهت حلم الميرنجي من تحقيق الدوري وأعطت قبلة الحياة لفالنسيا بالاستمرار في الدوري الإسباني.

بدأ موسم جديد بالدوري الإسباني وفالنسيا افتتحه بتعادل أول مع ريال سوسيداد في مواجهة لم تكن بالسهلة، لكن الخروج بنقطة مع بداية موسم أفضل من اللاشيئ على أمل أن نشاهد خفافيش الميستايا تعود من جديد لترعب الخصوم وتظهر قدراتها الكبيرة بالدوري وتعود للمراكز الأوروبية من جديد.

فهل نشاهد فالنسيا يقدم موسم جيد بالدوري الإسباني، أم يستمر الفريق ينزف أحزان جماهيره العاشقة ويصارع الهبوط أو يتعرض له بالفعل؟

التعليقات
/articles/511857/فالنسيا-من-قمم-المجد-إلى-هاوية-النسيان-حين-تقودك-الإدارة-إلى-اللعنة